قضايا النوع: قولن إنتن شن عرفتن!
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
محمد بدوي
(١)
خلال الأسبوع الأول من يوليو ٢٠٢٤ وخلال متابعتي للشأن السوداني، توقفت عند ثلاثة أحداث مرتبطة بأدوار ومشاركات النوع، في السياق المرتبط براهن الحرب المستمرة منذ عام يزحف نحو النصف الثاني، ولعل تلك الأحداث دفعت بعدة أسئلة حول وضع النساء السودانيات في الحروب المختلفة منذ تاريخ الاستقلال، المشاركة السياسية والأخرى المرتبطة بتحديد الأدوار ومناصرة القضايا والمداخل لذلك، مع الأخذ في الاعتبار بأن الصبيات والنساء الأكبر والكتلة الثابتة في سجل الانتهاكات المرتبطة بالسياسات والصراعات السياسية المسلحة.
(٢)
الحدث الأول هو مؤتمر حوار المرأة السودانية، الذي سهله الاتحاد الأفريقي لينعقد بمدينة كمبالا اليوغندية في الفترة من ٣- ٥ يوليو ٢٠٢٤، شعار المؤتمر هو تسهيل الحوار بين النساء السودانيات، يساهم في الخروج بمعايير لاختيار النساء للتمثيل في عملية السلام، شهد المؤتمر إبعاداً للأستاذة أميرة الفاضل الوزيرة السابقة والمنتدبة للالتحاق بأحد أجهزة الاتحاد الأفريقي باحتجاج من بعض المشاركات، وكذلك عراك محدود بين إحدى المشاركات مريم حامد حسب المتاح من المعلومات بأنها عضوة مستقيلة من حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي، فيما ذهب بعض المشاركات إلى الإشارة إلى ارتباطها بالدعم السريع، لم يتمكن كاتب المقال من التحقق من ذلك، انتهت الحالة بالمفاضلة بين أبعادها أو انسحاب المشاركات الأخريات، بشكل مبدئي توقفت عند اللقب الذي أطلق عليها (جنجويد) ملحقا باسمها الأول، لا يستقيم لن يكون الجنجويد امرأة؛ لأنه أول من استهدفهن هن النساء والصبيات، فإن يكوم الجلاد من النساء فهي بداية تصدير الهزيمة على نسق (الواد.
(٣)
الحدث الثاني * نشر منصة السياسات والشفافية لورقة بعنوان منظور نسوي للنزاع المسلح في السودان للباحثة السودانية زينب عباس البدوي، في تقديري أن الورقة تمثل إضافة وقراءة محترفة لتحولات أوضاع النساء السودانيات بخلفية لما قبل الحرب، ومعوقات المشاركة السياسية، والحلول التي تعزز من دورهن وعدم اقتصاره على دورهن، بل بنظرة عكست مفهوم الرؤية التي تشمل كل الأطراف، واستفدت زينب على أنهن الأكثر لعرضه لمسارات عدم الاستقرار بالسودان سواء النساء أو الصبيات.
(٤)
الحدث الثالث هو الحوار الذي أجرته قناة الجزيرة القطرية مع القيادية الإسلامية السودانية الأستاذة سناء حمد، وملخص الحوار كشف عن دعوة الإسلاميين السودانيين إلى الدعم السريع للحوار مع رفض لأي دور لكتلة تقدم المدنية، أي بشكل آخر محاولة للعودة إلى ما قبل ١٠ أبريل ٢٠١٩ أو العودة إلى السلطة الثنائية بين الإسلاميين والدعم السريع، عطفا على ذلك فقد كشفت مصادر إخبارية في وقت سابق عن اتصال من الإسلاميين بدولة الإمارات بهدف التفاوض السياسي.
(٥)
بالعودة إلى مؤتمر كمبالا فالسؤال الذي يثور حول ضوابط الاتحاد الأفريقي للتعامل مع القضايا المشاركة بحصافة، فالأستاذة أميرة الفاضل وزيرة سابقة بالسلطة التنفيذية لنظام الحركة الإسلامية، ثم انتدبت للعمل بالاتحاد الأفريقي وهي وظيفة يتم اعتمادها بموافقة الحكومات، وفقا لحيثيات المشاركات اللائي رفضن مشاركتها، فقد دفعن باعتبارها بنظام المؤتمر الوطني، بما يجعل مشاركتها معدومة الحساسية في ظل الوضع السياسي الراهن بالسودان، في السياق الطبيعي والحساسية موضوع الورشة فان مشاورات المشاركين حول القوائم ومراعاة المعايير للحضور بما فيها الخلفيات السياسية أمر مهم لارتباط الأمر بجند مشاركة النظام السابق المحلول، والذي ثار عليه الشارع السوداني، أضف إلى ذلك الخلل الذي ظل يتكرر في النهج الفوقي للتمثيل مع تغييب لمشاركة أو صوت القواعد.
(٦)
بالعودة لسناء حمد، فقد مثل لقائها التلفزيوني الظهور الثاني المؤثر سياسيا حيث دفعت قبل فترة بتصريحات ذهبت إلى مشاركتها في عمليات محاسبة لبعض جنرالات الجيش على خلفية سقوط نظام المؤتمر الوطني، كلا الحدثيين وجدت سناء ردود أفعال منتقدة، فتوظيف عامل الجندر في ظهورها ساهم في ذلك وهو تكتيك يشير إلى تخطيط من قيادة الحركة الإسلامية لعدم الكشف عن قيادتها الحالية وإحداث أثر عبر سناء بناء على منصة الجندر التي تنتمي إليها ولا سيما أن النساء أدين دورا كبيرا في ثورة ديسمبر ٢٠١٨، والاستفادة من ذلك الزخم للإشارة بأن الإسلاميين على وعي بأن النساء لا يمكن تجاوزها، فضلا عن محاولات سناء للظهور بمظهر حداثي وتقديم النساء كقياديات، وفي مجالات حساسة كالحديث عن الجيش.
(٧)
مساهمة زينب عباس تشكل ركيزة بين النظري والواقع الذي يمثله عدم تراجع القدرات القيادية والأجندة التي يمكن أن توحد النساء حول القضايا المرتبطة بالمشاركة والقضايا الأساسية التي تقف على منصة إن غالب ضحايا النازعات والتراجع الاقتصادي والحصانات القانونية والحرب الراهنة من النساء، مع الأخذ في الاعتبار أن ثورة ديسمبر ٢٠١٨ قدر فيها مشاركة النساء ب٦٠٪ بصيغة أخرى هن الضحايا التاريخيات والفاعلات الراهنات والمؤثرات في سياق المشاركة.
(٨)
بالنظر إلى ما اعترى مؤتمر كمبالا من حالات مغادرة قاعة المؤتمر، وظهور الأستاذة سناء حمد وفحوى خطابها الذي غابت عنه العدالة في تعزيز لاستغلال الجندر سياسيا من أجل عودة الإسلاميين للسلطة، فذلك يكشف اختلال العلاقة بين قضايا الجندر والحقوق باعتبارها أضعف في ترابطها من علاقة الجندر والانتماء السياسي، وهو ملخص للصورة الفوقية أو النمط الصفوي في التعامل مع قضايا النوع ومشاركتهن.
(٩)
يظل غياب المنهج الذي يخاطب قضايا الجندر والحقوق هو المؤثر، ولعل مرد ذلك في تقديري هو منهج المشاركة الفوقي كما أشرت، ومن ناحية ثانية النظر إلى المشاركة بالنسب المئوية، وليست المشاركة المتساوية، بالإضافة إلى أن الغياب الطويل للعدالة وعدم ترتيب الأجندة التي تعزز دستوريا للمشاركة المتساوية والانخراط نحو مناقشة نسب المشاركة في وثائق فرعية شكلت دافعا آخر استهدف مفهوم الاستحقاق لينزلق نحو مفهوم المنحة، كما أن مجرد التلويح بفكرة عودة النظام السابق بالتحالف مع الدعم السريع كما يسعى إليه الإسلاميون يعني مزيدا من القهر والانتهاكات تجاه النساء والصبيات بشكل غالب.
badawi0050@gmail.com
الوسوممحمد بدويالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: محمد بدوي
إقرأ أيضاً:
الحرب من وجهة نظرهن.. الناشطة سلمى منصور: النساء هن الفئة الأكثر تضرراً
الناشطة سلمى منصور: النساء هن الفئة الأكثر تضرراً من الحرب ودفعن الثمن بالتهجير والاغتصابات والاعتقالات.
الوسومالاغتصاب الحرب السودان الناشطة سلمى منصور