تراجع في الساعات الماضية منسوب التفاؤل بنضوج تسوية في غزة تنسحب على جنوب لبنان، خاصة وأن التصعيد الإسرائيلي في الأيام الماضية ورد حزب الله على الضربات الإسرائيلية أخد منحى مختلفاً. وفيما لا ينتظر أن يتبلور أي حل في الساعات أو الأيام المقبلة، يبقى السؤال حيال كيفية مقاربة القوى السياسية اللبنانية لمسار الأمور سواء طال أمد الحرب، أم نضجت ظروف الحل والتسوية، علما أن النائب علي فياض في مؤتمر "التجدد للوطن" الذي عقد في البيال تحت عنوان" من لبنان الساحة إلى لبنان الوطن" تحدث مطولاً عن مسارات ما يمكن وصفه ب"اليوم التالي" لبنانياً وإقليمياً، والمتغيرات الجيوسياسية إقليميا ودولياً فقدم طروحات لا تزال محل تفاعل من شخصيات سياسية وحزبية وأكاديمية وحقوقية ناقشت ما قدم في مداخلته والتي أشار فيها إلى أن" الوضع اللبناني يمر في مرحلة انتقالية، وأيضا النظام الاقليمي يمر في مرحلة انتقالية، وإذا ذهبنا إلى الأبعد النظام الدولي الآن يمر في مرحلة انتقالية، وان الصيغة اللبنانية، هي صيغة هشة جداً وقوية جداً.

ووفق قراءته للدستور وما ينص عليه مدخل المادة 95 بأن ما دون مرحلة الاصلاحات الجذرية هي مرحلة انتقالية. وما لم تطبق هذه الإصلاحات، جاز القول أيضاً أن الدولة أيضاً هي دولة انتقالية.

الحلقة السابعة مساهمة الوزير السابق رشيد درباس في مناقشة مداخلة النائب في "كتلة الوفاء للمقاومة" علي فياض.
يقول درباس: في المقاربة الشفهية التي أدلى بها الدكتور فياض في البيال، أمور لا تنتمي إلى الارتجال، بل هي مدروسة جيداً ومقصودة جداً بدليل أنه جرى نشرها بعد ذلك حرفياً في "جريدة الأخبار" ثم أصبحت مدعاة تعليقٍ كثير من المراقبين والكتاب، وصلني منها ما صدر عن الدكتور فارس سعيد والدكتور محمد علي مقلد.

ويضيف: في محاولة للإجابة على الاسئلة التي طرحها "لبنان 24 "، أقول إنني أحاذر الدخول في تفاصيل ومفاصل مقاربة الدكتور فياض، خشية الوقوع في السجال وهو آفة الحياة السياسية، ومظهرها الممل، ذلك أن النقاشات والحوارات المتلفزة والإذاعية، وكثير من المقالات أصبحت كلاماً في الهواء وحبراً على ورق، ووقتاً مهدوراً، ومباريات في الملاكمات الكلامية، ومجاهدة في المغالبات اللفظية، فمنذ وقت طويل أيقنتُ أن مثل تلك السجالات تندرج في خانة الكلام البذيء.

وعليه، فإنني لم أرَ في مداخلة الدكتور علي فياض، بناء نظرياً سياسياً جديداً يأخذ بعين الاعتبار الوضع الجيوسياسي اللبناني، وتكوين الطوائف والمذاهب، بل وجدتها تسويغاً سياسياً- تنظيرياً، يرافق مواقف حزب الله بحسب مقتضيات المراحل وتطورات الأحداث ومشهد الاشتباك العام، وردود فعل المكونات اللبنانية- أحزاباً وطوائف ومرجعيات- على خطابات الحزب، وآثار العمليات العسكرية، والإمساك بمفاصل الدولة الدستورية واليومية.

إن ذهاب الدكتور علي فياض إلى أن الطائفتين المسيحية والشيعية، تعانيان خوفاً وجودياً، يعيدنا، وفق درباس، الى ما قبل إعلان دولة لبنان الكبير وذلك باستحضار الأزمات الدورية التي كابدتها الطوائف البنانية، وذلك بحسب تبدل التدخلات الأجنبية على جبل لبنان؛ وبما لا شك فيه أن تغيرات كبيرة طرأت على الأطياف اللبنانية، لا سيما تحجيم دور إمارة الجبل بعد إعلان الحدود الجديدة التي ضمَّت تنوعاً جغرافياً وديمغرافياً غنياً ومتكاملاً، بحيث سقطت معه مقولة (لبنان ملجأ الأقليات) لمصلحة لبنان الدولة الواحدة التي يحكمها دستور وقوانين وأنظمة، ومرجعيات قضائية، وقبل كل هذا مصالح مشتركة أصبحت عصية جداً على التبعيض.

وبحسب الوزير درباس، فإن حزب الله لا يحتاج إلى نظرية يبني عليها سياساته، لأنه صاحب نظرية أصلية كانت وراء إنشائه وهي جزء لا يتجزأ من الثورة المستدامة المنطلقة من ايران والممتدة في أرض العرب، على الاتجاهات الأربعة، وهو متواصل ومنسق بصورة إستراتيجية مع المنظمات الشقيقة، حيث يتجلى ذلك بلا أية توريات بحرب الجنوب، والانخراط الحوثي في المعارك البحرية. ولكن، وبما أن لكل دولة خصائصها، فإن التكتيكات تتباين من مكان إلى آخر، بما يملي على الحزب أن يرفق حركته العسكرية بإسناد سياسي يبرر تخطي المؤسسات والاستحقاقات، محاذراً ما استطاع الانزلاق في فخ الاشتباك الطائفي الداخلي، خصوصاً بعد فتور علاقاته ب"التيار الوطني الحر".

ورغم هذا، فإن الدكتور فياض، بحسب درباس، هو محق بقوله إن الصيغة اللبنانية هشة وقوية في الوقت عينه، بدليل صمودها منذ العام 1969 مروراً بحرب الـ 1975 حتى يومنا هذا، أما الهشاشة فمردها ببساطة كلية أن الصيغة الصامدة، تُحْجِبُ عنها، مع سبق الاصرار، الدولة الدستورية التي تتعاطى مع شعبها كمواطنين لا كلاجئين، فهناك فارق شاسع بين كيان عنوانه (مأوى الأجناس النادرة والخائفة) وكيان له اسم الدولة التي لا ينبغي أن تمنع من أبسط مقوماتها، كذريعة للمتذرعين الموغلين في تعطيلها، لإدامة تحكمهم بها وبمصيرها.

أما القول بأننا في دولة انتقالية، بانتظار تطبيق الإصلاحات، فهو ، وفق درباس، مخالف تماماً لطبائع الدول، وأقرب إلى "طبائع الاستبداد"، لإن الدولة السوية لا تجلس في قاعة الانتظار الإصلاحية، شليلة السلطة ومكفوفة اليد، إذ أن الاصلاحات هي آلية مستدامة في كل الدول، وهي التطور الطبيعي واللازم بل إن الإصلاحات لا يمكن أن تأخذ مسارها الصحيح، إلا من خلال دولة مكتملة المواصفات، وذات سيطرة على أدوات الحكم.

كلمة أخيرة لا بد منها،بحسب درباس، وهي أن"النظريات القوية" تكتسب وجاهتها الراهنة من موازين القوى القائمة، بحسب ما قاله (لافونتين). وعليه، فإن محاولة ابتكار مقاربة مضادة من أفرقاء آخرين، لن تجد من يأخذها بعين الجدية، ذلك أن المقارعة بالحجج يتم في صالات المحاضرات، أما "الصيغة اللبنانية الهشة والقوية" فلها نظريتها الملموسة والمُختبرة والتي لا زالت على صمودها الهش. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مرحلة انتقالیة علی فیاض

إقرأ أيضاً:

"الربا".. علته وتحريمه على المسلم وأقوال العلماء عنه

ترجع علة الربا وتحريمه على المسلمين، إلى الأموال الربوية المُتَّفق عليها هي الأصناف الستّة، وهي: الذهب، والفضة، والبُرّ، والشعير، والتمر، والملح، وقد ورد عن جمهور العلماء أنّ الربا لا ينحصر في هذه الأصناف، واستدلّوا على ذلك بحديث ابن عمر -رضي الله عنه- قال :(نَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ المُزَابَنَةِ، أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إنْ كَانَتْ نَخْلًا بتَمْرٍ كَيْلًا، وإنْ كانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بزَبِيبٍ كَيْلًا، وإنْ كانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بكَيْلِ طَعَامٍ، نَهَى عن ذلكَ كُلِّهِ.)، وهذا دليل على أنّ الربا يكون أيضاً في أنواع أخرى. 

مخاطر الربا.. تهديد للأفراد والمجتمعات إذا كنت تجهل تعريف الربا.. إليك هذا التعريف

كذلك علة الربا في النقدَين، وهناك وجهين، الوجه الأول: أنّ علة الربا فيهما هي الوزن؛ فالربا يكون في الطعام، وما يُوزَن فقط، وفي الذهب والفضة؛ لأنّهما موزونان. أما الوجه الثاني: أنّ علة الربا فيهما الثمنية، وهذا مذهب الشافعي، ومذهب مالك، ومذهب أحمد في رواية ثانية عنه، وقال بذلك ايضاً ابن القيم، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهما الله -، وهذه هي العلة المُتَّفق عليها، وعلى هذا فإنّ الربا يقع في الأوراق النقدية التي نتعامل بها في عصرنا الحالي. 

وحول أقوال العلماء في علة الربا في الأصناف الأربعة، ما يلي: القول الأول: قول أبي حنيفة، والمشهور في المذهب الحنبلي، والذي يتلخّص في أنّ العلة في المكيل بشرط توافق الجنس؛ أي من نوع واحد، وعدم اشتراط أن يكون ممّا يُؤكل؛ فالربا يكون في كلّ ما يُكال؛ سواءً يُؤكَل، أم لا، مثل: الحبوب، والأرز، والقطن، والصوف، والحناء، والحديد، والنحاس، ولا يكون الربا في الطعام الذي لا يُوزَن. القول الثاني: قول الشافعي، ورأي من مذهب الحنبلي، وهو أنّ العلة في الطعام، فهي في كلّ مأكول من جنس واحد؛ سواء كِيلَ، أو وُزِنَ، مثل: الحبوب، والحلوى، والفواكه، والتوابل. القول الثالث: قول المالكية، وهو أنّ العلة في القوت المُدَّخر؛ فهي في الطعام الذي يُدَّخر، والقوت المُدَّخر هو: الطعام الذي يُخزَّن، ويبقى مدّة طويلة مُدَّخراً دون أن يتعرّض لضرر، مثل: الملح، والتوابل.

 أثر الاختلاف في علة الربا ما يترتّب على الاختلاف في علة الربا يختلف باختلاف المذهب، والعلّة التي تُحرّم الربا؛ فمثلاً لا يجوز إقراض البيض بالبيض، والتفاح بالتفاح؛ وذلك لأنّه مطعوم بالنسبة إلى الشافعية، ومتماثل الجنس بالنسبة إلى الحنفية، ولا يجوز إقراض ثوب بثوب من الجنس نفسه، ومن قال بهذا القول علّل عدم الجواز أنّه بسبب تماثُل الجنس. بينما يتلخّص القول الآخر في أنّه يجوز؛ لأنّ الجنس لا يُحرّم الربا وحده، كالشافعية، ويجوز أن يُباع ثوب بثوب من جنس آخر، ولا يُحرم هذا البيع؛ لأنّه ليس من الجنس نفسه، وليس طعاماً، ولا يجوز تسليم مال بمال؛ بسبب علة الجنس عند الحنفية، والثمنيّة عند الشافعية، وهكذا.


 

مقالات مشابهة

  • يونيفيل تطالب بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية
  • "الربا".. علته وتحريمه على المسلم وأقوال العلماء عنه
  • ‏وكالة الأنباء اللبنانية: آليات إسرائيلية تتقدم عبر وادي الحجير في جنوب لبنان وتقوم بعمليات تمشيط بالأسلحة الرشاشة
  • ‏اليونيفيل تحثّ الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان والتنفيذ الكامل للقرار 1701
  • الساحة اللبنانية… ثوابت تحدّد شكل المرحلة المقبلة
  • تطور الحالتين اللبنانية والسورية وانعكاساتها على حرب الإبادة بغزة
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • دولة خليجية مستعدة لإعادة الإعمار في لبنان.. إليكم هذه المعلومة
  • خروقات متواصلة.. الاحتلال يواصل أعمال التفجير والنسف في القرى الجنوبية اللبنانية
  • مواقف الشرع لمستقبل العلاقات اللبنانية السورية قد تمهد لصفحة جديدة