يتزايد القلق في السودان بشأن مصير مئات المفقودين والمعتقلين بالتزامن مع تدهور مستمر للأوضاع الإنسانية ووسط اتساع رقعة القتال وشمولها عددا من المناطق الجديدة في جنوب شرق البلاد وأخرى في ولايات النيل الأبيض وكردفان ودارفور غرب البلاد.

التغيير ــ وكالات

وارتفع معدل الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بنحو 20 في المئة في يونيو، وفقا لمنظمة “أسليد” المعنية بجمع البيانات حول النزاعات في جميع بلدان العالم.

وسجلت المنظمة نحو 6760 حادث عنف، وأكثر من 18700 حالة وفاة.

مآسي المفقودين

ومن مآسي المفقودين تروي عائشة قصة ابنها محمد الذي تحاول عائلته منذ أكثر من 7 شهور الحصول على أي معلومات عنه.

وقالت عائشة بحسب  موقع “سكاي نيوز عربية” إنها وعدد من معارفها، لا يعرفون حتى الآن مكان ابنهم، معبرة عن قلقها البالغ حول مصيره في ظل عمليات القصف المتبادلة التي يعتقد أنها تستهدف مواقع يعتقل فيها طرفي القتال مدنيين بحجة انتمائهم للطرف الآخر.

ومع اتساع رقعة القتال وما يصاحب ذلك من ظروف قاسية يواجهها الفارون من مناطق النزاع، وبعد وصول الاشتباكات إلى مناطق سنار وسنجة في جنوب شرق البلاد، أبلغ ناشطون عن فقدان التواصل مع أكثر من 350 فردا من الفارين من تلك المناطق بينهم أطفال ونساء وسط ظروف قاسية تجبر الفارين في بعض الأحيان على عبور مجاري مائية سباحة أو عبر مراكب متهالكة غرقت إحداها قبل نحو أسبوعين في منطقة سنجة مما أدى إلى وفاة 25 شخصا كانوا على متنها.

وأشار عدنان حزام المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى مصاعب وتحديات كبيرة تواجه فرق اللجنة الساعية للوصول إلى الضحايا بسبب الأوضاع الأمنية السائدة في البلاد.
وقال حزام لموقع “سكاي نيوز عربية”: “نتلقى مئات المكالمات الهاتفية من أشخاص يبلغون عن فقدان أقربائهم ونتواصل بشكل مستمر مع أطراف النزاع لكننا نواجه صعوبات كبيرة”.

وأكد المتحدث أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر سهلت إجراء 66 ألف مكالمة هاتفية عبر الخط الساخن في إطار الجهود الرامية لمساعدة ذوي المفقودين للوصول إلى أقاربهم ومحاولات لم شمل الأسر التي تشتت بسبب النزاع.

وأوضح حزام أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعمل بشكل متواصل على تذكير أطراف النزاع بالتزاماتها بالجوانب المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات للمتضررين من القتال.

تهمة الانتماء لأحد طرفي النزاع

رصد حقوقيون وناشطون تزايدا كبيرا في معدلات اعتقال وقتل المدنيين لمجرد الشك في انتماء الضحية لأحد طرفي القتال سواء بسبب شكله أو وجوده في منطقة سيطرة طرف ما.

ويتهم حقوقيون طرفي القتال بإطلاق العنان لأعمال عنف مروعة، حيث تشير تقارير إلى تصفية العشرات من الرجال والنساء على يد مسلحين منذ بداية الحرب في منتصف أبريل 2023.

وإضافة الى القتل يتعرض العديد من الشباب للاعتقال والتعذيب بسبب مظهرهم الخارجي فقط.

وأصبح الشكل الخارجي هاجسا كبيرا للشباب حيث يتعرضون للاعتقال من كل من طرفي القتال بسبب طول الشعر أو قصره أو بسبب طريقة ارتداء الألبسة بحسب معايير واعتقادات كل طرف.

وطالت الحملات حتى الكتاب والصحفيين المطالبين بوقف الحرب، ففي أكتوبر، هدد قائد مليشيا “كتيبة البراء” التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، من أسماهم حملة “الأقلام التي تكتب شرا”، وقال في مقطع فيديو تداوله رواد مواقع التواصل على فيسبوك: “نحن نرى حتى الذي يحلم ونعرف من يكتبون وسنرد عليهم”.
ويروي أحمد البالغ من العمر 19 عاما، كيف أنه ظل يسعى للشهر الثاني على التوالي لمعالجة جرح في رأسه أصيب به بعد أن أجبرته مجموعة أمنية على حلاقة شعره بسكين مع مجموعة أخرى من 9 شبان حلقت رؤوسهم جميعا تحت الضرب والتعذيب بسبب اتهامهم بالانتماء للجان المقاومة التي كانت تشارك في المظاهرات التي أسقطت نظام الإخوان في 2019.

و قال أحمد: “كنت مع أسرتي ضمن الفارين من القتال في العاصمة الخرطوم وعند مرورنا بأحد الارتكازات الأمنية تم إنزالي من السيارة التي كانت تأخذنا الى إحدى مدن ولاية نهر النيل في شمال الخرطوم، وأجبرت على الجلوس تحت لهيب الشمس مع مجموعة من الشباب وأمر قائد المجموعة الأمنية جنوده بحلاقة شعورنا متهما إيانا بالانتماء للجان المقاومة وموالاة طرف القتال الآخر لا لشيء سوى لأن شعورنا طويلة بعض الشيء”.

وتابع أحمد قائلا: “كانوا يكيلون لنا الشتائم والاتهامات التي لا علاقة لنا بها ويتبارون في حلاقة رؤوسنا بالسكاكين والآلات الحادة مما سبب لي جرحا عانيت من مضاعفاته لنحو شهرين”.

وحذر حقوقيون من خطورة الانتهاكات التي ترتكب بسبب الشكل أو الانتماء القبلي أو السياسي والتي شملت المئات من حالات القتل والتعذيب والاعتقال.

وقالت رحاب مبارك عضو مجموعة محامو الطوارئ المهتمة بحقوق الانسان إن “سياسة التمييز التي تمارس الآن تشكل خطرا كبيرا على المجتمع السوداني ويتعرض بسببها الكثير من الشباب والنساء لانتهاكات خطيرة وكبيرة تتنافى مع القوانين المحلية والدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان”.

وتعزي مبارك السبب في تزايد تلك الانتهاكات إلى انتشار خطاب الكراهية كواحد من الإفرازات الخطيرة للحرب الحالية.

انتهاكات مروعة

رضوان نويصر، الخبير الأممي المعني بحقوق الإنسان في السودان، قال إن السكان المدنيين في السودان تعرضوا لمستويات غير مسبوقة من العنف والمعاناة.

وأوضح نويصر في بيان بنهاية زيارة استمرت 5 ايام إلى بورتسودان – العاصمة الحالية للحكومة السودانية – نطاق وحجم انتهاكات حقوق الإنسان والانتهاكات المرتكبة في السودان بالكبير و”المروع”.

وأوضح نويصر: “شعرت بالفزع من الظروف التي اضطر الناس فيها إلى العيش في ظل درجات حرارة حارقة ومحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والغذاء والرعاية الصحية”.

وحثّ نويصر السلطات على اتخاذ إجراءات فورية في 4 مجالات ذات أولوية رئيسية بما في ذلك ضمان حماية المدنيين في سياق الأعمال العدائية من خلال الامتناع عن الهجمات العشوائية واستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، والعمل على ضمان السماح بوصول المساعدات الإنسانية، والامتناع عن الاعتقال التعسفي والاحتجاز، إضافة إلى ضمان المساءلة عن جميع انتهاكات حقوق الإنسان.

الوسوماشتباكات سنار سنجة ظروف قاسية مفقودين مناطق النزاع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: اشتباكات سنار سنجة ظروف قاسية مفقودين مناطق النزاع

إقرأ أيضاً:

الأكبر في البلاد.. ما أهمية استعادة الجيش السوداني لمنشأة مصفاة الجيلي؟

أعلن الجيش السوداني، عن سيطرته الكاملة على مصفاة الجيلي النفطية شمالي العاصمة الخرطوم.

وفي السطور التالية نستعرض أهمية استعادة منشأة مصفاة الجيلي، خصوصا بعد فرحة الشعب السوداني بعودتها، وما تمثله تلك المنشأة.

وجاء في بيان مقتضب على لسان القوات المسلحة السودانية: «قواتنا بسطت بالفعل سيطرتها الكاملة على مصفاة الخرطوم»، دون ذكر تفاصيل أكثر.

الأهمية الاستراتيجية لمصفاة الجيلي

تقع المصفاة في منطقة الجيلي، أي على بعد 70 كيلومترا شمال العاصمة الخرطوم، وتأسست في عام 1997 وبدأت عملياتها في عام 2000 وهي مناصفة بين الحكومة السودانية ممثلة في وزارة الطاقة، والشركة الوطنية للبترول الصينية، وتعد من أكبر المصافي في السودان، حيث ترتبط بخط أنابيب للتصدير بميناء بشائر على ساحل البحر الأحمر شرقي السودان بطول 1610 كيلو مترات، ترتبط أيضا بآبار النفط في ولايات غرب وجنوب كردفان.

الاشتباكات في الخرطوم أضرار سيطرة الدعم السريع على المصفاة

تقلصت إمدادات الخام للمصفاة وتراجعت سعتها التكريرية، بعد سيطرة ميليشيا الدعم السريع على عدد من الحقول في هذه الولايات، من بينها حقل بليلة في ولاية غرب كردفان.

وتوالت الأحداث لاحقًا داخل المصفاة بتكرار تعرضها لحرائق إذ هزت انفجارات قوية المكان والمناطق المحيطة به وشوهدت السنة اللهب تتصاعد من المستودعات الضخمة.

وحذر حينها خبراء اقتصاد من أن تدمير مصفاة الخرطوم سيلقي بآثار كبيرة على قطاع النفط في السودان، علاوة على صعوبة تعويض خسائرها المالية، إذ تبلغ كُلفتها مليارات الدولارات، وسيستغرق إعادة بنائها أعوامًا.

اقرأ أيضاًاشتباكات عنيفة وتقدم كامل للجيش السوداني في الخرطوم

الخرطوم: مقتل وإصابة 7 سودانيين إثر قصف قوات الدعم السريع لمنطقة كرري

«الجيش السوداني» يحبط هجوما للدعم السريع بالمسيرات على محطات الكهرباء

مقالات مشابهة

  • الأكبر في البلاد.. ما أهمية استعادة الجيش السوداني لمنشأة مصفاة الجيلي؟
  • وسط تبادل الاتهامات بين طرفي القتال.. حريق كبير يلتهم أكبر مصفاة للنفط بالسودان
  • مصدر في الجهاد الإسلامي يوضح مصير الرهينة التي تصر إسرائيل على إطلاق سراحها
  • قلق في جنوب السودان بشأن مصير المدير السابق للتلفزيون الرسمي 
  • الأزمة السودانية تزداد تعقيدا.. ما المنتظر من إدارة الرئيس ترامب؟
  • تحذيرات عاجلة من صندوق النقد الدولي بشأن الاقتصاد اليمني
  • قسد بين مطرقة دمشق وسندان أنقرة.. ما مصير آخر ساحات القتال في سوريا؟
  • السودان: الأمم المتحدة تعرب عن قلقها بشأن مصير المدنيين في الفاشر
  • الجيش السوداني: قوات الدعم السريع أحرقت مصفاة الخرطوم
  • مجلسا السيادة والوزراء يصدّقان على موازنة السودان 2025