لجريدة عمان:
2024-11-22@21:53:08 GMT

امرأة مدفونة تحت طبقات من اللحم والمخاوف !

تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT

دخلت عيادة الطبيب النفسي بوزن ٢٥٠ رطلا. كانت معالم جسدها غائبة، مزعزعة نفسيا وتنتابها نوبات هلع حادة. لم تكن قادرة على التوقف عن تناول الطعام. لقد حال جسدها دون قدرتها على ارتداء ثيابها. بدت للطبيب امرأة بوجه مُتعدد الطبقات وجسد مغطى باللحم. ولم تكن البدانة وحدها ما يؤلمها، وإنّما ذلك الحكم المُستبد ممن حولها بأنّ النساء البدينات يفتقرن للحيوية والرشاقة العقلية، الأمر الذي دفعها لاكتئاب مُضاعف.

آنذاك كان عليها أن تكشف أوراق أسرارها وصولا إلى جذر الشراهة.

ظهرت بصورة المرأة البدينة المرحة التي تقدم الإصغاء والتسلية لأصدقائها. لكن مسلك المرح الذي تُظهره كان يُخفي الألم في قعر نفسها، وكأنّ تسليتها الآخرين محاولة صغيرة لكيلا تفقد اهتمامهم بها. لكنها أيضا كانت تضمر المخاوف من تلاشي الصداقات من حولها، ولذا كانت تعتزل الناس.

قال الطبيب: إنّ الأمر أشبه ما يكون «برفضنا مشاهدة شروق الشمس لأنّنا نخشى رؤيتها تغرب!» هكذا برز صميمها الفارغ من المعنى، فالفراغ شائع عند أولئك الذين يُعانون من اضطراب الأكل.

اللافت في هذه القصّة كامنٌ في قدرة الطبيب على تحرير مريضته من مشاعرها، لنكتشف ما يكمن وراء ذبذبات السطح الطفيفة من هيجان غير محتمل في الأعماق. فهل لكم أن تتصوروا أن اضطراب الأكل عند هذه الشابة وإصابتها بالبدانة المروعة مرده مشاهدتها لموت والدها البدين؟! مشاهدته يتحول إلى هيكل عظمي ملفوف بطيات من الجلد بسبب إصابته بمرض السرطان! وكأن خسارة والدها للوزن جعلته عرضة للهلاك!

يكتشف الطبيب جلسة عقب جلسة أنّ الطعام لم يكن المصدر الوحيد الذي أمدها بالرضا لتخفيف شعورها الحاد بالفراغ، بل شعرت في لاوعيها أنّ فقدان الوزن سيؤدي إلى وفاتها. ولذا اتضح أنّ النكران العميق هو ما يعيثُ بحياتها فسادا.

لم تكن مستعدة لموت والدها، وهو أول من أبدى لها الحبّ الصادق، ورغم أنّ الحادثة وقعت وهي في الثانية عشرة من عمرها، إلا أنّ ذلك الوجع أخذ يظهرُ في ترددات حياتها المستقبلية على مستوى جسدها وعلاقاتها.

وكانت اللحظة التي دفعها الطبيب فيها لأن تواجه هذه الحقيقة هي لحظة التحول، وحشد العزيمة لبدء حمية غذائية جلبت نتائج جيدة على نقيض سابقاتها. هكذا انسلّتْ من جسمها المتكتل رغم مشقة الامتناع عن الطعام. لقد طرحت جسما كاملا منها، وتحولت من المرأة التي ترغب في إضحاك الجميع لجلب الانتباه إلى امرأة تتفكر في نفسها وحساسيتها.

يصفها الطبيب بعد أن فقدت الوزن بـ«امرأة حسنة المنظر مدفونة تحت الطبقات طوال الوقت». آنذاك فكرتُ: ماذا لو لم تفقد وزنها؟ ماذا لو بقيت بدينة؟ كم كان سيتردى قبولها المجتمعي من قبل الطبيب والمجتمع وفرص الزواج؟ فموقف المجتمع من البدانة موقف إدانة صلب دفعها للتفكير في إنهاء حياتها أكثر من مرّة، فقد حولها لامرأة لا يختارها أحد.

هذه القصة الرهيبة تذكرنا بأنّ لأجسادنا ذاكرة وأن تناولنا للطعام لا يحرضه الجوع فحسب، وإنّما تلك الأفكار شديدة التعقيد. كانت تخشى أن تموت كما مات والدها، ولذا ربط عقلها الباطن بين فقدان البدانة والدنوّ من الموت، حتى إنّ الحميات الغذائية التي تسبب تساقط الشعر كانت تتجنبها كيلا تصير صلعاء مثل المرضى.

هذه القصّة من ضمن عشر قصص سردها كتاب لافت بعنوان: «تعرية الحبّ»، ت: جوهر عبدالمولى، وصدر عن منشورات حياة، يسرد فيه الطبيب النفسي ذائع الصيت إرفين د. يالوم، حكايات وقعت أثناء العلاج النفسي «كلها تدور حول ألم الوجود»، والحقيقة أننا كقراء نعاود النظر إلى أنفسنا في مراياها، كمن يقع على دهشة اكتشاف أصيلة.

العجيب أنّ هذا الكتاب بقي لمدة ٢٥ عاما حبيس الأدراج إلى أن قرر الطبيب نشره، فقد وجد قصصه مليئة بالعواطف الجياشة. كان يُدرك الآليات الدفاعية لمرضاه، وكان يجابهها بذكاء، فقد آمن بأنّ لكل واحد منا سمات شخصية تتطلبُ منهجا علاجيا خاصا.

أتفاجأ من إنكارنا الشديد للطب النفسي أو السلوكي، وكيف يفضل بعضنا حتى من المتعلمين الذهاب إلى الخرافات العقيمة، بينما يمكن لهذا العلم أن يكشف وأن يُعري تلك الهشاشة الجوانية طبقة طبقة.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

خطفت الأنظار بموهبتها.. معلومات عن ابنة أحمد السقا «نقطة ضعف أبوها»

بخفة ظلها وموهبتها التمثيلية حازت نادية ابنة الفنان أحمد السقا والإعلامية مها الصغير، بإعجاب العديد من رواد منصة تبادل الصور والفيديوهات «إنستجرام»، بعدما ظهرت مؤخرًا في مشهد تمثيلي كوميدي، وأشاد الكثيرون بموهبتها وشبهوها بوالدها.

View this post on Instagram

A post shared by Maha Al Sagheer (@mahaalsagheer)

معلومات عن ابنة أحمد السقا

بعد ظهور نادية ابنة الفنان أحمد السقا رفقة والدتها مها الصغير، سرعان ما اتجهت الأنظار نحوها بقوة، لتتصدر محركات البحث عبر منصات التواصل الاجتماعي.

نادية هي الابنة الوسطى للفنان أحمد السقا، فشقيقها الأكبر هو «ياسين» والأصغر «حمزة»، ويأتي اسمها نسبة لاسم جدتها لوالدها.

وعادة تظهر نادية السقا من حين لآخر رفقة والدتها عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تحمل ملامح مختلطة في الشبه من والدها ووالدتها.

موهبة فنية أخرى تمتلكها نادية السقا وهي الغناء، إذ تتمتع بصوت عذب وتحرص على غناء العديد من الأغاني باللغة الإنجليزية، وفق ما كشف والدها في تصريحات تلفزيونية سابقة. 

حديث أحمد السقا عن ابنته 

علاقة صداقة قوية ومن نوع خاص تجمع أحمد السقا بابنته «نادية»، فهي الأقرب له ونقطة ضعفه، بحسب تصريحاته السابقة واصفًا إياها بـ«حبيبة أبوها».

وفي إشارة لهدوء ابنته قال أحمد السقا في تصريحاته: «لو سبتها وقولتها اقعدي هنا، هرجع بعد سنة ألاقيها مكانها هنا». 

نقطة ضعف والدها والأقرب له، هكذا تحدث السقا عن ابنته لافتًا إلى أن عادة ما تكن الابنة هي الأحن على والدها، إلى جانب كونها الوحيدة بين ولدين، لذا فهي الشخص الأقرب له، فضلًا عن قدرتها على إقناعه الكبيرة في مختلف الأمور، «لما حد بيحتاج مني حاجة بيصدر نادية ليا».

رسالة من مها الصغير لابنتها 

صداقة قوية أيضًا تجمع بين الأم وابنتها، فقبل عدة أشهر وجهت الإعلامية مها الصغير رسالة خاصة لابنتها بمناسبة الاحتفال بعيد ميلادها، دونت خلالها قائلة: «ستبقين في قلبي وسأحبك إلى الأبد وإلى الأبد لن نفترق أبدًا، عادةً ما تتطلع الابنة إلى والدتها، أريدك أن تعرف أن الأمر بالنسبة لي هو العكس، أنا أتطلع إليك، أحب قضاء كل تفاصيل حياتي معك، أنتِ الشخص المفضل لدي في هذا الحياة». 

مقالات مشابهة

  • انتحار ستة جنود اسرائيليين وإخضاع آلاف آخرين للعلاج النفسي بسبب حرب غزة
  • أب ينــهار بسبب ابنته لطردها له من مسكنه في الإسكندرية بشكل مفاجىء
  • "الإمارات للخدمات الصحية" تستعرض جهود تصفير البيروقراطية في مجال العلاج النفسي
  • وكيل نقابة الأطباء: من الضروري خروج قانون المسئولية الطبية في صورة تضمن حق الطبيب والمريض معًا
  • «الأطباء»: نرفض حبس الطبيب طالما أنه لم يتعدى القانون والبروتوكولات
  • خطفت الأنظار بموهبتها.. معلومات عن ابنة أحمد السقا «نقطة ضعف أبوها»
  • أب ونجله يعاقبان ابنته بإشعال النيران في جسدها
  • مركز الإخصائيين بجامعة الوادي الجديد يواصل تنظيم ندوات الدعم النفسي والاجتماعي لطلاب المدارس
  • ترامب يرشح الطبيب محمد أوز لقيادة مراكز الخدمات الصحية
  • محمد الشيخي: التشكيلة التي بدأ بها هيرفي رينارد اليوم كانت خاطئة