تلعب بحجابها.. قصة بوساحة من المنع الفرنسي إلى الفرصة السعودية
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
حين قررت لاعبة كرة القدم الفرنسية، لينا بوساحه، ارتداء الحجاب خلال شهر رمضان عام 2022، كانت تدرك أن مسيرتها الكروية في بلادها ستنتهي.
وسمح الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) - الهيئة الحاكمة العالمية لكرة القدم - للنساء بارتداء الحجاب أثناء اللعب منذ عام 2014، في حين ظهرت أول لاعبة ترتدي الحجاب في كأس العالم للسيدات العام الماضي.
ورغم ردود الفعل العنيفة، فإن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يمنع جميع اللاعبين ذكورا كانوا أو إناث من ارتداء رموز دينية أو ملابس بارزة تشير إلى ذلك، مثل الحجاب، أثناء المباريات.
وتقول السلطات إن القاعدة، التي أيدتها المحكمة العليا الفرنسية، العام الماضي، تتفق مع القيم العلمانية الصارمة في البلاد.
وأدى حظر ارتداء الحجاب إلى تحطم آمال لاعبات فرنسيات في مواصلة مشوارهن الرياضي الاحترافي ودفع بعضهن إلى الاعتزال تماما، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
لكن بوساحه، الشغوفة بكرة القدم، أصرت على ارتداء الحجاب بشكل كامل حتى أثناء خوضها المباريات مما جعلها تبحث عن رحلة احترافية خارج فرنسا بعد أن لعبت لفريقي باريس سان جرمان وليل.
وقالت اللاعبة الفرنسية لصحيفة "نيويورك تايمز" إن "كرة القدم ليست مجرد لعبة بالنسبة لي. إنها جزء من روحي".
ونشأت اللاعبة البالغة من العمر 25 عاما في واحدة من أفقر ضواحي العاصمة باريس، لأبوين من أصول جزائرية، وهي لاعبة محترفة منذ أن كانت بعمر الـ17.
لكن قراراها المفاجئ بارتداء الحجاب بانتظام يصطدم بلوائح فرنسا التي تمنع اللاعبات من اللعب به.
وكتبت بوساحه على "إنستغرام": "ديني وسلامي الداخلي وروحانيتي أولوياتي، وتأتي هذه قبل ملذاتي الدنيوية مثل كرة القدم ومسيرتي المهنية كلاعبة محترفة. لا شيء يمنع القيام بكلا الأمرين، حتى لو كان الأمر معقدا (هنا في فرنسا)".
وفي ديسمبر 2022، اتصل بها وكيلها بعد حصوله على عرض غير متوقع من النصر، وهو ناد سعودي شهير أسس مؤخرا فريقا نسائيا، بعدما تابع شخص ما في النادي قصتها على إنستغرام.
وقال مدرب فريق سيدات النصر، عبدالعزيز العلوني، "عندما شاهدتها تلعب، رأيت إمكاناتها".
وأضاف: "عندما يتخلى شخص ما عن شيء ويعود إليه، فإنه سيفعل كل شيء ليكون قويا". ويصفها العلوني بفخر بأنها أفضل لاعبة لديه في النصر الذي يلعب كريستيانو رونالدو لفريقه الرجالي.
وسجلت بوساحه أهدافا عدة خلال موسم 2022-23 ولعبت دورا محوريا في أن يصبح الفريق أول بطل للدوري السعودي للسيدات.
وخلال الموسم اللاحق الذي توج فيه النصر أيضا بلقب ثان على مستوى دوري السيدات، حصلت بوساحه على جائزة أفضل لاعبة بالمسابقة.
والعام الماضي، تلقت بوساحه أول دعوة لها للعب في كأس الأمم الأفريقية للسيدات 2025 مع المنتخب الوطني الجزائري.
وتعترف بأنها لا تلعب بالمستوى الذي كان من الممكن أن تحققه مع نادٍ فرنسي، أو في أي مكان آخر في أوروبا، لكنها تقدّر المجتمع الجديد الذي وجدته.
وقالت بوساحه: "الأمر يتعلق باللعب بحجابي مرة أخرى.. والتواجد في ناد محاط بالفتيات يلعبن كرة القدم".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: ارتداء الحجاب کرة القدم
إقرأ أيضاً:
رمضان.. بين غفلة النادم وشكر المدرك للفضل!
جميل القشم
ها هو رمضان، الزائر الذي ننتظره عاما كاملا، يدخل بيوتنا وقلوبنا محملا بالبركة والرحمة، لكنه ما يلبث أن يمضي بخفة، تاركا أثرا عميقا في نفوس من وعى قيمته. في المقابل، يبقى حسرة في قلوب من فرط في لحظاته الثمينة.
الأيام تمضي سريعا، ومع كل رمضان يرحل نجد أنفسنا بين نادم لم يغتنم الفرصة، وهناك من يكون شاكرا أدرك الفضل وعاش أيامه ولياليه كما ينبغي، الفرق بينهما ليس سوى وعي بقيمة الوقت في هذا الشهر الكريم.
ليس هذا الشهر كسائر الأيام، فالساعات فيه غالية، والأعمال قد تكون الفارق بين العتق من النار أو البقاء في دائرة الغفلة، ومع ذلك، كم من الناس يمر عليهم رمضان كغيره من الشهور، منشغلين بدنياهم، غافلين عن كنوزه، يتناسون أن الفرصة التي بين أيديهم قد لا تتكرر، وأن العمر قد لا يمهلهم حتى يعودوا لما فاتهم.
نحن الآن في أيام رمضان المباركة، حيث الأجواء مفعمة بالإيمان والروحانية، والأبواب مفتوحة لمن أراد أن يتقرب إلى الله. الفرصة ما زالت سانحة، واللحظات بين أيدينا، فكيف سنغتنمها؟ العبرة ليست فقط بالبدايات، بل بالاستمرار في الطاعة والحرص على أن يكون هذا الشهر نقطة تحول في حياتنا.
هناك من يملأ نهاره بالصيام وذكر الله، وليله بالقيام والدعاء، فيعيش رمضان بروحه وجسده، ويشعر بحلاوة الطاعة ولذة القرب من الله، وعلى الجانب الآخر، هناك من يضيع أوقاته فيما لا ينفع، منشغلا بأمور تبعده عن جوهر هذا الشهر الكريم، الفرق بينهما هو إدراك القيمة الحقيقية لرمضان، فهل سنكون من المدركين أم الغافلين؟
الفرصة ما زالت قائمة لمن أراد أن يلحق بركب الصالحين، التوبة الصادقة مفتاح البداية، والإقبال على القرآن يجعل للوقت بركة ومعنى. القيام بين يدي الله في جوف الليل باب من أبواب الرحمة، والصدقة طريق لتطهير النفوس ونشر الخير. كل عمل صالح في هذا الشهر يفتح لنا أبواب الأمل ويضعنا على طريق الفلاح.
رمضان ليس مجرد أيام نعيشها، بل فرصة عظيمة لإعادة ترتيب أولوياتنا وتصحيح مسارنا. هو موسم الطاعات الذي يمنحنا طاقة إيمانية تعيننا على باقي العام، فمن وعى ذلك، عاش رمضان كما ينبغي، ومن غفل عنه، فقد خسر كنزا لا يعوض.
ما زالت أمامنا لياليه وساعاته، فهل سندرك قيمتها ونحسن استغلالها؟ أم سنتركها تمضي دون أن نخرج منها بتغيير حقيقي؟ الخيار بأيدينا، فلنغتنم رمضان بكل ما فيه، حتى يكون شاهدا لنا لا علينا.