تاريخ ضائع لأمة فقدت بوصلتها
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
ينظر الينا العالم منذ زمن بعيد بعين الاهتمام, لأننا ننتمي إلى الرموز الإنسانية الخالدة، إلى الرجال الأفذاذ، والقامات الشامخة. لكننا فقدنا بوصلة الانتماء، وجنحنا نحو الركود والتخلف، ولم نحقق الحد الأدنى من فكر قادتنا, الذين اختار منهم المؤلف مايكل هاملتون مورغن، في كتابه (تاريخ ضائع)، شخصيات عديدة, توقف عندهم بالشرح المفصل, من أمثال: الخوارزمي والزهراوي وابن الهيثم والإدريسي وابن سيناء والرازي والبيروني والفارابي, لكنه توقف طويلا أمام شخصية أمير المؤمنين على بن أبي طالب.
يرى مايكل في كتابه: أن العرب ابتعدوا كثيراً عن نهج هذا الرجل العملاق, ولم ينتبهوا إلى وهج الفنارات الأخلاقية والإنسانية والفلسفية, التي أضاءها لهم بنور عبقريته، ولم يستجيبوا لندائه الناطق بالحق, وهو الذي كان حتى يومنا هذا صوتاً مدوياً للعدالة الإنسانية, ولم يعلموا حتى الآن أن لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة اختارته عام 2002 من بين مئات الزعماء والقادة باعتباره أعدل حاكم ظهر في تاريخ البشرية على وجه العموم, مستندة في اختيارها على مئات الوثائق المكتوبة باللغة الانجليزية. ثم عادت الأمم المتحدة لتضع رسائله الموجهة إلى ولاته وعماله في المراتب العليا، وتعدها من أهم مصادر التشريع في القانون الدولي. .
يقول مايكل: لم يتح لزعيم بمستوى أمير المؤمنين أن تجتمع فيه صفات التقوى والعلم والحلم والحزم والرقي في آن واحد, ويبدي مايكل استغرابه من جهل الأمة العربية لنبراسه, الذي أرشدهم نحو المسارات المستقبلية الصحيحة, فلا الذين ناصبوه العداء ساروا على نهجه, ولا الذين تظاهروا بموالاته عرفوا طريقهم إليه, وهكذا تخبطت الأمة في عصر الضياع والتشرذم بين مبغض له ومغال في حبه. .
يقول مايكل: من المفارقات العجيبة أن الزعماء العرب لم يطبقوا الحد الأدنى من دستوره ومنهجه, ولم يكلفوا أنفسهم مشقة العمل بأحكامه المستمدة من القرآن المجيد, ولم يعرفوا شيئاً عن مواثيقه وعهوده, التي عهد بها إلى ولاته وعماله, وفي مقدمتهم مالك الأشتر, الذي ناشده أمير المؤمنين بإرساء قواعد العدل والإنصاف, فقال له في ميثاقه: وأشعر قلبك الرحمة للرعية, والمحبة لهم, واللطف بهم, ولا تكوننَّ عليهم سَبُعاً ضارياً تغتنم أكلهم, فإنّهم صنفان: إمّا أخٌ لك في الدين, وإمّا نظير لك في الخلق. .
وقال له أيضاً: وأعلم أنه ليس بأدعى إلى حسن الظن راع برعيته من إحسانه إليهم, وتخفيفه المؤونات عليهم, وترك استكراهه إياهم على ليس قبلهم, فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظن برعيتك, فإن حسن الظن يقطع عنك نصباً طويلاً, وإن أحق من حسن ظنك به لمن حسن بلاؤك عنده, وإن أحق من ساء ظنك به لمن ساء بلاؤك عنده, ولا تنقص سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة, واجتمعت بها الألفة, وصلحت عليها الرعية, ولا تحدثن سنة تضر بشيء من ماضي تلك السنن فيكون الأجر لمن سنها, والوزر عليك بما نقضت منها. .
كانت تلك مقتطفات من ميثاق أمير المؤمنين, الذي سارعت الأقطار الغربية إلى تفعيله وتطبيقه قبل أن تلتفت إليه القوى السياسية المتناحرة في الوطن العربي. .
لقد سار الغرب على نهجه و تمسكوا بمبادئه, فما الذي يمنع قادتنا من تطبيق مفاهيمه على أرض الواقع, ولو على نطاق ضيق ؟, وأين هم الآن من منهاجه ؟, وما الذي يمنعهم من العمل بأحكامه إن كانوا يزعمون تمسكهم بعدالته ؟. .
لقد كان الكاتب (مايكل هاملتون مورغن) موفقاً في تسليط الأضواء على تاريخنا الذي أضعناه ولم نلتفت إليه, فانشغلنا بالمهاترات السياسية, والنزاعات الطائفية, والصراعات القبلية, وتخصص قادتنا في تدبير الدسائس والفتن ما ظهر منها وما بطن. .
يُعد (مايكل) من كبار الكتاب في القارة الأمريكية, عمل ردحاً طويلاً في السلك الدبلوماسي, ثم انصرف للكتابة ودراسة التاريخ, فكتب سلسلة من المؤلفات نذكر منها كتابه: (The Twilight War), وكتابه: Graveyard of the Pacific, وكتابه: (Collision with History), وكتابه: (Arabia: In Search of the Golden Ages), أما كتابه (تاريخ ضائع Lost History) فقد صدر عام 2007, ويعد من أفضل الكتب الغربية, التي ألقت الأضواء على العصور العربية الزاهرة. .
يتألف الكتاب من 8 فصول وخاتمة, تناول فيها الشخصيات العربية بلغة سردية مؤثرة تمهد للحقيقة العلمية والتاريخية بأسلوب يشد القارئ, ويشجعه على الاستمرار والمتابعة. صدرت للكتاب ترجمة عربية عام 2008 بقلم (أميرة نبيه بدوي) عن دار نهضة مصر. .
ويبقى السؤال: متى ننهض من سباتنا ؟, ومتى نستعيد أمجادنا القديمة ؟, ومتى نقتفي أثر أجدادنا العظام ؟. ومتى يتحرر قادتنا من عقدة التسلط على رقاب الناس ؟. ومتى يكونوا صادقين في رسم خطواتهم الصحيحة نحو تطبيق الحد الأدنى من مبادئ العدالة والإنصاف ؟. ومتى نسير على النهج الذي رسمه أمير المؤمنين ؟. فقط متى ؟, ومتى فقط ؟. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات أمیر المؤمنین
إقرأ أيضاً:
جامعة القاهرة تنظم مسابقة «مايكل أنجلو» للفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي
نظّمت كلية التربية النوعية بجامعة القاهرة بالتعاون مع مؤسسة «IOI المستقلين الدولية» مسابقة مايكل أنجلو للفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي، والتي شهدت مشاركة متميزة من طلاب وخريجي الجامعات المصرية، في إطار دعم المواهب الشابة وتشجيع الابتكار الفني.
وصرّح الدكتور محمد سامي عبدالصادق رئيس جامعة القاهرة، بأنَّ الجامعة تولي اهتمامًا كبيرًا بدعم الإبداع الفني وتعزيز دور الفنون في المجتمع، إيمانًا منها بأهمية الفنون في تشكيل الوعي الثقافي والإبداعي لدى الشباب، مضيفًا أن الفنون ليست مجرد وسيلة للتعبير، بل هي أداة فعالة لنشر القيم الجمالية، وتعزيز الهوية الثقافية، والمساهمة في بناء مجتمع أكثر وعيًا وإبداعًا.
من جانبها، أكدت الدكتورة غادة عبدالباري القائم بعمل نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، أنَّ جامعة القاهرة تعمل على توفير منصات ومسابقات فنية تتيح للطلاب والخريجين عرض مواهبهم وإبداعاتهم، مشيرة إلى أنَّ دعم الفنون هو جزء أساسي من استراتيجية الجامعة لتنمية البيئة الثقافية والفكرية، وتشجيع الشباب على تطوير مهاراتهم الفنية وتحويلها إلى أدوات مؤثرة في المجتمع.
توفير منصات ومسابقات فنية تتيح للطلاب والخريجين عرض مواهبهموأضاف الدكتور طارق سمير عميد كلية التربية النوعية، أنَّ تنظيم مسابقة مايكل أنجلو للفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي يأتي ضمن رؤية الجامعة لتعزيز الفنون كوسيلة للحوار المجتمعي والإبداع الحر، مشددًا على أنَّ الكلية ستواصل دعم الطلاب والخريجين من خلال أنشطة وفعاليات تسهم في تطوير قدراتهم الفنية وإعدادهم للمنافسة على المستويين المحلي والدولي.
وأشار الدكتور أحمد عويس عبدالهادي وكيل كلية التربية النوعية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، إلى أنَّ الفنون تمتلك قدرة فريدة على التأثير الإيجابي في المجتمع، إذ تلعب دورًا محوريًا في تنمية الوعي الجمالي وتعزيز الانتماء الثقافي، لافتًا إلى أنَّ الجامعة ستستمر في تبني المبادرات التي تدعم المواهب الشابة وتسهم في إثراء المشهد الفني المصري.
مواصلة دعم الطلاب والخريجين عبر أنشطة وفعاليات تسهم في تطوير قدراتهم الفنيةكما أكّدت الدكتورة بسمة فؤاد رئيس مؤسسة «IOI المستقلين الدولية» أنَّ التعاون مع جامعة القاهرة يمثل خطوة مهمة في دعم الفنانين الشباب وخلق منصات تُتيح لهم فرصًا أكبر للتعبير عن أنفسهم وعرض إبداعاتهم على نطاق أوسع.
وجرى تشكيل لجنة تحكيم المسابقة من نخبة من الأساتذة والخبراء في المجال الفني، وهم: الدكتور وائل فاروق إبراهيم أستاذ الخزف بكلية التربية النوعية، جامعة القاهرة الدكتور هاني فيصل أستاذ النحت بكلية التربية النوعية، جامعة القاهرة الدكتور أحمد عويس عبد الهادي وكيل كلية التربية النوعية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، جامعة القاهرة الدكتورة بسمة فؤاد مؤسس ورئيس مجلس أمناء مؤسسة «IOI المستقلين الدولية».
وتمّ عرض أعمال المشاركين وإعلان الفائزين وسط أجواء فنية ملهمة، كما اختتمت الفعالية بتوزيع الجوائز وشهادات التقدير على الفائزين، وسط إشادة من الحضور بالمستوى الفني الراقي للأعمال المشاركة.