جريدة الرؤية العمانية:
2024-08-15@15:32:34 GMT

كسر حصار غزة.. واجب إنساني

تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT

كسر حصار غزة.. واجب إنساني

 

 

د. سالم بن عبدالله العامري

إنَّ ما يحدث من محاصرة وتجويع، ومنع للماء والدواء والأكل لسكان قطاع غزة، هو امتدادٌ لأسلوب أتباع منهج الشياطين والمجرمين على مَرّ التاريخ في مُحاربة أهل الحق والإيمان، ولعل الحصار الذي تعرض له المسلمون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في شِعب أبي طالب، على أيدي المشركين آنذاك، هو ذاته الذي يُعانيه أهل غزة اليوم، إذ كابدوا المشقة والمعاناة والمِحن من مقاطعة اقتصادية واجتماعية، وحرب نفسية، وأذىً وتضييق وجوع، والتي لا يُمكن لأي إنسان أو فئة أن تتحمله ولكنّها الدعوة الحقة، والإيمان الصادق والقوي بالله وحده، وما يتعرض له شعب غزّة وفلسطين اليوم من عقاب جماعي، وحصار وتجويع وقتل وتشريد، وخذلان عالمي، يجعلنا نقارن حصار المؤمنين في زمنين، في بدايات انتشار دعوة الإسلام، وما تعانيه اليوم في ظل الحصار والعدوان والخذلان للمستضعفين في فلسطين.

لمَّا رأى أبو طالب أنَّ قريشاً قد أجمعت على أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيةً؛ جمع بني عبد المطلب، وأمرهم أن يُدخِلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شِعْبَهم، ويمنعوه ممَّن أراد قتله، فاجتمعوا على ذلك مسلمُهم وكافرُهم، فمنهم مَنْ فعله حَمِيَّةً، ومنهم من فعله إيماناً، ويقيناً، فلـمَّا عرفت قريشٌ: أنَّ القوم قد منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أجمعوا أمرهم ألا يجالسوهم، ولا يُبايعوهم، ولا يَدْخُلوا بيوتهم؛ حتَّى يُسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل، وكتبوا من مكرهم صحيفةً، وعهوداً ومواثيق؛ ألا يتقبَّلوا من بني هاشم أبداً صلحاً، ولا تأخذهم بهم رأفةٌ؛ حتَّى يسلموه للقتل.

وقد لبث بنو هاشم في شِعْبهم ثلاث سنين، واشتدَّ عليهم البلاء، والجهد، فلمَّا كان رأس ثلاث سنين، قيَّض الله -سبحانه وتعالى- لنقض الصَّحيفة أناساً من أشراف قريشٍ (من غير المُسلمين)، وأجمعوا أمرهم، وتعاقدوا على القيام في الصَّحيفة حتَّى ينقضوها، فقام زهير بن أبي أميَّة قائلاً: أنأكل الطَّعام، ونلبس الثِّياب، وبنو هاشم هلكى لا يبتاعون، ولا يُبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تُشقَّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة؟! فقام في حينها المُطْعم بن عدِيِّ إلى الصَّحيفة ليشقَّها، فوجد الأَرَضَةَ قد أكلتها، إلا "باسمك اللَّهمَّ" فمُزقت الصحيفة ورفع الحصار عن بني هاشم وانطوت المحنة بحمد الله تعالى، فما أشبه الليلة بالبارحة، فأعداء الله في كل زمان ومكان يستخدمون في حرب الإسلام وأهله قديماً وحديثاً ذات الأساليب من حصار ومقاطعة وتضييق " وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا".

ومن هنا نقول: ألم يئن الآوان لأحرار العالم مسلمهم وكافرهم كسر هذا الحصار الظالم عن سكان قطاع غزة؟ ألم يئن الآوان للشرفاء أن يقفوا في وجه الصهيونية وقوى الإجرام والظلام ويمزقوا صحائف الشر والظلم والبغي التي يفرضها الكيان الصهيوني على شعب أعزل خذله القريب والبعيد والصديق والغريب؟

ألم يئن الآوان لقادة العالم والشعوب الحرة للتحرك من أجل كسر هذا الحصار غير القانوني المفروض على قطاع غزة، هذا الحصار المطبق وحملة التجويع الممنهجة التي حولت القطاع إلى سجن كبير وعزلته عن العالم على مدى ما يقارب سبعة عشرا عاماً والاحتلال يفرض حصارًا بريًّا وجويًّا وبحريًّا مطبقًا على شعب أعزل واشتد عنفوانه عقب طوفان الأقصى، تدمير همجي للمستشفيات وأماكن الإيواء ومنع ادخال الدواء والغذاء والوقود، وقطع الكهرباء والمياه والخدمات الأساسية، بما فيها خدمات الاتصال والانترنت، عقابا جماعيًّا تفرضه سلطات الاحتلال يمثل جريمة حرب وفق القانون الدولي؟!!!

يجب أن يُكسر هذا الحصار عاجلا غير آجلاً، وأن تُفرض ادخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية عاجلة، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري، وتأكيد ضرورة دخول المنظمات الدولية، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وفتح المعابر البرية والبحرية والجوية من وإلى القطاع.

وأخيرا.. يا أهل غزّة ويا أبطال فلسطين، اِعلموا أن ثباتكم هو منهج نبوي راسخ، وأن ما يحدث من محاصرة وتجويع، ومنع للماء والدواء والأكل، وما تقدمونه من بطولات وتضحيات هو ثمن باهظ في طريق الحق حتى بلوغ النصر والتحرير (بإذن الله). فأقدار الله ماضية، وسننه جارية، ولا تمكين إلا بعد الابتلاء والتمحيص، وستمضي سنة الله في إهلاك الظالمين والمجرمين: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ماذا قال الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) عند وقوع الزلازل: دروس من السنة النبوية

ماذا قال الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) عند وقوع الزلازل: دروس من السنة النبوية.. الزلزال هو اهتزاز قوي لسطح الأرض يحدث بسبب حركة الصفائح التكتونية تحت القشرة الأرضية. يمكن أن يتسبب الزلزال في أضرار جسيمة للمباني والبنية التحتية، وفي بعض الأحيان يؤدي إلى خسائر في الأرواح.

عند وقوع الزلزال، كان الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) في مكة. يُذكر في الروايات أن أحد الزلازل وقع في زمنه وأخبر الصحابة بأن هذا الحدث يُعتبر علامة من علامات الساعة، مشيرًا إلى أنه يجب على الناس الاستعداد والتفكر في أفعالهم والتقرب إلى الله.

أهم ما يمكن ذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت وقوع الزلزال هو:ماذا قال الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) عند وقوع الزلازل: دروس من السنة النبوية

1- سكينة وثبات: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسم بالسكينة والثبات في مواجهة الأحداث الطارئة والكوارث الطبيعية. فقد كان يحافظ على هدوئه وصبره وتوكله على الله في أوقات الشدائد.

2- الدعاء والاستغفار: عند وقوع الزلزال، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الله ويستغفره، طالبًا منه الحماية والعافية. كما كان يحث أصحابه على الاستغفار والتوبة إلى الله في مثل هذه المناسبات.

3- التوعية والإرشاد: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوجه الناس إلى الاستعداد لمواجهة الكوارث والزلازل، وينصحهم بالتحصن بالذكر والدعاء. كما كان يوضح لهم أن هذه الأحداث هي من آيات الله وتذكير لهم بقدرته سبحانه.

4- الصبر والتحمل: على الرغم من شدة الزلزال وما يسببه من رعب وخوف، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يظهر الصبر والتحمل، ويشجع أصحابه على ذلك. وكان يذكرهم بأن الله سبحانه هو الذي يقدر هذه الأمور.

5- القيادة والتنظيم: في أوقات الأزمات والكوارث، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتولى قيادة المجتمع وتنظيم الجهود لمواجهة الموقف والتخفيف من آثاره. كما كان يوجه أصحابه لتقديم المساعدة للمتضررين.

هذه هي أبرز ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من سلوك وتصرفات في مواجهة الزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية، والتي تعكس قدوته الحسنة في الصبر والثبات والتوكل على الله في الأوقات الصعبة.

مقالات مشابهة

  • بعد جدري القرود.. ذِكر يحفظك من الأمراض والأوبئة
  • دار الإفتاء: أمرنا رسول الله بحب آل بيته والتمسك بهم
  • ماذا كان يفعل النبي عند زيارة المريض؟.. اتبع سنته
  • ما دور العلم الشرعي في الوقاية من الأفكار الضالة؟
  • "آداب التعامل مع ذوي الأرحام".. ندوات دعوية بأوقاف الفيوم 
  • خالد الجندي: النبي محمد كان يمارس الرياضة
  • خالد الجندي: الرياضة جزء من حياة المسلم.. والنبي كان يمارسها
  • ماذا قال الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) عند وقوع الزلازل: دروس من السنة النبوية
  • كيف تحتفل قطر بالمولد النبوي الشريف 2024.. كل عام؟
  • أخلاقنا وأخلاقهم فى الحروب