يمانيون – متابعات
تشهدُ الولاياتُ المتحدة الأمريكية حالةً من الاستقطاب والانقسامات السياسية وتتعمق بشكلٍ غير مسبوق، ويتجلى ذلك في المنافسة الشرسة بين المرشحَين الديمقراطي “جو بايدن” والجمهوري “دونالد ترامب” في حملة الانتخابات، والتي جاءت بأدوات وأشكالٍ اعتراها الكثير من القدح والذم والشتم، دون التركيز على البرامج.

لقد عززت ظروف هذه الحملة وما قبلها مخاوفَ الأمريكيين من اتساع مساحات العنف ونشوء اضطرابات محتملة، وبات المجتمع الأمريكي مهيئًا لها، وربما تعد رصاصات “كروكس” أحد تجلياتها.

وإذ لم تكشف دوافع الشاب “كروكس” في محاولة اغتيال “ترامب”، رجَّحت التقاريرُ أن يكون “ذئباً منفرداً”، لكن الرصاصات التي أطلقها تجاه المرشح الرئاسي رغم طابعها الإجرامي، غير أنها تعبر عن حالة اللايقين في نفوس الأمريكيين خُصُوصاً الشباب، وعن شروخ باتت تتسع في المجتمع الأمريكي، وأزمات اجتماعية واقتصادية وثقافية ودينية بدأت تؤثر في هذا الجسد المترهل والمتأكل من الداخل.

ويشير مراقبون ومحللون إلى أن وجود مرشحين للرئاسة تجاوز أحدهما سن الثمانين ويقترب الآخر منها، يعبر بالضرورة عن فقدان الحلم الأمريكي لحيويته ومرونته وجاذبيته، وعن حالة التكلس والجمود التي يعيشها المشهد السياسي الأمريكي بحزبيه الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي ومؤسّساته.

ويراقب الأمريكيون كيف يعاني المرشحان من مشاكلَ صحية ونفسية كبيرة، فالرئيس “بايدن” (81 عامًا)، تثار شكوك كثيرة حول قدراته الصحية والعقلية تستند إلى زلاته وأخطائه الكثيرة والمتكرّرة وحالات النعاس التي تعتريه، ويتوقع الكثير من الأميركيين ألا يكمل مدته الرئاسية وسط دعوات متزايدة له بالانسحاب من السباق الرئاسي.

وفي حالة المرشح الديمقراطي “دونالد ترامب” (78 عامًا)، هو أَيْـضاً يشارف على الثمانين، ويوصم بأنه “فوضوي وشعبوي”، كما أنه ملاحق قضائياً، ومثل أمام المحاكم مرات أثناء حملته الانتخابية التي يستفيد فيها من عدم توازن منافسه، كما أن شكوكاً مماثلةً تثار حول قدرته على إدارة الدولة أَيْـضاً.

ويخشى الأمريكيون من أن وضع المرشحين للرئاسة الصحي والقانوني والنفسي والصراع بين الحزبين “الديمقراطي” و”الجمهوري”، قد يؤديان إلى تآكل البنية الديمقراطية الأمريكية، كما يخشون أن تؤديَ الخلافات إلى تأثيرات سلبية على مصداقية الولايات المتحدة في الساحة الدولية بدأت تظهر بوادرها في ملفات عديدة.

ويشاهد الأمريكيون كيف تحوّلت المنافسة الديمقراطية بين الحزبين الكبيرين، المحتكرَينِ عمليًّا للسلطة السياسية إلى عداء صريح، وكيف تراجع الخطاب النقدي والهادئ، ليفسح المجال لحملات سياسية وإعلامية مشحونة بالاتّهامات الخطيرة، والتشكيك في الولاءات.

في هذا السياق، تشير مجلة “فورين أفيرز” إلى أن الدولة الأمريكية في حالة تراجع مُستمرّة، وهذا التراجع والانقسام السياسي والمجتمعي يمكن أن تفاقم حالة الارتباك والفوضى الداخلية، وتعرقل عمل المؤسّسات التنفيذية والتشريعية والرقابية؛ وهو ما يغذّي مساحة اللايقين ويرفع منسوب العنف.

ووفقاً للمحللين، كانت هناك بوادر تآكل في التجربة الديمقراطية الأمريكية العريقة وقدرتها على استيعاب وحل الخلافات بالتفاعل بين المؤسّسات العديدة، منذ رفض الرئيس “ترامب” نتائج انتخابات 2020م، التي خسرها أمام “بايدن”، وما تبعها من أحداث اقتحام مبنى الكابيتول (الكونغرس) في 6 يناير 2021م، والتي شوهت تماماً صورة الديمقراطية الأمريكية.

وفي الآونة الأخيرة؛ ارتفع منسوب العنف وتواترت الحوادث العنصرية، لعل أبرزها مقتلُ المواطن الأمريكي ذي البشرة السوداء “جورج فلويد” يوم 25 مايو 2020م، من قبل شرطة مدينة “مينيابوليس” وما تلاه من مظاهرات عارمة، تجسدت أَيْـضاً في المظاهرات التي عمت الجامعات الأمريكية رفضاً للحرب الإسرائيلية على غزة بدعم أمريكي.

ويشير محللون إلى أن الخلافات السياسية الحادة والفشل في حَـلّ المشاكل والتناقضات الاجتماعية والاقتصادية قد عمّقت الشروخ العمودية في المجتمع الأمريكي على كافة المستويات، وتهدّد حالة الاستقطاب الراهنة بخروجها عن السيطرة ويغدو احتمال حدوث صراعات مدنية محتملاً بشكلٍ متزايد؛ بما يكسر التماسك الاجتماعي ويهدّد الديمقراطية والنفوذ الخارجي.

وبالتالي، كانت رصاصات الشاب “توماس ماثيو كروكس” الموجهة إلى المرشح “دونالد ترامب” تحمل أبعادًا تبدأ بنوازع نفسية شخصية، وتنتهي بعوامل إحباط عديدة من الوضع السياسي والاقتصادي وحالة من الخوف واللايقين وزيادة في جرعات العنف، والتي تشير إلى أن التفوق الأمريكي الذي أبهر الجميع في طور التآكل من الداخل.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الدیمقراطیة الأمریکیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

استطلاع جديد يظهر تقدم هاريس وترامب يعد بـفوز تاريخي

أظهر استطلاع جديد للرأي أن المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية الأميركية كامالا هاريس تواصل الاحتفاظ بتقدمها على المرشح الجمهوري دونالد ترامب.

وحسب الاستطلاع، الذي أعدته مؤسسة "يوغوف" لاستطلاعات الرأي ومجلة إيكونوميست ونشرت نتائجه أمس الأربعاء، فقد حصلت هاريس على دعم 46% من الناخبين المسجلين، في حين دعم 44% من الناخبين الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب.

وأجري الاستطلاع بين 11 و13 أغسطس/آب الجاري. وكان استطلاع للرأي أعدته المؤسستان ذاتهما بين الرابع والسادس من الشهر الحالي أظهر أن هاريس حظيت بدعم 45% من الناخبين، بالمقابل دعم 43% منهم ترامب.

في غضون ذلك، أظهر استطلاع للرأي لوكالة أسوشيتد برس وجامعة شيكاغو أن 42% من الأميركيين يعتبرون أن المرشحة الديمقراطية شخصية قوية وقادرة على التغلب على مشاكل للبلاد، مقابل 35% للمرشح الجمهوري.

من جانبه، أكد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أنه سيحقق فوزا تاريخيا في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وشن ترامب هجوما حادا على هاريس، متهما إياها بالفشل، ومحذرا من حدوث انهيار اقتصادي في حال فوزها.

وتعهد ترامب خلال تجمع انتخابي في مدينة أشفيل بولاية كارولينا الشمالية بإلغاء الضرائب على معاشات التقاعد وتحسين الأوضاع المعيشية.

وقال المرشح الجمهوري إن منافسته الديمقراطية لا تفعل شيئا سوى توجيه الانتقادات، مضيفا أنها قد تكشف عن خطة اقتصادية مقتبسة من الخطة التي أعلن هو عنها.

والسبت الماضي، أظهرت استطلاعات جديدة للرأي تقدّم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس على منافسها الجمهوري دونالد ترامب في 3 ولايات توصف بالحاسمة في تحديد نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهي ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن.

مقالات مشابهة

  • عطل مفاجئ يتسبب في تغيير مسار طائرة دونالد ترامب
  • قبيل الانتخابات.. الخدمة السرية تعزّز حماية ترامب وهاريس
  • «سي إن إن»: عملاء الخدمة السرية تعرضوا لتهديد عقب محاولة اغتيال ترامب
  • السجن لمواطن أمريكي في روسيا لإدانته بهذه التهمة
  • استطلاع جديد يظهر تقدم هاريس وترامب يعد بـفوز تاريخي
  • مؤتمرات المحافظات.. محاولة لإنقاذ العمل السياسي في البلاد أم حالة تفتيت وانقسام؟
  • ملف التطبيع مع إسرائيل.. موقع أمريكي: ابن سلمان يبلغ الكونغرس تخوفه من محاولة اغتيال (ترجمة خاصة)
  • تيم والز وكامالا هاريس يوافقان على مناظرة مع جيه دي فانس
  • والز يعلن استعداداه للمناظرة مع فانس اكتوبر المقبل
  • النفاق الأمريكي كأوضح ما يكون