الوحدة نيوز:
2024-08-15@21:21:32 GMT

الفضول: عطر الحرف وسحر الكلمة ودهشة الإيقاع

تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT

الفضول: عطر الحرف وسحر الكلمة ودهشة الإيقاع

شفيق علي القوسي

في ذكرى وفاة شاعر اليمن الكبير الأستاذ/ *عبدالله عبد الوهاب نعمان* ( *الفضول*)،، أبت خلجاتي إلا أن تعبر عما يجيش فيها، فانسكبت، وانصبّ صيّبُها قائلا:

أيها الفضول القابع في تعاريج أوردتنا… ها أنت تشعل صمتنا البهيم، وتفتح في جدار الأسى كوّة للنور، لعلنا نطل منها، لنرسل إليك بتحية مباغتة عابرة، أو بمطلع أغنية تربّت إيقاعاتها على يديك!!! .

وهي تلتحف المسرّة، وترتدي غيمة بيضاء للألفة، ووردة عابقة المودة، ولوعة مشبوبه اللهفة، وأزمنة محتشدة بالحنين، وسبل لا تنفد من نور الشجون المعتقة، وأنت تهيّئ نفسك لتقديم شذرات طويلات من البوح الحميم، وتلقي هطول كثيف من أمطار النقاء، التي تقذف أفياء الدهشة في مآقي الهوى!!!

ها أنت تستلّ غيابنا، وتنسل من بين أحزاننا، وتخرجنا من جُبِّ النسيان العميق، والضياع المخيف، في زمن بلا نوعية تغلفه، ودون رشد يحصنه من الزلل.. تخرجنا من ذاكرة

مطمورة برمل الوحشة، ومترعة برماد الونى، وتراكم القطيعة والجفاء، وترسبات العزلة، وارتحالات المودة إلى صقيع يلفظ معاني الدفء وتعابير الفرح، وفيح لافح يقتات من تعابير وجوهنا الألق الشاحب.

ها أنت تسقي جدبنا، وتنعش خضرة أرواحنا، وتزيل قحط أعماقنا العامرة بصفير الرياح،

وعويل الخيبة، وعواء الخريف، وفرقة الحيرة في فضاء يضيق بنفسه، ويخنق ما ازدهر من فيضه، ويبعثر ما اجتمع من قوته واحتدامه.. ها أنت تقشر أيامنا، وتستلّ أوجاعنا، وتوثق ابتهالاتنا الراجفة في محراب الود، وتبحث عن لون ينسجم مع بقايا العواطف التي أخذ اليباس يلتهم طريّها، والمشاعر التي أثقلها الإرث من الأسى والمآسي، والآهات المتجددة، والحكايات الغائمة بأسئلة تعرج في طريقها نحو الحقيقة، وقد ضلت طريقها، وهي تتحسس عن مغارة أو مدّخلا تولّي إليه اصطبارها اللاهب من سعير اللحظة الراهنة، ها أنت تنقش ملامحنا، وتكتب على خفقاتنا،  سطورا تلهج ببروقها  القادمة من أصابع القصيدة التي تلوّح لك من خدرها البعيد، ومن عروشها المنيعة وأعاليها الباسقة.

ها أنت تمدّنا إليك، وترشقنا بحضورك الغضّ، ونداك المهادن، ويناعه حرفك المخضرّ بالمحبة والمواسم المتوثبة لدلق رحيقها وبسط آفاقها أمام دهشتك البريئة… ها أنت تتحفنا بحضورك البهي، وتغرس في معطف انتظارنا وردة تتلألأ بكل ما هو رائع ومخالف لأنظمة الرتابة والضجر المتمدد بدون خجل، والملل الذي يدلي بأستاره من فوق الجميع دونما اعتبار لمقام صبح، أو مكانة معنى، أو يليق بنجمة عابرة…

أيها الفضول: يامن ازدهر القصيد في جوفك عشقا، وأثمر البيان حبا، وتمدد البوح صدقا، ها أنت تضفّر من حدقاتنا عروشا للوطن، وتغرس في مسام أجسادنا عرى بقائه، وأطناب رخائه.. أيها المسافر فينا لحنا طروبا، والماكث معنا شوقا فريدا، والباعث لنا فخرا تليدا.. السلام عليك أيها الشهاب الراصد لكل تسلّلات انكساراتنا، والساحق الماحق لكل جحافل تخاذلنا..

السلام عليك أيها القمر الماسي الذي ما فتئ ينير ليالينا العابسات، ويؤنس وحشة أحلامنا المرتعشات… سلام عليك أيها اللحن الخالد، والصبح الشارق، والمزن التي لا تسكب إلا عطرا وعشقا وودا، وتعبق إلا أريجا ووردا… والحب كله عطر لكنّ حبك عطره فريد، عطر أترع أغوارنا عبير مخضلا بندى مشاعرك الصادقة النبيلة.. سلام عليك… سلام عليك..

ذمار 5/7/2024 م

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي

إقرأ أيضاً:

الكلام الباطل على منابر الحق

الكلمة بضعة أحرف عندما تخرج من فم الإنسان لا يستطيع ردها, ثم تكتب له أو عليه, وخير دليل على خطورة الكلمة أن الإنسان يدخل دين الله تعالى بكلمة، ويخرج من دائرته مع سعتها بكلمة، ويبنى بيتًا وأسرة ومجتمعًا بكلمة ، ويهدم بناء بيت ويفرّق جمع أسرة بكلمة، ويعانق الإنسان الجنة بكلمة، ويسقط فى حضيض النار بكلمة.

ومن حديث للأمام الحسين -إن صح عنه- مع الوليد حاكم المدينة المنورة يطالبه بمبايعة يزيد ابن معاوية.. الوليد يسأل الحسين: نحن لا نطلب إلا كلمة فلتقل بايعتُ، واذهب بسلام لجموع الفقراء، فلتقلها وانصرف يا ابن رسول الله حقنًا للدماء فلتقلها ما أصغرها إن هى إلا كلمة).

يرد الامام الحسين عليه السلام: كبرت الكلمة، وهل البيعة إلا كلمة؟ ما دين المرء سوى كلمة؟ ما شرف الرجل سوى كلمة؟ ما شرف الله سوى كلمة؟ أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة فى كلمة، دخول النار على كلمة، وقضاء الله هو الكلمة. الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور, بعض الكلمات قلاع شامخة.

يعتصم بها النبل البشري, الكلمة فرقان ما بين نبى وبغي, بالكلمة تنكشف الغمّة الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة, عيسى ما كان سوى كلمة أضاء الدنيا بالكلمات وعلّمها للصيادين فساروا يهدون العالم الكلمة زلزلة الظالم الكلمة حصن الحرية إن الكلمة مسئولية إن الرجل هو الكلمة شرف الرجل هو الكلمة شرف الله هو الكلمة). 

ولأن بضاعة خطباء المساجد هى الكلمة , فإن دورهم كبير فى توجيه المجتمع وإرشاده، حيث يعتمد الناس على خطبهم فى معرفة الأحكام الدينية والمواعظ , ولكن عندما يقوم بعض الخطباء بترديد أحاديث أو روايات ضعيفة أو منكرة، ينشأ العديد من المخاطر.

وهناك أسباب عدة لذلك منها قلة العلم الشرعي: قد يكون الخطيب غير مطلع بشكل كافٍ على علم الحديث، وبالتالى يروج لأحاديث غير صحيحة دون قصد, والاعتماد على مصادر غير موثوقة فبعضهم يعتمدون على كتب أو مواقع إلكترونية غير موثوقة تنشر أحاديث غير مسندة, أو يكون مصدره الأصلى سماعيا توراثه من أجيال الخطباء السابقين الذين بدورهم ورثوه ممن قبلهم, كذلك الرغبة فى إثارة الجماهير فبعضهم قد يلجأون إلى الأحاديث المثيرة أو العاطفية لجذب انتباه الجمهور، حتى لو كانت تلك الأحاديث ضعيفة, وهناك شيخ مشهور بنى رحلته الدعوية على الإثارة بأى طريقة فلوأن هناك إجماعا على قضية ما ثابتة وراسخة فى أذهان المسلمين من مئات السنين, ورأى وحيد ضد هذه القضية لجاء به وحسنه ليأتى بالجديد الذى لم يسبقه إليه احد ولا حول ولا قوة إلا بالله, وهناك أيضا نقل المعلومات بدون تحقق, فيمكن أن يتداول الخطيب الأحاديث من خلال النقل الشفهى دون التأكد من صحتها.

ومخاطر ترديد الأحاديث الضعيفة أو المنكرة, أو القصص المختلقة كثيرة، منها تضليل المجتمع وفهم خاطئ للدين وتبنى معتقدات غير صحيحة, كذلك إضعاف الثقة بالخطباء فعندما يدرك الناس أن الخطيب ينقل معلومات غير صحيحة، قد يفقدون الثقة فيه وفى المؤسسة الدينية بشكل عام, بالإضافة إلى تشويه صورة الإسلام، فقد يستخدم المعادون للإسلام هذه الأحاديث للتشكيك فى صدق الدين وشرعيته.

ولمواجهة هذه الظاهرة التى اسستشرت بصورة كبيرة لا بد من التثقيف المستمر للخطباء وخضوعهم لدورات تدريبية فى علم الحديث لتجنب نقل الأحاديث الضعيفة, والاعتماد على المصادر الموثوقة والمعتمدة فى نقل الأحاديث والتأكد من صحتها قبل إلقائها.

القضية خطيرة لأن بقاءها يضرب الحفاظ على نقاء الرسالة الدينية, ويشكك الناس فى دينهم خاصة إذا سمعوا أحاديث ورويات مخالفة لما سمعوه منذ الصغر, بالإضافة إلى تلقف ملوك «الميديا» وراغبى «التريند» هذه الأحاديث بهدف الحصول على الشهرة والمال.

وقانا الله جميعا شر الكذب عليه وعلى رسوله.

‏[email protected]

مقالات مشابهة

  • برج الميزان.. حظك اليوم الجمعة 16 أغسطس: لا تتعرض للشمس
  • الكلام الباطل على منابر الحق
  • بدء التسجيل للمشاركة في بطولة أبوظبي جراند سلام للجودو
  • يا سلام على الحرب
  • معرض رأس البر للكتاب يستعرض تراث دمياط وفنون الحرف التقليدية
  • معركة السلام المؤلمة بين العرب والصهاينة
  • مابولولو يودع جماهير الاتحاد السكندري
  • الأنسولين الذكي.. تفاصيل وتطورات حديثة يجب عليك معرفتها
  • العقرب: تعيش قصة حب جميلة.. توقعات الأبراج وحظك اليوم الثلاثاء 13 أغسطس 2024
  • «الهلال الأحمر» يشارك في معرض «تنمية الأسرة» بفنون الحرف اليدوية