بوابة الوفد:
2024-08-16@02:47:54 GMT

هجرة فنانين..لا هجرة فن

تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT

رغم كونه مصدرا للرزق ومنبعا للخير ومصدرا للثراء، فإن مصطلح «النفط» يعكس مشاعر منفرة فى القاموس الجمعى للعرب، إذ يُدلل عموما على الحضارة المصطنعة والجمال، والإبداع المُستأجر، ويراه البعض سببا للإتكالية، ودافعا للدعة والسكون، وسبيلا للإفساد.

وليس أدل على ذلك من أن الشاعرة الكويتية، بنت الخليج نفسه، سعاد الصباح، تقول فى إحدى قصائدها «ثُم حلت لعنة النفطُ علينا/ فاستبحنا كل ما ليس يُباح».

وهذا الشاعر الجميل نزار قبانى، رحمه الله، يتحدث على لسان أنثى عربية تنتقد الثراء السهل الخالي من التحضر والوعى، فيقول:» متى يا سيدى تفهم؟ بأنك لن تخدرنى بجاهك أو إماراتك/ بنفطك وامتيازاتك/ وبالبترول يعبقُ من عباءتك/ وبالعربات تطرحها/ على قدمى عشيقاتك».

من هُنا، فإن الرأى العام، فى أغلبه يضيق كثيرا بخبر، أو إعلان، أو جدل بشأن مشاركة المبدعين المصريين فى مشروعات صناعة السينما والطرب فى مجتمعات نفطية مجاورة لم يكن لها علاقة بالفن، بل كانت على عداء تام معه ربما بدوافع قبلية أو تفسيرات متطرفة للإسلام.

يلوم اللائمون فى بلادى أهل الفن الذين ذهبوا للمشاركة فى مهرجانات الترفيه، ووصلات الدعاية، وحفلات الجمال المصطنع فى الصحراء.

يشتط البعض عليهم، فيتهمهم بالجشع وعبادة المال، وربما بالانتهازية، دون أن يلحظ هؤلاء عدة أمور أراها هامة.

أولها أن مصر كانت لديها صناعات فنون عظيمة، وسينما مبكرة، مبهرة ومُعلمة، وأنها لأسباب عديدة تستحق مقالات ومقالات، وهنت وتدهورت مثل أمور كثيرة، وصارت أحوال كثير ممن يعملون فيها محزنة. عانى فنانون كبار من المرض والعزلة، وتجاهل المؤسسات، مع نظرة المجتمع الساذجة التى تفترض أن كل مشهور هو بالضرورة ثرى، وواجهوا ظروفا قاسية فى ظل تراجع شديد فى عدد الأعمال الفنية سواء فى السينما أو الدراما خلال السنوات التالية لـ2011.

فضلا عن ذلك، فإن التوجيه العام للفن، أدى إلى تهميشه ونفور الفنان نفسه منه، لأن الفن حرية أولا، وثانيا، وثالثا، ولا يمكن ولا يجوز إدارته بتكليفات وتوجيهات فوقية. ومادام الفن موجهًا فى محيطنا، فلم يعد أى مبدع يرى بأسا فى أن يعمل فى محيط آخر تحت إطار توجيه آخر، فالأمر سيان.

ملاحظة أخرى جديرة بالتأمل هى أن الاعتماد على النجوم المصريين يؤكد أنهم مازالوا المصدر الأول لصناعة الجمال فى المنطقة، وهو ما يمثل خبرا سارا وسط غابة الأخبار المحبطة. فعلم الجغرافيا يخبرنا أن الأنهار تجرى من أعلى لأدنى، وأن فيض الجمال ينزاح رويدا ليُحسن الأقل حسنا.

وهناك مَن يتصور أن هجرة بعض الفنانين إلى دول أخرى تمثل عملية إخلاء للساحة المصرية من الابداع. وهؤلاء يظنون أن خروج فنان ما أو مطرب بعينه، يعنى هروبا للفن خارج أرضه، ويتناسون أن المجتمع المصرى بتناقضاته وتركيباته المعقدة، وزخمه، وتنوعه، وإرثه هو المُنتج للفن وللفنانين أيضا جيلا بعد آخر. فهناك بوتقة صهر لمواهب وورشة صناعة إبداع فى مصر سواء زادت الأعمال الفنية أو قلت، واشتغل الناس أم لم يشتغلوا، وهذا التكوين نتاج سمات اجتماعية وثقافية راسخة.

وحسبنا هنا أن نتذكر ما فعله السلطان الغازى سليم الأول عقب احتلاله القاهرة قبل أكثر من خمسمائة عام. لقد قام الرجل بجمع ألف وثمانمائة فنان وحرفى وصانع وخطاط من أفضل الكوادر المصرية، وأرسلهم جبرا إلى الأستانة، ليشاركوا فى صناعة الجمال بعاصمة السلطنة العثمانية. ربما تصور السفاح الغازى وقتها أنه ينزع عن مصر سحر الإبداع، ويقصره على بلاده، لكن سعيه خاب، فأخرجت المحروسة فيما بعد صناعا آخرين أكثر مهارة، وأعظم ابداعا، فرسموا وصوروا وأنشأوا وزخرفوا ثم ورثوا أجيالا آخرى جمالهم المُدهش.

والله أعلم

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد سعاد الصباح الشاعر الجميل نزار قباني

إقرأ أيضاً:

اقتصاد الصين المتعثر يُهدد صناعة الصلب العالمية

انخفضت أسعار خام الحديد لأدنى مستوى لها منذ عام 2022 وسط مخاوف من زيادة المعروض، بعد تحذيرات من أزمة صناعية في الصين قد تمتد لجميع أنحاء العالم وتدفع القطاع إلى تباطؤ أعمق، وفقا لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية.

وهبطت العقود الآجلة للصلب في سنغافورة، الخميس، لليوم الرابع على التوالي لتصل إلى ما دون 94 دولارا للطن، بعد أن أظهرت البيانات من الصين أن المصانع خفضت إنتاج الصلب إلى نحو 83 مليون طن الشهر الماضي، بتراجع 9 بالمئة عن العام السابق.

وتبعث سوق الصلب بالصين، وهي السوق الأكبر في العالم، بعلامات تحذيرية متعددة في ظل عدم ظهور أي بوادر على نهاية الركود الذي طال أمده في سوق العقارات وخفوت نشاط المصانع الصينية، حسب "بلومبيرغ".

وهذا الأسبوع، أطلقت أكبر شركة صينية منتجة للصلب في العالم "مجموعة باوو"، ناقوس الخطر بشأن أزمة صناعية في البلاد قد تمتد إلى جميع أنحاء العالم وتدفع القطاع إلى تباطؤ أعمق.

ويركز المستثمرون العالميون على الاقتصاد الصيني "المتعثر" حتى في الوقت الذي يفكرون فيه بإمكانية حدوث "ركود" بالولايات المتحدة، مع تحرك الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) نحو خفض أسعار الفائدة، وفق تقارير سابق لـ"بلومبيرغ" نُشر  الأربعاء.

مع تباطؤ النمو الاقتصادي.. "الديون المخفية تهدد مستقبل الصين" يواجه الاقتصاد الصيني ضغوطا متزايدة بعد أن سجل النمو الاقتصادي أضعف وتيرة له في 5 أرباع، مع عدم تحقيق الجهود الرامية إلى تعزيز الإنفاق الاستهلاكي النتائج المرجوة، حسب وكالة "بلومبيرغ" الأميركية.

وتباطأ اقتصاد الصين هذا العام، حيث يكافح المسؤولون لمعالجة أزمة العقارات المستمرة التي أضرت بالطلب على الصلب.

ووصفت شركة "أرسيلور ميتال" التي تتخذ من لوكسمبورغ مقرا لها، وهي ثاني أكبر شركة بالعالم في صناعة الصلب، زيادة الصادرات من الصين إلى السوق العالمية بأنها "عدوانية".

ومن المرجح أن يشكل ذلك مصدر قلق للمنافسين في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية في ظل صراعهم مع موجة جديدة من الصادرات الصينية، مما قد يدفعهم للضغط من أجل اتخاذ تدابير تجارية، وفق الوكالة.

ومن المتوقع أن تصل الشحنات من الصين إلى نحو 100 مليون طن هذا العام، وهو أعلى مستوى منذ عام 2016، حيث يسعى المنتجون هناك جاهدين لتعويض التباطؤ المحلي.

وتراجعت العقود الآجلة لخام الحديد بنحو 2 بالمئة إلى 93.70 دولار للطن، وهو أدنى سعر يومي منذ نوفمبر 2022، قبل أن يتم تداولها عند 94.60 دولار في سنغافورة، وفقا لـ"بلومبيرغ".

وأدت عمليات البيع الأخيرة إلى هبوط أسهم شركات التعدين، حيث انخفض سهم "BHP Group Ltd"، بأكثر من الخُمس في أستراليا هذا العام.

مقالات مشابهة

  • الخزف العراقيّ.. الفَنّ الذي يولد في اللهب
  • اقتصاد الصين المتعثر يُهدد صناعة الصلب العالمية
  • تزايد معدلات الهجرة من إسطنبول
  • ضبط 3 قضايا هجرة غير شرعية وتزوير للمستندات
  • "فى الجمال شهادات".. مدحت صالح يطرح أغنية جديدة من ألبومه
  • أم لثلاثة أطفال من بطرسبورغ تحصد لقب “ملكة جمال روسيا 2024” للمتزوجات
  • من الملاعب إلى القوارب.. حراس مرمى في الدوري التونسي يفرّون نحو إيطاليا!
  • 18 دولة تشارك في معرض ظفار الدولي للفن المعاصر بصلالة
  • مدينة الخطة.. طبيعة ريفية تجذب الزوار لأجواء الجمال في حائل
  • «راجعة بحاجة كويسة».. نادية النجدي تعلن عن عودتها للفن قريبًا (فيديو)