محمد الضيف ومجزرة المواصي والمفاوضات
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مجزرة مكتملة الأركان في حي المواصي الذي اعتبره الإسرائيليون منطقة خضراء لنزوح المدنيين، أرقام الشهداء لم تعد تعبر عن شيء، مئة شهيد أو ثلاثمائة لا يهم، أما الإصابات فحدث ولا حرج، المجزرة يصاحبها أنباء عن مقتل محمد الضيف رئيس أركان منظمة حماس في قطاع غزة، احتفالات في تل أبيب ابتهاجا بهذا النبأ الذي لم يتأكد من صحته، تلك الاحتفالات لم تكن قاصرة على مكتب رئيس الوزراء نتنياهو أو وزير دفاعه جالاند ولكنها امتدت إلى فنادق إسرائيل لتعلن في مكبرات الصوت الداخلية عن اغتيال محمد الضيف.
وقبل المجزرة وذلك الخبر الذي لم يتأكد عن اغتيال محمد الضيف شهدنا جولات ومذكرات وعروض متقاربة للهدنة ولكنها لا تريد أن تجيء، وتأخر تنفيذ إتفاق الهدنة ليس لغزا حتى يصعب حله، لأننا في مواجهة السياسة صاحبة الألف وجه، منذ ستة أسابيع يقف الرئيس الأمريكي بايدن ليعلن عن ما يشبه المبادرة التي قد تحقن الدماء، ويتلقف الأطراف ورقة بايدن للدرس والتمحيص وتنتهي الزوبعة الإعلامية بالموقف الأشهر في هذه الحرب وهو موقف"محلك سر".
المشهد يبدو واضحا لا بايدن يريد إنهاء الحرب ولا الثعلب الماكر نتنياهو يريد أيضا، حماس قدمت بالفعل نوايا حسنة نحو ورقة بايدن بل وزادت عليها بعدم تمسكها بالحكم في غزة بعد وقف الحرب، ولكن يصدمنا الإعلام الإسرائيلي يوميا بكل ما هو عجيب، نجد المسؤول الأول في الجيش مصطدما مع المسؤول الأول في الحكومة، ويتحزب فريق لكل منها ليفند وجهة النظر التي ينتمي إليها، وما إن تهدأ عواصفهم المفتعلة نكتشف استشهاد المئات من الفلسطينيين ودك عشرات البيوت، وكأننا في مسرحية سوداء نشارك فيها بدور المتفرج، أما أبطال خشبة المسرح نجد أنهم كلهم وبالاجماع خصومنا.
الضربة الإسرائيلية على منطقة المواصي غرب خان يونس جنوبي غزة وهي المنطقة المليئة بالنازحين المدنيين الأبرياء، تفتح المجال من جديد للحديث عن مصير المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، محمد الضيف المولود عام 1965 ليس كادرا عاديا في المنظمة حتى تمر محاولة اغتياله مرور الكرام أمام عيون قادة حماس المقيمين في قطر، وحتى رافع سلامة قائد لواء خانيونس الذي جاء اسمه في محاولة الاغتيال يعتبر واحدا من القادة المعدودين على الأصابع في جنوب غزة الذين مازالوا على قيد الحياة.
المحادثات التي تتم في قطر ومصر بشأن اتفاق تدعمه واشنطن يسمح بوقف القتال في غزة، من أجل إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس صار بين خيارين إما توقف على المدى القريب حتى تسترد حماس قليلا من عافيتها، أو استعجالا للتوقيع بعد أن خارت قوى يحيى السنوار الذي بات بين المطرقة والسندان.
في حال التوقف المؤقت سيكون الأمر محدد باسترداد جزء من كرامة المنظمة، وفي حالة الضغط الأمريكي بهدف تعجيل الهدنة سيكون تعاطيا مع مفردات واقع جديد مؤلم على المنظمة ولكنه طريق وحيد لوقف المجازر التي لا نهاية لها.
وقبل التفاؤل والتشاؤم في مسألة الهدنة علينا أن نراجع تصريحات نتنياهو قبل المجزرة بيوم واحد عندما أعلن أن محور فيلادلفيا سيظل تحت سيطرة إسرائيل هذا الإعلان في حد ذاته قادر على نسف أي كلام عن المفاوضات، لأن مسألة بقاء القوات الإسرائيلية على الحدود هي مسألة مرفوضة تمام سواء من مصر التي تتوسط في المحادثات أو من حماس وهي الطرف الآخر المواجه لإسرائيل في المفاوضات.
وهنا تبرز فكرة تأسيس نظام مراقبة إلكتروني على الحدود بين قطاع غزة ومصر، لو سارت هذه الفكرة في مسارها الطبيعي من الممكن أن نشهد انسحابا للقوات الإسرائيلية من المنطقة إذا تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: محمد الضيف اغتيال محمد الضيف حرب غزة محمد الضیف
إقرأ أيضاً:
لاءات نتنياهو التي حطمتها المقاومة في غزة
منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عقب طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لطالما تبنى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواقف صارمة تجاه حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رافضًا التفاوض المباشر معها أو تقديم أي تنازلات قد تُفسر كضعف أمام المقاومة الفلسطينية.
هذه المواقف تُرجمت إلى لاءات واضحة أبرزها: لا لوقف الحرب، لا للخروج من غزة، لا لتبادل الأسرى، لا لعودة النازحين إلى شمال القطاع، ولا لرفع الحصار، لا للانسحاب من محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر.
لكن بعد أشهر من جولات المفاوضات التي تواصلت أحيانا وانتكست أحيانا أخرى، وبعد تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بضرورة وقف إطلاق النار قبل توليه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، تم الإعلان في العاصمة القطرية الدوحة عن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
الإعلان الذي صدر في 15 يناير/كانون الثاني 2025، كشف عن هشاشة وضعف الموقف الإسرائيلي، ما يتنافى مع ما نطق به نتنياهو عندما أعلن عن لاءاته. وأثار هذا الاتفاق الذي جاء بعد مفاوضات شاقة، تخللتها اتهامات متبادلة بين الأطراف المعنية، تساؤلات حول مدى صلابة المواقف الإسرائيلية السابقة.
إعلانوفي المقابل، فإن حركة حماس تمسكت بمطالبها الأساسية المتمثلة في وقف العدوان وانسحاب كامل لإسرائيل من القطاع، كشروط أساسية للقبول بأي اتفاق، وهو ما حققته في النهاية.
تحطيم اللاءاتالاتفاق الذي وافقت عليه إسرائيل ويبدأ سريانه الساعة الثامنة والنصف من صباح غد الأحد بتوقيت غزة، نسف كل هذه اللاءات المزعومة، ففيه ستوقف إسرائيل القصف وحرب الإبادة التي بدأتها منذ (470) يوما، وراح ضحيتها ما يصل إلى 47 ألف شهيد وأكثر من 110 ألف مصاب، وستسحب قواتها بشكل تدريجي من غزة، بحيث ينتهي تواجدها بشكل كامل في القطاع بنهاية المرحلة الثانية من الاتفاق.
وفي حين تمسك نتنياهو بالتواجد العسكري في ممر فيلادلفيا، فإن الاتفاق نص على أن تخفض إسرائيل قواتها تدريجيا في منطقة الممر، كما نص على فتح معبر رفح والسماح بدخول كميات كافية من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والوقود يوميا.
أما تبادل الأسرى، فقد نجحت حماس في فرض مطالبها على الاحتلال، فعلى سبيل المثال، وبحسب المرحلة الأولى للاتفاق، تُطلق إسرائيل سراح 30 طفلا وامرأة فلسطينية من سجونها مقابل كل محتجز إسرائيلي تطلقه، كما تُطلق إسرائيل سراح 50 أسيرا فلسطينيا مقابل كل مجندة إسرائيلية محتجزة لدى حماس.
ومقابل إطلاق سراح 30 أسيرا فلسطينيا من سجون الاحتلال من كبار السن والمرضى، تطلق حماس سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء من كبار السن والمرضى والجرحى المدنيين.
صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أشارت إلى أن هذا التحول يعكس تغيرًا في الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث باتت الحكومة تُولي أهمية أكبر لتجنب التصعيد طويل الأمد.
وفي تعليقه على الاتفاق يقول رئيس معهد أبحاث اﻷمن القومي في جامعة تل أبيب، تامير هايمان، في نقاش على قناة 12 الإسرائيلية، إن حماس ستبقى صاحبة السيادة في قطاع غزة، وهذا يتناقض مع أحد أهداف الحرب، وهذا قد يسمح لها في نهاية اﻷمر بتعزيز قوتها.
إعلانبدوره، يؤكد يوسي يهوشوع محلل الشؤون العسكرية في قناة "i24" أن "نتيجة هذه الصفقة تشير إلى إخفاق نتنياهو سياسيا، وإلى إخفاق الجيش ورئيس اﻷركان هرتسي هاليفي في تنفيذ المهمة وفي تحقيق اﻻنتصار على حماس الذي كثيرا ما وعدوا به.
صمود وضغوطويبدو أنه مع صمود المقاومة رغم كل ما تعرضت له من قصف واستهداف لقادتها، فضلا عن تزايد الضغوط الداخلية والخارجية، وجد نتنياهو نفسه مضطرًا للتخلي عن لاءاته، وربما لم يكن في وضع يسمح له بالتمسك بمواقفه السابقة، خاصة في ظل تزايد الغضب الشعبي داخل إسرائيل لاسيما من أهالي الأسرى المحتجزين لدى حماس، وضغوط المجتمع الدولي، خاصة بعد فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
كما أن استمرار العدوان على غزة كلف إسرائيل سياسيًا واقتصاديًا، خصوصًا مع الانتقادات الدولية المتزايدة لانتهاكات حقوق الإنسان.
لذلك، فإن الاتفاق الأخير يأتي بتكلفة سياسية كبيرة لنتنياهو، فقد تراجعت لاءاته التقليدية الرافضة لوقف إطلاق النار دون شروط مسبقة أو لتقديم أي تنازلات، هذا التراجع قد يضعف شعبيته، خاصة بين قاعدته اليمينية التي ترى في الاتفاق خضوعًا لشروط المقاومة الفلسطينية.
وبالنسبة لحماس، يمثل الاتفاق انتصارًا سياسيًا ومعنويًا، فالحركة استطاعت فرض شروطها، بما في ذلك وقف إطلاق النار المتبادل وتخفيف الحصار وتبادل الأسرى، وهي مكاسب ستُعزز من شعبيتها داخل غزة وخارجها، حيث ترى الحركة أنها نجحت في انتزاع تنازلات من إسرائيل بفضل صمودها.
كما أن الاتفاق يتيح لحماس إعادة ترتيب أوراقها داخليًا، من خلال تحسين الظروف المعيشية في غزة، وتعزيز قدراتها العسكرية، والتحضير لجولات مستقبلية من المفاوضات أو المواجهات.
وأخيرا، فإن التوصل للاتفاق بعد كل الجولات السابقة، هو رسالة للمجتمع الدولي بأن القضية الفلسطينية ما زالت حية، وأن أي تجاهل لها سيؤدي إلى تصعيد مستمر يؤثر على استقرار المنطقة بأسرها.
إعلان