هل أخطأ حزب الله في ربط أزمات لبنان بحرب غزة؟
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
يحار المرء كيف يمكن التعامل مع المعطيات الطارئة بالنسبة إلى المفاوضات غير المباشرة بين ممثلي حركة "حماس" والحكومة الاسرائيلية الجارية في الدوحة. ففي المعلومات المتوافرة ما يشير إلى تناقضات جوهرية حيال الحلول المطروحة. فكلا الطرفين يعتبر نفسه منتصرا، وهو يفاوض على هذا الاساس. ولكن في المقابل، فإن الوقائع الميدانية تشي بأن الحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها، أقّله بالنسبة إلى حكومة نتنياهو، التي وصلت إلى مرحلة اللاوزن في الخيارات والقرارات، التي تترنح على خلفية الخلاف الاسرائيلي – الإسرائيلي الداخلي، فضلًا عن مواصلة ارتكابها المجازر في حق المدنيين، الواحدة تلو الأخرى، في خان يونس وفي غيره من مناطق متفرقة في قطاع غزة المنكوب.
وعلى خلفية مفاوضات الدوحة، التي تتأرجح بين التشاؤم والتفاؤل، فإن اللبنانيين يضعون ايديهم على قلوبهم، وهم غير متأكدين من أن اليوم الآتي سيكون أفضل من اليوم الذي أفل، وهم الذين يعيشون وسط كمّ من المشاكل والتعقيدات، التي تبدأ بالحرب الدائرة على الجنوب ومدى تأثيراتها النفسية والمادية على الوضع العام، مرورًا بأزمة الاستحقاق الرئاسي، وصولًا إلى المشاكل اليومية، التي لا تُعدّ ولا تُحصى كثرتها وتشابكها في الوقت، الذي يحتاجون فيه إلى بصيص أمل يبقى ضئيلًا حتى يثبت العكس.
وقد يكون في الكلام الواقعي للأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله في طّلته الأخيرة عن استعداد "المقاومة الإسلامية" لوقف اطلاق النار فور اعلان وقف الحرب على غزة وعدم التدّخل في المفاوضات التي تجريها حركة "حماس"، بعضًا من إعادة الأمور إلى طبيعتها العادية. وهذا ما كان يطالب به بعض اللبنانيين، الذين رأوا أن مساندة فلسطينيي غزة تكون بالموقف الموحد والجريء والشجاع في المحافل الدولية في وجه الغطرسة الإسرائيلية، وليس بـ "الحركشة" بوكر الدبابير.
ولكن هل يكفي أن تتوقف الحرب في غزة وبالتالي في الجنوب لكي يبدأ لبنان مسيرة الألف ميل في استعادة سلطته الكاملة على كل شبر من أرضه، وفي استعادة عافيته المنهكة، وهل يكون موقف نصرالله الأخير توطئة لحل سياسي شامل يبدأ بالتوافق على مرشح مستقل لرئاسة الجمهورية وفق الآليات الدستورية والديمقراطية، التي لا تتعارض مع الدعوات إلى أي شكل من أشكال الحوار والتشاور من دون تسجيل سوابق عرفية غير دستورية، وذلك انطلاقًا من قناعة قد تكوّنت لدى الجميع، "ممانعين" و"معارضين"، بأن هناك استحالة بانتخاب رئيس للجمهورية مصبوغ بلون واحد، باعتبار أن التركيبة المجلسية الحالية غير مؤاتية مع ما هو متعارف عليه في الديمقراطيات العالمية، حيث الأكثرية، حتى ولو بصوت واحد زيادة، تحكم وتدير شؤون البلاد والعباد، فيما الأقلية، حتى ولو بصوت واحد ناقصًا، تعارض وتقدّم الطروحات البديلة لطريقة الحكم.
ومن دون هذين الحّلين، أي وقف الحرب على الجنوب ومنه، وانتخاب رئيس للجمهورية بمواصفات قد أصبحت معروفة وواضحة كعين الشمس، لن يكون في لبنان لا اصلاح ولا من يصلحون، وسيبقى الوضع الاقتصادي على حاله الشديدة التعاسة، وسيبقى النازحون السوريون مبعث قلق لجميع اللبنانيين، مسؤولين ومواطنين، وذلك نظرًا إلى ما تشكّله هذه المعضلة من ضغط على كل القطاعات الإنتاجية في البلد.
فإذا لم تهدأ جبهة غزة لن تهدأ الجبهة الجنوبية. وإذا لم يتوقف إطلاق النار على الجنوب ومنه لن نرى رئيسًا للجمهورية في القريب العاجل. وإذا لم يُنتخب رئيس للجمهورية وفق ما ينصّ عليه الدستور اليوم قبل الغد فلن يكون للبنان مستقبل، وستصبح مؤسسات الدولة فارغة شيئًا فشيئًا حتى تضمحل.
الواضح حتى الآن وبالوقائع الحسّية أن نتنياهو وحكومة حربه مستمران في تنفيذ سياسة الإبادة الجماعية. وهذا يعني أن الحرب على غزة ستتواصل فصولها التهجيرية والتدميرية؛ وهذا يعني أيضًا أن الحرب على الجنوب ومنه لن تتوقف؛ وهذا يعني أيضًا وأيضًا أن لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور، وأن الوضع الداخلي المأزوم سيبقى على حاله.
وهنا، يتساءل بعض اللبنانيين عمّا إذا كان "حزب الله" قد أخطأ في ربط أزمات لبنان بالحرب في غزة من بوابته الجنوبية؟
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: على الجنوب الحرب على
إقرأ أيضاً:
مخاوف أمنية وتكلفة باهظة.. أزمات تلاحق عودة سكان شمال إسرائيل
قالت صحيفة "كلكلست" الاقتصادية الإسرائيلية، أن سكان الشمال بدأوا العودة إلى منازلهم، وسط مخاوف من استعادة حزب الله اللبناني قوته، وانزلاق إسرائيل مجدداً إلى الكساد الاقتصادي، موضحة أنهم يستقبلون بقوات معززة من الجيش الإسرائيلي على طول خط التماس، وفصائل من الكتائب المُدربة.
وأضافت "كلكلست" في تقرير بعنوان "إسرائيل تعمل على إعادة سكان الشمال لكنها لا توفر الميزانية اللازمة لإعادة تأهيل قواعد الجيش"، أن سكان الشمال الذين تم إجلاؤهم من مناطقهم في بداية الحرب قبل نحو عام ونصف العام، والذين يعودون الآن إلى منازلهم، سوف سواجهون واقعاً أمنياً جديداً على الأرض.وأشارت إلى أن هذا الأمر سيتطلب فترة من التكيف وقدراً كبيراً من الشجاعة بعد أن تم إجلاؤهم على عجل خوفاً من هجوم من تنظيم حزب الله أقوى من هجوم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، موضحة أن التحقيقات التي أجراها الجيش الإسرائيلي، والتي نُشرت خلال نهاية الأسبوع، لا تؤدي إلا إلى تكثيف مخاوفهم.وتابعت: "أمام أزمة الثقة العميقة التي يعيشها الجيش، يعرض التحقيقات التي أجراها على نفسه، ويتجنب التوصل إلى استنتاجات شخصية تجاه القادة الذين فشلوا تماما، وينفي رئيس الوزراء ووزراؤه أي مسؤولية عن هذا الإغفال المشين، ويرفضون بشدة التحقيق خلف أبواب لجنة التحقيق الحكومية".رسائل #حزب_الله في جنازة حسن نصراللهhttps://t.co/XLG49w5gdT pic.twitter.com/kbHOTGoHni
— 24.ae (@20fourMedia) February 27, 2025الواقع الأمني الجديد
وتحدث ضابط كبير في القطاع الشمالي، طُلب منه خلال عطلة نهاية الأسبوع وصف الواقع الأمني الجديد الذي سيستقبل العائدين، عن زيادة قدرها 3 أضعاف في القوات العسكرية من بين تلك المنتشرة على طول خط التماس صباح السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 20023، والتي تشمل فرقاً احتياطية كبيرة ومدربة ومجهزة تجهيزاً جيداً في كل المستوطنات، بالإضافة إلى تزويد السكان الذين يخدمون كاحتياطيين في الوحدات الإقليمية بالأسلحة.
وفي حديث مع "كلكليست"، قال الضابط إن الأسوار والعوائق المادية على طول الحدود التي تضررت في الحرب الطويلة تم إصلاحها، وأن الوسائل التكنولوجية يجري تحديثها لتحسين الدفاع عن المستوطنات، وأنه تم الإدراك بأن التكنولوجيا لا يمكن أن تحل محل العامل البشري.
قلق من تعافي حزب الله
وتقول الصحيفة، إنه على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي، حقق إنجازات هائلة في لبنان، إلا أن سكان البلدات الشمالية يشعرون بالقلق من أن يتعافى حزب الله بسرعة وأن تغرق إسرائيل في مفهوم جديد، وأن يصل إليهم سيناريو غلاف غزة أيضاً.
بطريقة جديدة.. #حزب_الله يحاول تشغيل "ممر تهريب الأسلحة" من #سوريا https://t.co/KIiYFwFDR8
— 24.ae (@20fourMedia) February 27, 2025تكلفة باهظة
وقالت الصحيفة الإسرائيلية، إن الحفاظ على إيقاع عسكري مرتفع في الشمال لفترة له تكلفة مالية، كما أن توافر مثل هذه الأموال لفترة من الزمن ليس أمراً واضحاً، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي يعمل بالفعل على إعادة تأهيل مواقعه في الشمال بعد إهمالها لسنوات طويلة بهدف تعزيز القوات الكبيرة العاملة في المنطقة.
وتقدر تكلفة ترميم وتجديد البؤر الاستيطانية بمئات الملايين من الشواقل، وتشمل تحسين مكونات الأمن والدفاع وتكييفها مع التهديدات الأخيرة، وإضافة أنواع مختلفة من الوسائل والتقنيات التي من المفترض أن تزيد من قدرات الدفاع والهجوم، ورغم الحاجة الملحة إلى المضي قدماً في هذه الأعمال، فإن ضغط تدفق الميزانيات اللازمة منخفض للغاية، ويضطر الجيش الإسرائيلي حالياً إلى القيام بثلث العمل فقط، ويركز على الأكثر إلحاحاً، وعندما تتدفق الميزانيات المتبقية، سيتم اتخاذ إجراءات أساسية إضافية.
وفي الوقت نفسه، لا تزال هناك شكوك كبرى بشأن مدى توفر الخدمات العامة الأساسية للسكان العائدين، ولا تزال الالتماسات التي قدمتها بلدية كريات شمونة والمجلس المحلي في المطلة إلى محكمة العدل العليا في الأسابيع الأخيرة على جدول الأعمال.