انطلق لاختيار تخصصك الجامعي وليكن الإبداع منظورك
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
وهب الله تعالى للإنسان كل الأدوات لاختيار خطة صالحة لحياته تنتظم فيها مسارات العمل ومعالم الطريق وأعظم هذه الأدوات وأثمنها عقل مدبر مفكر يزن به الأمور بميزان صحيح وقلب محرك محفز للعمل وجوارح معينة له، وأصحاب الرأي والنصح السديد، وكتب فيها تجارب وعبر وتوجيهات مرشدة للطريق الصحيح، وشريعة منزلة تحدد وتضبط السلوك والأعمال.
فعند التخطيط للمستقبل واختيار التخصص المناسب يكثر الناصحون والمتحدثون لتشمل الدائرة كلا من الأسرة، الأصدقاء، الجامعات، مراكز الدراسات، وسائل الإعلام، وغيرها من أدوات التأثير وفق منطلقات وتوجهات مؤثرة على عملية إتخاذ القرار، والطالب لديه قدرات وخبرات ومهارات قد تتناسب مع ما يملى عليه وقد تتعارض، فتزيد الحيرة ويصعب الاختيار.
تجتمع لدى كل شخص العديد من الأمنيات والأهداف تنازع المرء وتتجاذبه ولا سيما عند اتخاذ قرار هام مركزي في الحياة، وحين يكون المرء واعيا عاقلا فإنه يرسم مستقبله بعد التوكل على الله عزوجل ضمن هدف محدد ورؤية وواضحة مدعم بمهارة التفكير والتخطيط الجيد، ومن هنا كان التخطيط مهارة لا يجيدها إلا الجادون في حياتهم، الذين آمنوا أن الحياة جهاد وتنافس للخيرية وأن الوقت ثمين، وللجهد قيمة، وللتخطيط الجيد أثر عظيم فرسموا لأنفسهم طريقاً ومنهجا وسلوكاً وجهداً مشكوراً يجدون نتيجته كلما تقدموا نحو تحقيق أهدافهم.
يواجه كثير من الطلبة الحيرة والتردد عند وصولهم مرحلة اختيار التخصص الجامعي المناسب لهم، والذي يبنى عليه مسارهم المهني وسيكون له الأثر الكبير على مستقبلهم وحياتهم، ونجد الكثير من حالات الفشل الدراسي والإخفاق سببها الفشل في اتخاذ القرارات الصائبة ورسم معالم الطريق لما نطمح ونرغب، والمنهجية التي رسمها القرآن الكريم والسنة النبوية تؤسس للنجاح والفلاح في هذا الطريق، ونجد فيهما دعوة للتأمل في المستقبل والتخطيط الجيد له، واتخاذ القرار المناسب وفق منطلقات راشدة سليمة. وفي كثير من الأحيان نجد أن الطلبة لا يختارون التخصصات الدراسية وفقا لأسس علمية موضوعية أو بناء على معرفة سابقة بطبيعة هذه التخصصات وموضوعاتها، فهناك كثير من العادات الخاطئة في اختيار الطالب لتخصصه، فهناك من يختار تخصصا نظرا لما يتمتع به من شهرة وبريق، وهناك من يلتحق يتخصص معين بناء على توجيهات معارف وأصدقاء، أو نصائح مقربين، أو قد يلتحق بتخصص لمجرد أنه رأى زملاء له التحقوا به من دون أن يأخذ في الحساب ميوله وقدراته، كما يغفل عن وجود فروق فردية ورغبات متفاوتة وقدرات مختلفة وظروف حاكمة بين الأفراد تجعل ما يناسب فردأ ما قد لا يناسب غيره.
الكثير من الطلبة يتخذ قراراته وفق نمطية معتادة وليس وفقا لإستراتيجيات علمية مبنية على دراسات وتجارب وخبرات، والموازنة بين عدة بدائل واتخاذ البديل الذي يحقق الهدف المنشود هو المدخل لمعرفة استراتيجية اتخاذ القرار، ولاتخاذ قرارات صائبة فلا بد من دراسة أي قرار دراسة متأنية وإعطاءه حقه من الاستشارة والوقت والتفكير والدراسة المنطقية، بمعنى لا تتسرع. ثم لا تتخذ قرارًا وأنت منفعل، وكما يقال في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، ويأتي بعد ذلك دور أصحاب الخبرة والتجربة فهي تختصر الوقت وتكسب منطلقات جديدة، ثم يتم دراسة كل البدائل الممكنة والمتاحة والموازنة بينها بحكمة وتفكير دقيق ضمن نطاق قدرات الطالب ورغباته والفرص المعززة لهذا الإختيار وأهدافه المستقبلية، وأخيرا لا تماطل كثيرا في اتخاذ القرار.. انطلق لمجال تخصصك وليكن الإبداع منظورك، والتميز عنونك، والإجتهاد مسلك طريقك، والتوكل على الله عنوانك، ولتدرك جيدا أن المجتمع الحضاري الذي يصبو إلى الريادة والأفضلية والنهضة لهو بحاجة ماسة لأصحاب التخصصات المتنوعة العلمية والمهنية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
إقرأ أيضاً:
صالون الملتقى الأدبي.. ثلاثة عقود من الإبداع والتأثير الثقافي
فاطمة عطفة (أبوظبي)
نظّمت دائرة الثقافة والسياحة بالمجمع الثقافي في أبوظبي، جلسة أدبية، جاءت احتفاءً بمرور ثلاثين عاماً على تأسيس «صالون الملتقى الأدبي»، تزامناً مع يوم المرأة العالمي. وقد شهدت الفعالية حضور نخبة من المثقفات والفنانات، بينهن الفنانة التشكيلية نجاة مكي، إلى جانب عضوات الصالون وجمهور الثقافة والفكر.
أدارت الحوار الشاعرة والمخرجة نجوم الغانم، التي أكدت في مستهل الجلسة أن هذا اللقاء لا يحتفي فقط بمسيرة صالون الملتقى، بل يسلط الضوء أيضاً على دور المرأة في الثقافة والإبداع، مشيدةً بدور النساء في تأسيس هذا الفضاء الثقافي الذي أصبح منبراً للفكر والتأثير على مدار العقود.
بيئة ملهمة
خلال حديثها، أوضحت الغانم أن صالون الملتقى الأدبي لم يكن مجرد مساحة للنقاشات الفكرية، بل كان بيئة ملهمة جمعت بين الأدب، والفن، والفكر، وأسهم في تعزيز ثقافة القراءة، ودعم الإبداع والمواهب، خاصةً النسائية منها. وأضافت أن الصالون لم يكتفِ بالاحتفاء بالأدب العربي، بل كان أيضاً شاهداً على تحولات ثقافية وفكرية هامة في دولة الإمارات، حيث استقطب العديد من المفكرين والأدباء من مختلف الاتجاهات.
محطات البدايات
من جانبها، استرجعت أسماء صديق المطوع، مؤسسة الصالون، محطات البدايات، مشيرةً إلى أن الفكرة انطلقت من المجمع الثقافي في أبوظبي، حيث كانت اللبنة الأولى لهذا الملتقى من خلال حضورها وزميلاتها الفعاليات الثقافية والفنية. وقالت المطوع: «كانت البداية أشبه بزرع بذرة ورعايتها، حتى أصبحت نخلة باسقة، تُؤتي ثمارها الأدبية والثقافية.
وأشارت المطوع إلى أن أولى استضافات الملتقى كانت للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، حيث لم يكن في ذلك الوقت الكثير من الكتب المترجمة متاحة في المكتبات، ما جعل الصالون مساحة حيوية لمناقشة الرواية العربية التي تعكس تحولات المجتمع.
التحديات والاستمرارية
رغم الصعوبات التي واجهها الصالون، أكدت المطوع أن الإصرار والإيمان بالفكرة جعلا منه تجربة ثقافية مستدامة. وقد أثمرت هذه الجهود عن تسجيل الملتقى ضمن منظمة اليونسكو، إلى جانب حصوله على جوائز عدة، تقديراً لدوره في المشهد الثقافي. كما أعلنت عن إطلاق جائزة «أسماء» لأفضل رواية أولى لكاتب ناشئ، والتي تم تخصيص وقف خاص لها من إرث العائلة، في بادرة تهدف إلى دعم المواهب الأدبية الصاعدة.
نحو المستقبل
أكدت المطوع أن الملتقى سيواصل مسيرته، مشددةً على أهمية القراءة والنقاشات الفكرية في بناء مجتمع ثقافي متفاعل. وأضافت: «نحن لا نقرأ الروايات فحسب، بل نعيش معها، ونتفاعل مع أحداثها، لنفهم أعمق ما في مجتمعاتنا وثقافتنا». وفي ختام الأمسية، أجمع الحاضرون على أن صالون الملتقى الأدبي لم يكن مجرد مبادرة ثقافية، بل كان ولا يزال جزءاً من الحراك الفكري في الإمارات والمنطقة العربية، يحمل على عاتقه مسؤولية تعزيز الحوار والإبداع، وتمكين الأجيال القادمة من التواصل مع الأدب والفكر بعين ناقدة ورؤية مستنيرة.