شاهد.. جيمس ويب يكشف عن التركيب المدهش لمجرتي البطريق والبيضة
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
في ذكرى بدء عمله الثانية، احتفل مرصد جيمس ويب الفضائي بالإعلان عن صورة جديدة لثنائي المجرات "آرب 142″، المعروف باسم "مجرتي البطريق والبيضة"، تظهر فيها تفاصيل دقيقة ساعدت في تحسين فهم العلماء لعمليات تفاعل المجرات معا.
والبطريق والبيضة هما زوج من المجرات المتفاعلة المعروفة بأشكالها الفريدة؛ إذ تشبه إحداهما البطريق الأكبر حجما وتشبه الأخرى البيضة وهي الأصغر حجما، وتقعان على بعد نحو 326 مليون سنة ضوئية من الأرض في كوكبة الشجاع.
وترجع تلك التشوهات في شكل المجرتين إلى تأثير الجاذبية المتبادل بينهما، فحينما تقترب مجرتان من بعضهما بعضا فإن كل واحدة منها تبدأ في جذب أطراف المجرة الأخرى فتنفتح أذرعها أو تنقلب بشكل فريد، ويستمر ذلك التجاذب مدة من الزمن، حتى تندمج المجرتان تماما في مجرة واحدة كبيرة.
وقد بدأت مجرتا البطريق والبيضة في التفاعل معا منذ 25 إلى 75 مليون سنة، وخلال ملايين من السنوات أكملا أول دورة حول بعضهما وبدأت الجاذبية في شد أطراف كل منهما، وسوف تستمران في التأرجح، لتكملا دورات إضافية قبل الاندماج في مجرة واحدة بعد مئات ملايين السنين من الآن.
ويؤدي ذلك التفاعل الجاذب إلى تحريك السحب النجمية في كل أجزاء المجرتين بشكل غير اعتيادي، وذلك مما يسرع ولادة نجوم جديدة.
وتحيط بهذه النجوم الناشئة سحب تتضمن جزيئات تحتوي على الكربون. ويعد ويب استثنائيا في اكتشافها، بحسب بيان صحفي رسمي صادر من وكالة الفضاء والطيران الأميركية التي تشارك في إدارة التلسكوب مع وكالة الفضاء الأوروبية ووكالات أخرى.
وبعكس التشوه الواضح المرصود في مجرة البطريق، يظل شكل مجرة البيضة دون تغيير إلى حد كبير لأنها مجرة إهليلجيه، وهذا النوع من المجرات عادة زاخر بالنجوم القديمة ولديه قدر أقل بكثير من الغاز والغبار الذي يمكن تحريكه لتشكيل نجوم جديدة.
وتشير التقديرات البحثية في هذا النطاق إلى أن المسافة بين البطريق والبيضة تبلغ حوالي 100 ألف سنة ضوئية، ولذلك فهي قريبة جدا من بعضها من الناحية الفلكية. وللتوضيح، فإن مجرتنا درب التبانة وأقرب جيراننا (مجرة المرأة المسلسلة) تبعدان عن بعضهما حوالي 2.5 مليون سنة ضوئية.
ويتخصص التلسكوب جيمس ويب في التقاط الصور في نطاق الأشعة تحت الحمراء، وهو ما يتجاوز ما يمكن أن تكتشفه أعيننا عبر كاميرات مثل "نيركام" و"ميري". وتمكن الأشعة تحت الحمراء العلماء من اختراق السحب النجمية وتبيان تركيب المجرة أو السديم على مستوى تشريحي أعمق ليس متاحًا لنطاق الضوء المرئي.
ولغرض التقريب، يشبه ذلك أن يستخدم أطباء العظام أجهزة الأشعة السينية في المستشفى لاختراق طبقات الجلد وإظهار أشكال الكسور داخل الجسم، بما يساعد على علاج تلك الكسور.
هذا التلسكوب الذي يعد الأقوى في العالم في هذا النطاق يهدف إلى مراقبة النجوم والمجرات الأولى التي تشكلت بعد الانفجار الكبير، لأن الضوء الصادر منها يمكن رصده بشكل أفضل في نطاق الأشعة تحت الحمراء.
وإلى جانب ذلك، يعمل جيمس ويب على دراسة كيفية تشكل المجرات وتطورها عبر الزمن، ومراقبة مناطق تشكل النجوم والمراحل المبكرة لتكوين الكواكب حولها، ودراسة الكواكب التي تدور حول نجوم غير الشمس وأغلفتها الجوية، والبحث عن علامات محتملة لقابلية الحياة على سطحها.
وفي غضون عامين فقط، غيّر ويب نظر العلماء إلى الكون، وأثار مجموعة من الأسئلة الجديدة التي أعادت النظر في بعض أساسيات علم الكونيات المعاصر. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد أسهم ويب في تعديل فرضيات العلماء المتعلقة بمعدلات نمو المجرات الأولى في الكون المبكر، وأكد مشكلة "توتر هابل" التي يواجهها العلماء حينما يقيسون معدلات تمدد الكون بأدوات مختلفة فيحصلون على نتائج مختلفة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جیمس ویب
إقرأ أيضاً:
سباق الجينات.. كيف غير جيمس واتسون العالم من مختبر ضيق؟
في أوائل خمسينيات القرن العشرين، لم يكن أحد يتخيل أن مجموعة من العلماء الشبان، في مختبر صغير بجامعة كامبريدج، سيفتحون أبوابًا جديدة لفهم الحياة نفسها وعلى رأس هؤلاء، كان جيمس واتسون، العالم الأميركي الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، والذي سيتحول لاحقًا إلى اسمٍ يدرس في كل كتب البيولوجيا حول العالم.
لكن القصة لم تبدأ من المجد، بل من الفضول.
لقاء مصيري… وتحول علميفي عام 1951، التقى جيمس واتسون بعالم الفيزياء البريطاني فرانسيس كريك.
وتشارك الاثنان شغفًا واحدًا هو فهم سر الحياة، أو بالأحرى، فهم بنية الجزيء الغامض الذي يحوي الشفرة الوراثية: الحمض النووي – DNA.
في ذلك الوقت، كانت فكرة أن الحمض النووي يحمل التعليمات الجينية مجرد نظرية، لكن لا أحد كان يعرف شكله بالضبط، هل هو خط مستقيم؟ دوائر؟ كانت الإجابة في طيات جزيئات أصغر من أن ترى ، لكنها كانت تنتظر من يفك شيفرتها.
من الورق والمجسمات… إلى التاريخواتسون وكريك لم يعتمدا فقط على التجارب، بل استخدما نماذج ورقية ومعدنية، يعيدان ترتيب الذرات مثل لعبة تركيب، بحثًا عن الشكل المناسب وكانا أشبه بمهندسين للوراثة، يحاولان بناء شيء لم يره أحد.
في 1953، قدما نموذجهما الشهير: اللولب المزدوج (Double Helix)، بنية مذهلة لجزيء DNA، تتكون من سلم ملتف، يحمل المعلومات الوراثية عبر روابط كيميائية دقيقة.
ونشر الاكتشاف في مجلة Nature، في مقال لا يتجاوز صفحة واحدة… لكنه غير العلم إلى الأبد.
التأثير الذي لا يمكن قياسهبفضل اكتشاف واتسون، تحولت البيولوجيا من علم وصفي إلى علم تحليلي دقيق.
• أصبح بالإمكان فهم الأمراض الوراثية.
• ظهر علم الهندسة الوراثية.
• وبدأ مشروع الجينوم البشري، الذي يسعى لفهم كل جين في أجسادنا.
واليوم، نعرف أن الحمض النووي ليس مجرد جزيء، بل هو مفتاح لفهم هويتنا، تاريخنا، وأحيانًا مستقبلنا.
هل كان وحده؟رغم عظمة الإنجاز، إلا أن كثيرين يطرحون سؤالًا مهمًا: هل استحق واتسون كل الفضل.
كانت العالمة روزاليند فرانكلين تعمل في نفس المجال، و التقطت صورًا بالأشعة السينية ساعدت في بناء نموذج واتسون ولم تكرم حينها، ولم تحصل على نوبل، لأنها توفيت قبل منح الجائزة في 1962.
ومنح واتسون وكريك وموريس ويلكنز الجائزة، لكن الجدل حول فرانكلين لا يزال قائمًا.
النهاية المفتوحةجيمس واتسون، رغم كل إنجازاته العلمية، أثار الجدل لاحقًا بتصريحات عنصرية وغير مسئولة، أدت إلى سحب ألقابه الفخرية وتجريده من مناصب علمية