مركز تحليل السياسات الأوروبية:هناك دول تستغل الحوثيين لتقويض حرية الملاحة
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
قال مركز تحليل السياسات الأوروبية CEPA إن أنشطة الحوثيين المناهضة للشحن البحري في اليمن، بما في ذلك استخدام الألغام والطائرات بدون طيار والسفن السطحية المسيرة والضربات الصاروخية، لها تداعيات كبيرة على دول حلف شمال الأطلسي.
وأضاف المركز في تقرير له بان الهجمات لا تهدد أمن الطرق البحرية فحسب، بل تلعب أيضًا دورًا حاسمًا في السياق الأوسع للحرب غير النظامية والمنافسة الاستراتيجية التي تشمل الصين وروسيا وإيران.
وفي حين أن حلف شمال الأطلسي هو تحالف دفاعي بحت ملتزم بأمن ومصالح الدول الأعضاء فيه، فإن هذه الدول الاستبدادية تستغل الحوثيين في اليمن لتقويض الرخاء الاقتصادي وحرية الملاحة والمصالح الأمنية الشاملة للتحالف عبر الأطلسي بشكل غير مباشر.
ويجب على التحالف أن يفهم التهديد الذي يشكله هؤلاء الوكلاء المعادون للغرب إذا كان يريد مواجهة هذا التطور المثير للقلق.
إن سيطرة الحوثيين على ساحل اليمن على البحر الأحمر تمكنهم من تعطيل أحد أهم نقاط الاختناق البحرية في العالم: مضيق باب المندب. حيث يربط هذا الممر الضيق البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب. ورغم أنه يقع جنوب مدار السرطان، وبالتالي خارج الحدود الجغرافية لحلف شمال الأطلسي، إلا أن مصلحة التحالف هناك ،لا شك فيها .
يسمح المضيق بمرور النفط والغاز الطبيعي والسلع التجارية بين أوروبا وآسيا والأمريكيتين. وبالتالي فإن استهداف الحوثيين للشحن - يشكل تهديدًا كبيرًا للتجارة العالمية .
وتواجه دول حلف شمال الأطلسي، التي تعتمد بشكل كبير على هذه الطرق للطاقة والتجارة، تكاليف شحن متزايدة بسبب التدابير الأمنية المشددة وأحيانًا إعادة توجيه المسافات الأطول. كما ترفع الهجمات أقساط التأمين على السفن العاملة في المنطقة، مما يؤثر بشكل غير مباشر على تكلفة السلع .
علاوة على ذلك، تعتمد دول حلف شمال الأطلسي على التدفق المستمر للنفط والغاز عبر باب المندب. وأي انقطاع كبير قد يؤدي إلى نقص في الطاقة وارتفاع الأسعار، مما يؤثر على الاقتصادات التي تعاني بالفعل من تقلبات سوق الطاقة العالمية . والآثار واضحة - فقد انخفضت التجارة عبر قناة السويس بنسبة الثلثين .
وتؤكد هذه الثغرة على الأهمية الاستراتيجية للمنطقة لأمن الطاقة بالنسبة لحلف شمال الأطلسي. ونتيجة لهذا، تنخرط قوات حلف شمال الأطلسي، وخاصة تلك التابعة للولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة ، بشكل متزايد في المنطقة لضمان أمن ممرات الشحن.
وهذا يحول الموارد عن أولويات استراتيجية أخرى، وقد أدى إلى مواجهات مباشرة مع قوات الحوثيين، التي تدعمها إيران بلا شك. إن التمييز الذي يمارسه الحوثيون في تحديد الأهداف يكشف عن أهدافهم.
فهم يمتنعون بشكل ملحوظ عن مهاجمة السفن العسكرية أو التجارية الإيرانية والروسية والصينية - مما يؤكد على تحالفهم الاستراتيجي مع هذه الدول . وبينما يزعمون أن الهجمات تدعم الفلسطينيين في غزة، فإن كل السفن الأخرى تقريبًا تبدو هدفًا مشروعًا.
إن إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، تقدم أسلحة متقدمة وتدريبات، مما يؤكد مصالحهما المتبادلة. كما أن السفن الاستخباراتية الإيرانية التي تقدم معلومات الاستهداف للحوثيين تسافر بحرية في المناطق التي يهاجم فيها الحوثيون السفن الأخرى دون تمييز، ولا تبذل أي محاولة لإخفاء تعاونها.
ولا شك أن أنشطة الحوثيين المناهضة للشحن في البحر الأحمر، والتي تمكّنها إيران، تقوض أمن حلف شمال الأطلسي وتشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح التحالف.
وعلاوة على ذلك، عرضت روسيا والصين أشكالاً مختلفة من الدعم الدولي للحوثيين، مدفوعة بتوافق مصالحهما ضد حلف شمال الأطلسي والنفوذ الغربي. ويشكل هذا الاستهداف الانتقائي تهديداً غير مباشر لحلف شمال الأطلسي، لأنه يسلط الضوء على دور الحوثيين في تحالف أوسع من الجهات الفاعلة من الدول وغير الدول التي تتحدى المصالح الغربية.
إن أنشطة الحوثيين ليست ظاهرة معزولة بل هي جزء من نمط أوسع من الحرب غير النظامية التي تؤثر عليها القوى الكبرى، وخاصة إيران والصين وروسيا. وتستخدم هذه الدول تكتيكات غير متكافئة لتحدي المصالح الاستراتيجية للتحالف على مستوى العالم.
وتكشف تقارير استخباراتية أميركية حديثة أن الحوثيين قد يزودون حركة الشباب المناهضة للغرب في الصومال بالأسلحة قريباً، بتوجيه من إيران. وهذا الشكل من أشكال الحرب غير النظامية يعقد الحسابات الاستراتيجية الغربية، لأن المواجهة المباشرة مع إيران معقدة سياسياً وعسكرياً بغض النظر عن مبرراتها المتزايدة.
هناك فوائد واضحة للصين. فهي تنخرط بشكل متزايد في المنطقة، وهي نقطة حاسمة لمبادرة الحزام والطريق ، كما وسعت قواعدها العسكرية والتجارية في ميناء جيبوتي على البحر الأحمر، في حين زادت أيضًا من دورياتها لمكافحة القرصنة قبالة القرن الأفريقي. وبالتالي فإن أنشطة الحوثيين التي تعطل الطرق البحرية المتحالفة مع الغرب تفيد الصين من خلال إعاقة منافسيها الاستراتيجيين.
وترى روسيا أيضًا فرصًا في عدم الاستقرار الناجم عن ذلك. فمن خلال التحالف مع إيران، وبدرجة أقل مع الحوثيين، تهدف روسيا إلى إضعاف تماسك حلف شمال الأطلسي وتشتيت انتباه التحالف عن تركيزه الأساسي على الأمن الأوروبي .
ويأتي هذا في حين سعت موسكو إلى كسب ود الفصائل المتحاربة في السودان من خلال توفير الأسلحة ومدربي الشركات العسكرية الخاصة بالتناوب لكل جانب، مع التركيز على إنشاء قاعدة بحرية خارجية في نهاية المطاف على البحر الأحمر في ميناء السودان.
ويمكن النظر إلى دعم الحوثيين كجزء من استراتيجيتها الأوسع لإنشاء جبهات متعددة من التوتر لحلف شمال الأطلسي، مما يؤدي إلى استنزاف موارده وتركيزه الاستراتيجي وسط حرب روسيا المدمرة ضد أوكرانيا.
إن استمرار وتصعيد أنشطة الحوثيين المناهضة للشحن البحري قد يكون له العديد من العواقب طويلة المدى على الغرب. ولمواجهة هذه التهديدات، قد يحتاج حلف شمال الأطلسي والحلفاء الديمقراطيون في آسيا وأستراليا وأماكن أخرى إلى زيادة وجودهم وقدراتهم البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، إلى جانب حلفاء الشرق الأوسط مثل المملكة العربية السعودية الذين امتنعوا حتى الآن عن القيام بذلك .
ولكن الحملة الحوثية لها فائدة ثانوية. ذلك أن التصدي للتهديدات مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ من شأنه أن يدفع حلف شمال الأطلسي إلى الابتكار في التدابير المضادة. ويشمل هذا تطوير قدرات الحرب الإلكترونية المتقدمة، وتحسين أنظمة الدفاع الصاروخي، وتحسين تقنيات الكشف عن الألغام وإزالتها .
ولكن حتى هذا يأتي بتكلفة باهظة. فالإيرانيون والروس والصينيون يدرسون الحوثيين عن كثب ــ ويجب أن نفترض أنهم يتلقون معلومات استخباراتية مباشرة منهم ــ وهو ما يساهم بشكل مباشر في زيادة القدرة والقوة القاتلة لأنظمة الأسلحة المستقبلية.
إن الأنشطة المناهضة للشحن التي يقوم بها الحوثيون تشكل تحديًا كبيرًا. ونحن نتجاهل تصرفات المحور المناهض للغرب المتنامي على حسابنا. وتستفيد هذه الدول الخبيثة بشكل كبير من الأنشطة الحوثية المستمرة، وكل ذلك في الوقت نفسه يقوض المصالح الاستراتيجية والاقتصادية الغربية.
إن أعضاء حلف شمال الأطلسي ليس لديهم خيار سوى تعزيز تدابير الأمن البحري، والابتكار التكنولوجي، وتبني استراتيجيات دبلوماسية واقتصادية شاملة. وسوف يكون نجاح التحالف حاسماً في الحفاظ على الأمن والاستقرار العالميين
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تستغل إطلاق الصواريخ لتوسيع عدوانها و حزب الله يقف خلف الدولة
قبل أيام من زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون باريس حيث سيحضر ملف الجنوب على طاولة البحث من بابه العريض، استغلت اسرائيل اطلاق صواريخ من جنوب لبنان على المطلة ولا يزال مصدر مطلقها مجهول المصدر لتنفذ سلسلة غارات عنيفة على مناطق عدة جنوباً وبقاعاً في محاولة منها لتوسيع عدوانها على لبنان ومتذرعة بالخرق لتبرير تصعيد عسكري، علما أنها لم توقف خروقاتها للبنان منذ توقيع اتفاق وقف اطلاق النار. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء امس انتهاء الموجة الثانية من الغارات على لبنان والتي أدت بحسب وزارة الصحة إلى سقوط 6 شهداء و31 مصابا، ويأتي ذلك بعدما أصدر رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يسرائيل كاتس تعليماتهما للجيش الإسرائيلي بشن موجة من الهجمات ضد "أهداف" لحزب الله. وحملّت وزارة الأمن الإسرائيلية الحكومة اللبنانية المسؤولية، مشيرة إلى أنّ "الحكومة مسؤولة عن كل ما يحدث انطلاقاً من أراضيها"، مضيفة أنّ "إسرائيل لن تسمح بأي ضرر لمواطنيها وسيادتها، وستعمل بكل الطرق لضمان أمن المواطنين الإسرائيليين والمجتمعات الشمالية". وفي تصريح له، قال كاتس: "قانون المطلة هو نفسه قانون بيروت. الحكومة اللبنانية تتحمل المسؤولية عن أي إطلاق نار من أراضيها". وبالتوازي أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي ان "علينا أن نهاجم بقوة في عمق لبنان وفي بيروت نفسها". ونفى حزب الله أي علاقة له بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكداً أنّ "ادعاءات العدو الإسرائيلي تأتي في سياق الذرائع لاستمرار اعتداءاته على لبنان والتي لم تتوقف منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار". وفي بيان، جدد حزب الله "التأكيد على التزامه باتفاق وقف إطلاق النار، وأنّه يقف خلف الدولة اللبنانية في معالجة هذا التصعيد الصهيوني الخطير على لبنان".وبنتيجة التصعيد، كلف الرئيس جوزاف عون وزير الخارجية يوسف رجّي بإجراء اتصالات عربية ودولية لشرح موقف لبنان من تطورات جنوب لبنان،و أكد رجّي "نبذل كل الجهود الدبلوماسية مع أصدقاء لبنان العرب والأجانب لوقف تصعيد إسرائيل". وفي حديث إعلامي أضاف "لا نسعى إلى التصعيد ونعمل لدفع إسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان". وشدد وزير الدفاع ميشال منسى على "رفض لبنان العودة إلى ما قبل وقف اطلاق النار في تشرين الثاني 2024، والتصدي بقوة لمحاولات ضرب جهود الدولة في ترسيخ الأمن والاستقرار على كل الأراضي اللبنانية ولا سيما على الحدود الجنوبية والشرقية، لافتا إلى أنّ الجيش باشر التحقيق في ملابسات إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة". وطالب منسى "الدول الراعية لاتفاق وقف النار بردع العدو الاسرائيلي عن انتهاكاته واعتداءاته المتمادية تحت حجج واهية وذرائع كاذبة مؤكداً على أهمية تفعيل عمل لجنة المراقبة المنبثقة عن اتفاق وقف النار بالتنسيق مع الجيش الذي يؤدي مهامه بجدية ومسؤولية على كل الأراضي اللبنانية"، داعياً اللبنانيين إلى التحلي بالوعي والتنبًه لمحاولات الايقاع بين الجيش والأهالي الصامدين في قراهم وبلداتهم وزعزعة الثقة بينهما، وزرع الشقاق بين الدولة والشعب عبر التهويل والتضليل الذي يمارسه العدو الاسرائيلي". وفيما الغى رئيس الحكومة نواف سلام زيارته إلى صيدا امس واستأنف اتصالاته لمتابعة الأوضاع في الجنوب"، أجرى اتصالاً بالممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان جانين بلاسخارت، مطالباً الأمم المتحدة بمضاعفة الضغط الدولي على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة بشكل كامل، لما يشكله هذا الاحتلال خرق للقرار الدولي 1701، وللترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية الذي أقرته الحكومة السابقة في تشرين الماضي، ويلتزم به لبنان
ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الجيش والسلطات القضائية والأمنية وكذلك لجنة مراقبة وقف اطلاق النار الى المسارعة لكشف ملابسات ما حصل في الجنوب. بري أكدّ "أنّ المستفيد الأول والأخير من جر لبنان والمنطقة إلى دائرة الإنفجار الكبير هي إسرائيل ومستوياتها الأمنية والعسكرية التي خرقت القرار 1701 وبنود وقف اطلاق النار بأكثر من 1500 خرق حتى الأن، في وقت التزم لبنان ومقاومته بشكل كلي بكل مندرجات هذا الإتفاق". وجدد بري "دعوة جميع اللبنانيين وخاصة القوى السياسية الى وجوب تنقية الخطاب السياسي والإلتفاف حول الدولة ومؤسساتها الدستورية والقضائية والعسكرية والأمنية ووعي المخاطر الناجمة عن خلق الذرائع أمام العدو من خلال اثارة النعرات التي تشرع أبواب الوطن للنفاذ من خلالها لضرب لبنان واستقراره وتقويضه كنموذج يمثل نقيضاً لعنصرية اسرائيل". وحضت اليونيفيل جميع الأطراف بشدة على الامتناع عن اتخاذ أي خطوات قد تعرض التقدم المحرز للخطر، خصوصًا في ظلّ تهديد أرواح المدنيين والاستقرار الهش الذي شهدته المنطقة في الأشهر الأخيرة". وتابع بيان اليونيفيل: "أن أي تصعيد إضافي في هذا السياق المتقلب قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة. لا يزال الوضع هشًا للغاية، ونشجع الطرفين على الوفاء بالتزاماتهما. ويواصل جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل أداء مهامهم في كل مواقعهم". وأبدى وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي قلقه إزاء التصعيد على الحدود الإسرائيلية اللبنانية وحث الأطراف بشدة على ضبط النفس"، لافتاً الى أنه "يجب أن نضمن أن يفتح اتفاق وقف إطلاق النار الطريق نحو سلام دائم. المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة لبنان تحت النار بعد إطلاق "صواريخ مجهولة".. و "حزب الله" يقف "خلف الدولة" Lebanon 24 لبنان تحت النار بعد إطلاق "صواريخ مجهولة".. و "حزب الله" يقف "خلف الدولة"