سرايا - يتنقل حسين المسارعي بين أجهزة محطة "تحلية المياه"، التي يعمل بها شمال قطاع غزة، عقب توقفها عن العمل خلال الساعات الماضية بسبب عدم توفر الوقود اللازم لتشغيلها.

يتساءل المسارعي وغيره من العاملين داخل هذه المحطة، التي تعتبر واحدة من بين المحطات القليلة العاملة في محافظة شمال القطاع، عن أوضاع السكان والنازحين بدون مياه، في حال عدم توفر الوقود.



ويوما بعد يوم تزداد حدة أزمة المياه في شمال قطاع غزة، مع استمرار العداون الصهيوني منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، الذي دمر البنى التحتية في القطاع وشبكات المياه والصرف الصحي، وعددا من محطات التحلية العاملة، فضلا عن تداعيات الحصار المشدد ومنع إدخال الوقود ومستلزمات الحياة الأساسية للمنطقة.

ويعاني مئات آلاف السكان شمال قطاع غزة من صعوبة بالغة في توفير المياه الصالحة للشرب، حيث يقطعون مسافات طويلة من أجل الحصول على بضعة لترات منها.

ويقنن سكان الشمال من استخدامهم لمياه الشرب خشية من انقطاعها وعدم الحصول على كميات جديدة.

وفي آذار(مارس) الماضي، قال بيان مشترك صدر عن الجهاز المركزي للإحصاء، وسلطة المياه، إن إجمالي المياه المتوفرة آنذاك في قطاع غزة يقدر بحوالي 10-20 بالمئة من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان، حيث تخضع تلك الكمية لتوفر الوقود.

وأضاف أن العدوان خلف آثارا "كارثية على البنية التحتية للمياه، وشبكات المياه ومصادر الإمدادات بشكل عام، "إذ تم تدمير 40 % منها، وتعطلت المضخات الرئيسية بسبب القصف أو بسبب نفاد الوقود"، وفق البيان.

وتراجعت حصة الفرد الفلسطيني في قطاع غزة من المياه بنسبة 96.5 % خلال الحرب، حيث بالكاد يستطيع الشخص في قطاع غزة الوصول إلى ما بين 3-15 لترا من المياه يوميا، بحسب البيان.

ارتفاع أسعار الوقود

يقول المسارعي: "منذ بداية الحرب نشغل المحطة بصعوبة شديدة نظرا لعدم توفر الإمكانات والاستهداف الصهيوني المتكرر".

ويوضح أن أبرز المعوقات التي حالت دون تشغيلها أو تخفيض تشغيلها تمثلت بـ"عدم توفر الوقود واللجوء لشراء كميات منه من السوق السوداء بأسعار مرتفعة وصلت لـ15 ضعف سعره الطبيعي".

ويبقى توفر الوقود حتى في السوق السوداء أمرا نادرا، وفق قول المسارعي، الذي أضاف إنه بالعادة يكون "مخلوط بزيوت تتسبب بإعطاب الأجهزة، لكننا نضطر لاستخدامه لعدم توفر البديل".

وتزود المحطة التي يعمل بها المسارعي المواطنين في منطقة شمال غزة بالمياه الصالحة للشرب، عبر 35 مركبة تعتمد تشغيلها على "السولار"، وفق قوله.

وأشار إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في الوقت الحالي يزيد من استهلاك المواطنين للمياه، وهذا ما تتطلبه أجسادهم للبقاء، محذرا من خطورة نقصها خلال الأجواء الحارة.

وناشد المسارعي "الجهات المعنية بضرورة التدخل العاجل وإدخال السولار اللازم لتشغيل محطات التحلية لتوفير المياه الصالحة للشرب للسكان".

عطش شديد

وفي محافظة غزة، لا يبدو الوضع مختلفا حيث يحذر المتحدث باسم بلدية غزة حسني مهنا من "حالة عطش شديد تواجه الفلسطينيين هناك".

وقال: "الفلسطينيون بالمحافظة يعانون من حالة عطش شديد، حيث إن كمية المياه المتوفرة تقدر بربع الكمية قبل العدوان في أفضل الأحوال، وهي تغطي ما نسبته 40 % فقط من مساحة المدينة".

وتابع: "هذا العطش نجم عن نقص المياه الحاد جراء سياسة تدمير الآبار وخطوط المياه منذ بداية الحرب الصهيونية المدمرة".

وأوضح أن المدينة تواجه أزمة حقيقة في توفر المياه، خاصة العذبة والصالحة للشرب.

وذكر أن العدوان المتواصل للشهر العاشر على التوالي تسبب "بتدمير واسع وكبير في البنية التحتية لشبكات المياه، منها تدمير نحو 42 بئرا بشكل كامل، و16 بئرا بشكل جزئي، فضلا عن تدمير حوالي 70 ألف متر طولي من شبكات المياه".

وأوضح أن الجيش الصهيوني ما يزال يتعمد "استهداف شبكات وآبار المياه لتعطيش السكان".

وفي عمليته العسكرية الأخيرة في حي الشجاعية شرق غزة التي بدأها نهاية حزيران/ يونيو الماضي، وجنوب غرب المدينة والتي بدأها الإثنين، فقد ألحق جيش الاحتلال أضرارا متفاوتة بــ4 آبار للمياه، وفق مهنا.

وكانت وكالة "أونروا" قد حذرت مطلع حزيران(يوليو) الماضي، من تداعيات توقف عمل محطات لتحلية المياه في قطاع غزة.

وقالت الوكالة الأممية في تغريدة على منصة إكس آنذاك: "لعدم توفر الوقود في غزة محطات مهمة لتحلية المياه توقفت عن العمل".

وتابعت: "ليس لدى الناس ما يكفي من المياه، أصبح البقاء على قيد الحياة تحديا كبيرا".

وأوضحت أن توقف تلك المحطات يجبر "العائلات بما في ذلك الأطفال على السير طويلا للحصول على المياه".

معاناة السكان

يشتكي المواطن حمدي أبو سعدة، من مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع، من ندرة المياه الصالحة للشرب بالمنطقة.

ويقول: "نعاني كثيرا من قلة المياه وما يصلنا في حاراتنا وشوارعنا المدمرة بفعل العدوان لا يفي بالغرض".

ويضيف أبو سعدة أنهم كل 3 أيام يتمكنون من تعبئة جالونات المياه الصالحة للشرب مرة واحدة والكمية التي يحصل عليها لا تكفي عائلته في ظل ارتفاع درجات الحرارة.

ويطالب أبو سعدة العالم "بالوقوف إلى جانب سكان غزة وتوفير المستلزمات الحياتية لهم خاصة السولار اللازم لتشغيل محطات تحلية المياه".

مسافات طويلة

كامل كريزم من حي "الكرامة" شمال غرب مدينة غزة، يضطر أبناؤه يوميا لقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام لتوفير المياه الصالحة للشرب.

ويقول من داخل "محطة تحلية" تبعد عن مكان سكنه نحو 700 متر وصلها مشيا على الأقدام، من أجل الحصول على كميات قليلة من المياه: "تصل المياه المحلاة إلى منطقتنا المدمرة مرة واحدة كل أسبوع، ومع هذا الحر الشديد لا تكفي الكمية التي نحصل عليها، فنضطر للبحث في أماكن أخرى بعيدة عن المنزل".

ويحذر كريزم من أن نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات تحلية المياه سيزيد من معاناتهم اليومية و"سيلقي بظلال كارثية جديدة على الأهالي في شمال قطاع غزة".

أما الشاب حمزة أبو سعدة من "مخيم جباليا"، فيقول إنه يقف من 3 إلى 4 ساعات "تحت أشعة الشمس الحارقة" حتى يتمكن من تعبئة جالونات مياه صالحة للشرب لعائلته.

ويوضح أنه لا يتمكن من التعبئة يوميا بسبب تدافع الناس على عربات المياه وكثافة السكان المخيم.-(وكالات)


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: المیاه الصالحة للشرب شمال قطاع غزة تحلیة المیاه توفر الوقود فی قطاع غزة من المیاه أبو سعدة

إقرأ أيضاً:

الصحة: تسجيل أول حالة إصابة بفيروس شلل الأطفال في قطاع غزة

رام الله - صفا

أعلنت وزارة الصحة، يوم الجمعة، عن تسجيلها أول إصابة بفيروس شلل الأطفال في المحافظات الجنوبية، وذلك في مدينة دير البلح بقطاع غزة.

وذكرت الوزارة، في تصريح وصل وكالة "صفا" أنّ الإصابة تعود لطفل يبلغ من العمر 10 أشهر، وهو لم يتلق أي جرعة تحصين ضد شلل الأطفال.

وأضافت "اشتبه الأطباء بوجود أعراض مطابقة لمرض شلل الأطفال، وبعد إجراء الفحوصات اللازمة في العاصمة الأردنية عمان، تم تأكيد الإصابة بسلالة فيروس شلل الأطفال المشتقة من اللقاح".

وأكدت الوزارة أنّ أن طواقمها في المحافظات الجنوبية والشمالية، وبالتعاون مع كافة المؤسسات الدولية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، عملت خلال الأسابيع الماضية على وضع خطة شاملة متكاملة لتنفيذ حملة تطعيم موسعة ضد شلل الأطفال في قطاع غزة.

وأوضحت أنّها ستنفذ حملة تطعيم خلال الأيام القليلة القادمة تستهدف الأطفال تحت سن 10 سنوات، حيث تم توفير مليون ومئتي ألف جرعة من طعم شلل الأطفال النوع الثاني بالتنسيق مع منظمة اليونيسف، وجارى توفير أربعمائة ألف جرعة أخرى.

وشددت الوزارة على أنّ استمرار العدوان الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة نجم عنه كارثة صحية، بشهادة المنظمات الدولية.

وأشارت إلى أنّ نقص احتياجات النظافة الأساسية، وعدم توفر خدمات الصرف الصحي، وتراكم النفايات في الشوارع وحول أماكن إيواء النازحين، وعدم توفر مياه الشرب الآمنة، قد خلقت بيئة مواتية لتفشي وانتقال العديد من الأوبئة ومنها الأمراض المنقولة بالمياه مثل فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح.

وجددت وزارة الصحة مناشدتها للمجتمع الدولي والمنظمات الصحية الدولية لسرعة التدخل لوقف العدوان الإسرائيلي الهمجي فورًا على قطاع غزة، والعمل على تهيئة الظروف الميدانية من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتوفير خدمات الرعاية الصحية بشكل فوري لأبناء شعبنا في قطاع غزة.

ووجهت الوزارة نداءً عاجلاً لكافة المنظمات والهيئات الدولية بضرورة العمل الفوري لإعادة بناء أنظمة مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي والتخلص من النفايات الطبية والصلبة، والعمل على إدخال الوقود لضخ المياه العذبة النقية، والسماح غير المشروط لدخول الإمدادات الطبية والأدوية والمواد الخاصة التي تستعمل للنظافة الشخصية.

مقالات مشابهة

  • الصحة: تسجيل أول حالة إصابة بفيروس شلل الأطفال في قطاع غزة
  • عشرات الشهداء والجرحى بغزة والاحتلال يدفع الآلاف لرحلة نزوح جديدة
  • عشرات الشهداء والجرحى بقصف الاحتلال مناطق متفرقة بغزة
  • تحذيرات من تداعيات نقص الوقود والمواد الطبية على حياة المرضى في غزة
  • الاحتلال: لا نستطيع تأكيد إصابة محتجزتين بغزة
  • جرسيف تنجو من العطش هذا الصيف بفضل مشروع كلف 47 مليارا
  • استشهاد طفلة جراء سوء تغذية ونقص علاج بغزة
  • عاجل| جيش الاحتلال: دمرنا 16 موقع قنص ومراقبة وبنى تحتية بغزة أمس
  • 16 شهيدا بغزة والمقاومة تفجر أنفاقا بقوات إسرائيلية وتقصف تل أبيب
  • طبيب عمل بغزة يكشف مشاهد مروعة عاينها في القطاع تحت عدوان الاحتلال