ماكينات متهالكة ومستلزمات معدومة.. جولة للجزيرة بمركز بورتسودان لغسيل الكلى
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
واجه كثير من مرضى الفشل الكلوي بالسودان حكما بالموت البطيء ترتفع احتمالاته كل يوم نتيجة استمرار المواجهات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، وسط انعدام مقومات العلاج.
وأظهرت مشاهد مرئية خاصة حصلت عليها شبكة الجزيرة، حجم ومعاناة المرضى في مركز بورتسودان لغسيل الكلى في ولاية البحر الأحمر، حيث يكتظ المركز بعدد كبير من المرضى الذين لا يحصلون على جلسات غسيل كافية نتيجة ارتفاع عدد الحالات المصابة، والتي تُوزع على عدد الأجهزة المحدودة في ظل شح وانعدام المستلزمات الطبية الضرورية.
تحدثت معنا الطفلة شيرين بصوت متعب أثناء عملية الغسيل الكلوي لها؛ عن رحلة نزوحها الصعبة للوصول إلى مركز بورتسودان لإجراء جلسة غسيل الكلى، قائلة: "أسعار الأدوية هنا غالية جدا لا نستطيع شراءها".
أما محمد الحسن يوسف المريض بالفشل الكلوي ويرأس جمعية مرضى الكلى ببورتسودان، فتحدث للجزيرة عن ارتفاع عدد الحالات القادمة إلى المركز، بسبب عمليات النزوح من الولايات التي تشهد مواجهات عسكرية، مما أدى إلى تقليص عدد جلسات غسيل الكلى للكثير منهم.
وقال يوسف وهو يجري عملية الغسيل إنه يقوم بثلاث جلسات غسيل للكلى في الأسبوع، ولكن مع ارتفاع عدد المرضى قُلصت إلى جلستين، وهو ما تسبب بمضاعفات مرضية للبعض بسبب ارتفاع نسبة السموم في الجسم، والتي أثرت في الكثير وأدت إلى وفاة البعض منهم.
انعدام مراكز الغسل للأطفالوأضاف محمد الحسن يوسف: "نحن نعاني في المركز من عدم وجود قسم متخصص للأطفال المصابين في ظل تزايد أعدادهم، وهو ما يتطلب توفير كوادر متخصصة ومؤهلة لتقديم الرعاية الطبية لهم".
وفي شهر مارس من العام الجاري، أعلن وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم أن حجم الدمار والتخريب في القطاع الصحي بلغ ما يقارب 11 مليار دولار، وأن الحرب أدت إلى تدمير مستشفيات بالكامل.
وفي ظل الحاجة العاجلة لدعم مراكز غسيل الفشل الكلوي في السودان، قالت وزارة الصحة الاتحادية في بيان لها نشرته في شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي، إن عدد مرضى الفشل الكلوي نحو 8 الآف مريض، جميعهم يتلقون العلاج في المراكز الموزعة على الولايات السودانية.
الحرب تفاقم معاناتهم
تتزايد معاناة مرضى الفشل الكلوي في السودان بفعل الحرب المتواصلة بين الجيش وقوات الدعم السريع، مما تسببت بتردي أوضاعهم الصحية، وتقول مدير مركز بورتسودان لأمراض وجراحة الكلى داليا الطاهر عمر، في حديث خاص مع الجزيرة: إن المركز يعاني من مشكلات تختلف عن الولايات الأخرى، أهمها مشكلة الكهرباء التي تشهد انقطاعات مستمرة تمتد لعدة ساعات.
وأوضحت أن المركز يفتقر للمولدات الكهربائية وللوقود لمعالجة مشاكل الانقطاعات وضمان استقرار التيار الكهربائي واستمرار جلسات غسيل الكلى، ووجهت شكرها لكل القطاعات والشركات العاملة في مجال النفط التي دعمت المركز بالوقود لمدة شهر كامل.
استهلاك ماكينات الغسيلوكشفت مديرة مركز بورتسودان الدكتورة داليا الطاهر أن ماكينات الغسيل الكلوي كثيرا ما تعاني من أعطال بسبب استخدامها في ورديات متعددة يوميا لاستيعاب احتياجات الغسيل، وهو ما تسبب بتوقف البعض منها. ونظرا لإغلاق معظم الشركات المتخصصة في صيانة الأجهزة الطبية، تحتاج إلى وقت أطول من أجل صيانتها.
وكشفت داليا أن المركز "يعاني أيضا من مشاكل أخرى منها المياه، خاصة وأن ولاية البحر الأحمر تعاني من مشكلات المياه في الصيف، ولهذا نحتاج إلى أكثر من 50 طنا من المياه يوميا"، في حين يستقبل المركز أعدادا كبيرة من المرضى النازحين.
من جهتها أشارت المديرة العامة بوزارة الصحة في ولاية البحر الأحمر أحلام عبد الرسول، إلى أنه رغم التحديات يعملون على زيادة عدد ماكينات الغسيل لتقديم الرعاية الطبية للأعداد المتزايدة من المرضى القادمين من كافة ولايات السودان.
وأضافت أن المركز يحتوي على 27 ماكينة غسيل جميعها بجودة متوسطة، وتعمل على أربع ورديات يوميا، ما تسبب بضغط كبير على هذه الأجهزة، وكشفت أن الضغط تسبب بتقليل كفاءة أداء هذا الماكينات في جلسات الغسيل للمرضى.
وأشارت أحلام في حديث مع الجزيرة إلى أنه في الكثير من الأوقات يضطر العاملون في المركز من المتخصصين والممرضين إلى تفعيل جلسات غسيل طارئة في نظام الوردية الخامسة بسبب ارتفاع عدد المرضى القادمين للمركز.
ولفتت إلى وعود من قبل جهات خارجية بإرسال عدد من ماكينات غسيل الكلى، والتي لم تُسلم لهم حتى اللحظة، وهنالك مركز في منطقة سنكات خارج بورتسودان يعمل بطاقة جيدة، ويوجد به 4 ماكينات للغسيل تستقبل المرضى الوافدين لتلك المناطق.
وفي يونيو/حزيران الماضي، اتهمت وزارة الصحة الاتحادية قوات الدعم السريع بقصف مركز غسيل الكلى بالفاشر، معتبرة أن استهداف المركز بمثابة حكم بالإعدام على أكثر من 50 من مرضى الكلى بالفاشر، وأنه خرق واضح للأعراف والقوانين الدولية.
وأعلن وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، عن تضرر القطاع الصحي بالبلاد بشكل كبير نتيجة استمرار الحرب وامتدادها في أكثر من ولاية، مما تسبب بمضاعفة المخاطر على أصحاب الأمراض المزمنة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مرضى الفشل الکلوی مرکز بورتسودان جلسات غسیل ارتفاع عدد غسیل الکلى أکثر من ما تسبب
إقرأ أيضاً:
للسياسيين فى (قراند بورتسودان).. السودان لم يعد كما كان
لا ادري هل تدرك قوانا السياسية فى الحكومة والمعارضة ان هنالك ثمة واقع جديد شكلته الحرب ام لا، ولكن عليهم ان يدركوا ان السودان بعد الحرب لن يحكم بالطرق القديمة وان هنالك (ماكيت جديد لنج)، انتجته ديناميكية المعركة سيكون ناظما للحراك المستقبلي فى اي مسعى لترتيب مشهد الحكم فى البلاد.
صعدت اثناء هذه الحرب قوى سياسية ومجتمعية، لم تدخل ميدان المعركة عبر اللافتات السياسية ولا المنصات الحزبية، باتت جزءا من تشكيل النسيج المؤثر فى تحريك خيوط الترتيب للمشهد القادم، وفي المقابل سقطت قوى اخرى من وجدان الشارع والناس لانها ابدت تماهيا مع انتهاكات المليشيا وفشلت فى امتحان الوطنية المكشوف وسقطت وسقطت وخسرت قلب المواطن الذى بحث عنها فى عز محنته فلم يجدها..
لا اعتقد ان بيئة مابعد الحرب ستكون مناسبة لحكم الأحزاب ووجودها على سدة الحكم، الاجدي ان تكون هنالك فترة انتقالية طويلة تعتمد التكنوقراط بوجود الجيش بعيدة عن عبث الممارسات القديمة، مرحلة يتعافى فيها الوطن من جراح الحرب، تعده الى مرحلة الانتخابات بعد تعقيمه وعلاجه من امراض الفساد السياسي والتسلط على رقاب الناس.
والافضل للاحزاب خلال هذه المرحلة ان تعود الى دورها وتنظم قواعدها – ان وجدت- وتقدم برامج حقيقية بعيدا عن الاكلشيهات المرحلية والهتافات والشعارات الزائفة، واستدعاء البطولات من كتب التاريخ.
الواقع السياسي القادم لن يتجاوز باي حال من الاحوال القوى الجديدة وتيار الشباب الثائر المرابط فى الخنادق والممسك بالبنادق، فهم يمثلون سلطة الشعب ، لم يستاذنوه ولم يقدمهم ولكنه علم باخلاصهم ووطنيتهم واعتمدهم زادا لمقبل الايام فى سودان ما بعد الحرب.
غير الممسكين بالزناد- الذين تدافعوا لتحرير السودان شبرا شبرا – هنالك ايقونات مدنية وتنظيمات شبابية صعدت مع الحرب عبر رافعة الافعال لا الاقوال ، وصارت معتمدة لدى الشارع وسيكون لها دور تاريخي مؤثر بعد الحرب ، فقد وجدهم الناس فى تنظيم التكايا وتقديم العلاج وتبني المبادرات الخيرة يهشون عنه الجوع والمسغبة ويطردون المرض عن جسده المنكوب ويحفظون حقه فى العيش بعزة وكرامة.
على قوانا السياسبة التى تجتمع فى بورتسودان الان ضمن مبادرة الحوار السوداني لتشكيل مرحلة مابعد الحرب بالتزامن مع اعلان تعديلات الوثيقة الدستورية، وتشكيل الحكومة الجديدة عليهم ادراك ان السودان الجديد فى مرحلة ما بعد الحرب لن يحكم بذات الادوات القديمة التى اورثتنا ما نحن عليه من دمار وحرب هددت وجود الدولة السودانية ووضعتها امام اصعب امتحانات البقاء على قيد الحياة..
الذين يحاولون اختطاف سلطة ما بعد الحرب ليتهم سجلوا زيارات الى المناطق المحررة ، واستمعوا لحماس الشباب الثأئر فى الخطوط الامامية ووقفوا على فيوض الوطنية التى تتدفق من الحناجر والخنادق، وعايشوا رهق اللحظات العصيبة للمشاركين من المجاهدين والمستنفرين وبراؤون وحتى منسوبي ثورة التغيير السودانية، هذا الامر عبر عنه الفريق اول ياسر العطا عضو مجلس السيادة ، مساعد القائد العام للجيش بقوله (كيزان يقاتلوا معانا فوق راسنا شباب غاضبون يقاتلوا معانا فوق راسنا شباب المقاومة يقاتلوا معانا وفوق راسنا)، وربما التقطه الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، القائد العام للحيش في تاكيده خلال لقائه بالرموز المجتمعية فى ام درمان مؤخرا بوجود تشكيلات شبابية صاعدة.
لو كنت مكان القائمين على امر الدولة لاستصحبت السياسيين المرابطين فى (فندق القراند) ببورتسودان الي مناطق العمليات والمواقع المحررة ليروا بام اعينهم ويدركوا ان امر السلطة فى السودان لن يعود مثلما كان ، وان زمن المحاصصات وعهد الانقياد الاعمى للولاءات القديمة قد انقضى وان زمان ( حيكورة) السلطة لفلان او علان قد مضى الى غير رجعة..
رأينا شباب القوى الجديدة فى الخطوط الامامية وفي المواقع المحررة ، يتدفقون كما السيول الجارفة يجمعهم حب الوطن ويؤلف بينهم الكاكي، شرف الجيش والوطن، يقبلون على حب البلد بافئدة خالية من ( كلسترول السياسة)، همهم بقاء السودان واحد موحدا وعزيزا كريما.. رايناهم فادركنا ان قوى حديثة تنهض متجاوزة الاحزاب المتكلسة وفشلها التاريخي..
لن نقول ان من يوجدون فى الخنادق الان ويمسكون بالبنادق يريدون السلطة، ولن ندعو كذلك لمحاصصة تاتي حسب مستوى المشاركة فى الحرب ولو قلنا ذلك سنكون محقين ، ولكن نوصي قوانا السياسية بان تستصحب الواقع الجديد فى سعيها للحفاظ على نفوذها السلطوي وحصتها فى كعكة الامتيازات.. فالسودان لم يعد كما كان… والشعب كذلك..
*محمد عبدالقادر*
صحيفة الكرامة
إنضم لقناة النيلين على واتساب