عندما ينكوي ترامب بنار عنفه السياسي!
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
Your browser does not support the audio element.
لم تكن صدمة الأمريكيين أمس متمثلة، فقط، في محاولة اغتيال المرشح الجمهوري دونالد ترامب لكنها صدمة أعمق من ذلك بكثير حينما ظهر بشكل جلي هذه المرة أن العنف السياسي يمكن أن يشكّل خطرا حقيقيا على الديمقراطية الأمريكية، وهذا الأمر يعيد مرة أخرى إلى ذاكرة الأمريكيين ما حدث من اقتحام لمبنى البرلمان الأمريكي في يناير من عام 2021 وبتحريض ودعوة مباشرة من ترامب نفسه بعد أن خسر الانتخابات الرئاسية.
ورغم أن الحدث مخيف في سياقه وفكرته ويفتح بابا للعنف السياسي في أمريكا قبل ثلاثة أشهر فقط من موعد الاستحقاق الانتخابي في نوفمبر القادم فإن كلا المرشحين سوف يوظفه توظيفا سياسيا يخدم حملته الانتخابية ويقلب الطاولة على خصمه.
سيعزز الحادث تأييد ترامب ويزيد التعاطف معه على المدى القصير، على أقل تقدير، وهذا الأمر يبدو طبيعيا وفي سياقه، حيث يزيد التعاطف مع أي مرشح انتخابي يمكن أن يتعرّض لاعتداء فما بالك بمحاولة اغتيال، وتعرف هذه الظاهرة علميا بـ«تأثير الضحية»، حيث يصبح الشخص المستهدف محط تعاطف ودعم جماهيري أكبر بسبب تعرّضه للخطر. وفي حالة ترامب، قد يزداد الدعم من قاعدته الأساسية، وقد يمتد أيضًا إلى ناخبين كانوا على الحياد، أو ناخبين يعيشون في صدمة بعد أداء بايدن في المناظرة الأولى.
ما يدعم ترامب في هذا الحادث ويقوي موقفه أنه كان كثير الحديث عن أن أمريكا خرجت عن المسار الصحيح، وما حدث له من محاول اغتيال إنما هو، حسب نظريته، مظهر من مظاهر ذلك الخروج عن المسار الصحيح.
وسوف تسلط محاولة الاغتيال الضوء على قضايا الأمن والسلامة العامة، ما يدفع الناخبين إلى التفكير بجدية أكبر في البرامج والسياسات المتعلقة بالأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب والعنف السياسي. والمرشح الذي يضع هذا الأمر ضمن أولويات برنامجه الانتخابي سيجد نفسه في موقف قوي لجذب أصوات الناخبين الذين يشعرون بالقلق من تكرار مثل هذه الأحداث.
ومن الممكن أن يرى مؤيدو ترامب في محاولة اغتيال مرشحهم دليلًا على صحة مخاوفهم من وجود مؤامرات ضده، مما يعزز من التزامهم بدعمه.
لكن هذه المكاسب ليست مطلقة أو أنها بوجه واحد فقط، فكلها قابلة بقراءة مختلفة أن تكون ضد ترامب وتكرس الكثير من التهم الموجه ضده.
أول توظيف يمكن أن يوظف فيه معارضو ترامب محاولة اغتياله هو أن الحادث برمته ما هو إلا مظهر من مظاهر استخدام الخطاب السياسي المتطرف والمحرض على العنف الذي برع فيه ترامب طويلا. وهذا الأمر لا يعود إلى حملة ترامب الحالية فقط، إنما هي امتداد لحملته الانتخابية في عام 2020 والتي كانت برمتها تأجيج للعنف السياسي والدعوة المباشرة له. لا تنسى حملة بايدن ما حدث في مبنى الكابيتول في يناير2021 ولا تنسى خطاب ترامب المتكرر الذي كان على الدوام يهدد بـ«حمام دم» إذا لم يتم انتخابه.
إن أهم ورقة رابحة في يد حملة بايدن تتمثل في التركيز، بعد إعلان التعاطف معه وإدانة ما تعرّض له من محاولة اغتيال، على أن ترامب هو من صنع هذا العنف السياسي ودعا له وأجّجه قبل أربع سنوات، وهو من عرَّض الديمقراطية الأمريكية لأكبر خطر في تاريخها إلى درجة وصل فيها الأمر أن يكون هو أحد الذين ينكوون بالنار التي حرّضوا على إشعالها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: محاولة اغتیال العنف السیاسی ما حدث
إقرأ أيضاً:
قناديل البحر هذه تندمج وتصبح كيانًا واحدًا.. الأمر الذي أذهل العلماء!
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— في وقتٍ متأخر من إحدى ليالي صيف العام 2023، دخل عالِم الأحياء، كي جوكورا، إلى مختبر عِلم الأحياء البحرية في مؤسسة "وودز هول" لعلوم المحيطات في ماساتشوستس، حاملًا كومة هلامية في دورق. كان آتياً من الطبقة الأولى حيث احتوت الأحواض على مستعمرة من قناديل البحر المشطية.
وكانت القطعة أكبر من غيرها، وبدا الأمر وكأن اثنان من قناديل البحر اندمجا لتشكيل قطعة واحدة.
ويتذكر جوكورا، الذي كان آنذاك باحثًا بمرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة، تلك اللحظة قائلاً: "لم أصدق عينيّ بداية".
وكانت ماريانا رودريغيز-سانتياغو، باحثة بمرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة ولاية كولورادو، تعمل على مشروعها الخاص عندما ظهر جوكورا.
وقالت: "لقد اندهشنا جميعًا وذُهِلنا، وفكرنا: كيف يمكنها (قناديل البحر) أن تندمج، وتسبح، وتتحرك كوِحدة واحدة؟".
وعلى مدى الأسابيع القليلة التالية، ساعدت رودريغيز-سانتياغو جوكورا في الجمع بين أزواج متعددة من قناديل البحر، المعروفة علميًا باسم "Mnemiopsis leidyi"، لمعرفة ما حدث.
وأظهرت نتائج التحقيق الذي قاده جوكورا، والذي نُشر في السابع من أكتوبر/تشرين الأول في مجلة "Current Biology"، أنّه لا يمكن لقنديلَي بحر أن يندمجا جسديًا فحسب، بل اندمجت أنظمتهما العصبية والهضمية أيضًا، وأصبح الاثنان كيانًا واحدًا فعلاً.
تدمج قناديل البحر المشطية جهازها العصبي والهضمي أيضًا، وفقًا لما توصلت إليه الأبحاث.Credit: Kei Jokuraوقال جوكورا، وهو الآن باحث ما بعد الدكتوراه في المعهد الوطني الياباني لعلم الأحياء الأساسي: "لقد أثارت ظاهرة الاندماج العديد من الأسئلة المهمة بالتأكيد، مثل نوع الجينات المنخرطة في الاندماج، وما يحدث للإشارات العصبية، وما الذي يحدد الذات وغير الذات".
ونجد قناديل البحر المشطية في المياه الساحلية، وفي أعماق المحيط بجميع أنحاء العالم، ومع أنّها تشبه قناديل البحر في مظهرها، إلا أنّها لا تلسع، وتنتمي إلى شعبة مختلفة، وهي المشطيات (Ctenophora).
والمشطيات من أقدم الحيوانات على وجه الأرض، إن لم تكن أقدمها على الإطلاق، وربما تكون شقيقة لجميع الحيوانات الأخرى في شجرة الحياة، لذا، بحسب روريغيز سانتياغو، المؤلفة المشاركة في الدراسة، "هي توفر فرصة فريدة حقًا لدراسة الجوانب الأساسية لوظيفة الجهاز العصبي".
وشرح باول بوركهارت، عالِم الأحياء التطوري والباحث في جامعة "بيرغن" بالنرويج، أنّها "تنتمي إلى مجموعة من الحيوانات التي كانت موجودة عندما تطورت الحيوانات الأولى".
وكان بوركهارت مؤلفًا مشاركًا في كتابة تقرير آخر حول قناديل البحر هذه، نُشر في مجلة "PNAS" بأكتوبر/تشرين الأول، الذي أظهر أنها قادرة على التطور بشكلٍ عكسي، والعودة إلى مرحلة سابقة من الحياة بعد التعرض للإجهاد.
ولم يشارك بوركهارت في الدراسة التي نشرت في "Current Biology ".
وأكّد: "أشارت ورقتان بحثيتان حديثتان إلى أن المشطيات تتمتع بفرصة التكيف بسرعة مع البيئات المتغيرة وأنّ برامجها التنموية أكثر مرونة ممّا هو ملاحظ لدى الحيوانات الأخرى".
آلية للبقاءوتُشير ورقة جوكورا البحثية أيضًا إلى أنّ المشطيات تفتقر إلى آلية التعرّف الواقية التي تسمح للكائن الحي بالتمييز بين خلاياه وأنسجته، وتلك الخاصة بكائن حي آخر.
وكان جوكورا يدرس كيفية استجابة هذه الفصيلة من قناديل البحر للضوء، عندما اكتشف أنّ عيّنتين مصابتين أصبحتا ملتصقتين.
ورغبةً بإعادة خلق الظاهرة، بدأ جوكورا ورودريغيز-سانتياغو في إجراء التجارب، وقطعا أجزاءً من قناديل عدة ووضعا أزواجًا مُستبعدة معًا في أطباق "بتري" طوال الليل.
واندمجت تسعة من أصل 10 أزواج بنجاح، ما أدى إلى حيوانات ذات عضوين حسيين، ومجموعتين من الفتحات الشرجية، في حين أنّ القناديل النموذجية تتمتع بواحدة فقط من كل منهما.
أبحاث مستقبلية حول القناديل المشطية