«كسلا البحر الاحمر».. التحديات الأمنية الواقع والمأمول
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
كسلا : إنتصار تقلاوي
يعرف ومنذ القدم ان الواقع الجغرافي لولايات شرق السودان(كسلا ـ القضارف ـ البحر الاحمر) افرز تداعيات امنية واجتماعية اذ ان الجوار مع دولتي اريتريا واثيوبيا والانفتاح علي دول القرن الافريقي وشرق افريقا له ماله من اثار سالبة خاصة وان الامر اذا تعلق بالجرائم الحدودية العابرة التي باتت تنشط في الاونة بصورة مقلقة خاصة تهريب المخدرات والسلاح وتجارة البشر ، الامر الذي القي اعباء امنية كبيرة علي ولايات الشرق لمواجهتها في ظل حدود مفتوحة وممتدة لمئات الكيلومترات رغم الاجتهادات المبذولة من حكومات الولايات الشرقية طوال الفترات الماضية وفق ماهو متاح من امكانيات.
ولاية البحر الاحمر التي استقبلت اعدادا كبيرة من الفارين من جحيم الحرب من الاسر السودانية ورعايا الدول الاجنبية واجلائهم عبر مواني البحر الاحمر الجوية والبحرية وضع الولاية امام تحدي امني كبير لمواجهة أي تداعيات قد يكون لها ارتباطات بهذه الحرب مما دفع حكومة ولاية البحر الاحمر لاهميتها الاسترتايجية ان تعلي من شان الحس الامني وامتداده علي مستوي الولايات المجاورة لها وليس مقتصرا علي داخل حدود الولاية لمزيد من وضع التحوطات لتامين الولاية والبلاد بصورة عامة اذ ان الولاية اصبحت هي الوجهة الرئيسية لاستقبال واردات وصادرات السودان.
هذا الواقع الذي فرضته الظروف الحالية دفع من حكومة ولاية البحر الاحمر ممثلة في لجنة امنها برئاسة واليها فتح الله الحاج احمد ان تكون حضورا في اجتماع تنسيقي مع لجنة امن ولاية كسلا جمعت شمله قاعة شرطة ولاية كسلا برئاسة والي كسلا خوجلي حمد عبد الله رئيس لجنة امن الولاية. الصورة العامة لعقد الاجتماع الذي اعتبر الاول في الاجتماعات التنسيقية بين لجان امن الولايتين وماتم فيه من نقاش وتداول مستفيض بالتركيز علي الجوانب الامنية بصفة خاصة .
امن علي ان يكون التنسيق المحكم بين الولايتين هو العامل الرئيس لمحاربة جرائم الحدود ومكافحة انشطت التهريب بانواعه سواء كان تهريبا للبشر اوالسلاح والمخدرات في وقت تشهد فيه البلاد اوضاعا امنية وظروفا استثنائية .
جملة من النقاشات من مختلف الجهات التي تكون لجنة امن الولايتين بحضور قائد المنطقة العسكرية الشرقية اللواء العماس بهدف الوصول الي نقاط يتم الاتفاق عليها واتخاذها اساسا لعملية تحقيق امن الولايتين والبلاد عامة.
والي كسلا عقب الفراغ من الاجتماع ادلي بتصريحات عبر فيها عن شكره لمبادرة من ولاية البحر الاحمر واتخاذها خطوة التشاور الامني بين الولايتين وبحث سبل احكام التنسيق في العمل الامني بالنظر الي وضع الولايتين الجغرافي وكل ماقود الي معالجة مواطن الهشاشة الامنية الضعف وصولا الي الحفاظ علي امن الولايتين والسودان عامة.
ووصف الوالي ان الاجتماع خرج بجملة مهمة تساهم في اعلاء قيمة الحس الامن بين الولايتين ووقف تدفق المخدرات وتهريب البشر والسلاح وغيرها من مهددات امنية. ونوه الوالي الي ماتم ضبطه اسلحة وذخائر بالولايتين ومايدعو الي احكام التنسيق وسد الحدود امام المحاولات لاختراقها وتجفيف تجارة المخدرات والاتجار بالبشر باعتبارها تجارة غير شرعية ونشطة في الاونة الاخيرة.
وامن ايضا علي مسالة تبادل التجارب والخبرات والتي تعزز من تقوية فرص الولايتين .
وذكر ان القرارات التي خرج بها الاجتماع التنسيقي الاول تصب في مصلحة الولايتين خاصة والسودان عامة في ظل الاستهداف الذي تتعرض له البلاد وستضع هذه القرارات عند تنفيذها حدا لاي تفلت اوهشاشة امنية يمكن ان تحدث.
والي البحر الاحمر فتح الله الحاج احمد عبر عن سعاته بوجودهم في كسلا وامن علي اهمية عقد الاجتماع خاصة وان الولايتان ولايتي جوار.
ونوه الي ان هنالك خطة امنية محكمة وتنسيق بين القوات المشتركة للولايتين ستعل علي سد الثغرات حتي يتم التامين كاملا لشرق السودان ويتطلب هذا الامر يتطلب مزيدا من الجهد والتنسيق المشترك. واستعرض قائد منطقة البحر الاحمر العسكرية اللواء ركن محمد عثمان حمد ما خرج به الاجتماع من مقررات التي منها ضرورة وضع خطة امنية مشتركة لاحكام السيطرة علي حدود الولايتين وتنشيط الاطواف المشتركة وانشاء محطات عسكرية في المناطق .
وقال ان القرارات سيتم تنفيذها من الفرق العسكرية المجاورة عبر تبادل الخبرات بين لجان امن الولايتين. قائد الفرقة 11 مشاه بكسلا اللواء ركن حسن ابوزيد قال ان الاجتماع هدف الي تنسيق الاعمال الامنية في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البلاد والاعباء الكبيرة الملقاة علي عاتق علي الولايتين والانقطاع من المركز وذلك من حيث ترتيب امور البلادبعد توقف الطيران.
واضاف ابوزيد ان كسلا تعتبر معبر حقيقيا لبقية ولايات السودان وهذا في حد ذاته يدعو الي تامين وصول الامدادات وكافة المعينات الخاصة بالخدمات والسلع الاستراتيجية التي تستقبلها ولاية البحر الاحمر وبالنظر الي ان الولايتان تشهدان عمليات تهريب متنوعة اضافة الي افرا زات الحرب التي تتمثل في تهريب الوقود للمتمردين والسلاح والمسيرات.
واوضح ابوزيد ان الاجتماع تطرق ايضا الي للتحديات الماثلة والثغرات الامنية الموجودة التي استغلها الاعداء من مناطق لم تتم تغطيتها بالصورة المطلوبة .واكد ان القرارات اذا تم تنفيذها ستضمن امن الولايتين والسودان وانسياب السلع الاساسية الي كل السودان. من جانبه كشف مدير شرطة ولاية البحر الاحمر اللواء شرطة دكتور نصر الدين محمد فضل المولي عن وضعهم لخطة امنية استثنائية لاستتاب الامن بولاية البحر الاحمر في ظل الاوضاع الامنية بالبلاد خاصة وان ولاية البحر الاحمر اصبحت قبلة لكل اهل السودان مما دعي لان تكون هنالك خططا امنية محكومة مع ولايات الجوار.
واشار الي استنرارية عقد اجتماعات اللجان الامنية مع ولايات الجوار لمتابعة تنفيذ القرارات التي يتم استصدارها. واوضح اللواء شرطة حقوقي دكتور سفيان عبد الوهاب مدير شرطة ولاية كسلا ان الاجتماع خرج بقرارات صارمة ستنعكس ايجابا علي البلاد اضافة الي استصدار تشريع يجرم الجرائم التي تتم عبر الحدود موضحا ان الاجتماعات ستنعقد بصورة راتبة حتي تتم مناقشة ماتخرج به الاجتماعات من قرارات يتم تنفيذها باعتبار ان هنالك شواغل امنية بين كسلا والبحر الاحمر ولديهما حدود دولية مشتركة لابد من تامينها.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: الأمنية البحر الاحمر التحديات كسلا
إقرأ أيضاً:
نقد الواقع وتعديله
يمر الواقع الثوري بمرحلة ركود غير مبررة، ثمة صمت، وعزوف، وثمة ركود سياسي، وثقافي، واجتماعي، يفترض مناقشته حتى نشعل جذوته، فنحن في مرحلة هدنة في الجبهات وفي حالة انفصال عن قضايا المجتمع، وقد صرفنا النظر عن القضايا كي نفرد مساحة للقضايا الإقليمية، ولكننا استغرقنا أنفسنا في القضايا الإقليمية وتركنا واقعنا للحرب الناعمة الثقافية والاجتماعية، وذلك خيار يفترض مراجعته من أجل أن نحدث حالة من التوازن بين ما هو إقليمي وما هو وطني، فلسنا بمنأى عن حركة الاستهداف، كما أن العدوان ما يزال يشتغل في واقعنا الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي وسكوتنا وعدم تفاعلنا سيترك أثرا غير محمود على قضايانا الوطنية .
فالثورة كما – يقول المفكرون – تعبير اجتماعي رافض للسائد ومتطلع للأفضل، ويجمع الكل على ضرورتها فهي من سنن الله في التدافع خوف الفساد في الأرض، لكن الغايات والأهداف تصبح موضوع نقاش، فكل الثورات في التاريخ التي حدثت دفعت فسادا وظلت غاياتها وأهدافها موضوع نقاش، ولذلك فكل ثورة جوهرها نبل المنطلق وهي قابلة للتجدد إذا حدث الانحراف في مسارها، ففي التاريخ الإسلامي وفي القرن الأول الهجري، يجمع الكل من عرب وعجم على نبل الثورة الثقافية التي قادها الرسول الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام، لكن حالات الانحراف التي بدلت في الجوهر تظل محل نقاش، ولو نلاحظ هو نقاش مستمر منذ القرن الأول الهجري إلى اليوم .
فثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت تدفع فسادا وقد نجحت في ذلك من خلال أثرها في الفكر وفي المسار الاجتماعي والسياسي والثقافي، وليس من خلال النتائج العسكرية الظاهرة التي أفضت إلى خذلان الناس للحق بالركون إلى الباطل ومناصرته، أو من خلال استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، ذلك أن دم الحسين عليه السلام ظل ثورة متقدة عبر العصور وعلى مر الزمان وسيظل كذلك، وكان تأثير الثورة الحسينية على السفيانيين تأثيرا كبيرا فقد أحدثت تغييرا في القناعات كما يؤثر عن يزيد بن معاوية، وماجت الأرض من تحت أقدام آل أبي سفيان ولم تستقر إلا بعد أمد عند المروانيين، وفي كل ذلك الزمن الذي حكم فيه بنو أمية ظلت الثورة متقدة الأوار ولم تخمد جمرتها .
فالثورة – كما سلف القول – ضرورة اجتماعية لكن غايتها تظل محل خلاف ونقاش ولو حملت مشروعا سياسيا ناهضا، ذلك أن الطبيعة البشرية ذات نزوع إلى الأمجاد والمصالح، وفي طبائع العرب نزوع دوما إلى التمحور حول الذات، فالغاية عند العرب في مدى الأثر الذي تتركه الثورة على مناصريها وليس على جموع الناس، ومثل ذلك قناعة ثقافية عمل الإسلام على تشذيبها لكنها ظلت دائمة الحضور في تفاصيل التفاعل اليومي للثورات التي قامت في الديار الإسلامية عبر حقب التاريخ .
فالحسين عليه السلام لم يثر من أجل دنيا أو منافع أو مصالح بل ثار من أجل تعديل مسار كان يجب أن يعدل قبل أن يصبح ضرره كبيرا وأثره غير قابل للتعديل، وثورة الحسين عليه السلام تعلمنا روح التضحية من أجل الغايات الكبرى والأهداف العظيمة للأمة وهو المسار نفسه الذي رأينا عليه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي فقد بذل نفسه من أجل غايات كبرى ولم ينتظر غرضا من الدنيا زائل وكان بمقدوره أن يتفاوض عليه ويناله وقد عرض عليه يومذاك .
ومن هنا يمكن القول أن أي انحراف يحدث في المسار العام لا يخدش نبل الهدف الذي قامت على أسسه الثورة اليمنية المعاصرة، فالقضية نسبية وهي خاضعة للاجتهاد، وحتى نستعيد وعينا بذاتنا وبالقيم الثورية الحسينية نحن مطالبون بالتقييم المستمر للتفاعل اليومي مع مفردات الواقع قبل أن يجرفنا تيار المصالح إلى مهاوي سحيقة .
ثمة ظاهرة تبرز في واقعنا نجد لها تعديلا في القرآن ولا بد من الاحتكام إلى آياته ونصوصه القطعية التي لا تقبل التأويل، ونحن مطالبون – كما يؤكد قائد الثورة في الكثير من خطاباته ومحاضراته التواصي بالحق – وقد وقف قائد الثورة كثيرا عند فكرة التواصي بالحق والصبر، وهو يدرك أثر التواصي بالحق والتواصي بالصبر في المسار السياسي والثقافي وأثرهما البالغ في المسار العسكري والاجتماعي، ولذلك لم أستغرب إسهابه وإطنابه في الحديث عنهما ومناقشة أبعادهما في التعديل وأثرهما في سلامة الطريقة والمنهج الذي نراه سبيلا للحياة الحرة والكريمة .
ما يحدث في واقعنا اليوم من تفاعلات تترك أثرا غير محمود في المسار، وهي في غالبها تفاعلات لا تمثل توجها عاما لكنها اجتهادات فردية غير محمودة العواقب وقد ضبطها القرآن الكريم في لآية رقم 94من سورة النساء التي تقول في معناها إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا …..إلخ الآية .
ومن باب التواصي بالحق الذي يؤكد عليه قائد المسيرة القرآنية قائد الثورة لا بد لنا من الوقوف أمام الظواهر التي يراها الناس في الواقع وهي دالة على التمايز، وعلى قضايا أخرى يدركها كل ذي طبع سليم وفهم غير سقيم، ومعالجة الظواهر حال إدراكنا لها تصحيح مستمر للمسار الثوري، حتى نحد من أثر الانحراف في المسار الثوري ولنا في تاريخ الثورات عبرة إن أردنا لثورتنا نجاحا .