عربي21:
2024-12-27@01:25:17 GMT

حكاية شعب آخر.. يوميات معتقل (1)

تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT

اسمي ليس "ماهر البنا"، وليس بإمكاني نشر صورتي مع مقال لا يحمل اسمي، فالوحش الذي مسح اسمي هو نفسه الوحش الذي مسح وجهي، وطمس هويتي، وصادر حريتي، وأفسد وجودي وحياتي..

لذلك أرجو أن تعتبروا غياب الشخص، فرصة جيدة لحضور الموضوع والاهتمام به، بعيدا عن كل الحساسيات التي نتعامل بها مع هوية وأفكار من نقرأ لهم ونحن نعرفهم مسبقا.

.

أنا مواطن عادي جدا، تربيت على وطنية الراديو والأناشيد المدرسية والصحف اليومية وخطب الرؤساء، أعجبتني قضية الدفاع عن الوطن وقضاياه ضد الأعداء الأوغاد الذين يتربصون ببلادنا ولا يريدون لها الخير، وهؤلاء الأعداء لا أعرفهم ولم أتعامل معهم ولم أرهم في أي وقت، لكنني عرفت أنهم أعداء خبثاء من الإذاعة التي استمتعت فيها لحكايات كثيرة عن التضحية من أجل الوطن، وأعجبتني الأغاني التي تمجد الفدائيين، وكنت أردد بصدق: أموت أعيش.. ما يهمنيش.. كفاية أشوف علم العروبة باقي.. فدائي.. فدائي.. فدائي.

بين يوم وليلة صرت منبوذا ومصنفا كمعارض للسياسة الرسمية للدولة، التي لا زلت أغني في حبها الأغاني الوطنية التي اختفت رويدا من الإذاعة، وحلت محلها أغاني جديدة لا تتحدث عن الأعداء!
استيقظت في اليوم التالي وجدت الإذاعة نفسها تتحدث عن صلح مع الأعداء، فهم لم يعودوا خبثاء، ولا أوغاد، بل أصدقاء وأولاد عمومة، وبيننا مصالح كثيرة مشتركة ستجلب الرخاء والسلام للناس وللبلاد!

مثل آخرين غيري لم أصدق الحديث الجديد المختلف للإذاعة، ربما لأن تربية الإنسان البسيط على مبادئ معينة، تجعله يتعامل معه بوجدان مخلص، ويصدق بطريقة تجعل الأفكار الأولى جزء أصيل من تكوينه الأخلاقي..

بين يوم وليلة صرت منبوذا ومصنفا كمعارض للسياسة الرسمية للدولة، التي لا زلت أغني في حبها الأغاني الوطنية التي اختفت رويدا من الإذاعة، وحلت محلها أغاني جديدة لا تتحدث عن الأعداء!

يوما بعد يوم تحولت (أنا وأمثالي من أصحاب الذاكرة الوطنية القديمة)، إلى "أعداء خبثاء أوغاد" نعمل ضد الوطن الذي يؤينا! وأصابتني صدمة نفسية مربكة عندما اقتادني الأمن ذات ليلة معصوب العينين، وألقوا بي في المعتقل بتهمة العداء والتآمر ضد الوطن!..

أنا وطني وأحب بلادي، لكن..

- انت بتقول لكن؟.. مصيبتك هي لكن.. مصيبتك انك عديم المرونة، ولا تتفاعل بسهولة مع المتغيرات الوطنية والمستجدات الضرورية التي نعلنها للجميع في الإذاعة.

لكن الإذاعة نفسها أخبرتنا قبل ذلك بـ..

- تاني بتقول لكن؟ الكلام القديم حصل فيه متغيرات، والمواطن الصالح لازم يتجاوب ويتفاعل مع المتغيرات كما نخبركم بها في الإذاعة.

والأعداء؟ ودم الشهداء؟ ورمل سينا؟ وفلسطين؟ والفدائيين؟ والعروبة؟ ومفيش مكان للأمريكان بين الديار؟ ومثلث "لا صلح.. لا اعتراف.. لا تفاوض".. مش كل دي حاجات حفظتها لنا الإذاعة الوطنية في نفس الدولة الوطنية.. يبقى مين اللي خان البلد وأهدافها ومبادئها وانقلب على وطنيتها؟

- طالما مصمم تتكلم بهذا الأسلوب فالكلام معاك انتهى.. سكت الكلام.. خدوووه.

سكت الكلام؟!

سكت الكلام عندكم يعني، لا حوار ولا تفاوض ولا اعتراف من جانبكم بي وبأمثالي..!

سكت الكلام عندكم يعني قطع ألسنة، واعتقال بلا تهمة، وتعذيب، ولا مانع من قطع الرقاب إذا استدعى الأمر..!

أعيش في المعتقل، ليس لدينا إذاعة، وليس لدينا مدارس، وليس لدينا رؤساء يلقون الخطابات والتصريحات الكاذبة، لدينا حياة أخرى، لأننا شعب آخر، شعب يعيش ويتعذب ويفكر ويتعامل بطريقة مختلفة عما يحدث خارج الأسوار، نحن شعب منبوذ ومعزول وراء جدران السجون، لأننا لم نقبل بالتعاون والتهاون مع الأعداء
سكت الكلام.. صارت عقابا منكم لنا، بعد أن كانت تهديدا للأعداء: "سكت الكلام، والبندقية اتكلمت"..

اتضحت القضية.. لقد استبدلتم أعداء الأمة، فصار الأعداء القدامى من صهاينة وأمريكان أصدقاءكم، وصرنا نحن الأعداء الجدد..!

من ذلك اليوم وأنا أعيش في المعتقل، ليس لدينا إذاعة، وليس لدينا مدارس، وليس لدينا رؤساء يلقون الخطابات والتصريحات الكاذبة، لدينا حياة أخرى، لأننا شعب آخر، شعب يعيش ويتعذب ويفكر ويتعامل بطريقة مختلفة عما يحدث خارج الأسوار، نحن شعب منبوذ ومعزول وراء جدران السجون، لأننا لم نقبل بالتعاون والتهاون مع الأعداء، وهذه قصة محزنة ومليئة بالتفاصيل الواقعية التي يجب أن تحكى، حتى لا يظل صوت الإذاعة الرسمية وحده هو المسيطر، ووحده هو مصدر الأحكام والمعايير وفرض التحولات باعتبارها مستجدات ضرورية ومتغيرات إيجابية يفرضها التطور والمصلحة العليا للبلاد..

هذه المقالات ستركز على حكايات شعب السجون، على كل أولئك الوطنيين الذين اتهتهم بالخيانة سلطات خائنة، واتهمهم بالتآمر ضد البلاد من فرط وباع تراب وأمن البلاد..

هذه المقالات ستحكي القصة التي لا ترويها الإذاعة عن شعب تم محو اسمه وصورته لكي يظل طي الظلام والنسيان.

وفي المقال المقبل نبدأ حكاية شعب آخر، كل واحد فيه اسمه "ماهر البنا".

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الوطنية السجون مصر سجون معتقلين الخيانة الوطنية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ولیس لدینا شعب آخر

إقرأ أيضاً:

الحديدة.. قبائل الزرانيق تعلن النفير والجاهزية لمواجهة الأعداء

يمانيون../
احتشدت قبائل الزرانيق من أبناء مديريات بيت الفقيه والمنصورية والدريهمي بمحافظة الحديدة، اليوم الثلاثاء، لإعلان النفير والجهوزية للجهاد والوقوف إلى جانب الجيش في التصدي للأعداء وتحذير كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار اليمن.

واستنكر المشاركون في الوقفة استهداف العدوان الصهيوني لموانئ الحديدة والأعيان والمنشآت المدنية، معتبرين هذه الجرائم انتهاكا واضحا للقانون الدولي وحقوق الإنسان، وتأكيدا جديدا على النزعة الإرهابية الإجرامية لكيان العدو الإسرائيلي.

وشددوا بأن اليمن لن تخيفه هذه الهجمات، وسيواصل مقاومة العدوان الإسرائيلي بكل الوسائل المتاحة، ولن يثنيه أي عدوان عن حقه المشروع في الدفاع عن النفس وحماية سيادة البلاد وسلامة أراضيها.

وجدد المشاركون التأكيد على استمرار اليمن في إسناد الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة والضفة الغربية حتى إنهاء العدوان، مشيدين بالعمليات النوعية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية في عمق كيان العدوان الإسرائيلي.

وأشار بيان الوقفة، الى أن الغطرسة والبطش الذي يمارسها العدو الصهيوني بحق شعوب شعوب الأمة، بما فيها فلسطين ولبنان واليمن وسوريا، يؤكد أن هذا الكيان هو الخطر الحقيقي على دول المنطقة ومستقبل أجيالها.

وأكد بأن الشعب اليمني لن يتراجع أو يثنيه الإرهاب الصهيوني عن دعم واسناد غزة ونصرة مظلومية الشعب الفلسطيني، والدفاع عن سيادة واستقلال أراضيه، معتبرا الصمت الدولي والعربي والإسلامي إزاء استمرار المجازر النازية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، عار وخيانة كبرى على كل الدول المحسوبة على الإسلام.

ولفت إلى أن جرائم الكيان الصهيوني لن تثني اليمن عن القيام بواجبه الديني والقومي والأخلاقي في دعم ومساندة للشعب الفلسطيني حتى وقف العدوان وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، داعيا إلى الجهاد في مواجهة الصلف الإسرائيلي في المنطقة، ووضع حد لاستمرار ارتكاب المجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني

أوضح البيان أن العدوان الصهيوني الارهابي على موانئ البحر الأحمر والعاصمة صنعاء دليل على الفشل الكبير للعدو الصهيوأمريكي في كسر إرادة الشعب اليمني وقيادته واستمرار القوات اليمنية المباركة بدك عمق الكيان الصهيوني بالصواريخ اسناداً للشعب الفلسطيني.

ودعا كافة أبناء الشعب اليمني إلى الوقوف صفاً واحداً في مواجهة العدوان الصهيوني، ودعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية للدفاع عن الوطن ضد العدوان الأمريكي الإسرائيلي البريطاني ومواصلة الخروج إلى الساحات للتعبير عن وحدة الموقف ضد الكيان الغاصب.

مقالات مشابهة

  • محدش عرفها .. حكاية الظهور الأول لـ إيمان أيوب بعد غياب طويل
  • 5 إصابات تساوي 5 بطولات.. حكاية ريال مدريد في 15 شهرا
  • مراكش..جامعة القاضي عياض تطلق الإذاعة الجامعية “صوتك”
  • بالصورة.. أسرة النقيب المتمرد سفيان بريمة تخاطب قائد ثاني قوات الدعم السريع بحثاً عن إبنها (معتقل عندكم منذ سقوط تمبول الرجاء إبلاغنا عن حالته إن كان على قيد الحياة من عدمها)
  • وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة
  • هل سيصبح المغرب ساحة معركة في حرب تجارية عالمية؟
  • الحديدة.. قبائل الزرانيق تعلن النفير والجاهزية لمواجهة الأعداء
  • السيسي يصدر عفوا رئاسيا عن 54 معتقل بسيناء.. طالبوا بحق العودة لرفح
  • قبائل الزرانيق بالحديدة تعلن النفير والجاهزية لمواجهة الأعداء
  • حكاية السمكة والشبكة والحركة