شعبان بلال وعبدالله أبوضيف (واشنطن)
في واقعة غطت على الأحداث العالمية، فوجئ العالم بمحاولة اغتيال للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أثناء خطابه الانتخابي في إحدى أكثر الولايات الحاسمة في الانتخابات الأميركية، بنسلفانيا، قبل أيام من قبول الترشيح الرسمي للحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة في هجوم سيزيد من تأجيج الانقسام السياسي الأميركي، ويثير تساؤلات بشأن فرص كل من ترامب وبايدن في الانتخابات.


اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد مصالحة، أن حادثة استهداف ترامب ليست سابقة فريدة من نوعها في تاريخ السياسية الأميركية، وكان ضحيتها رؤساء عاملون، موضحاً أن المجتمع الأميركي يعج بالخلافات السياسية التي قد ينتج عنها مثل هذه الحوادث. 
وأضاف لـ«الاتحاد» أن ترامب شخصية جدلية وقادر على الصراع مع خصومه السياسيين، وأن الحزب الجمهوري يدعم ترامب؛ لأنه أكثر شخصية نافذة يقدرها الحزب ويرغب في دعمها للترشح مرة أخرى. 
ولفت إلى أن محاولة اغتيال ترامب تخلق مزيداً من التعاطف، لأنه أصبح كما لو كان ضحية لخصومه السياسيين على مستوى النخبة والأفراد الذين يخالفون سياساته، مؤكداً استفادة ترامب من هذا الحادث وتوظيفه إعلامياً، خاصة أنه على مقربة من الانتخابات.
وقال الخبير السياسي والاستراتيجي الدكتور عامر السبايلة إن هذا الحادث لا يمكن السكوت عنه؛ لأنه يستهدف رئيساً سابقاً للولايات المتحدة والمرشح الأبرز في الانتخابات الرئاسية والذي لم يتوقف خلال مسيرته من تصدر المشهد الانتخابي. 
وأضاف لـ«الاتحاد» أن هذا الحادث يلقي المسؤولية على أجهزة الأمن وإدارة بايدن نفسها، ويضع ترامب في نقطة قوة، موضحاً أن ترامب بلا شك تحول من الصورة التي كانت ترسم له من المتهم في قضايا إلى ضحية نظام أمني واستهداف وتحشيد ضده. 
وشدد على أن ذلك ينعكس على شعبية ترامب في الداخل وعلى موقف بايدن وإدارته المضطرة إلى أن تتخندق في زاوية دفاع وليس هجوماً، بالإضافة إلى تكيف العالم مع ترامب، وأن هذه الحادثة يمكن أن تشكل بداية حملة مؤازرة على المستوى الدولي.
من جهتها، اعتبرت مرح البقاعي العضو الناشط في الحزب الجمهوري الأميركي أن الحادث مفجع وصادم للمجتمع الأميركي الذي ظن أنه ودع حوادث العنف السياسي منذ محاولة اغتيال الرئيس ريجان قبل أكثر من أربعين عاماً. 
وأضافت لـ«الاتحاد» أن ما حدث لترامب سيؤدي إلى تغييرات كبيرة في السباق الانتخابي من الناحية الأمنية، وأن إجراءات الأمن ستشهد تشديداً كبيراً، خاصة بعد الانتقادات التي وجهت إلى الفريق الأمني المحيط بترامب. من جانبها، قالت الباحثة في العلاقات الدولية نورهان أبو الفتوح إن المشهد الأميركي اتسم بالتوتر في ضوء احتدام المنافسة بين الرئيسين الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب، خاصةً بعد المناظرة الأخيرة بين المرشحين للانتخابات المقبلة، وازداد المشهد توتراً مع إطلاق النار على ترامب خلال مؤتمر جماهيري له في ولاية بنسلفانيا.
وأوضحت لـ«الاتحاد»، أن  الحادثة تكشف عن تصاعد عدم الاستقرار الأمني في الداخل الأميركي، حيث بدأ مؤيدو ترامب توجيه أصابع الاتهام إلى بايدن، وهو ما ينذر بمزيد من شدة الاحتقان بين المرشحين السياسيين ومؤيدي كل منهم.
ولفتت إلى أن هذه الحادثة يمكن أن توثر  على شعبية حملة ترامب الذي دائماً ما كان يؤكد أهمية تحقيق الأمن، منتقداً سياسات بايدن الأمنية سواء الداخلية أو الخارجية، مثل السياسات الحدودية، وخاصة الهجرة مع المكسيك، متهماً إياه بتهديد الاستقرار الداخلي.
وأشارت نورهان أبو الفتوح إلى أنه على الرغم من احتمال تأثر شعبية ترامب، إلا أن الاحتمال الأكبر يشير إلى أن هذا الحادث يأتي في توقيت يواجه فيه الرئيس الأميركي جو بايدن بالفعل تحديات عدة، في ظل الانقسام الداخلي بين الديمقراطيين بشأن تأييد ترشح بايدن للانتخابات وتزايد المطالبات بالانسحاب بعدما وصفوا أداءه في المناظرة أمام ترامب بالضعيف، والأقل من توقعاتهم، إلا أنهم لم يتمكنوا حتى الآن من التوصل إلى بديل موثوق به. ولذلك، توقع الكثير من الجمهوريين أن يعزز الحادث دعم الرئيس السابق، ويحفز قاعدته الانتخابية على المشاركة في الانتخابات المقرر في نوفمبر المقبل.
في السياق نفسه، قال حازم الغبرا، مستشار سابق في الخارجية الأميركية، إن من الواضح أن الشارع الأميركي لم يستوعب بعد الحجم الحقيقي لما حدث ومدى خطورته. 
ويعزو المسؤول الأميركي السابق جزءاً كبيراً مما حدث إلى الخطاب السياسي المتوتر والمشحون الذي ساد في السنوات الأخيرة.
وقال الدكتور نبيل ميخائيل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، إنه رغم أن الاستنتاجات قد تكون مبكرة إلا أن النتائج واضحة حتى الآن فيما يتعلق بمحاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وأشار إلى نقاط رئيسية عدة، من أهمها أن تؤدي الواقعة إلى زيادة شعبية ترامب وتعاطف الجماهير معه، حيث يظهر ترامب الآن كضحية لهجمات إعلامية شرسة، ويُعتقد أن هذه الهجمات قد دفعت بعض المتطرفين إلى محاولة التخلص منه جسدياً. 
وأشار إلى أن الاتهامات المتعلقة بأعمال العنف السياسي كانت موجهة بشكل رئيسي إلى اليمين الأميركي والتيار الشعبوي المحافظ. 
وقال: «مع ذلك، تُظهر هذه الحادثة أن العنف يمكن أن يأتي من كلا التيارين، اليمين واليسار. من المتوقع أن يتركز النقاش الآن على ظاهرة العنف في الحياة السياسية الأميركية، مع الاعتراف بأن العنف يحدث من جميع الأطراف».

أخبار ذات صلة كيف تؤثر محاولة اغتيال ترامب على انتخابات الرئاسة؟ ردود فعل قادة العالم على محاولة اغتيال ترامب

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: دونالد ترامب محاولة اغتيال محاولة اغتیال فی الانتخابات لـ الاتحاد هذا الحادث إلى أن

إقرأ أيضاً:

بعد رفض رسالة ترامب.. التوتر الإيراني الأميركي إلى أين؟

طهران- رغم حسم طهران موقفها الرافض للتفاوض مع الإدارة الجمهورية الأميركية فإن رسالة الرئيس دونالد ترامب إلى المرشد الإيراني علي خامنئي بشأن برنامج طهران النووي أثارت ردود فعل واسعة في البلاد.

فعلى وقع تصريحات كل من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ووزير خارجيته عباس عراقجي حول عدم التفاوض مع إدارة ترامب بسبب إعادته فرض سياسة "أقصى الضغوط" على طهران، يرى مراقبون -في مسارعة البعثة الإيرانية بالأمم المتحدة إلى الإعلان أنها لم تتلق أي رسالة من واشنطن- دليلا على أن هناك من ينتظر وصولها بفارغ الصبر.

ومع ذلك، فإن الجانب الإيراني لم ينتظر وصول الخطاب الأميركي للرد عليه، إذ كشف ترامب -في مقابلته مع قناة فوكس بيزنس- عن فحواه، مؤكدا بالقول "هناك طريقتان للتعامل مع إيران: عسكريا، أو إبرام اتفاق" وذلك لمنعها من امتلاك أسلحة نووية.

وعلى الصعيد الرسمي، عارض خامنئي -لدى استقباله حشدا من كبار المسؤولين في بلاده أمس السبت- "التفاوض تحت ضغط البلطجة" معتبرا أن العرض الذي تقدمت به واشنطن لبدء المفاوضات يهدف إلى "فرض رغباتها وليس حل القضايا".

نافذة للسلم

وبغض النظر عن اللهجة المستخدمة في الخطاب الأميركي، فإن مبادرة ترامب -بدعوة الجانب الإيراني للجلوس على طاولة المفاوضات لحل القضايا الشائكة بينهما- تطرح تساؤلا في الأوساط السياسية بطهران عما إذا كان الوقت قد حان لتغليب الحكمة وتبني نهج التعاون بدلا من المواجهة بعد مرور أكثر من 4 عقود من القطيعة.

إعلان

وفي مقاله تحت عنوان "رسالة ترامب للمرشد هل تشكل نافذة للسلم؟" يكتب عباس آخوندي السياسي الإصلاحي والوزير السابق للطرق والتنمية الحضرية -في صحيفة "شرق" الناطقة بالفارسية- أن جميع النزاعات الدولية ستنتهي يوما عبر الحوار، وأنه يرى الوقت مناسبا لوضع حد للجدل المتواصل منذ 45 عاما بين إيران والولايات المتحدة.

فبعد ظهور الأنظمة السياسية عقب الحربين العالميتين في القرن العشرين يتجه العالم اليوم نحو تكوين نظام عالمي حديث تنهار خلاله التحالفات، على غرار الشرخ في العلاقات الأميركية الأوروبية هذه الأيام، يحل التعاون على المديات القصيرة ولأهداف أمنية واقتصادية محددة محل التعاون بعيد المدى -كما يقول آخوندي- وهذا ما يشهده العالم في برنامج السلام بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين والذي يشكل النواة الأساسية لمقترح ترامب حيال إيران.

ولدى إشارته إلى أهمية التنافس الاقتصادي في النظام العالمي الحديث وتغلبه على عنصري السياسة والأمن، يعتقد آخوندي أن النظام العالمي الحديث ورغم مواصفاته الجائرة والطبقية المكرسة فيه يوفر فرصا لا ينبغي التفريط بها حفاظا على المصالح الوطنية، فينصح الكاتب الجهات المعنية في بلاده باختبار إرادة ترامب قبل الرد النهائي على طلبه لعله يشكل نافذة للسلم بين البلدين.

سياسة المواجهة

ولعل رسالة ترامب إلى المرشد الإيراني تكون فريدة من نوعها إذ أن الجهة المرسلة كشفت عما تتضمنه قبل تسليمها إلى الطرف الأخر، وبينما يعتبرها مراقبون في طهران دليلا على أهمية الصورة الإعلامية لدى ترامب في مواجهة شتى الملفات، يفسرها آخرون على أن الرئيس الأميركي على عجلة من أمره بخصوص الاتفاق مع إيران على غرار رؤيته للملف الأوكراني.

وبالرغم من أن ترامب سبق وبعث رسالة إلى المرشد الإيراني عام 2019 رفض خامنئي تسلمها من ضيفه رئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي، فإن الجانب الغربي لم يسلك طريقا مختلفا لمخاطبة الإيرانيين بعد مرور 5 أعوام، فتجاهل بادئ الأمر رغبة حكومة بزشكيان في التفاوض ثم وقع مرسوما رئاسيا يقضي بعودة سياسة أقصى الضغوط ضد طهران، وتعمد الإعلان عن فرض جولات جديدة من العقوبات على عدد من القطاعات الإيرانية قبل دعوتها للتفاوض.

إعلان

وفي غضون ذلك، يقرأ علي بيكدلي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشهيد بهشتي الكشف عن رسالة ترامب وتركيزه على سياسة "العصا والجزرة" في سياق المساعي الرامية لإقناع الرأي العام بأن الرئيس الأميركي قام بما كان عليه قبل الانتقال إلى الخطط التالية.

وفي مقابلة مع صحيفة "آرمان ملي" يقول بيكدلي إن ترامب يحاول رد الجميل على اللوبيات اليهودية التي دعمته إبان حملته الانتخابية ولا يرى ضيرا في تبني سياسة تمكنه من الوصول إلى أهدافه بعيدا عن المبادئ السياسية والأعراف الدولية، فيقوم بالتهديد والضغط من جهة لجر الطرف المقابل إلى طاولة المفاوضات لكسب الامتيازات التي يتخيلها في رأسه.

ومع ذلك، يعتقد الأكاديمي الإيراني أن الفرصة ما تزال سانحة أمام طهران لتبني طريق وسط يقطع الطريق على الأعداء ويبقي بعض الأبواب مفتوحة، فينصح بالانخراط في مفاوضات غير مباشرة عبر وسيط أوروبي، ذلك أن طهران تشاطر العواصم الغربية رأيها بأن الخيار العسكري ليس سبيلا مناسبا لحل الملفات الراهنة.

قاتل سليماني

وبينما تطالب شريحة من الإيرانيين بتكرار تجربة 2015 التي توجت مفاوضات طهران مع المجموعة السداسية (الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا إلى جانب الصين وروسيا) بتوقيع الاتفاق النووي، يعارض صقور المحافظين مبدأ التفاوض مع ترامب الذي انسحب من الاتفاق بشكل أحادي وذهب بالعلاقات المتوترة بين طهران وواشنطن إلى حافة الهاوية باغتياله القائد السابق لفيلق القدس بالحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني عام 2020 قرب مطار بغداد الدولي.

من ناحيتها، تساوي صحيفة "كيهان" المحافظة المقربة من مكتب المرشد، بين التفاوض مع ترامب ورفع الراية البيضاء أمامه نظرا لتجربة طهران مع إدارته السابقة والتسريبات الإعلامية عما ورد في رسالته إلى طهران، فإنه لن يقف عند حد الملف النووي ويطالب بالتخلي عن البرنامج الصاروخي وتفكيك محور المقاومة.

إعلان

وتحت عنوان "دعوة ترامب للتفاوض أم ذر الرماد في العيون؟" تكتب صحيفة كيهان بافتتاحيتها أن ترامب 2025 هو كما كان بولايته الأولى، فيراهن هذه المرة على إثار الامتعاض الشعبي داخل إيران للضغط على طهران من أجل التراجع أمام غطرسة واشنطن.

ووفقا للصحيفة، فإن ترامب على يقين بأن القيادة الإيرانية ترفض التفاوض معه لكنه يبعث برسالة لوضع الكرة في الملعب المقابل، وأن حديث وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت -بأن واشنطن ستجعل إيران مفلسة مرة أخرى- يدل على الحسابات الخاطئة لإدارة ترامب.

وعلى الرغم من أن صحيفة كيهان تتوعد بهزيمة ضغوط الإدارة الجمهورية على طهران، لكن هناك من يتساءل عن خطط طهران لليوم التالي في حال تعرضت منشآتها النووية لهجوم أميركي إسرائيلي کما تتدرب قواتهما علی محاكاته باستمرار.

مقالات مشابهة

  • خبراء السيارات يحذرون من شراء تسلا: فكروا مرتين
  • الاستخبارات الأمريكية تمنع وصول مسؤولي بايدن السابقين إلى المعلومات السرية
  • مرشح اليمين المتطرف الروماني يستأنف ضد قرار حظره من الانتخابات الرئاسية
  • اليمين المتطرف بألمانيا.. تهديد لمستقبل المهاجرين أم دافع للانخراط السياسي؟
  • خبراء: فيلة بورنيوم مهددة بالانقراض
  • بعد رفض رسالة ترامب.. التوتر الإيراني الأميركي إلى أين؟
  • رومانيا تمنع المرشح اليميني كالين جورجيسكو من خوض الانتخابات الرئاسية
  • مجلة أمريكية: تصنيف ” الحوثيين” مجرد استعراض لإدارة ترامب لمحاولة تمييز نفسها عن بايدن
  • منع مرشح اليمين المتطرف كالين جورجيسكو من الترشح في الانتخابات الرئاسية الرومانية بسبب مزاعم تدخل روسي
  • إلغاء الإعفاء الأميركي يفتح أمام الخليج للتأثير في الانتخابات العراقية