أكد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، "أننا لن نرفع أيدينا للعدو حيث غابت الدولة عن حمايتنا والقيام بواجبها تجاه الجنوب وأهله". وقال: "إننا نريد لبنان وطنا للجميع، ونريد دولة تقوم بواجباتها، وأن يتعاون اللبنانيون جميعا، وهذا واجب، في مواجهة العدو الإسرائيلي وفي الدفاع عن لبنان وسيادته".



وفي كلمة عاشورائية في حسينية الامام علي بن ابي طالب في خندق الغميق قال الخطيب: "هذه الدولة اللبنانية بنيت على تقسيم المذاهب، بنيت على أساس التجارة وجمع المال، حتى يستطيعوا تقسيمه في ما بينهم، لذلك لن تُبنى هناك ثقافة، المجتمع اللبناني مجتمع مؤمن ينتمي إلى الأديان السماوية، إلى المسيحية وإلى الإسلام، ولكن  دلوني بالله عليكم هل الثقافة التي تُصنع هي ثقافتنا؟ طبعا الدولة ليست المعنية بهذا الأمر على الإطلاق، اذ  ليس هناك سياسة ثقافية للمجتمع، ليس هناك سياسة تربوية في مجتمعنا. ألامر متروك للآخرين، للذين يتاجرون بالناس وللمرتبطين بالخارج الذين يريدون أن يحققوا السياسات الخارجية باللعب بثقافة الناس وبمعارفهم". 

وتابع: "بعض السفراء يتدخلون مع بعض اللجان المعنية في مجلس النواب ليفرضوا عليهم ثقافة الإنحلال والإنحراف، فأين الدولة من ذلك؟ نحن خائفون حتى على إدخال هذا الموضوع على مؤسسات الدولة وعلى المؤسسات التعليمية والتربوية والإعلامية. ومن المفترض أن تكون الدولة لها سياستها التي تنبعث من ثقافة الناس من الأساس الذي ينتمي إليه مجتمعنا، إلى الإيمان بالمسيحية والإسلام، و أن تكون هناك محافظة على القيم التي تتفق عليها كافة الأديان. فالأديان تتفق على القيم التي ينبغي أن تكون الاساس في السياسة التربوية والثقافية للمجتمع، وأن لا تدخل الدولة في البزار السياسي و المالي والتجاري في البيع والشراء".

وأردف: "اليوم الإعلام في غالبيته للأسف، هو من يبتغي الربح والمال من دون ضوابط ومن دون محافظة على ثقافة المجتمع، ومن دون أن يكون له سقف، ومن دون أن تحدد الدولة له سقفا،  ولهذا أنا أقول للبنانيين، للمسيحيين وللمسلمين، هل ترضون بهذه الثقافة التي هي للبيع والشراء، ولصالح مؤسسات تدخل فيها مؤسسات الدولة أو تدخل فيها المؤسسات الخاصة من أجل التجارة، فيما المنفذ في الواقع سياسات خارجية المقصود فيها التلاعب بثقافتنا وتغيير هذه الثقافة، ووصم مجتمعنا بثقافة لا تنتمي إلينا وهي ثقافة هابطة، ثقافة الإنحلال، وهذا أهم واجب  على الدولة أن تقوم به. نحن لسنا ضد الإستفادة من البرامج التعليمية المستوردة من الخارج، لكن بما ينسجم مع ثقافتنا ومع مجتمعنا وألا نجعل أبناءنا دمية  ليسيّروهم كما يشاؤون ويستخدمونهم لأهدافهم الخبيثة".

وقال الخطيب: "هيهات منا الذلة أهم شعار للإمام الحسين سلام الله عليه ولا يمكن لنا أن نقبل بالإذلال. الإذلال يبدأ بالثقافة، بتغيير الثقافة. الإذلال يبدأ بتغيير عقائدنا، بإفساد مجتمعنا، وأن نفسح في المجال لهؤلاء الأعداء الطامعين في أرضنا، الطامعين في أبنائنا ليكونوا سلاحا في يدهم ضدنا، هذه الثقافة ستبقى تربطنا بالإمام الحسين وبأهل البيت سلام الله عليهم، هي المنبع الأصيل للحفاظ على كرامتنا طوال هذا التاريخ".

وأضاف: "اليوم تسجلون في مواجهة الباطل الإسرائيلي هذه البطولات حيث تقفون في وجه العالم الذي يقف وراء إسرائيل، تقدمون الشهداء بلا منة دفاعاً عن كرامتكم، دفاعا عن وطننا لبنان، دفاعا عن مجتمعنا اللبناني الإسلامي والمسيحي من دون منة على أحد. هذه المقاومة التي تدافع عن سيادة لبنان، حينما تدافع عن جنوب لبنان الذي هو جزء لا يتجزأ من الدولة اللبنانية، هذه المقاومة نشأت من أجل الدفاع عن كرامة لبنان ومنع إخضاع لبنان للإرادة الإسرائيلية ولإرادة الغرب الذي استغل ثرواتنا، وأنتم اليوم ترون ماذا يصنع في غزة، كيف يسحق الفلسطينيين أخوتنا وأبناءنا وأهلنا، كيف تُدمر البيوت على رؤوس النساء والشيوخ والأطفال. بارك الله بكم وبالشهداء وبأهلنا الذين يقفون على الحدود، وبأبنائنا الذين يقفون في وجه هذا العدو أمام العالم الذي يدعم هذا العدو، بارك الله بهؤلاء الشهداء الأبطال وبأهلنا النازحين الذين لا يتكلمون وهم يتألمون، وإذا تكلموا قالوا نحن فداء لبنان وفداء كرامة اللبنانيين وفداء عزة لبنان وشرفه وشرف اللبنانيين".  وقال: "هذا هو موقفنا وكان هذا واجب الدولة وواجب الجيش وليس واجبنا وحدنا، قلت لهم  ليس أبناؤكم أغلى عليكم من أولادنا. نحن ابناؤنا أيضا لهم قيمة كبرى. هؤلاء أعزاؤنا، نحن لم نلدهم للموت، نحن ولدناهم ليتعلموا وليعيشوا بكرامة، ليخدموا وطنهم. هذا واجب الدولة وواجب اللبنانيين، ولكن أين الدولة، هل كانت الدولة موجودة وقامت المقاومة وأخذت دورها حتى أصبح دولة في مقابل دولة. الدولة تركتنا، تركت سيادة لبنان، تركت الجنوب وأباحت أرضه للعدو الإسرائيلي، فماذا تريدون منا؟هل تريدون منا أن نرفع أيدينا للعدو الإسرائيلي؟ لا والله لن يكون هذا، لكن حساباتكم السياسية الصغيرة هي التي تقودكم إلى هذا الموقف، وإلى إنتقاد الثنائي الشيعي الثنائي الوطني الذي لا يعمل من أجل اهداف شيعية ولا لأسباب سياسية شيعية. لا تفكروا في هذه المقاومة كما تفكرون في أنفسكم، وتذكروا عام ٢٠٠٠ حينما حررنا جنوب لبنان بالقوة وطردنا العدو الإسرائيلي، قلنا للدولة تفضلي قومي بواجباتك، فماذا فعلت الدولة أمام العدو الإسرائيلي المعتدي".

وختم الخطيب: "ها هم يختلفون الان على رئيس للجمهورية. الدولة تتفكك مؤسساتها واحدة تلوى الأخرى، ولا أعرف كيف يعيش اللبنانيون وقد انهارت كل المؤسسات. الدولة لا تقدم شيئا لا في المجال الإجتماعي ولا التربوي ولا الصحي ولا لمعلمي المدارس ولا لأساتذة الجامعات. يختلفون على المحاصصة في كل شيء، فهل هكذا تبنى الدولة؟. 
 نحن لسنا هكذا، نحن نريد لبنان وطنا للجميع، ونريد دولة تقوم بواجباتها، وأن يتعاون اللبنانيون جميعا، وهذا واجب، في مواجهة العدو الإسرائيلي وفي الدفاع عن لبنان وعن سيادته".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

القوة الخفية التي هزمت “حميدتي”

منذ انطلاق الرصاصة الأولى في الخرطوم يوم 15 أبريل 2023، كان واضحاً أن محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم يقرأ المشهد العسكري والسياسي جيداً، أو قرأه بعين الوهم لا ببصيرة الواقع وبواطن الحقائق.

 

 

راهن الرجل على انقلاب خاطف وسريع يمكنه من وضع السودان في قبضته، لكنه لم يدرك طبيعة القوة الخفية في الدولة السودانية، تلك الدولة التي تبدو في ظاهرها ضعيفة ومفككة وآيلة للزوال، وذات مؤسسات هشة قابلة للانهيار السريع، لكنها أثبتت مراراً أن لديها عناصر قوة خفية لا تظهر إلا في مواجهة التحديات الكبرى.

 

عناصر القوة الخفية في الدولة السودانية:
• قوة المجتمع في التناصر والتعاضد ومقاومة الظلم والعدوان.
• قوة المؤسسات العسكرية والأمنية في تراكم خبراتها، وعمق تأهيلها المهني ، وروح الثبات والصبر على تحقيق الأهداف، وهي سمات تميز ضباطها وجنودها.
• قوة وجسارة الشباب بمختلف انتماءاتهم السياسية في مواجهة التحديات والمخاطر، سواء في الحروب أو التظاهرات.
• مستوى الوعي السياسي القادر على فضح النوايا الشريرة المغطاة بالشعارات التجميلية.
• العمق التاريخي لنضالات الشعب السوداني، الممتد منذ الممالك المسيحية، مروراً بمملكة الفونج، والثورة المهدية، واللواء الأبيض.ما فعلته قوات حميدتي أنها استفزت مكامن القوة الخفية في الدولة السودانية، فوجدت نفسها في مواجهة مختلف الطيف القبلي والجهوي والثقافي والسياسي والعسكري. ونتيجة لذلك، تشكّل تيار وطني عريض وغير مسبوق، عابر للانتماءات.

 

 

هذا التيار الوطني ضمّ:
• شيوخ ورجال الدين والطرق الصوفية مثل عبد الحي يوسف، شيخ الزين محمد أحمد، شيخ الكباشي، والمكاشفية، والختمية، وقساوسة كنيسة ماري جرجس وغيرهم.
• الفنانات مثل ندى القلعة، إيمان الشريف، ميادة قمر الدين وغيرهن.
• المفكرين من مختلف التيارات، من الإسلاميين مثل أمين حسن عمر، عبد الوهاب الأفندي، التجاني عبد القادر، وحسن مكي، إلى اليساريين والليبراليين مثل البروفيسور عبد الله علي إبراهيم، د. محمد جلال هاشم، د. عشاري أحمد محمود، د. معتصم الأقرع، د. صلاح بندر، والروائي عبد العزيز بركة ساكن وغيرهم.

 

 

• المقاتلين من الحركات المسلحة في دارفور، وقوات “كيكل”، و”برأوون”، و”غاضبون”، و”المستنفرين”، وشباب الأقباط، و”ميارم الفاشر”، و”مرابطات الشمالية ونهر النيل”، والشيخ موسى هلال.

 

 

كل هؤلاء وغيرهم تصدوا لحماية الدولة السودانية والدفاع عن وجودها.

حميدتي، الذي كان بالأمس شريكاً في السلطة، متمتعاً بقوتها ونفوذها، ظن أنه قادر على اختطاف الدولة، لكنه نسي أن القوة وحدها لا تكفي، وأن شرعية البندقية لا تدوم طويلاً. فالرهان على الدعم الخارجي، والتحالفات المصلحية، واستراتيجية “الأرض المحروقة”، لن يحقق له أهدافه، بل سيؤدي إلى عزله وإنهاء وجوده في الفضاء العام.

 

 

 

فشل مشروع انقلاب حميدتي على الدولة السودانية لم يكن مفاجئاً، بل كان حتمياً، لأن أي انقلاب يفتقر إلى عمق سياسي، ورؤية استراتيجية، وحاضنة شعبية، لا يعدو كونه مغامرة متهورة باهظة التكلفة.
منذ اللحظة الأولى، كان واضحاً أن حميدتي يخوض معركة بلا غطاء وطني، وبلا ظهير سياسي يمتلك الخبرة والذكاء، وبلا أفق بعيد. اعتمد على القوة اللحظية العارية، لكنه واجه الحقيقة القاسية: القوة الخفية في المجتمع كانت أكبر من قوته العسكرية.

 

 

 

اليوم، وبعد ما يقارب العامين من الحرب، لم يبقَ لحميدتي سوى أطلال مشروع متهالك، وتحالفات تتآكل، وساحة تتسع لنهاية مأساوية.
فالتاريخ لا يرحم من ظنوا أن البنادق تصنع شرعية، ولا يغفر لمن توهموا أن الدعم الخارجي وحده يمكنهم من حكم الأوطان.

القوة التي هزمت حميدتيضياء الدين بلال

مقالات مشابهة

  • القوة الخفية التي هزمت حميدتي ..!
  • القوة الخفية التي هزمت “حميدتي”
  • العدوّ الإسرائيليّ أحرق منازل في جنوب لبنان
  • الخطيب: نعيش فترة انتقالية للتحول من إدارة الدولة للاقتصاد إلى تمكين القطاع الخاص
  • بالصورة: العدو الإسرائيلي ينفذ تفجيرات كبرى في جنوب لبنان
  • مؤكدا على دعم الدولة للمؤسسات الدينية.. تفاصيل لقاء مفتي الجمهورية ووزير المالية
  • عن الجرائم الأخيرة التي حصلت... هذا ما أعلنه وزير الداخليّة
  • جريمة فاريا... توقيف والدة المرتكب والفتاة التي كانت برفقته
  • أمن الدولة ألقت القبض على من كانت برفقة صديقها الذي دهس الشاب في فاريا (صورة)
  • نعيم قاسم: الدولة اللبنانية مسؤولة بشكل كامل ليتوقف العدوان الإسرائيلي