دراسة: الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية يؤثران سلباً على الذاكرة
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
أعلنت منظمة الصحة العالمية في عام 2023 أن الشعور بالوحدة يمثل "مشكلة صحية عامة عالمية"، تؤثر على نحو 1 من كل 4 من كبار السن. وجدت دراسة كندية حديثة أن كلاً من العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة يمكن أن يؤثر سلباً على الذاكرة، مما يضيف إلى مجموعة الآثار الصحية السلبية المرتبطة بهذه الحالة، مثل زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، والقابلية للاكتئاب والقلق.
أجريت الدراسة الحديثة في جامعة واترلو ونشرتها "نيوزويك"، حيث فحص الباحثون مجموعات مختلفة من العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة لدى المشاركين، وتم تتبع قدرات الذاكرة لديهم لمدة 6 سنوات. تم تقسيم المشاركين إلى أربع مجموعات: العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة؛ والعزلة الاجتماعية فقط؛ والشعور بالوحدة فقط؛ وعدم العزلة الاجتماعية أو الشعور بالوحدة. ووجدت الباحثة الرئيسية جي وون كانغ أن الأشخاص المعزولين اجتماعياً ووحيدين يعانون من أكبر تدهور في الذاكرة، والذي اشتد على مدار السنوات الست.
أظهرت النتائج أن الوحدة وحدها كان لها تأثير كبير على الذاكرة، حتى أكثر من العزلة الاجتماعية فقط. وأشارت كانغ إلى أن العديد من الدراسات السابقة ركزت على مخاطر العزلة الاجتماعية دون النظر في تأثير الشعور بالوحدة. هذه النتائج تعزز الحاجة إلى النظر في الوحدة كعامل مهم يمكن أن يؤثر على الصحة العقلية والذاكرة بشكل خاص.
واقترح الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من العزلة الاجتماعية ولكنهم ليسوا وحيدين قد يحفزون قدراتهم العقلية من خلال الأنشطة الفردية مثل القراءة والألغاز والهوايات. تأمل كانغ أن تسلط هذه النتائج الضوء على ضرورة توفير برامج مجتمعية لكبار السن الذين يعانون من الوحدة ولديهم ظروف صحية تمنعهم من التواصل مع مجتمعهم، بهدف تحسين نوعية حياتهم وتقليل تأثيرات الوحدة والعزلة على ذاكرتهم وصحتهم العقلية.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الشعور بالوحدة
إقرأ أيضاً:
دعوة للالتفاف بدثائر العزلة
بسم الله الرحمن الرحيم
في الحق أنا لا أفهم كنه صلاتي التي تربطني بمحيطي أو أسيغها، كما ينبغي أن تفهم أو تساغ، والصلات التي تحرك الحياة وتسيرها، مهما قلت عنها، وعن سذاجتها وجهالتها في بيئتي، فهي في جوهرها، لا تختلف عن تلك الوشائج التي جمعتني بعوالم مغايرة لعالمي الذي أعيشه الآن، فمهما تفاوتت في تأثيرها، ووهجها، وظلالها، ووقعها على نفسي، فهي تتفق في حزنها وأساها، وفرحها وطربها، تماما مع عالمي الذي كنت أعيشه، رغم أن عالمي ذاك كان مختلف الألوان والألسنة.
ولعل الشيء الذي أبعد عن الجدال والخلاف أننا مطالبين بذلك النشاط الوجداني الذي فرضته أعراف الحياة، فليس لنا أن نعيش في قوام تلك المجتمعات، دون أن ننصهر في بوتقتها، أو نعتزلها، أو نمنعها، أو حتى نراقبها ونقيدها في أضعف الإيمان، كلا ليس هذا متاحاً لنا، العزلة التي تبتغيها وتنشدها، لا تسمح بها هذه الحياة، لأن المجتمعات لا تطمئن لأصحاب العزلة النفسية، وترتاب في أمرهم أشد الارتياب وأعنفه، رغم ما للعزلة من دعائم وطيدة بالفلسفة وصلات وثيقة بالحكمة، وما "للمعتزل" من صفات تختلف عن "المجتمعي" في الغرائز، والطباع، وألوان السلوك، وفي علاقة الإنسان بربه، فالمعتزل يرضي عقله بتلك العزلة التي يأثرها عن غيرها، وتسمو بها روحه، وينوء عن طريقها بنفسه عن مخالطة الناس وما ينجم عن تلك المخالطة من تشاحن وصراع، وما يصاحب هذا النشاط الاجتماعي من قهر وكتم للأنفاس.
ليس من ريب، ألا نتفق فيما بيننا على أسباب صحيحة، أو علل ثابتة، بخصوص هذا الموضوع الشائك، ولكن تعرجاته وعقابيله تلك، مدعاة إلى بقاء موضوع "العزلة" على بساط البحث، ورغم أن "العزلة" مجال القول فيها ذو سعة، لكن الغالب على الظن" عندنا" أن العزلة أبلغ وقعاً، وأعمق تأثيراً، في نفوس أصحابها، وأن بحوث علماء النفس والاجتماع وتحقيقاتهم تشتمل على كثير من الغلو والشطط ومجانبة الصواب، فالعزلة ليست مرضاً فتاكاً يودي بالمجتمعات أيها السادة، ليست هي داء نجيس مجلوب من الخارج، بل هي متأصلة في تراثنا الفكري، كما لا علاقة للعزلة بمزاعم مناهضة الدين الخاتم، فالحقيقة التي يجهلها الكثير من الناس أن العزلة نشأت في كنف الدين.
الواجب الذي لا مناص عنه إذن أن نزكي من دوحة العزلة، وأن نجعل عروقها تمتد وتستطيل في مناهجنا وتربيتنا.
دعونا نلقن الأجيال القادمة أن ايثار الحياة الضيقة المغلقة، يعينك على فهم نواحي هذه الدنيا الفانية، وأن العزلة هي التي تردك إلى الحياة، وتنقذك من هذه الجلبة، ومن هذا النفاق المفروض عليك، العزلة تسمح لنا وللأجيال القادمة أن نستقبل صدر أيامنا ونحن مبتهجين بها، راضين عنها، مغتبطين بما يتاح لنا فيها من العمل، وبما يساق إلينا من الخير، العزلة هي التي تجعل طابع حياتنا قوامه المحافظة والاستقرار، والبعد كل البعد عن الصخب والعنت والشقاء.
د.الطيب النقر
nagar_88@yahoo.com