لوحة الزيتون: إبداع عُماني يعكس صمود الشعب الفلسطيني
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
أثير – ريما الشيخ
ليست الصورة وحدها من تعبر عن مشاعرنا، فخيولنا جهزت وسيوفنا سلت ونفوسنا طابت، ونريد أن نقلع ذلك الشوك الذي أحاط بقدسنا، والعالم عرفنا منذُ القدم، فما باتت عيوننا على ضيم، فقد عبرنا بخطنا ورسومنا عن مشاعرنا، لعلها تصل للعالم، وتحكي عنا وعن ما أصابنا.
وهذا ما عبر عنه الفنان التشكيلي العماني يوسف النحوي الذي عكس مشاعره بريشته وصاغها فأحسن صياغتها في لوحة مميزة تحمل مشاعر الأمل لتحرير الأقصى الشريف، للتعبير عن حبه وانتمائه العميق لفلسطين، بلده الأم -كما وصفها-، وعن ارتباطه العميق بتاريخها وثقافتها الغنية، حيث قال في بداية حديثه مع” أثير “: أتطلع لرسم صورة تعكس جمال وقوة فلسطين، وفي الوقت نفسه الألم والصمود الذي يعيشه شعبها العظيم، لهذا السبب اخترت أن أدمج في اللوحة رموزًا تعبر عن هذه المشاعر بأعماقها، من قبة الصخرة كرمز للمقدسات الإسلامية، إلى الخيل العربي كرمز للنبل والأصالة، وحتى البطيخ كرمز لألوان فلسطين المتنوعة والجمال الطبيعي.
أراد الفنان يوسف أن يظهر في عمله تنوع وغنى الفن التشكيلي العماني، وكأنه يتحدث إلى كل من ينظر إليه عن قصة حبه وتضامنه مع فلسطين، فالألوان والتقنيات التي استخدمها كانت جزءًا لا يتجزأ من التعبير عن هذه الرسالة، حيث جمع بين الألوان الدافئة التي تشير إلى الأمل والحياة، وبين الألوان الأكثر غموضًا وعمقًا التي تشير إلى الحزن والمعاناة.
وقال يوسف خلال حديثه: في كل خطوة من عملي، كان هناك تحدٍ جديد لكيفية تجسيد هذه العواطف بطريقة تحاكي الواقع، وتنقل الروحانية والجمال الحقيقي لفلسطين، في كل لوحة تحمل قصة مختلفة، ولكن في نهاية الأمر، كانت رسالتي واحدة وهي” دعم فلسطين بكل ما أملك من مواهب وعشق، وإيصال صوتها إلى العالم بأكمله، مؤمنًا بأن الفن لغة عالمية تصل إلى قلوب الناس دون حدود، وتربط بين الثقافات والأمم. “
وذكر متحدثا عن تفاصيل اللوحة: في أثناء العمل على هذه اللوحة، وخصوصا في البداية، كنتُ مترددًا في تصوير الحزن والأسى، لكنني أدركتُ أنه لا يمكن للفن أن يكون صادقًا إذا تجاهلت الواقع، لقد كانت لوحة الزيتون أول خطوة لي في هذا العمل، حيث يعكس الزيتون الصمود والاستمرارية، وقد استخدمتُ الألوان الزاهية والمتنوعة لتصوير جمال فلسطين، ولكني لم أستطع تجاهل الواقع المرير، لذلك أضفت لمسات من الألوان الداكنة لتعكس المعاناة، أما الزخارف الإسلامية التي أدخلتها في اللوحة هي إشارة إلى التراث الثقافي الغني والمتنوع لفلسطين والعالم العربي، فهذه الزخارف ليست مجرد أشكال جمالية، بل هي رموز تعكس التاريخ والتقاليد العريقة، كما أن البطيخ الأحمر، الذي أضفته في الأسبوع الأخير من العمل، يمثل الألوان الفلسطينية بوضوح، وهو رمز للوحدة والأمل.
وأضاف: عندما انتهيت من العمل، أضفت حمامة السلام المكبلة، واقفة بحزم، رمزًا للأمل المتجدد رغم الصعاب، كانت هذه الحمامة تعبيرًا عن السلام الذي نتطلع إليه جميعًا، السلام الذي نحلم به ونؤمن بأنه ممكن رغم كل شيء، كان هذا الجزء من اللوحة هو الأكثر تحديًا بالنسبة لي، حيث أردت أن يكون رمزًا قويًا وملهمًا.
وأكد النحوي بأن العمل على هذه اللوحة كان تحديًا كبيرًا له كفنان عماني، حيث كان عليه أن يترجم مشاعر الحب والانتماء والعزة في كل ضربة فرشاة وكل لون استخدمه، فقال: كنتُ أعيش مع اللوحة، أصحو وأنام وأنا أفكر فيها، فقد كانت هذه اللوحة بمثابة رحلة روحية وفنية، رحلة من التحديات والانتصارات، من الحزن والأمل.
وأضاف: الفن هو لغة عالمية، تخاطب الروح وتصل إلى أعماق الإنسان دون الحاجة إلى كلمات، هذه اللوحة كانت تعبيرًا عن هذا المبدأ، وكانت تذكيرًا بأن الفن يمكن أن يكون قوة للتغيير والإلهام، فكل لون وكل رمز في اللوحة كان له دلالة ومعنى، وكل جزء منها كان يحمل رسالة.
في ختام حديثه مع”أثير“ قال الفنان التشكيلي يوسف النحوي: كانت هذه اللوحة ليس فقط عملاً فنياً، بل كانت تجربة حياتية علمتني الكثير عن الصبر، والتحدي، والحب، فقد كانت فرصة لي لأعبر عن دعمي لفلسطين، وأشارك قصتها مع العالم من خلال فني، وهذا ما يجعل الفن قويًا ومؤثرًا – قدرته على لمس القلوب وتحريك الأرواح.
يأمل يوسف النحوي بأن يستمر هذا العمل في إلهام الناس وإثارة الحوار حول القضية الفلسطينية، وأن يكون تذكيرًا دائمًا بجمال وصمود فلسطين، مؤكدًا بأن الفن ليس فقط مرآة للواقع، بل هو أيضًا أداة لتغيير هذا الواقع نحو الأفضل، وهذا ما حاول تحقيقه من خلال لوحة الزيتون.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: هذه اللوحة أن یکون
إقرأ أيضاً:
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فرنسا لأجل فلسطين
عندما كانت إسرائيل تغزو بيروت عام 1982، تابعت المجموعات الثورية الفلسطينية والعربية نهجها في ملاحقة العدو خارج حدود المواجهة، ناقلة المعركة إلى قلب أوروبا. من بين تلك العمليات، اغتيل "رجل موساد ودبلوماسي" أميركي في باريس، ووُجّهت أصابع الاتهام إلى اللبناني جورج إبراهيم عبد الله، الذي يقبع في السجون الفرنسية منذ 4 عقود بتهمة قيادة الفصائل الثورية اللبنانية المدافعة عن فلسطين، وبذلك يكون أقدم سجين سياسي في أوروبا.
كانت العملية امتدادا لمرحلة "وراء العدو في كل مكان" التي اختصرتها روايات الأديب الفلسطيني غسان كنفاني (عكا 1936، بيروت 1972) وجسّدتها المجموعات الثورية بقيادة المناضل وديع حداد (صفد 1927، ألمانيا الشرقية 1978)، فحوّلت العالم إلى ميدان مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، واستقطبت مقاتلين عربا، ورفاقا من اليابان وأوروبا وأميركا اللاتينية، واضعة فلسطين على خريطة النضال الأممي.
"مناضل ولست مجرما"وعادت قضية المناضل الأممي جورج عبد الله إلى الواجهة مجددا مثلما كانت عام 2013، مع توالي الأخبار عن قرب الإفراج عنه بعد قرار محكمة فرنسية بذلك. إلا أن الادعاء الفرنسي، أعلن قبل أيام عزمه استئناف القرار. وفي حال أفرج عنه، يكون عبد الله قد أمضى أكثر من 20 عاما في السجون الفرنسية بعد انتهاء محكوميته، وسط رفض السلطات القضائية المتكرر إخلاء سبيله.
وأمام القضاة، وقف الرجل ذو اللحية الكثّة والنظرة الواثقة مطالبا بحريته للمرة الـ11، قائلا بثبات: "أنا مناضل ولست مجرما"، مؤكدا أن اختياره هذا الطريق كان "ردا على انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين"، وبأن ما فعله: مقاومة.
فهو المولود في الثاني من أبريل/نيسان 1951 في قرية القبيات شمال لبنان لعائلة مسيحية مارونية، وقد شهد في مطلع شبابه "نكسة" 1967، حيث ساهمت "هزيمة حزيران" في تشكيل وعي جيل بأكمله تجاه قضايا التحرر والمقاومة.
عبد الله اشتهر بعبارة "أنا مناضل ولست مجرما" وأكمل عقوبة السجن المؤبد عام 1999 (غيتي)وفي سن مبكرة، انضم إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، واختار طريق النضال والمقاومة. وبعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن (1970)، أصبحت بيروت معقلا للثوار والمقاومين، فكانت نقطة تحول حاسمة في مسار حياته، حيث كانت العاصمة اللبنانية مركزا يعجّ بالحركات الثورية، مما كان له الأثر الكبير في تشكيل قناعاته السياسية.
انضم عبد الله لصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة الراحل جورج حبش، بعد إصابته في الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1978 (عملية الليطاني). ومع أفراد من عائلته ورفاقه، أسس الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، وبين عامي 1981 و1982، نفذت المجموعة هجمات في أوروبا، أسفرت بعضها عن سقوط قتلى في فرنسا، في إطار دعم القضية الفلسطينية والكفاح ضد الاحتلال.
موت المعلم وولادة المقاتلوبدأ جورج حياته المهنية معلما في مدرسة بمنطقة أكروم بعكار، وفي مقالة وردت بموقع يتبع لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، تروي بدايات جورج وتكشف عن ارتباطه المبكر بالفدائيين الفلسطينيين، يقول كاتبها إن "ابن القبيات" كان يعرّف نفسه بأنه "كادح وليس من البَكَوات"، مستنكرا الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.
وتستعرض المقالة المراحل الأولى لجورج عبد الله ضمن الثورة الفلسطينية، مبينة تأثره بحياة "المخيمات" في لبنان، وكيف كان يجول أزقة مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، مستخدما دراجته النارية، ليوزع مجلة "الآداب" على المهتمين.
وبعد إنهائه الدورات التثقيفية، انضم عبد الله إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رسميا، ثم انتقل من الشمال إلى منطقة "الجبل" في "مهمة جهادية"، وكان من المفترض أن يعود بعد شهر إلى الشمال، لكنه اختار البقاء، معلنا بذلك نهاية مرحلة "جورج المعلم" وولادة "جورج المقاتل". ومن ثم، أصبح جزءا من الجناح العسكري للجبهة الشعبية، لتصبح الأراضي اللبنانية كلها ساحة قتاله.
جورج عبد الله أمام المحكمة الفرنسية عام 1986 (غيتي)وخدم عبد الله في الجنوب، والبقاع، والجبل، وبيروت -بحسب المقالة- لكن بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي عقدته منظمة التحرير الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي قبيل اجتياح بيروت عام 1982، انفصل عبد الله عن الجبهة، رافضا التهدئة مع العدو، واتخذ مسارا خاصا به، متأثرا بوديع حداد، وخصوصا بمقولته الشهيرة "وراء العدو في كل مكان"، وانقطعت أخباره إلى حين سماع خبر اعتقاله في فرنسا.
جوازات سفر واعتقاليوم 24 أكتوبر/تشرين الأول 1984، دخل جورج عبد لله مركزا للشرطة في ليون الفرنسية، طالبا الحماية من ملاحقة الموساد الإسرائيلي له. حينها كان يحمل جواز سفر جزائري، بعد أن استخدم جوازات سفر أخرى من مالطا والمغرب واليمن للعبور إلى يوغوسلافيا وإيطاليا وإسبانيا وسويسرا وقبرص.
لكن الأجهزة الأمنية الفرنسية سرعان ما أدركت أن الرجل الذي يجيد اللغة الفرنسية ليس سائحا وإنما هو عبد القادر السعدي، وهو الاسم الحركي لجورج عبد الله.
وعثر في إحدى شققه في باريس على أسلحة بينها بنادق رشاشة وأجهزة إرسال واستقبال.
وافقت محكمة فرنسية الأسبوع الماضي على طلب الإفراج عن جورج عبد الله (غيتي)وفي حوار مع صحيفة "لاديباش" الفرنسية، تحدث إيف بوني، الرئيس الأسبق لجهاز الأمن الداخلي الفرنسي، عن تفاصيل اعتقال جورج إبراهيم عبد الله عام 1984، قائلا: "لم نكن نعلم هويته"، وخلال التحقيق "زعم انتماءه إلى جهاز أمن منظمة التحرير الفلسطينية ووجّه تهديدات للمحققين".
وأضاف بوني أنه لجأ إلى الإسرائيليين للحصول على المساعدة، مما قاد إلى اكتشاف هوية قائد الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، وهي مجموعة ماركسية مدافعة عن فلسطين. ومع ذلك، أكد بوني أن الأدلة ضد عبد الله لم تكن قوية، إذ اقتصرت تهم بتزوير الوثائق وحيازة أسلحة ومواد متفجرة.
كان جورج على صلة بسوريا آنذاك، بحسب التحقيق، كذلك على تواصل مع حركات وشخصيات صُنّفت "إرهابية"، مثل تنظيم "العمل المباشر" في فرنسا، و"الألوية الحمراء" في إيطاليا، إضافة إلى علاقته بكارلوس الفنزويلي وفصيل الجيش الأحمر في ألمانيا.
مقاتل عربي لا يندمفي عام 1986، أصدرت محكمة ليون حكما بالسجن لمدة 4 سنوات على جورج عبد الله بتهم "التآمر الإجرامي وحيازة أسلحة ومواد متفجرة". وفي العام التالي، مثل أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس، إذ وُجهت إليه تهم بالتواطؤ في اغتيال الأميركي تشارلز راي "ورجل الموساد" ياكوف بارسيمينتوف في 1982، بالإضافة إلى محاولة اغتيال ثالثة في 1984.
وبينما تمسك عبد الله بنفي التهم، قال إنه "مجرد مقاتل عربي"، أصدر القضاء حكما بالسجن المؤبد رغم أن النائب العام كان قد طالب بعقوبة أقل، تصل إلى 10 سنوات.
عبد الله اتهم بقيادة "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية" المناصرة لفلسطين (الفرنسية)في مذكراته، أشار المحامي جورج كيجمان إلى أن عبد الله "أهان الجميع" في المحكمة، ووصفهم بـ"الخنازير والإمبرياليين القذرين"، مما استدعى طرده من القاعة. ورأى محاميه السابق جاك فيرجيس في الحكم "إعلان حرب"، مما دفع إلى تشكيل لجنة دعم فورية تطالب بالإفراج عنه فورا.
ومنذ عام 1999، عندما أصبح مؤهلا لإطلاق سراحه، وتم رفض جميع طلبات عبد الله للإفراج عنه، باستثناء طلب واحد، كان مشروطا بترحيله، وهو ما لم ينفذه وزير الفرنسي الداخلية آنذاك، مانويل فالس.
في عام 2022، قال محاميه جان لويس شالانسيه في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: "إنه في حالة فكرية جيدة. لا يزال متمسكا بمواقفه، ويواصل القراءة بشكل مكثف، ويبقى مطلعا على الأحداث في الشرق الأوسط".
ويرى محامو ومؤيدو جورج عبد الله أن استمرار احتجازه هو نتيجة لتأثيرات سياسية ودولية خارجية. في عام 2013، صادقت المحكمة الفرنسية على إطلاق سراحه بشروط، كان من بينها ترحيله إلى لبنان. لكن، رغم هذا القرار، "تدخلت سفارتا الولايات المتحدة وإسرائيل في مجريات القضية"، مما أثّر بشكل كبير على سير المحاكمة وأدى إلى تراجع السلطات الفرنسية عن قرارها. هذه التدخلات، وفقا لمحاميه، تُعتبر جزءا من حملة سياسية منسقة تهدف إلى إبقاء عبد الله في السجون الفرنسية.
أنصار جورج عبد الله يتظاهرون خارج سجن لانيميزان الفرنسي (الفرنسية) خيانة فرنسيةردت الفصائل الثورية اللبنانية على اعتقال جورج عبد الله بخطف مدير المركز الثقافي الفرنسي في طرابلس، جيل سيدني بيرول، مطالبة بصفقة تبادل، وتم التوصل إلى اتفاق لتحرير بيرول وعبد الله، إلا أن فرنسا أخلفت وعدها وأبقته في السجن.
يروي إيف بوني، الرئيس الأسبق لجهاز الأمن الداخلي الفرنسي لصحيفة "لا ديباش" تلك اللحظة، قائلا: "كنت خارج البلاد حين طلبت باريس مني العودة بسرعة للتفاوض على تبادل الأسرى. في ذلك الوقت، كان عبد الله متهما بمخالفات بسيطة، ولم يكن هناك ما يثبت تورطه في أي جريمة كبيرة. فوافقت على الصفقة دون أي اعتراض من وزارة الداخلية".
جورج عبد الله أمضى 15 عاما من حياته في ميادين المقاومة و40 عاما في السجون الفرنسية دفاعا عن فلسطين (رويترز)يضيف بوني، "ما لبثت الأمور أن تغيرت فجأة. ففي الوقت الذي تم فيه تحرير بيرول، أخبروني أنهم اكتشفوا في أحد مخابئ الفصائل الثورية اللبنانية السلاح الذي استخدم في قتل تشارلز راي وياكوف بارسيمينتوف. هذا الاكتشاف غيّر مسار القضية تماما، وتجاهلت العدالة الاتفاق الذي أبرمته. قالوا لي ببساطة: حكمه قد صدر".
ويختتم بوني حديثه: "شعرت بخيبة أمل شديدة. لقد قدمت وعدا إلى الذين بذلوا جهودا في هذه القضية، ولكن السلطات السياسية تركتني أواجه الموقف وحدي".
غزة لن ترفع راية الاستسلام"لن تحمل غزة أبدا راية الاستسلام… ولن تتمكن الصهيونية أو أي قوة إجرامية أخرى من كسر إرادة المقاومة فيها"، بهذه الكلمات عبر المعتقل جورج عبد الله في رسالته التضامنية مع الشعب الفلسطيني، الذي يواجه حرب إبادة في غزة والضفة الغربية. البيان أُلقي خلال مظاهرة نظمت في مرسيليا الفرنسية بتاريخ 25 فبراير/شباط الماضي، حيث عبّر المحتجون عن دعمهم لصمود الفلسطينيين في وجه الاحتلال.
وأشار عبد الله في رسالته إلى أنه "لا ينبغي أن ننسى أبدا أن جذور النضال الفلسطيني انبثقت من أعماق مخيمات اللاجئين في غزة، والضفة الغربية، والأردن، ولبنان.. هذه المقاومة تحمل وعد التحرر وتصون إرث الفدائيين".
يرى أنصاره في العالم أنه رمز حي للنضال والمقاومة، فهو الذي اعتبرته الكاتبة الفرنسية آني إرنو، الحائزة جائزة نوبل للآداب عام 2022، "ضحية قضاء الدولة الذي يلحق العار بفرنسا". كما يعتقد إيف بوني أن الاستمرار باعتقاله يعد "انتقاما سياسيا"، وأنه قد يكون له الحق في اعتبار ما فعلته الفصائل الثورية اللبنانية "مقاومة"، لأنها جاءت في أعقاب مجزرة صبرا وشتيلا، داعيا إلى إنصافه.
جورج لا يزال في سجون فرنسا رغم مرور 20 عاما على انتهاء مدة محكوميته (وسائل التواصل)خلال 73 عاما من حياته، أمضى جورج عبد الله 15 عاما في ميادين المقاومة و40 عاما في السجون، ثابتا على قناعاته. وفي زنزانته، يعلّق صورة مكتوب عليها "اقترب اللقاء يا فلسطين"، متمسكا بالقضية التي كانت وستظل بوصلة نضاله دون اعتذار أو ندم، بل ويرى أن إطلاق سراحه "أمام الإبادة التي يرتكبها الإسرائيليون والأميركيون" في غزة، "مجرد تفصيل".
تجسد قضية جورج عبد الله الذي حمل رقم (N° 2388/A221) في سجن لانيميزان رمزا لظلم فرنسا ضد مناضل تعتقله منذ 40 عاما، وقد يبقى حتى وفاته ما لم يطلق سراحه في ديسمبر/كانون الأول المقبل كما أمرت المحكمة، رغم استحقاقه الحرية منذ عام 1999.