أخيراً إمتثلت الإجادة وعدَّلت جادّتها.
ولكن بعد ماذا؟ بعد خروج الآلاف من أرباب منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة من السوق.
ليس خروجاً آمناً، بل خروجٌ مثقلٌ بديون وقروض وخسائر وفوقها تجارب قضت أو كادت على أحلام أبناء وبنات الوطن في أن يصبحوا رواد ورائدات أعمال ناجحين.
كانت النصيحة التي تُسدى لطالب الاستشارة في سنوات “إجادة” ،هي التأني حتى تتضح الصورة ويستقر الوضع حيال ما تفعله “إجادة”.
والحمد لله أنها ذهبت، ونرجو أن تكون تجربة تتم دراستها ليس لصالح القطاع البلدي والخدمي فحسب، بل في مختلف أنظمتنا وتشريعاتنا ،وأن توضع مصلحة الوطن وأبنائه نُصب العين، فمن خرجوا من السوق بسبب تصيُّد مراقبي “إجادة” هم إبني وإبنك، أخي وأخوك.
يا من بيده التشريع وبتوقيعه يطبق النظام ،لا نشك لحظة أن كل الأنظمة التي تُوضع هدفها نبيل وغايتها سامية ،وهي السعي لتقدم الوطن والرقي بأعماله، لكن “العُقدة” تكون أحياناً في التطبيق على أرض الميدان.
وهذا لا يطال برنامج “إجادة” لوحده، بل قد تجد في قطاعات أخرى أنظمة جميلة ومتقدمة دولياً لكن يعوز القائم على التطبيق فهم روح النظام ومعرفة الهدف السامي من سنه ووضعه.
لذلك من المهم أن نضمن ألا يتحول نظام “مُثُل MuthoL” إلى صيغة أخرى لـ “إجادة”، وفي الغالب لن يكون هذا إلا بفهم المطبقين الميدانيين لروح النظام والهدف الفعلي منه.
يرافق ذلك وضع نظام لمعاقبة مراقب “مُثل MuthoL” إن هو تطرَّفَ في الاستخدام أو قفز إلى فرض الغرامات قبل مراحل التوجيه والإنذار والتحذير وإمهال صاحب المنشأة ومنحه الوقت الكافي لـ “الامتثال”.
و “مُثل MuthoL” الذي ذُكر أنه يهدف إلى رفع مستوى امتثال منشآت الأعمال، وتحسين جودة الأعمال ،بل إيصالها إلى مستويات عالمية ،تكون قدوة تطلبها الدول الأخرى وتحتذي بها.
نرجو أن يكون “مُثل MuthoL” كما خُطط له ،وكما يُراد منه في ظل دولة كانت ومازالت تضع المواطن ومصلحته في رأس اهتماماتها.
ogaily_wass@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
لبنان لن يكون “إسرائيليًا”…
ليلى عماشا
أشهر طويلة مرّت، وسماء لبنان كما أرضه، تنتهكها الطائرات الحربية المعادية: قصف وغارات وترويع عبر خرق جدار الصوت فوق مختلف المناطق اللبنانية …هذا فضلًا عن طائرات الاستطلاع المعادية التي قلّ ما تغادر سماءنا.. كلّها لم تحرّك ساكنًا في لغة “السياديين”؛ ولم يبلغ صوتها مسامعهم المرتهنة للإشارات العوكرية، لكن أرّقتهم طائرة مدنية تقلّ زوّارًا لبنانيين من الجمهورية الإسلامية في إيران وإيرانيين يستعجلون الحضور إلى بيروت ليكونوا في عداد مشيّعي ومودّعي الأمينين العامين لحزب الله، سيّد شهداء الأمّة السّيّد حسن نصرالله والسيّد الهاشميّ هاشم صفيّ الدّين..
لقد أرّقتهم إلى حدّ منع منحها إذن الهبوط في مطار بيروت! للحظة، يتلّفت سامع الخبر حوله ليتبيّن موقعه الجغرافي: هل نعيش في الأراضي المحتلّة؟ هل المطار الذي منع إذن الهبوط للطائرة الإيرانية هو حقًّا مطار بيروت؟.. هل هو هجوم سيبراني إذًا ما سبّب هذا الخلل الفاضح؟! لا. إنّه مجرّد قرار أميركي تسابق “لبنانيون” لتنفيذه على رجاء رضا عوكر! يا للعار!.
في ساعة انتشار الخبر، حلّ ما يشبه الصّدمة على أهل المقاومة في لبنان، فهم وإن لا يتوقعون أي بادرة وفاء وتقدير من “السيادة اللبنانية” للجمهورية الصديقة والمساندة التي لا تكفّ عن منح لبنان كلّ عون ممكن، فإنّهم أيضًا لم يتوّقعوا أن تبلغ الوقاحة هذا الدرك من عدم احترام القوانين والأنظمة من جهة، ومن المجاهرة بمعاداة كلّ ما يمتّ إليهم بصلة، وإن كانت طائرة ركَاب مدنية تلتزم جميع المعايير الدولية للطيران وتقلّ مواطنين مدنيين عائدين إلى بلدهم وضيوفًا من إيران يريدون المشاركة في التشييع المهيب يوم الأحد في ٢٣ شباط/فبراير. الصّدمة لم تطل، فالغضب الناتج عن هذه الإهانة الوقحة، والتي يريد منها مرتكبوها القول لأهل المقاومة أنّهم غرباء في بلدهم ومستضعفون، تُرجم إلى تحرّك شعبي عفويّ مباشر على طريق المطار، وإلى حملة إلكترونية مندّدة بالقرار الجائر والوقح تحت وسم “لبنان لن يكون إسرائيليًا”.
لم تعد كلمة “المعيب” تكفي لتوصيف هذا النوع من القرارات التي تلتزم حذافير الرغبة الأميركية، فالأمر تخطّى درجات العيب المتمثّل بالانصياع التّام والمشهود للأوامر التي تصدرها الإدارة الأميركية. وإن كان الصهاينة علانية قد هدّدوا في أثناء الحرب بقصف أي طائرة مدنية إيرانية أو عراقية حال هبوطها مطار بيروت، وإن كانت قناة الحدث الصهيونية في الشهر الفائت قد أذاعت إخبارًا كاذبة تقول إن طائرة مدنية إيرانية تحمل على متنها “أموال إعادة الإعمار” ما دفع بالقرار “السيادي” في المطار إلى تفتيش ركابها طوال ساعات.. فحادثة اليوم أكثر خطورة وأكثر انتهاكًا لأبسط المفاهيم الحقوقية والقانونية والسيادية: ما حدث هو حرفيًا عدوان صهيوني “ناعم” على مطار بيروت وعلى فئة من اللبنانيين، باستخدام فئة لبنانية “رسمية” ارتضت على نفسها عار الارتهان الكامل للعدوّ.
على سبيل إيجاد تخريجة قامت “السيادة” بإرسال طائرة تابعة لشركة الميدل ايست لنقل اللبنانيين العالقين في مطار طهران، على أساس أن الأزمة هي أزمة نقل وليست أزمة شرف، على وقع تهليل الفريق العوكري بالخطوة العظيمة التي تقوم بها دولتهم، فعبّروا لا عن ارتهانهم وانبطاحهم للقرار الأميركي وحقدهم الأسود على أهل المقاومة في لبنان فحسب، بل عن ضحالة أخلاقية مريعة وتورّط مشهود بتشويه مفاهيم الشرف الوطني والكرامة الإنسانية..
لقد بدا هؤلاء حرفيًا كسرب يهلّل لمن ينتهك شرفه ويفرح بكونه من فئة لو وُجدت في بلد يحترم ذاته الوطنية لحُوكمت بتهمة الخيانة وعُوقبت وفقًا لما تنصّ عليه القوانين المرعية الإجراء. يهلّل هؤلاء لاجراء ينتهك حقًّا مدنيًا ومواثيق دولية فقط لكونه يتماهى مع أوامر مشغّلتهم في عوكر، ثمّ يخرجون إلى الشاشات ليتحدثوا عن السيادة ودولة القانون.. هزُلت!