التوغل التركي في العراق والسيادة المنقوصة
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
آخر تحديث: 15 يوليوز 2024 - 8:53 صبقلم:أدهم إبراهيم تواردت الأنباء في الآونة الأخيرة عن توغل الجيش التركي 50 كيلومترا داخل الحدود العراقية. وهناك أخبار تفيد بأن الجيش التركي قام بنصب ست نقاط تفتيش في إقليم كردستان.إن التوغل التركي في الأراضي العراقية يعد تدخلا سافرا وخطيرا رغم أنه ليس الأول من نوعه. وهو مثال بارز على الصراعات الجيوسياسية في المنطقة.
ويمكن أن يُعزى هذا التدخل، المدفوع بمجموعة من العوامل، بشكل كبير إلى النفوذ المتزايد لإيران في العراق.إن فهم الديناميكيات بين القوى الإقليمية يقدم نظرة ثاقبة للصراعات الجارية في المنطقة. وغالبًا ما تشهد الجغرافيا السياسية في العراق دولًا تتنافس على النفوذ عبر وسائل مختلفة.وإذا عدنا إلى السياق التاريخي نجد أن لدى كل من تركيا وإيران أطماعا في الأراضي العراقية، بدءًا من الصراعات العثمانية الصفوية وصولا إلى الصراع الإقليمي على النفوذ في العصر الحديث. وفي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة العراقية النأي عن النفس في أي صراع إقليمي نجد أن الكثير من الفصائل المسلحة التابعة للأحزاب الحاكمة في العراق تشارك في الصراعات الناشبة في المنطقة.وعلى مدى العقدين الماضيين أصبح العراق الساحة الأكثر وضوحا للتدخلات الإيرانية والتركية إضافة إلى دول أخرى. وكل ذلك كان نتاجا للغزو الأميركي للعراق عام 2003 الذي ترك آثاره الكبيرة على سيادة العراق، خصوصا بعد تحول الأمور بشكل كبير لصالح إيران مع مرور الوقت. وبالتدريج بلغ نفوذ إيران ذروته مع اكتساب الأحزاب المدعومة من طهران وجودا راسخا في العراق. ويعتقد البعض أن الولايات المتحدة بعد إطاحتها بنظام حزب البعث “سلمت العراق لإيران على طبق من ذهب”. وقد اكتسبت الميليشيات المدعومة من إيران قوة اقتصادية وسيطرة كبيرة على الدولة العراقية. كما رسخت إيران نفسها من خلال التجارة ومشاريع البنية التحتية وصفقات الطاقة، التي عززت نفوذها.وفي المقابل زاد ذلك من المخاوف والأهداف التركية، وخصوصا تواجد حزب العمال الكردستاني المعارض في شمال العراق، والذي يكتسب دعما إيرانيا واضحا.ومع تزايد نفوذ إيران في العراق تخشى تركيا من تهميشها في الجغرافيا السياسية الإقليمية. وتجد في الحفاظ على موطئ قدم لها في العراق أمرا ضروريا، إضافة إلى أطماعها القديمة. ويوجد أكثر من مليون مجند عراقي بين جندي وشرطي وحشد شعبي لا يستطيعون الذود عن سيادة العراق. كما أن الفساد المستشري تسبب في صراعات على تقاسم السلطة بين الفرقاء السياسيين، وهو ما قوض سلطة الدولة وسيادتها؛ حيث أن سلطة الحكومة غير نابعة من تفويض الشعب، بل من خلال مافيات سياسية ومكاتب اقتصادية تحميها ميليشيات حزبية تبيع وتشتري المناصب والمراكز الحكومية بما فيها العسكرية، وتستقوي بجهات خارجية! إن ضمان السيادة الوطنية أمر بالغ الأهمية للاستقرار السياسي وهوية أي دولة. وبالنسبة إلى العراق أصبح مفهوم السيادة هلاميّا غير واضح لتشابك المصالح الشخصية مع العلاقات الخارجية، ما عرض أمن البلد واستقلاله للخطر الداهم.وقد كان السبب في ذلك الوجود السياسي والعسكري الإيراني الكبير في العراق، والذي تجسد في دعمها لمختلف الميليشيات الحزبية لتنفيذ أجنداتها السياسية في المنطقة، فأصبح عاملاً رئيسياً في تآكل سيادة العراق، كما جعل منه ساحة معركة بالوكالة. إن نضال العراق من أجل السيادة يشكل تفاعلاً معقداً بين التدخلات الأجنبية والمنافسات الداخلية والتبعات الاقتصادية. وستتطلب استعادة السيادة الكاملة معالجة هذه التحديات متعددة الأوجه من خلال التغيير الشامل لنظام الحكم، المبني على المحاصصة والفساد والعمالة للأجنبي.ومع وجود نظام جديد ملتزم بالوحدة الوطنية والاستقلال الناجز، يمكن للعراق أن يحقق إمكاناته الكاملة كدولة مستقلة قادرة على حماية أراضيها ومستقبل أبنائها.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: فی المنطقة فی العراق
إقرأ أيضاً:
إيران تحذر دول المنطقة من شن ضربات ضدها
طهران - الوكالات
قال مسؤول إيراني كبير إن بلاده تعارض مطالب أمريكية بعقد مفاوضات مباشرة بشأن برنامجها النووي أو التعرض للقصف، وتحذر جيرانها الذين يستضيفون قواعد أمريكية من أنهم قد يكونون في مرمى النيران إذا تورطوا في ذلك.
ورغم رفض إيران لطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إجراء محادثات مباشرة، قال المسؤول لرويترز بعد أن طلب عدم ذكر اسمه إنها تريد مواصلة المفاوضات غير المباشرة عبر سلطنة عمان، وهي قناة تواصل بين الدولتين منذ فترة طويلة.
وأضاف المسؤول "المحادثات غير المباشرة توفر فرصة لتقييم مدى جدية واشنطن بشأن الحل السياسي مع إيران".
وتابع قائلا إنه على الرغم من أن هذا المسار قد يكون "صعبا"، فإن مثل هذه المحادثات قد تبدأ قريبا إذا دعمت الرسائل الأمريكية هذا المسار.
وقال المسؤول إن إيران أرسلت تحذيرات للعراق والكويت والإمارات وقطر وتركيا والبحرين من أن أي دعم لهجوم أمريكي على إيران، بما في ذلك استخدام الجيش الأمريكي المجال الجوي أو أراضي هذه الدول أثناء الهجوم، سيعد عملا عدائيا.
وحذر المسؤول من أن مثل هذا الإجراء "سيكون له عواقب وخيمة عليهم" مضيفا أن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي وضع القوات المسلحة في حالة تأهب قصوى.
أججت تهديدات ترامب بشن عمل عسكري على إيران التوترات القائمة بالفعل في جميع أنحاء المنطقة وسط حرب مفتوحة في قطاع غزة ولبنان والضربات العسكرية على اليمن وتغيير القيادة في سوريا وتبادل الهجمات بين إسرائيل وإيران.
كما أثارت المخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقا في المنطقة قلق دول الخليج التي تنتج حصة كبيرة من إمدادات النفط العالمية.
لم يستجب متحدثون باسم حكومات العراق والكويت والإمارات وقطر والبحرين بعد لطلبات التعليق. وقالت وزارة الخارجية التركية إنه لا علم لديها بهذا التحذير لكن من الممكن نقل مثل هذه الرسائل عبر قنوات أخرى.
وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية يوم الأربعاء أن الكويت طمأنت إيران بأنها لن تقبل بأي عمل عدائي موجه ضد دول أخرى انطلاقا من أراضيها.
وقالت روسيا حليفة إيران يوم الخميس إن التهديدات الأمريكية بشن ضربات عسكرية ضد الجمهورية الإسلامية غير مقبولة ودعت يوم الجمعة إلى ضبط النفس.
وقال مسؤول إيراني ثان إن بلاده تسعى لكسب المزيد من الدعم من روسيا لكنها متشككة في التزام موسكو بذلك. وأضاف أن هذا "يعتمد على ديناميكيات" العلاقة بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
* مهلة شهرين
قال ترامب إنه يفضل التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني على المواجهة العسكرية وذكر في السابع من مارس آذار أنه بعث برسالة إلى خامنئي مقترحا إجراء محادثات.
وقال المسؤول الإيراني الأول إن الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة يمكن أن تستعين بوسطاء من سلطنة عمان يتنقلون بين الوفدين الإيراني والأمريكي. وفوض خامنئي وزير الخارجية عباس عراقجي أو نائبه مجيد تخت روانجي بحضور أي محادثات في مسقط.
ولم يرد متحدث باسم حكومة سلطنة عمان بعد على طلب للحصول على تعليق.
ومع ذلك، يعتقد المسؤول أن هناك مهلة شهرين تقريبا للتوصل إلى اتفاق مشيرا إلى مخاوف من أن تشن إسرائيل هجوما إذا طال أمد المحادثات، وأن الأمر قد يؤدي إلى ما يسمى "بعودة سريعة" لجميع العقوبات الدولية التي فرضت على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.
وتنفي إيران منذ فترة طويلة رغبتها في تطوير سلاح نووي. لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة حذرت من أن طهران تسرع وتيرة تخصيب اليورانيوم "بشكل كبير" إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة أي ما يقارب مستوى 90 بالمئة اللازم لصنع الأسلحة.
وتقول دول غربية إن ليس هناك حاجة لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى المرتفع في أي برنامج مدني ولم يسبق لأي دولة أخرى أن فعلت ذلك دون إنتاج قنابل نووية.
وذكرت إيران أنها ستبحث أمر إجراء محادثات مع الولايات المتحدة إذا كان الهدف هو معالجة المخاوف بشأن برنامجها لكنها رفضت إجراء أي مفاوضات مباشرة في ظل التهديدات الأمريكية وقالت إن برنامجها الصاروخي لن يكون مطروحا للنقاش من الأساس.
وألمح قائد القوات الجوفضائية بالحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاده يوم الاثنين إلى أن القواعد الأمريكية في المنطقة قد تُستهدف في أي صراع.
وفي 2020، استهدفت إيران قواعد أمريكية في العراق بعد اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري في ضربة صاروخية أمريكية في بغداد.