فى المؤتمرات السنوية لجمعية دراسات الشرق الأوسط (MESA) التى كنت أشارك فيها بانتظام، سنحت لى الفرصة لحضور ندوات لكل من عالم اللغويات نعوم تشومسكى والدكتور لويس عوض. لفتنى فى كل منهما الجراءة فى مواجهة القضايا المعاصرة والنقد لسرديات الهموم الانسانية والتطلع إلى الحرية فى عالم تهيمن عليه القوى العظمى.

ولد نعوم تشومسكى فى عام 1928، وحقّق شهرة عالمية كلغوى وفيلسوف وباحث وناشط سياسى.

غيّرت إنجازاته البارزة حقل اللسانيات وخاصة بنظرية النحو التوليدى (Generative Grammar)، التى تقول ان اكتساب اللغة أمر فطرى لدى البشر.

أمّا نشاطه السياسى فيشتمل على انتقادات للإمبريالية والرأسمالية والسيطرة على وسائل الإعلام، مما يضعه فى صفّ أصحاب الأيديولوجيات اليسارية والأناركية. وهو مشهور بمناهضته للسياسة الأمريكية والإسرائيلية ودعمه المتواصل لحقوق الإنسان فى فلسطين وأمريكا اللاتينية.

من أقواله: «من مسئولية المثقفين أن يقدموا الحقيقة ويكشفوا الأكاذيب»؛ «لسنا بحاجة إلى البحث عن أبطال، بل عن أفكار جيدة»؛ «بالنسبة للقوى العظمى، الجرائم هى تلك التى يرتكبها الآخرون»؛ «سنتعلم دائمًا المزيد عن الحياة الإنسانية والشخصية من الروايات بدلًا من الدراسات النفسية».

أما لويس عوض (1915-1990)، فقد لعب دورًا محوريًا فى المشهد الثقافى فى مصر، حيث دافع بقوة عن العلمانية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية من خلال كتاباته ونشاطاته السياسية. تناولت أعماله، بما فى ذلك الروايات والمقالات، قضايا التقدم والهوية والتحولات المجتمعية.

فى عام 1947، نشر لويس عوض ديوانه «بلوتو لاند وقصائد أخرى» والذى قدّم فيه نماذج من الشعر الحر الجديد سابقا بذلك غيره من الشعراء. ودعا إلى الثورة على عروض الشعر العربى القديم والإطاحة بعموده: «حطموا عمود الشعر».

وفى كتابه «مقدّمة فى فقه اللغة العربية»، الصادر فى عام 1981 (وتم مصادرته)، يعرض الجذور التاريخية للغة العربية فى صلتها ببقية اللغات وفى علاقتها بالبيئات المختلفة التى انتشرت داخلها وأثرت فيها وتأثرت بها.

وكما يتضح يظهر لنا أنّ مفهوم المثقف العضوى لأنطونيو غرامشى يشكّل نقطة الربط بين تشومسكى وعوض، حيث يمكن إعتبار تشومسكى مثقفًا عضويًا بسبب إرتباطه العميق بالقضايا الاجتماعية ودعمه للطبقات المهمشة وتقديمه الأدوات النقدية لفهم وتحدى السرديات السائدة. وبالمثل، يجسّد لويس عوض المثقّف العضوى من خلال مشاركته الفعّالة فى الحياة الثقافية فى مصر وكتاباته التى كانت تهدف إلى إيقاظ المجتمع المصرى لمواجهة تحديات التحرير الوطنى وبناء الدولة الحديثة.

قدّم كل من تشومسكى وعوض مساهمات كبيرة فى مجالات تخصصهما–اللغويات والنظرية السياسية لتشومسكي، والأدب والنقد الثقافى للويس عوض. شارك كل منهما، كمثقّف عضوي، فى تحدى هيمنة السلطة والدعوة إلى الحرية الفردية والعدالة الاجتماعية والدفاع النشط عن قضايا الإنسان المعاصر.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القضايا المعاصرة

إقرأ أيضاً:

مسئول سعودي: حريصون على نشر الوعي الإلكتروني وتعزيز مفهوم الأمن السيبراني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد المهندس مرهف المدني مساعد وزير التعليم السعودي أن المملكة حريصة على نشر الوعي الإلكتروني وتعزيز مفهوم الأمن السيبراني لحماية المجتمع والوطن من مخاطر الهجمات الإلكترونية.
وقال المدني ـ في تصريح خاص لقناة الإخبارية السعودية اليوم /الثلاثاء/ ـ إن معرض الأمن السيبراني المنعقد في مدينة مكة المكرمة يهدف إلى رفع التوعية لدى الافراد بشأن الأمن السيبراني وتنظمه وزارة التعليم تحت شعار "لا تفتح لهم باب" وتستهدف كل إدارات التعليم في المملكة.
وأضاف أن المعرض الذي افتتح أمس ويواصل أعماله اليوم يشتمل على أنشطة تفاعلية تحاكي الهجمات السيبرانية، وورش عمل تهدف إلى ترسيخ مفاهيم الأمن السيبراني لدى المجتمع التعليمي.
 

مقالات مشابهة

  • لويس إنريكي: باريس سان جيرمان يواجه «نقطة حاسمة» في الموسم
  • الأمير لويس يحتفل بعامه السابع.. صورة وفيديو عفوي من أمير وأميرة ويلز
  • هيئة الأزياء تنظّم جلسة حوارية حول مفهوم الجمال والصحة في قطاع الأزياء
  • الأمير لويس نجل ولي العهد البريطاني يحتفل بعيد ميلاده السابع
  • ربيع الغفير: المسئولية من جوهر شخصية المسلم وأساس نهضة المجتمع
  • المتحدث باسم وزارة الأوقاف: المساجد لها دور كبير في خدمة المجتمع
  • من التضامن إلى “النفير”….حين تتقنّع الأيديولوجيا المتطرفة بالأخلاق
  • القطيف.. تجارب حسية مبتكرة في أسبوع البيئة لترسيخ مفهوم ”بيئتنا كنز“
  • مسئول سعودي: حريصون على نشر الوعي الإلكتروني وتعزيز مفهوم الأمن السيبراني
  • أوحيدة: المثقف الليبي يؤمن بالحرية لكنه يغازل المليشيات