#موقف_عمومي د. #هاشم_غرايبه
يحكى أنه لدى انتصار الثورة الكوبية، كان الآلاف ينتظرون في الميدان الرئيسي في هافانا، ليستمعوا الى (فيدل كاسترو) وهو يلقي خطاب اعلان التحرير، وفي طريقه الى المنصة كان يحفه خلق كثير يهتفون، ومن بينهم صبي صغير يعمل ماسحا للأحذية حاملا عدة عمله (صندوق البويا) ويركض ليواكب خطوات الزعيم الواسعة، ولما رآه كاسترو اختطف منه الصندوق ومضى مرتقيا المنصة غير مبال بتوسلات الصبي ان يعيد له صندوقه – مصدر رزقه، وقبل أن أن يبتدئ الخطاب رفع كاسترو الصندوق عاليا بكلتا يديه ليراه الجميع ثم رماه على الأرض محطما وليعلن قائلا: انتهى عهد ماسحي الأحذية!!.
بعد عقود تبين أن رغبة كاسترو لم تتحقق كما كان يأمل، فقد توحشت الامبريالية أكثر وانهار المعسكر المناوئ لها، وازدادت الفوارق الطبقية بين الناس.
ربما كان الأمر أقل ضررا لو كان الظلم الاجتماعي ينحصر في وجود مهن مهينة مثل مسح الاحذية، إذ لا يقبل عليها إلا من سدت في وجهه سبل الرزق الأخرى، لكن أن تتطور هذه المهنة لكي تتحول الى موهبة فتلك آفة مهلكة تودى بالمجتمع كله ولا يقتصر ضررها على ممتهنها بل على الجميع وكافة الطبقات.
هذه المهنة – الآفة – الموهبة هي مسح حذاء المسؤول أو المأمول إنعامه (لعقا باللسان)، ولعق الحذاء بالمعنى المجازي تصوير كاريكاتيري مطابق للتزلف والتملق والنفاق.
ربما يقول قائل أن هذه الصفات لا تعدو كونها نقائص إنسانية معروفة منذ القدم، هذا صحيح .. لكن ظهورها وغيابها ظل على مر العصور مرهون بتوفر الظروف اللا زمة لازدهارها وتفشيها، وعصرنا الحالي يمثل البيئة الحاضنة الأمثل لترعرعها ويوفر الشرطين اللازمين لها وهما: مسؤول لا يمتلك الكفاءة، وطالب منفعة لايستحقها ويطمح للوصول لغايته قفزا عن الآخرين!!.
من موروثاتنا القميئة التي تمسكنا بها من الفترة العثمانية كانت الألقاب مثل : الأفندي والبيك ..الخ، لكن أرفعها كان لقب (الباشا) والذي يصبو الكل للحصول عليه، والطريف أن هذه الكلمة أصلها فارسي وتعني: حامل حذاء السلطان، أي أن أسمى ما يمكن أن يصل إليه مستوى المواطن هو حذاء السلطان !!
أليست هنالك صلة مباشرة إذن بين (لعق الحذاء) والترقي في الرتب للوصول الى مرتبة (الحذاء)؟؟.
طبعا لا يعني ذلك أن كل من ترقى واعتلى في الوظيفة مارس (اللعق)، فمن كان ارتقى بجدارته فذلك أمر محمود ولا تثريب عليه فلكل مجتهد نصيب، لكننا هنا لا نعني إلا فئة ممتهني (لعق الأحذية) طمعا في تجاوز امتحان الكفاءة والأولوية.
يبدأ النفاق للمسؤول من أدنى درجات السلم الوظيفي الاجتماعي وحتى قمة الهرم، فالموظف في الدائرة يرجع حسن أدائه الى حكمة مديره، ومهندس الأمانة يصرح للإذاعة بأنه ما كان للسيول التي تسد الطرق أن تتراجع لولا توجيهات عطوفة الأمين، أما رجل الاطفاء فيؤكد أن محاصرة النيران لم تكن لتنجح لولا توجيهات مدير الدفاع المدني.
وتظل نعمة التوجيهات الحكيمة تلاحق كل مسؤول مهما علا شأنه وارتفع منصبه حتى لتكاد تشعر بأنه بالتوجيه وحده يحيا الانسان وبدونه تتوقف الأعمال.
التزلف والتملق يظهر في أسطع صوره عند فئة المحيطين بالسلطان الذي يحيطونه بسوار من الحمد والتنزيه عن الخطأ، ويتنافسون على تدبيج المديح له، ويزاود بعضهم على بعض حتى تستهلك كل مفردات التبجيل والتعظيم، فينتقلوا الى مرحلة تصويره على أنه ملهَم لا يخطئ في قول قاله، ومعصوم لا يسأل عما يفعل، وعندما يصدق ذلك ويبدأ في اعطاء توجيهاته اللاحكيمة، تعلو بينهم الأصوات على أن زعيمهم أصبح ملهِما، وأنه الأغلى من الوطن والمواطنين جميعا، وهنا تقع الطامة الكبرى إذ يصبح بقاء الزعيم أهم من بقاء الوطن، وحياته ترخص دونها حياة المواطنين بأجمعهم.
هذه الأفة تكاد تكون مقتصرة على أمتنا، ولا شك أنها فرضت عليها بترتيب من القوة الغربية المهيمنة، لتُبقي الأمة منسدحة تتلفع أثواب الخيبة واالبوار، ولتديم حالة الانهزام والتبعية.
من هنا عندما هدر طوفان الأقصى منذرا بمحو كل تلك الأحوال المخزية، وعودة الأمة الى مبعث عزتها وكرامتها، رأينا كيف تم التوافق والتنسيق بين لاعقي احذية المستعمر ولاعقي أحذية هؤلاء اللاعقين، على التآمر على من فتح البوابة للطوفان الهادر، ومطالبة الكيان اللقيط بالقضاء على المقاومة قضاء مبرما.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: موقف عمومي
إقرأ أيضاً:
موقف صعب.. لاعبة تنس تختبئ خلف كرسي الحكم| ماذا حدث؟
أثار مشهد اختباء لاعبة التنس البريطانية إيما رادوكانو خلف كرسي الحكم بعد مطاردة رجل خلال بطولة دبي للتنس، حالة من الصدمة بين الموجودين بالملعب، مما دفع الشرطة إلى القاء القبض على الرجل عقب الحادث وأصدرت أمرا تقييديا له بعدم الاقتراب من اللاعبة.
تعرض إيما رادوكانو لموقف صعبكانت رادوكانو، البالغة من العمر 22 عامًا، ضحية لمطاردة أخري حدثت في السابق، حيث تم القبض على رجل حاول مطاردتها فى 2022.
ماذا حدث لرادوكانو في دبي؟وتلقت رادوكانو رسائل تهديد من رجل وعليه أبلغت رابطة محترفات التنس بالحادثة، وجرى إخطار فرق الأمن الخاصة بالبطولة، إلا أن الرجل تمكن من دخول الملعب حيث لعبت رادوكانو ضد كارولينا موتشوفا.
وأبلغت رادوكانو ، الحكم وعليه قام أفراد الأمن بإخراج الرجل، وبعدها استعادة رادوكانو رباطة جأشها واستأنفت المباراة، التي خسرتها بنتيجة 7-6 (8-6) 6-4.
حوادث وتعقب للاعباتلم تكن حادثة رادوكانو الأولي من نوعها فقد سبقتها زميلتها اللاعبة البريطانية كاتي بولتر التى أكدت لصحيفة الجارديان العام الماضي، أنه تم تعقبها من قبل أشخاص في سيارة، وفي الشهر الماضي، اتهمت لاعبة كرة السلة الأمريكية كيتلين كلارك لرجل قام بمطاردتها، و يلاحقها طوال موسم الملاعب.
من جانبها قالت رابطة محترفات التنس: "نهجنا يعترف بأن الحماية الفعالة متعددة الأوجه وتكون أقوى عندما يكون كل من يشارك في اللعبة مستثمرًا وملتزمًا بنفس المعايير".
في عام 1993، تعرضت المصنفة الأولى عالميا مونيكا سيليش للطعن في ظهرها أثناء وجودها في الملعب في إحدى بطولات رابطة محترفات التنس في هامبورج على يد أحد مشجعي التنس المجنونين - وهي الحادثة التي لا تزال حتى الآن أكثر أعمال العنف شهرة ضد لاعبة تنس.
وتشير تقارير صحفية إلى أن حادثة رادوكانو تشكل جرس إنذار للمجتمع الرياضي. إنها دعوة للعمل لحماية الرياضيين من الملاحقة وغيرها من التهديدات الأمنية. ويتعين على المجتمع الرياضي أن يضمن أن تكون أولويته القصوى هي سلامة ورفاهية الرياضيين الذين يكرسون حياتهم للرياضة، فضلا عن وضع تدابير وسياسات أمنية قوية لمنع وقوع حوادث مستقبلية.
ويتعين على عالم الرياضة أن يأخذ هذه الحادثة على محمل الجد وأن يعمل على خلق بيئة آمنة لجميع الرياضيين.