الضوضاء البيضاء.. تساعد على النوم ولكنها خطيرة وضارة
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
سواء أكان تكراراً لأصوات الطبيعة مثل خرير الماء أو تساقط الأمطار، أو التسجيلات الرتيبة لصوت مروحة الهواء أو مجفف الشعر.. يسعى ملايين الأشخاص حول العالم إلى تنزيل تطبيقات "الضوضاء البيضاء" على أمل الحصول على نوم أفضل أثناء الليل. ومع ذلك، تشير العديد من الأبحاث إلى احتمالية تسببها بالكثير من المخاطر.
حقيقة "الضوضاء البيضاء"الضوضاء البيضاء هي علمياً صوت الأزيز الصادر عن جميع الترددات التي يمكن للبشر سماعها، وتتردد بشكل عشوائي وبالشدة والوتيرة نفسها لمدة معينة من الوقت.
وخلال السنوات العشر الأخيرة، طُورت العديد من التطبيقات والأجهزة التي تستخدم مفهوم الضوضاء البيضاء أو غيرها من الأصوات "المريحة"، مثل طنين المروحة أو الأمواج المتلاطمة، لمساعدة الناس على النوم.
وترتكز إحدى النظريات وراء هذا النوع من الصناعة في أنها تساعد في إخفاء الأصوات المزعجة الأخرى مثل ضجيج الشوارع، والسبب الآخر هو أن الاستماع إلى الصوت نفسه كل ليلة قد يؤدي إلى نوع من الاستجابة التلقائية، حيث يربطها الناس بالنوم، وبالتالي تصبح العملية أكثر سلاسة وتلقائية، وفق تقرير نشرته صحيفة "ذي غارديان".
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعتمد الاستماع الآمن للضوضاء البيضاء على شدة "ارتفاع الصوت" ومدته وتكرار التعرض للأصوات، إذ تتحد هذه العوامل الثلاثة جميعها مع مستوى الطاقة الصوتية الذي تتعرض له الأذنان، وهو ما يحدد مدى أمان أو خطورة التعرض لتلك الضوضاء.
وبالنسبة لصغار السن وحديثي الولادة خصوصاً، قد تُسبب الضوضاء البيضاء مشاكل عديدة، إذ يقول بعض الباحثين إنها يمكن أن تؤدي للإصابة باضطرابات المعالجة السمعية، وذلك لأن الدماغ يتكيف بسرعة مع الصوت ويتوقف عن الاعتراف به كشيء يستحق الاستماع إليه حتى وإن كان في مستوى الصوت الآمن.
وهذا يعني أن الطفل الذي يواصل الاستماع للضوضاء البيضاء لمدة طويلة، قد يبدأ في اعتبارها مثل الهدوء التام مع الوقت، ويمكن لمثل تلك الحالة أن تُسبب مشكلات طويلة المدى في التعلُّم والكلام واللغة والتطور، بحسب موقع "أشا".
مخاطر تصل لفقدان السمع للأطفالإضافة لما سبق، يُعتقد أن التعرض لآلات الضوضاء البيضاء قد يعرض الأطفال لخطر الإصابة بفقدان السمع الناجم عن الضوضاء، أو تعطُّل نمو النظام السمعي، لأن تشريح آذانهم غير مهيأ بعد للتعامل مع مثل هذا النوع من المُدخلات.
وقد وجدت إحدى الدراسات الكندية التي أجراها باحثون في مستشفى تورنتو للأطفال عام 2014، أن العديد من آلات الضوضاء البيضاء التي اختبروها تجاوزت ما يمكن اعتباره نطاق ديسيبل الآمن للأطفال، والذي تحدد في ذلك الوقت بـ50 ديسيبلا فقط. واليوم، أصبح التصنيف الآمن يصل إلى 65 ديسيبلا، ولكن هذا لا يعني أنه آمن كلياً على الطفل بالضرورة، كما يبين موقع "سيف سليب سبيس"، وكذلك موقع "بوت شيرينغ كير".
ووجدت إحدى الدراسات كذلك أن العديد من آلات الضوضاء البيضاء المُباعة في الأسواق تجاوزت حدود الضوضاء الموصى بها، مما قد يكون خطيراً على حديثي السن بشكل خاص على المدى الطويل، وذلك وفق تقرير نشره موقع "إماس ديراي" البريطاني.
ولا تتوقف التأثيرات السلبية عند الصغار وقدراتهم السمعية التي لا تزال في طور النمو والتطور، بل قد تمتد للبالغين أيضاً.
فوفقًا للباحثين، تعددت التأثيرات العصبية المحتملة على الجهاز السمعي المركزي عند الصغار والبالغين على حدٍ سواء، لتشمل انخفاضا في التثبيط العصبي، أو ما يُعرف بالقدرة على تصفية وتنقية المعلومات غير المهمة، وإطالة مقدار الوقت الذي يستغرقه الدماغ لمعالجة المعلومات، وحتى في كيفية تمثيل وتشكيل المعلومات في الدماغ، بحسب "ساينس إلرات".
الضوضاء البيضاء تضر حتى بجودة النوموفي الوقت نفسه يتضح أن الضوضاء التي لا توقظك، تؤثر بصورة لا واعية في النوم، ويحدث ذلك من خلال تغيير الوقت الذي نقضيه في مراحل النوم المختلفة.
ومراحل النوم تبدأ من المرحلتين الخفيفتين الأولى والثانية، وصولاً إلى النوم العميق (الموجة البطيئة) وحركة العين السريعة.
ويتبين أن الضوضاء البيضاء يمكنها أن تزيد من مراحل النوم الأولى، وتقلل من نوم الموجة البطيئة ونوم حركة العين السريعة، أي المراحل الأعمق للنوم الضروري للتعافي والراحة.
قد تؤدي الضوضاء أيضًا إلى زيادة إنتاج الهرمونات في الجسم بسبب التنبيه الذي يحدث للعقل والجهاز العصبي خلال ساعات النوم، مثل الأدرينالين والكورتيزول، بالإضافة إلى ارتفاع معدل ضربات القلب وضغط الدم واستمرار الشعور بالنعاس وضعف الصحة العقلية.
وبشكل عام، يرتبط النوم السيئ على مدى فترة طويلة من الزمن بسبب سوء استخدام الضوضاء البيضاء؛ بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وزيادة الوزن والسكري من النوع الثاني وأنواع معينة من السرطان والسكتة الدماغية وزيادة استخدام أدوية النوم وانخفاض الصحة العامة، وفق "سليب فاودتشين".
معايير ضروريةورغم ما سبق، توصي أبحاث الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال باستخدام الضوضاء البيضاء بشكل حريص وواع، مع ضرورة عدم الاعتماد عليها كلياً في نوم الطفل. على أن توضع مصادر الصوت على بُعد 7 أقدام (200 سم) على الأقل من سرير الطفل، مع إبقاء مستوى الصوت في المعدّل الموصى به عالمياً، وفقا لتقرير نشره موقع "هيلث لاين".
وبشكل عام، يجب أن يبقى جهاز الضوضاء البيضاء عند أدنى مستوى صوت يساعد على النوم، على ألا يتجاوز 60 ديسيبلا أو أقل بالنسبة للأطفال، وأقل من 70 ديسيبلا للبالغين لتجنُّب أية أضرار محتملة، وفق موقع "أشا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات نفسي العدید من على النوم
إقرأ أيضاً:
متى يكون النوم ناقضًا للوضوء؟.. رأي المذاهب الفقهية
قدمت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بيانًا مفصلًا ردًا على سؤال ورد إليها حول حكم النوم وتأثيره على الوضوء، حيث عرضت اللجنة آراء المذاهب الأربعة مع توضيح الفروق بين حالات النوم المختلفة، وذلك على النحو الآتي:
فقسمت النوم إلى ثلاثة أنواع؛ أولها نوم المضطجع، وقد اتفق الأئمة الأربعة على أنه ناقض للوضوء قليلُه وكثيرُه، وهو المعتمد.
أما النوع الثاني فهو نوم الجالس، وهذا لا ينقض الوضوء إذا كان يسيرًا، وهو رأي أبي حنيفة ومالك وأحمد، وهو الراجح، بينما يرى الشافعي أن النوم لا ينقض عنده وضوء الجالس حتى وإن كثر، ما دام مُمكِّنًا لموضع الحدث من الأرض.
وجاء النوع الثالث في نوم القائم والساجد والراكع، وهو ناقض للوضوء عند الشافعي ورواية عن أحمد، في حين قال أبو حنيفة بعدم نقض الوضوء في هذه الحالات لمن كان على هيئة من هيئات المصلّي سواء داخل الصلاة أو خارجها.
وفي سياق متصل، أوضح الدكتور محمد عبد السميع أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء أن النوم لا ينقض الوضوء إذا كان يسيرًا وكان الإنسان جالسًا على هيئة المتمكن؛ أي إذا أحسّ بخروج شيء لأمكنه الشعور به.
وأضاف أن النوم أثناء خطبة الجمعة ينافي مقصود الاستماع والإنصات ولا يبطل الصلاة، لكنه ينقص من الثواب، مشيرًا إلى أن على المتوضئ تجنب الجلسات التي تقرّبه من الغفلة.
وأكد أن من نام على جلسة المتمكن فوضوؤه باقٍ صحيحًا، وله أن يصلي دون إعادة الوضوء.
رأي المذاهب الفقهية الأربعة
كما عرضت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي اختلاف العلماء حول ما إذا كان النوم ناقضًا للوضوء أم لا، وجاءت الأقوال خمسة:
الأول أن النوم ينقض الوضوء مطلقًا قليلُه وكثيرُه بأي هيئة، وهو قول إسحاق والمزني والحسن البصري وابن المنذر، مستدلين بحديث صفوان بن عسال الذي عدَّ النوم من النواقض دون تقييد.
أما القول الثاني فيرى أن النوم ليس ناقضًا مطلقًا، مستندين لحديث أنس بن مالك: أن الصحابة كانوا ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون.
وجاء القول الثالث بأن من نام مُمكِّنًا مقعدته من الأرض لم ينتقض وضوؤه، وإن لم يكن كذلك انتقض على أي هيئة، وهو مذهب الحنفية والشافعية.
أما القول الرابع فهو أن النوم ناقض للوضوء إلا النوم اليسير من القاعد والقائم؛ إذ يكون موضع الحدث مضمومًا فيغلب على الظن عدم خروج شيء.
وجاء القول الخامس بأن كثير النوم ينقض الوضوء في كل حال دون قليله، وهو قول مالك ورواية عن أحمد، موضحين أن الكثير هو النوم المستغرق الذي لا يشعر فيه النائم بخروج الحدث، بينما القليل هو الذي يشعر فيه لو حدث شيء، مستدلين بقول النبي ﷺ: «العين وِكَاء السَّهِ، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء»، أي أن اليقظة بمنزلة الرباط الحافظ لما قد يخرج.