يشهد المجتمع السوداني حالة من الاستقطاب في ظل حرب أهلية طرفيها الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، الملقب باسم حميدتي.

ونشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرًا تحدثت فيه عن الحرب في السودان، التي بدأت في 15 نيسان/أبريل 2023، وتسببت في انقسام المجتمع وانتشار الأسلحة أكثر من السلع الأساسية.



وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا الصراع يجلب الآن في طياته جماعات مسلحة عديدة، ويتعين على العديد من المدنيين الاختيار بين التجنيد والذهاب إلى المنفى، كما يشهد المجتمع حالة من الاستقطاب في الوقت الذي تنتشر فيه الأسلحة أكثر من السلع الأساسية.

وفجر يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، هتف مئات الآلاف من المتظاهرين في انسجام تام "ثورة الشعب. السلطة للشعب. ليعود الجيش إلى ثكناته ولتُحَل الجنجويد!"، مجتاحين العاصمة السودانية الخرطوم، ردا على الانقلاب الذي قاده الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه آنذاك محمد حمدان دقلو الملقب بـ "حميدتي".


وقبل ثمانية عشر شهرًا من اندلاع حرب أهلية بين جيشي البلاد، كانت الشوارع السودانية قد أدركت الخطر بالفعل. فقد طالبت الجماهير من خلال هذه الشعارات، بإقالة رئيس القوات المسلحة السودانية من السلطة وحل قوات الدعم السريع التابعة للجنرال "حميدتي" المنحدرة من مليشيات الجنجويد التي شاركت في الإبادة الجماعية بدارفور في بداية العقد الأول من الألفينات.

وخلال الليل، كان المجلس العسكري قد اعتقل أعضاء في الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، مما وضع حدا لفترة التحول الديمقراطي التي بدأت قبل سنتين، في سنة 2019، إثر انتفاضة شعبية ضخمة أطاحت بنظام عمر البشير العسكري والإسلامي بعد ما يقارب ثلاثة عقود من الحكم.

بلد غير قابل للحكم
بعد ساعات قليلة من إعلان الانقلاب العسكري، امتلأت الشوارع بالحواجز، وأُعلن إضراب عام في المصانع، بينما تضاعفت الدعوات إلى العصيان المدني من مآذن المساجد. بالتالي، ستظل البلاد غير قابلة للحكم لعدة أشهر، في مواجهة حركة احتجاجية بقيادة لجان المقاومة والتي انتشرت في كل حي.

من خلال طرد المدنيين، وجد أقوى جنرالين في البلاد نفسيهما في مواجهة خطيرة وجها لوجه. وبعد فشلهم في الشوارع، وافتقارهم لأي قاعدة شعبية للحكم، اضطر الجنرالات الانقلابيون إلى العودة إلى طاولة المفاوضات مع المدنيين. لكن المناقشات التي رعتها الأمم المتحدة باءت بالفشل. وفي 15 نيسان/أبريل 2023، اختار الجنرالات الحرب واشتعلت النيران في البلاد.


منذ البداية، تجاوز الصراع مجرّد التنافس البسيط بين جنرالين. لقد أعادت الثورة خلط الأوراق السياسية. ودعا الشعب سلميا إلى تأسيس "السودان الجديد"، داعيا إلى هوية سودانية متعددة تهتم بالأقليات العرقية والدينية، والحكم اللامركزي الذي يضمن توزيعا أفضل للثروة، التي احتكرها لفترة طويلة الجيش ونخب الدولة.

مع ذلك، كما تتذكر ريم عباس، من معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط: "منذ الاستقلال، أصبح الفضاء السياسي السوداني عسكريا وقائما على التعاملات، حيث تقع السلطة على عاتق الرجال الذين يحملون الأسلحة أو لديهم الموارد اللازمة لتحقيق الدخل. والصراع الحالي هو جزء من هذه الاستمرارية".

ومن الآن فصاعدا، تجلب الحرب في أعقابها عددا كبيرا من الجماعات المسلحة وعشرات الآلاف من المدنيين الذين يلتحقون طوعا أو قسرا بأحد المعسكرين. في الأثناء، تنتشر الأسلحة بشكل أفضل بكثير من المواد الغذائية الأساسية. في هذا السياق، علق المحلّل السياسي السوداني مجدي الجزولي من معهد "ريفت فالي": "في مواجهة وحشية الحرب، يصطف المدنيون خلف أكبر سلاح يمكن أن يحميهم".

صراعات محلية متعددة
في كل مكان من السودان، يتفكك النسيج الاجتماعي، ويشهد المجتمع حالة من الاستقطاب، ويضطر السكان إلى اختيار أحد الجانبين أو الذهاب إلى المنفى. وتتحوّل الحرب إلى صراعات محلية متعددة، مما يعيد إيقاظ التوترات القديمة بين المجتمعات العرقية، في دارفور على وجه الخصوص، والتي يمكن أن تتحول إلى حلقة مفرغة من العنف. وبينما يستطيع قسم كبير من الثوار الموجودين الآن في المنفى معارضة الحرب، رافضين دعم  أحد الطرفين المتحاربين، من الصعب على أولئك الذين بقوا في السودان الحفاظ على الحياد. أما الخطابات المناهضة للحرب، التي وضعت الجنرالين في مواجهة واحدة، فهي غير مسموعة، وكثيرا ما يُنظر إليها على أنها خيانة.

ومن المفارقة أن نتيجة الصراع لا يمكن أن تكون عسكرية، بل ستكون سياسية بالضرورة. ولم يتمكن أي من أمراء الحرب من حكم البلاد حقًا، في حين أن استمرار الحرب جعلهما يفقدان كل شرعية في نظر معظم المدنيين العالقين بين الطرفين.


وحسب سليمان بالدو، من المرصد السوداني للشفافية والسياسات، فإنه "في هذه الحرب العبثية، لن يكون هناك منتصر. لا يمكن لأي اتفاق سلام أن يتحقق دون مشاركة ممثلين مدنيين من قوى الثورة، ودون إصلاح المؤسسات السودانية".

وذكر كليمنت ديشايز، الباحث في معهد البحوث من أجل التنمية أنه "إذا بدا أن الحرب قد دفنت الثورة، فإنها لم تمحو الماضي تماما". وسواء في المنفى أو في السودان، فإن المجتمع المدني، الذي احتشد ضد سلطة البشير ثم ضد انقلاب البرهان و"حميدتي"، لا يزال يمطالا بلعب دور حاسم. وفي خضم القتال، لا يزال النفَس الثوري ينبض.

وعلى خلفية تفكك الدولة، قام العديد من المواطنين، غالبا من لجان المقاومة أو الأطباء أو الناشطين ذوي الخبرة أو المتطوعين البسطاء، بتشكيل شبكات للمساعدة المتبادلة. وبينما توقفت الخدمات العامة وتعرضت البنية التحتية للبلاد للتدمير، فإنهم ينظمون "خلايا طوارئ" تهدف إلى توزيع الغذاء وعلاج الجرحى وإجلاء العائلات من مناطق القتال.

وقال سليمان بلدو إن "البديل المدني موجود. يجب أن يحظى هذا الأمر بدعم مشترك من المجتمع الدولي".
لكن السودان يغرق في غياهب النسيان. وبعد أن غض المجتمع الدولي الطرف بالتساهل مع الجنرالات الانقلابيين، الذين اعتُبِروا ضمانة للاستقرار في السودان، أصبح الآن يغض الطرف بشكل كبير عن الأزمة الإنسانية العالمية الأكثر خطورة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية السوداني حرب أهلية الجيش السوداني الدعم السريع حميدتي السودان حرب أهلية الجيش السوداني حميدتي الدعم السريع صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی السودان فی مواجهة

إقرأ أيضاً:

إكتشافي البيَطريّ-بشري العلميّ

د. شهاب طه

النِعيريّة: طائفة السذاجة المزمنة في السودان

بوصفي طبيباً بيطرياً متخصصاً في جراحة مخ الحمير، نجحت في إكتشاف وإنجاز خلاصة البحث العلمي البيّطريّ-بشريّ لمعرفة عقليَة الشخص النِعير الذي ينتمى للطائفة النِعيريّة السودانية. بدأت البحث منذ عدة عقود وظللت أداوم التعمق في دراسة عقليّة النِعير حتى توصلت إلى السبق العلمي الخطير باكتشاف جين حُماري عنقودي، أي شديد العنقدة، له تأثير خطير على العقلية البشرية حيث يسبب الصناجة الدماغية والعطالة الفكريّة والدغالة الفولاذية، فيؤدي لظهور "الثورافوبيا" أي الخوف من الثورة، وهو مرض عضال يصعب إجتثاثه جذرياً ولا يوجد إلا عند أفراد الطائفة النعيريّة أعداء الثورة والتغيير. هذا الكشف ليس محض إفتراض، بل نتيجة ملاحظة تاريخية دقيقة حيث إعتمد الإنسان السوداني، عبر الأزمنة، على الحمار في الترحال والترحيل، وتوطدت العلاقة الوثيقة ما بين الإنسان والحمار، في البيت في الشارع في السوق في المزرعة، وبما أن الناس يطفرون فوق ظهور الحمير فكان لا بد من ظهور تلك الطفرة الجينية الحمارية في عقول البعض من سكان السودان والتي تطورت لتنتج ما نعرفه اليوم بعقلية الطائفة النِعيريّة والتي تقف حجر عثرة أمام ثورة شباب سوداننا، ليس بحكمتها أو إدراكها، بل بجهلها وعجزها عن استيعاب ضرورة النهوض والتغيير.

من هو النِعير:

النِعير هو كائن في هيئة إنسان سمج وساذج وغشيم وعائر، وبعد قراءة هذا السبق العلمي يسهل عليك تخيل شكل وهيئة الزول النِعير فستجد أمامك مخلوق غريب عجيب ينضح غباء وغشامة لا ريب فيها ولديه الرغبة العارمة في إغراق خصومه الفكريين بمعارك عبثية لا طائل منها. الزول النِعير في طبعو دائماً عائر ،، ومن أصافوا القليل ممكن يغُمّ الناظر.

نِعير المنازل ونِعير المذابح:

والنِعير نوعان: نِعير المنازل وهو موجو في كل مكان، ونِعير المذابح وهو الذي يتواجد في القوات النظامية بشقيها الرسمي وغير الرسمي ولكن كلاهما يمتلك مجموعة من الصفات الثابتة التي تجعله نموذجاً متكرراً في المشهد السوداني. أبرز هذه الصفات هي النِعيرّيات السبع:

١- النِعير يعشق ويدمن نشوى ولذة العادة الغير سرّية، العلنيّة، الدموية التقتيلية وخاصة في حالة مقتل شاب جامعي ثائر

٢- النِعير تجده معارض للثورة لا لسبب إلا لأنه يكره شباب وطنه كفكرة في حد ذاتها، وكأن وجودهم هو المهدد الأوحد لحياته ومشكلته الكبرى في هذا الدنيا ليست هي أوضاع بلدنا الكارثية بل تلك الأم وتلك الليلة التي وُلدت فيها أبو بنطلون ناصل داك ويتمنى لو ماتو سوا في الولادة. يكره شباب بلده كرهاً مقيتاً فقط لمظهر وسلوكيات البعض منهم. تخّيلوا شخصاً يكره ٧٠٪؜ من مواطني دولته، لكنه بالرغم من ذلك تجده عائشاً وسطهم ويتناعر معهم. ولو خرج الشباب متظاهراً، مطالباً بحياة كريمة ومستقبل أفضل، يسبّهم ويلعنهم وإن ناصرهم العقلاء من الرجال والنساء تجد النِعير جاهزاً لإتهامهم بالخيانة والعمالة للسفارات ودول أجنبية وأنهم كلهم شيوعيين ملحدين كارهون للدين. وبعد كل هذا الضجيج، لا يملك بديلاً لما يريد القضاء عليه من شباب يشكلون ٧٠٪؜ من شعبنا، والاستحالة نفسها هي إقناع النِعير أن هؤلاء الشباب، والأطفال من خلفهم، هم العماد الحقيقي لهذا الوطن ولمستقبله، بل هم أصحاب الحق المطلق في هذ الوطن فلنتركهم يفعلوا فيه ما يشاءون. ولكن تقول لى منو وتقول شنو؟ النِعير البشير قال ليهو ديل شذاذ آفاق وهو مسك فيها تب. وعندما يخرج هؤلاء الشباب ثائرون في مسيرة سلمية، ويتصدى لهم نِعير المذابح، وبدون تفكير أو وازع ويطلق عليهم الرصاص ويسقط منهم شهداء، تجد نِعير المنازل قد بلغ ذروة رعشة اللذة الدموية التقتيلية، ويحرض على المزيد من القتل وهو يقذف الحقد العتيق حتى لا تنقطع تلك اللذة التي أدمنها، فيذهب لفراشة لينام ويحلم أن يصحو ليجد الشباب الثائر قد أختفى من الوجود تماماً.

٣- حين تطالبه بترك المجال للشباب، يتهمك بالسعي إلى السلطة. لكنه لا يعلم أنني لو كُلّفت وزيراً للشؤون الاجتماعية، لقضيت على ظاهرة أطفال الشوارع من جذورها، ولن يكون هناك فاقد تربوي إطلاقاً، كما هو الحال في كندا. لكن النِعير، بعقله العاجز، يسألني بسخرية: “كيف حا تعمل كدا؟” لن أخبره، لأنه لن يستوعب الفكرة حتى بعد تنفيذها. وإن قلت له إنني لا أريد الحكم، بل أريد فقط أن أكون مستشاراً وموجهاً لهؤلاء الشباب إن تسلموا الحكم تجده قد دخل في حالة إنهيار هستيري ويصرخ: “إنت عايز المساطيل ديل، أبين بناطلين ناصلة ديل وشعر مبرم يحكموا البلد دي؟” يقولها بصراخ جنوني وهو يهرب من حقيقية مؤذية له، في كيانه وحنانه، وهي أن شبابنا ليسوا أقل شأناً من شباب الدول المتقدمة، حيث تجد في الغرب، تولى كثيرون رئاسة وزراء بلادهم وهم في الثلاثينات من العمر مثل سيباستيان كورتز الذي أصبح مستشار للنمسا وهو في سن الـ ٣١، وسانا مارين رئيسة وزراء فنلندا في سن الـ ٣٤، جاسيندا آردن عضوة برلمان وهي ٢٨ سنة ثم أنتخبت رئيسة وزراء نيوزيلندا في عمر ٣٧ سنة، جستين ترودو رئيساً لوزراء كندا وعمره ٤٢ ولم يكن بعيداً عن الثلاثينات. أما عن الوزراء فحدث ولا حرج ولا يسهل إحصائهم، لكن عندنا، تجد النِعير لا يرى سوى بنطلون الجينز ولأي درجة تم نصله من أصله والشعر المبرم ويعاود الصراخ: "دي بلد الرجال، ما بلد المساطيل!” والغريبة نحن عارفين، وهو عارف، أنو الرجال البقصدهم ديل هم الجابو ليهو من يهتك عرضه داخل بيته. إنه النِعير يا سادة، الذي يجهل تماماً أن المستقبل لن يصنعه إلا هؤلاء الذين يحتقرهم، وأن العاجز الحقيقي ليس من يطالب بالتغيير، بل من يخافه.

٤- النِعير دائماً تجده مؤمن بأن السودان محكوم عليه بالفشل ولديه قناعة راسخة أن النجاح بالنسبة للسودان، هو الاستحالة بعينها والحل الوحيد لشبابه هو الهجرة أو القبول بالذل. يرى أن الدول المتقدمة لم تصل إلى ما هي عليه بالثورات، بل بـ”الاستقرار”، متناسياً أن كل دولة متقدمة مرت بثورات وحروب طويلة قبل أن تصبح ما هي عليه اليوم. وبالرغم من ذلك تجده يشتكي من الوضع السيئ، لكنه في ذات الوقت يعترض على أي محاولة لتغييره. تسأله: “لماذا ترفض الثورة؟” فيرد بإجابات عبثية مثل “والله البلد أفضل كدا؟ .. ما عندكم قائد .. الثورة دي بتجيب فوضى!”
لكنه لا يستطيع أن يحدد متى كان السودان أفضل، ومتى كان للسودان قائداً مثالياً؟ بل ينكر أن النظام القمعي هو الذي صنع الفوضى حتى وصلت لما نحن فية من كارثة ماحقة

٥- يقدّس العسكر والرجعية
يموت في الطائفية الدينية والمختلين عقلياً والحرامية والفاشلين، كيتن كدا في شباب بلاده، ولا يرى في السودان سوى حكم العسكر أو المنافق المخادع الذي يتاجر باسم الدين، وكأننا شعب عاجز عن التفكير والقيادة. يعتقد أن الديمقراطية رفاهية لا نستحقها، وأن أي نظام مدني سيفشل، لأنه “نحن ما زي الدول المتقدمة”.

٦- يكره الوعي والتغيير
أخطر ما يمكن أن يواجه الزول النِعير هو الوعيّ، فهو العدو الأول له وأي حديث عن الحقوق والحرية وبناء الدولة الحديثة، سيُقابل بعبارات مثل:
"دي أفكار مستوردة! .. نحنا ناس بسيطين وما دايرين وجع راس .. الكلام ده ما بناسب مجتمعنا!”
وكأن التقدم صناعة حصرية لدول معينة، وكأن الجهل والتخلف جزء أصيل من الهوية السودانية!

٧- النِعير على قناعة راسخة أن هذه الحرب هي بين الجيش السوداني وقحت وأن قحت هي الجناح السياسي الداعم للجنجويد وهو إن سألته ما هي قحت لا يعرف أنها ليست حزب أو أيديولوجية فكرية كالإسلاموية أو اليسارية أو البعثية، بل كانت قارة سياسية جمعت كل الوان الطيف السياسي المعارض للإنقاذ ومنهم مستقلين لا علاقة لهم بأي من الأحزاب. والشيء الذي لا يمكن شرحه للنِعير أن الجنجويد ليس هناك ما ينقصهم حتى يحتاجون لدعم من فئة كحيانة مغلوبة على أمرها، كقحت، لأن الجنجويد هم مؤسسة أكبر بكتير من أن تحتاج لدعم حكومات بحالها ناهيك عن أفراد، والحكومات التي تعدم الجنجويد بمقدورها هزيمة كل أفريقيا

ما هي الطائفة النِعيريّة:

الطائفة النِعيريّة ليست تنظيماً سياسياً ولا جماعة دينية، بل هي حالة عقلية إنسانوحمارية تستمتع وتدمن الإستمتاع بلذة القتل والدموية والتعذيب. تدعو للإستسلام المطلق للواقع، والممانعة الغبية لأي فكرة جديدة. إنها خليط سام من السذاجة، والخنوع والخوف غير المبرر من التغيير، والحنين الأبدي إلى حكم العسكر والرجعية الطائفية والهوسية الدينية. من أبرز ملامح النِعيرية أنهم مغرمون بالعلف، ليس فقط كغذاء، بل كمفهوم وجودي. وبما أنهم لا يملكون شيئاً آخر ليقدمونه سوى العلف، لذا تجدهم دائماً يعاملونه كهدية ثمينة يمنحونها لأي شخص يستخدم عقله، ولا يكتفون به على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. أما بالنسبة للثوار، فالنِعيريّة يعتبرونهم أراذل القوم والخارجون عن الإجماع الوطني، لذا يتم الإسراف في إهدائهم العلف وتوزيعه بكثافة محيرة، رغبة منهم في نعورتهم، وكأن الثائر ينادي النِعير مغنياً "نعورني حاول حِسّا بيّ ،، علفني وأرميّ اللوم عليّ" ولكن تلك ليست حقيقة فالثوريون لا يستهلكون ذلك العلف بل يستلمونه ويعالجونه في شكل كبسولات توعويّة، كهجمة مرتدة، يهدوها لهم ولكن الزول النِعير لا يستسيغها مطلقاً. وبعد فحص أعلاف النِعيرية وجدت أن لها عواقب جينية وخيمة. وبالفعل فهي قد انتهت بتلك الطائفة النعيريّة إلى حالة أشبه بـحُمُر مستنفرة فقدت قدرتها على التفكير السليم.

المخاطر الاثناعشرية للطائفة النِعيريّة:

١- الخطر الأول هو من أغرب الممارسات في عالم السياسة وفي الدنيا كلها، وهي أنهم يعتقدون أن كل الثوار السودانيون كانوا كلهم ذات ليلة مواطنون عاديون نائمون، وفي جنح الدجى حلت فوق سماء السودان قوى طاغية وكأنها سحب روحية تملاء الفراغ ما بين الأرض والسماء، وفجأتن، وبسرعة البرق تمكنت، وبدقة متناهية، من تمييز كل الأرواح السودانية النقية التي تكره الكيزان وسلطة الإنقاذ، في كل السودان، فتقوم ترسل لها إشعاعاتها السحرية الإلهية لتنفذ إلى قلوبهم وهم نائمون وتعمل ماس كهربائي مع أرواحهم فتلتحم مع أرواح آلهة الثورة العظام، حمدوك وقيادات قوى الحرية والتغيير، وفي الصباح يصحو هؤلاء الكارهين للكيزان وسلطة الإنقاذ ويلقو قلبوهم مفعمة بسحر الثورة فيصبحون ثوار يجوبون الشوارع وهم يهتفون تسقط-بس وهم يسبحون بحمد الروح الإلهية الحمدوكية القحتاوية، ثم يعودوا لمنازلهم وفيهم الإرتباط الأزلي بالمعبد الحمدوكي القحتاوي وإلى أبد الآبدين. بالله دا كلام دا؟ يا نِعيريّة أنتو مع الجينات الحمارية القامت ليكم في أمخاخكم دي، كمان جاكم جن أسمو حمدوك وقحت؟ إنتو قايلين الثوار ديل بعبدو قادة الثورة كما تعبدون شيوخكم الكيزان؟ أو كما تعبد رعية الطرق الصوفية شيوخها؟ شخصياً، أنا لا عابد ما عبدتم ولا عابد لحمدوك زاتو ولا غيره. بالله الزول ما فتح خشمو في موضع طوالي إنطا ليك نِعير ويقول ليك: "حمدوك وسدنته سوو وفعلو" تقوم تسأله هم الناس ديل وين؟ يقول ليك في تقدم، وتقول ليهو تقدم دي شنو؟ إقول ليك بِلّلاي! دا علي أنا؟ للأسف النِعيريّة لا يعرفون أن الثوار لا رابط بينهم سوى حب الوطن. لا معبد حمدوكي ولا قحتاوي ولا تقدميّ ولا بطيخ ولا غيرو. الثوار روح واحدة من أجل الوطن ولا رابط يجمعهم غير ذلك

٢- النِعيريّة هم أخطر أعداء التغيير في السودان، وأشد خطورة من العسكر وتجار الدين والطائفيين والنفعيين والمتسلقين والفاسدين العسكريين وغيرهم. ومن مغارز النِعيريّة أنهم مثل القضاء والقدر لا تعرف متى ومن أين يأتون ومن هم! ولذا تجد النِعير في كل مكان حولك وقد يطلع زول من أسرتك أو جارك أو صديق أو زميل دراسة أو عمل وهو أشد عداوة للثورة من عدائه للحال المائل ويكره التغيير ككرهه لإنقطاع الموية أثناء الحمام وبالرغم من ذلك تجده على قناعك راسخة بأن السودان وُجد فقط لتصدير المغتربين والمهاجرين وشبابه الداقي سيستم وبنطلون ناصل دا أخير ليهو إتخارج من البلد دي

٣- النِعيرية لديهم حلم نبيل يتلخص في ضرورة أن يظل الشباب السوداني منذ الطفولة يحلم بخيارين فقط: إغتراب في الخليج، أهو هجرة للعالم الغربي، أما وطنه فليس له فيه حلم ولا أمل ولا مستقبل لأن الوطن بالنسبة للشباب السودان ليس أكثر من حقل لإنتاج المغتربين والمهاجرين. أما إذا ظهر أولئك الشباب الحالمون ببناء سودانهم المزدهر الذي يجب أن يعيشوا فيه وهم وأولادهم وأحفادهم كما عاش فيه آباؤهم وأجدادهم، فهم في نظر النِعيريّة مجرد مغفلين يعيشون في عالم الخيال. وإذا خيّرت النِعير المغندل بين الاستثمار في مشروع زراعي ضخم يستوعب الشباب وبين مكتب خدمات هجرة، لاختار الأخير وهو يغني بسعادة: "بلا وإنجلا".

٤- التمارين اليومية للنِعيريّة هو نشر الإحباط. يجلس أحدهم صباحاً لشرب كباية شاي باللبن، ويبدأ المغارز: “الثورات كلها فشلت، يا أخي!” لأنه يعتقد أن الثورة فيلم هندي يجب أن ينتهي بزواج البطل من البطلة وسقوط الأشرار في البئر وهو يستحيل ان يفهم أن الثورة ليست حفلة رأس سنة تُحكم عليها بجودة الألعاب النارية، بل هي عملية تغيير طويلة. والأجمل أنه يرفض تماماً مقارنة السودان بأي بلد آخر نجح في ثورته، لأنه يظن أن شباب بلادي هم الوحيدين في الدنيا العاجزين عن الإصلاح

٥- يعيشون في عالم يعرفونه براهم حيث يعتقدون أن الثورة هي مجرد هواية مثل جمع الطوابع، وأنها تنتهي بمجرد تغيير الحكومة، ولا يفهمون أن الثورة ليست مجرد حكومة جديد، بل هي تحول فكري، ووعيّ مجتمعي، وقواعد جديدة للحكم. الوطنية بالنسبة لهم، تعني أن يشكروا حكومة العسكر والديكتاتور صباحاً ، ويسبّون ويعلّفون المعارضة مساءاً، وبعدها يذهبون لسرائرهم سعيدون بإنجاز الواجب الوطني. أما الحديث عن “دولة مدنية ديمقراطية” فهو عنده مجرد هذيان يصيب المراهقين السياسيين.

٦- لدى النعيرية عدم ثقة مطلقة في أنفسهم ويرون أنهم غير قادرن على تحميل مسئولية إصلاح وطنهم ولذا يفضلون الإنبطاحة والركلسة ثم الإتكاءة ويكلفون العسكر بالقيام بواجبات هي ليست من إختصاصهم، ولديهم خوف طفولي من إستلام الثوار للسلطة، وكأن الحكم قطعة “كيكة” حقتهم ويخشون أن تقع في أيدي هؤلاء الثوار المقاطيع الجائعين، لأن النِعيريّة يفتكرون أن الثورة حفلة تقاسم غنائم وليست عملية إعادة بناء كاملة، حيث لا يوجد مكان لتجار السياسة وأصحاب المصالح الضيقة. لكنه النِعيريّة يصرّون على أن كل شيء يجب أن يبقى كما هو: فساد منظم، محسوبية دقيقة، وكل مسؤول لديه قائمة بأبناء العمومة الواجب توظيفهم فوراً، ومتمردين يحملون السلاح من أجل الحصول على وظائف دستورية ومكاسب شخصية.

٧- النِعيريّة لا يفقهون أننا نحن الذين نعيش فوق أرض السودان سنرحل كلنا ولكن الذي سيبقى فوق هذه الأرض، وإلى الأبد، هم أجيالنا القادمة ولذا تكون التضحية من أجل بناء وطن لهم هو واجب وطني وأخلاقي وليس خيار ولكن النِعيريّة ليس لديهم المخ لفهم ذلك ولو عصرتا عليهم شديد يقولو ليك: "يا زول نحنا لقينا شنو في الدنيا دي عشان نخليّ لأجيالنا شي؟" ويردفها بالمقولة المعهودة: "ما شقا حنكاً ضيعو" وبس خلاس. ولذا نجد النِعيريّة يعتبرون فكرة التضحية من أجل أجيالنا حكاية تافهة وما عندها أي معنى لأنهم مقتنعون أن السوداني يجب أن يولد ويعيش ويموت في معاناة، وأي محاولة لتغيير هذا المصير الحزين تُعدّ خيانة للعادات والتقاليد وبل كفراً بالله!

٨- أحد أقوى أسلحة النِعيريّة في مواجهة الثورة هو جملة: “يا أخي انتو مواهيم ولا شنو؟ إنتو قايلين ثورتكم دي حا تكون عصا موسى السحرية؟ بلا ثورة بلا زفت معاكم" ويرددون لك مقولة أن ثورة ديسمبر كانت فاشلة ولم تنجح في تحقيق أهدافها في يومها الأول وكأن التغييرات المطلوبة يجب أن تكون سريعة كتحمير الطعمية

٩- النِعيريّة يعتقدون أن الديمقراطية يجب أن تكون بلا أخطاء، وإلا فهي ليست ديمقراطية. لا يفهمون أن سقوط الحكومات جزء طبيعي من التطور السياسي، بل يعتبرونها كارثة قومية. بالنسبة للنِعيريّة، الدول الديمقراطية الناجحة لم تواجه أي مشاكل، ولم تتعثر يوماً في سياستها، وكل شيء عندهم يسير بانسيابية تامة مثل مياه النيل ولذا يرون تعثر حكومة الثورة في بعض المواقف كان فشلاً ذريعاً ويؤكد فشل الثورة نفسها ولذا وجبت الدعوة لإنقلاب العسكر في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١

١٠- النِعيريّة يرفضون التغيير ساي كدا ولا يعرفون أن التطور بدون تغيير هو شيء مستحيل ولذا يحسبون لك أي عثرة بعد ثورة ديسمبر على أنها كانت تعني فشلها بالكامل، تماماً مثلما يعتقدون أن أي وجبة بدون رغيف هي وجبة أخير عدما.

11 – النِعيرية مقتنعون أن العسكر هم الأكثر أهلية للحكم بالرغم من أن العسكر أنفسهم مقتنعون بأنهم أصبحوا غير قادرين على التحكم في مليشيات صنعوها بأنفسهم ولا حتى حركات مسلحة كانت عدو الأمس واليوم حليفة ولكن لا يضمنون كيف ستكون يوم بكرة

١٢ – النِعيريّة لديهم قدرة مذهلة على فقدان التمييز ما بين الداعم للجيش والمعادي له وما بين الداعم للجنحويد والمعادي لهم وما بين الوطني الغيور والخائن المأجور فتجدهم في راحة تامة من مصاعب هذا الفرز ولذا لا يتورعون من أن يلصقو لأي زول طالما هو ليس منهم ويدوهو في زمبيلو أو في التنك ويدبلو له أن حاول فتح بوذه ليشرح وضعه

التصنيف البيطري العلمي لأنواع النعيرية، وهي سبعة فصائل:

١- النِعيريّة الزلنطحية:
هُم النِعيريّة الذي خلقهم الله نِعيريّة أصليين ولم يحتاجو لتلاقح الجينات الحمارية لأنها خلقت فيهم مسبقاً وولدوا بها. تجدهم يكرهون أن تحدثهم عن أي شيء لا يعرفونه وعندما تزنقهم في معركة فكرية تجدهم يلجؤون لترديد أقوال الطائفة النعيريّة باعتبار أنّك ذلك المُلْحِدْ الذي يلاحقه النِعيريّة

٢- النِعيريّة الجربندية:
وهؤلاء لا خوف منهم مطلقاً لأنهم فقط يرددون كلام الطائفة النعيريّة الإحباطية بمناسبة وبدون مناسبة تماماً كمسجلات الصوت وعندما تشرع في محاورتهم يصنون صنةً دوليّة وكأنهم يقفون وقفة حمار الشيخ في العقبة، ثم فجأة تلقاهم يردمونك شتيمة لا رادع ولا مثيل لها

٣- النِعيريّة السوشيالية:
وهذه النوعية تشكل مخاطر كبيرة كونها تتواجد في كل مواقع السوشيال-ميديا حيث تجد النِعير خاملاً مندساً كالثعبان ومتربصاً بك وقبل أن تنتهي من عرض فكرتك يتهجم عليك ويلدغك

٤- النِعيريّة الحلقومية:
وهؤلاء هم أصحاب الحلاقيم الكبيرة وسميوا كذاك لأنهم يحلقمون بأصوات تحدث ضجيج بفوق ضجيج الطائرات في حالة الإقلاع وفي نفس الوقت لديهم المقدرة الهائلة على القفز في حلقوم الشخص بمجرد فتح خشمه ليقول رأية وخاصة إن كان كلاماً علمياً منطقياً

٥- النِعيريّة النِفيريّة:
وتلك هي فرقة النخبة التعويقية الخاصة حيث يكون بمقدور نفر واحد منهم مواجهة وجهجهة خمسون شخصاً عقلانيا دون كلل او ملل وقد يسبب لبعضهم حالة هستيرية تفقدهم مواصلة النقاش مع إحتمالية ترك المسيرة الثورية، وقد يقول البعض منهم وهو يهضرب: "ملعون أبوكي بلد، السودان دا طرفي منها، بلا ثورة بلا بطيخ"

٦- النِعيريّة الدغمسية:
وهؤلاء لديهم مقدرة عالية على دغمسة التاريخ وتزييف والحقائق ويصرّون على أن مشكلات السودان كلها بدأت ما بعد سقوط البشير وحتى اليوم وأن أسبابها قوى الحرية (قحت) التي تكونت أيام الثورة بالرغم من أنها غير موجودة الآن كتحالف، ويقسمون أن قحت هي من أسست ومولت ومكنت مليشيا الجنجويد

٧- النِعيريّة الدهمسيّة:
وهم الأخطر على الاطلاق وهما نوعان:
- نِعير دهمسي عادي:
وله المقدرة على أن يداهمك ويدهس أفكارك في أي وقت وفي أي مكان تفتح فيه خشمك
- نِعير دهمسي فرط صوتي:
وهو نعير ليس عادي ولا إعتيادي وهو فتاك جداً حيث يداهمك ويدهس أفكارك، ويدهس حنانك زاتو قبل أن تتشهود أو تقول إحم أو دستور، وبقوة بلدوزرية هائلة وبسرعة فرط صوتية فيحدث لك صدمة كبرى مصحوبة بالنضم الأوتوماتيكي الذاتي، أي يخليك تنضم مع نفسك

الوثيقة التاريخية الناصحة لشباب بلادي:

هبوا لمكافحة النِعيريّة:
في خضم نضالكم ضد تسلط العسكر والهوس الديني والرجعية الطائفية والمتسلقين والحرامية السياسية، يا شباب بلادي ستواجهون عقبة كبرى لا تقل خطراً عن الاستبداد نفسه، إنهم هم النِعيرية أولئك الذين يستهجنون نضالكم، وينكرون عليكم حقكم في الحلم بسودان جديد، مستقر ومتقدم، كما لو أن قدركم الوحيد هو الهجرة والاغتراب، والتسول على أعتاب الدول الأجنبية بحثاً عن مستقبل أفضل!

كيف يعقل أن يكون السودان، هذا البلد الغني بثرواته وشعبه، مجرد محطة انتظار للهجرة؟ كيف يجرؤ البعض على التسليم بأنكم لا تستحقون وطناً يحتضن طموحاتكم؟ إذا كنت تتساءل عن أخطر أعداء التغيير في السودان، فلا تبحث عن العسكر وحدهم، ولا عن تجار الدين أو الرجعية الطائفية النفعية فحسب بل أبحث عن الطائفة النِعيرية، التي تؤمن إيماناً قاطعاً وأعمى بأن السودان لا يمكنه أن يكون أكثر من حضّانة تفريخ للمغتربين، والمهاجرين السودانيين، وأن الثورة مجرد “فوضى” لا لزوم لها!

يا شباب بلادي السودان ملك لكم ومستقبله بأيديكم ولن يبنيه غيركم، ولا أحد سيقوم بذلك نيابة عنكم. فلا خيار أمامكم سوى مواصلة الثورة، بلا خوف، وبلا تردد، وبإصرار لا يهتز أمام عواء النِعيرية ولتثبتوا لهم أن الثورة ليست فوضى، كما يحاولون إقناعكم، بل هي إعادة بناء، وهي لا تعني فقط إسقاط الأنظمة الفاسدة، بل خلق منظومة جديدة تعيد لسودانكم كرامته ومكانته. الفوضى الحقيقية هي ما عشتموه لعقود من فساد وقمع وتجهيل.

النِعيرية ليست تنظيماً سياسياً ولا جماعة دينية، بل هي حالة عقلية من الاستسلام المطلق للواقع، والممانعة الغبية لأي فكرة جديدة. إنها خليط سام من السذاجة والخنوع والخوف غير المبرر من التغيير والحنين الأبدي إلى حكم العسكر والطوائف الرجعية.

لا تسمحوا لهم بإحباطكم

يا شباب سوداننا، لا تسمحوا للنِعيرية أن يقتلوا فيكم الأمل. لا تدعوهم يشوهون نضالكم بإيهامكم أن الثورة مجرد فوضى أو لحظة عابرة بلا معنى. إن كفاحكم اليوم هو امتداد لعقودٍ من التضحيات، ومحاولة جادة لإصلاح الخراب الذي تراكم بفعل الجهل والخنوع والاستسلام لمغتصبي السلطة. إنكم تواجهون إرثاً من الفساد والتشريد والحرمان، فكيف يُطلب منكم الصمت والرضوخ؟

حين تتحدثون عن الثورة، ستجدون النِعيريّة يختزلونها في الحاضر الضيق، وفي أشخاص أو أحزاب أو تحالفات، وكأنها مجرد مناورة سياسية وليست مشروعاً وطنياً طويل المدى. يجهلون أن الثورات الحقيقية لا تُقاس بالأيام والأسابيع، بل تحتاج إلى سنوات وعقود من العمل الدؤوب حتى تتحقق أهدافها.

لماذا يجب إسكاتهم؟

النِعيرية ليسوا مجرد أناس ساذجين، بل هم أداة يستخدمها النظام القمعي والطائفي لتثبيط عزيمة الشباب، وتشويه صورة الثورة، وإقناع الناس بأن المطالبة بالحرية ترفٌ لا يستحقونه. إن محاربة هذه العقلية هي جزء أساسي من النضال، لأن الثورة لا يمكن أن تنجح ما دام هناك من يبرر للاستبداد، ويقف في وجه التغيير بحجج واهية وبذلك يصبح النِعيريّة العدو الصريح للتغيير، ويجب التعامل معهم على هذا الأساس.

كيف نواجههم؟
1. بالوعي والتعليم: لا بد من تعرية سذاجتهم بالأدلة والمنطق، ومواجهتهم بالحقائق التاريخية التي تثبت أن الشعوب لا تنهض إلا بالثورة على الظلم.
2. بالسخرية والتعريض بهم: لا شيء يزعج النِعير أكثر من أن يصبح مادة للسخرية، لأن ذلك يكشف ضعفه وهشاشة منطقه.
3. بإقصائهم من المشهد السياسي حيث لا ينبغي السماح لهم بالتأثير على مستقبل السودان، فهم عبء يجب أن يُعزل فكريًا وسياسيًا.

الثورات لا تموت.. لكنها تحتاج صبراً

يا شباب بلادي، لا تخدعكم دعايات الإحباط، ولا تصدقوا النِعيرية الذين يقولون إن الثورة انتهت أو فشلت وكأنها فيلم سينمائي كان يجب التوفيق في اختيار ممثليه والإبداع في اختيار السيناريو والاخراج حتى يكون فلماً ناجحاً، أو أنها مهرجان يجب تجويد تنظيمه حتى يكون مبهراً. الثورة ليست مجرد احتجاجات في الشوارع، بل هي وعي جديد، ومسار طويل يتطلب المثابرة والصبر. انظروا إلى تجارب الشعوب الأخرى، كيف قاومت الظلم لعقود حتى نالت حريتها؟ فلسطين، جنوب إفريقيا، الهند، دول أمريكا اللاتينية، كلها أمثلة على أن الشعوب التي تصر على حقوقها ستنتصر في النهاية.

الثورة ليست فوضى، كما يحاولون النِعيرية إقناعكم،ولكن الفوضى هي ما عشتموه لعقود من فساد وقمع وتجهيل، والسودان ملك لكم ومستقبله بأيديكم ولن يبنيه سوى أنتم، فلا تنتظروا معجزة من السماء، ولا تظنوا أن أحداً سيفعلها نيابةً عنكم. التغيير يبدأ في عقولكم، في إدراككم العميق لما تواجهونه، في توحيد صفوفكم بعيدا عن الانقسامات الصغيرة التي لا تخدم إلا أعداء الثورة.

ذلك الوطن الذي تحلمون به يستحق ان نضحي من أجله. لا تستسلموا، لا تساوموا، لا تتركوا أي فرصة للنِعيريّة لإحباطكم. فأنتم الأمل، وأنتم السودان الذي نحلم به.

خلاصة القول:

المستقبل لكم، فلا تدعوا النِعيرية يسرقونه منكم. سوداننا بحاجة إلى ثورة في العقول قبل أن تكون ثورة في الشوارع، والنِعيرية هم أكبر العقبات أمام هذه الثورة. لا يمكن بناء وطن حديث وعادل بوجود عقلية ترى في القمع والاستبداد استقراراً، وفي الحرية والعدالة خطراً. عليكم بإزاحتهم من المشهد بالمضي قُدماً ولا تضيّعوا وقتكم في جدالات عقيمة معهم، بل ركزوا على بناء الوعي، ونشر الحقيقة، وتحقيق أهداف الثورة على أرض الواقع.

الثورة مستمرة رغم أنف النِعيرية الذين
لا يعرفون أن كل ثورة في التاريخ واجهت مقاومة وكل تغيير عظيم قد قوبل في بدايته بالسخرية والتشكيك. لكن الإرادة الشعبية دائماً تنتصر. السودان يستحق أفضل من الاستبداد، ومن الفشل الذي يريد النِعيريّة أن يفرضوه عليكم كقدر محتوم. الثورة ليست حدثاً عابراً بل عملية طويلة الأمد، والتغيير الحقيقي لا يأتي بين ليلة وضحاها. إنهم يريدونكم أن تستسلموا، لكنكم لن تفعلوا.

خلاصة القول:
النِعيريّة خطر مريع على وجود سوداننا، ناهيك عن ظلامية مستقبلكم في وجودهم، فإما أن تتنتصروا عليهم بالوعي، أو تسمحوا لهم بإحباطكم فإن نجحوا اليوم في إحباطكم حتماً سيبقى عجزاً ممتداً ليحبط الأجيال القادمة، وعندها ستكونوا أنتم النِعيريّة الحقيقيين!

تنويه مهم:
هذا البحث العلمي ليس فيه إشارة أو إساءة لشخص بعينه بل هو تعميم يقصد به أعداء الثورة داعمي حكم العسكر والإرهاب والغرض منه معالجة مشكلات السودان المزمنة بأسلوب علميّ وفكاهي .. تحياتي

١ فبراير ٢٠٢٥

حقوق الملكية الفكرية
تم تسجيل البحث في WIPO
تحت الرقم 461ZD3456-ST2588

sfmtaha@msn.com  

مقالات مشابهة

  • إكتشافي البيَطريّ-بشري العلميّ
  • دروس من تجربة الحرب الراهنة
  • مجلس الأمن الدولي يدعو إلى حماية المدنيين في السودان وسط تصاعد الهجمات على الفاشر
  • الفيلم السوداني «الخرطوم» يشارك في مهرجانين بأمريكا وألمانيا 
  • الفيلم السوداني ( الخرطوم ) يشارك في مهرجانين بامريكا وألمانيا 
  • السودان: تعتيم إعلامي في «أم روابة» و مصادر تؤكد لـ «التغيير» حدوث تصفيات واسعة وسط المدنيين
  • دور المدنيين في انتشال السودان من قبضة الحكم العسكري وتحقيق الحكم المدني
  • قيادي بحركة تحرير السودان يدعو لحماية المدنيين في الفاشر وسط تصاعد الهجمات 
  • الجيش السوداني يعلن استعادته مدينة أم روابة بشمال كردفان جنوب البلاد
  • الجيش السوداني يسيطر على أم روابة وسط مخاوف من انتهاكات بحق المدنيين