سيطرت القوات التركية على عشرات من القرى في محافظة دهوك، التابعة لإقليم كردستان العراق، منذ مطلع يوليو/تموز الجاري، مع تصاعد العملية العسكرية التي تشنها في المنطقة لتضييق الخناق على عناصر حزب العمال الكردستاني.

وأحرزت القوات التركية المتوغلة تقدما في مناطق باليتي وكاني ماسي وجبل متين ومحيط جبل غارا، بالتوازي مع قصف جوي ومدفعي لقواعد عسكرية ومستودعات أسلحة لحزب العمال الكردستاني في قنديل وهاكورك وغارا.

عراقيون يطالبون تركيا بضبط توغلها البري بعد أن تجاوزت عملياتها الشريط الحدودي المتفق عليه بين أنقرة وبغداد (رويترز) مرحلة جديدة

وعلم موقع الجزيرة نت من مصادر أمنية عراقية أن العمليات التركية دخلت مرحلة جديدة بعد مرور قرابة 10 أيام على انطلاقها، تمثلت بإنشاء نقاط مراقبة داخل مناطق دهوك، والعمل على تأسيس قواعد عسكرية على سفح جبل متين وبالقرب جبل غارا. وتجاوز التوغل التركي عمق 40 كيلومترا داخل إقليم كردستان، حيث وصل إلى بلدة العمادية التي تبعد 20 كيلومترا فقط عن مركز محافظة دهوك.

ويعدّ جبل غارا بمنزلة قاعدة عمليات للعمال الكردستاني ضد القوات التركية، حيث تسعى أنقرة خلال العمليات الحالية وغير المسبوقة إلى الوصول إلى معاقل الحزب في هذه المنطقة.

وأفاد الصحفي التركي المتخصص بالشؤون الأمنية ليفنت كمال -للجزيرة نت- بأن القوات التركية تمكنت من قطع طريق حزب العمال الكردستاني إلى جبل غارا، واستطاعت إيقاف نشاط التنظيم في جبل متين، وانتشرت من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، فأدى ذلك إلى قطع طريق التنظيم باتجاه تركيا.

وبحسب الباحث السياسي الكردي كفاح سنجاري، فإن تركيا هذه المرة توغلت بالفعل إلى أبعد من 40 كيلومترا في إقليم كردستان، حيث كانت في السنوات السابقة تركز عملياتها على أطراف منطقة قنديل، وأطراف محافظة دهوك على مقربة من الحدود التركية، وتتوغل لمسافة قليلة بموجب اتفاقية قديمة وقعتها تركيا مع العراق في زمن حكم صدام حسين تتيح لها التوغل بين 5 و10 كيلومترات فقط.

ولفت سنجاري -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن تركيا تمتلك بالأصل عشرات من النقاط العسكرية ومراكز المراقبة في العمق العراقي بما يصل إلى 30 كيلومترا، كما في ناحية بعشيقة القريبة من الموصل وغيرها من المناطق الحدودية.

وأشار سنجاري إلى أن قرابة 500 قرية غادرها سكانها باتجاه عمق إقليم كردستان بسبب توسع العمليات العسكرية التركية الراهنة، وهو توسع حدث تدريجيا منذ عام 2023 إلى يومنا هذا، حيث بات الجيش التركي يستخدم مختلف أنواع القوات والأسلحة مثل القوات الجوية والخاصة، والمدفعية البعيدة المدى والطيران المسير، وكذلك المدرعات والدبابات.

وكانت العمليات التركية تستهدف بشكل أساسي في السابق قواعد حزب العمال الكردستاني التي أقامها بالتعاون مع الحشد الشعبي العراقي في مناطق قنديل وسنجار، أما الآن فقد وصلت إلى منطقة العمادية في عمق دهوك.

ضبط حدود العملية

على الرغم من أن تركيا مهدت لتوسيع عملياتها العسكرية في إقليم كردستان من خلال تفاهمات أمنية مع الحكومة العراقية المركزية، في الزيارة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد في أبريل/نيسان 2024، فإن تجاوز العمليات الشريط الحدودي المتفق عليه بين البلدين والتحول باتجاه تأسيس قواعد ونقاط ثابتة أدى إلى تصاعد الأصوات العراقية التي تطالب تركيا بضبط توغلها البري.

ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها الجزيرة نت من مصادر عراقية، فإن الحكومة في بغداد كثفت من اتصالاتها مع الجانب التركي بدءا من 10 يوليو/تموز الجاري من أجل نقاش حدود العملية العسكرية التركية، نظرا لأنها تجاوزت الشريط الحدودي، ومن ثم أصبحت الحكومة المركزية محرجة أمام حكومة كردستان ومجبرة على اتخاذ خطوات تجاه التصعيد التركي الواسع، خاصة مع اتساع حركة نزوح السكان في دهوك.

وأمس السبت، أصدر قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق، إحدى قوى الإطار التنسيقي المنخرطة في الحكومة المركزية، بيانا أدان فيه دخول القوات التركية إلى الأراضي العراقية، وطالبها بالانسحاب، معبرا عن رفضه استخدام العراق من أجل مهاجمة دول الجوار، وأيضا عدم قبول الذرائع من أجل احتلال الأراضي العراقية.

وأكد الصحفي التركي ليفنت كمال أن تركيا تخطط فعلا للقضاء على خطر العمال الكردستاني لأن المسألة قضية متعلقة بالأمن القومي التركي، وإعادة الاستقرار للإقليم؛ فأنقرة تعمل على تأمين طريق التجارة مع إقليم كردستان، وتوفير الظروف المناسبة لتأسيس طريق التنمية الذي يعزز مكانة العراق أيضًا كعقدة في طرق التجارة العالمية ويسهل التدفق التجاري بين الشرق والغرب.

من جانبه، رجح الباحث السياسي الكردي كفاح سنجاري عدم توسع العمليات التركية بشكل كبير، لوجود ضوابط لحركة القوات التركية سواء في ما يتعلق بموقف الحكومة العراقية الاتحادية أو الموقف الأميركي.

وأشار سنجاري إلى أن حكومة إقليم كردستان غير جاهزة للدخول في أي اشتباك سواء مع القوات التركية أو عناصر العمال الكردستاني، ولذا وضعت الكرة في ملعب الحكومة العراقية الاتحادية لأن الدفاع عن الحدود من مسؤولية القوات المسلحة العراقية التي تمتلك 3 ألوية منتشرة على الحدود مع تركيا.

وفي 11 يوليو/تموز الجاري، أكد وزير الدفاع التركي يشار غولر عزمهم إقامة منطقة آمنة بعمق يراوح بين 30 و40 كيلومترا على طول حدودهم مع كل من سوريا والعراق، وتطهير المنطقة من الإرهاب. وذلك يشير إلى أن العمليات التركية لن تتوقف قريبا، وقد تمتد في المستقبل إلى الحدود مع سوريا إن توفرت التفاهمات السياسية مع الأطراف الدولية الفاعلة بالملف السوري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العمال الکردستانی العملیات الترکیة القوات الترکیة إقلیم کردستان إلى أن

إقرأ أيضاً:

البنتاجون: العمليات العسكرية ضد الحوثيين ستستمر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث يوم الأحد، أن الولايات المتحدة ستواصل عملياتها العسكرية ضد الحوثيين في اليمن حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر، في ظل تصاعد التوترات العسكرية بين الطرفين.

أعلنت وزارة الصحة التابعة للحوثيين أن الضربات الجوية الأمريكية أسفرت عن مقتل 53 شخصًا على الأقل، بينما أشار مسؤول أمريكي لوكالة "رويترز" إلى أن الحملة العسكرية قد تستمر لأسابيع، مما يشير إلى مرحلة جديدة من التصعيد في المنطقة.

في المقابل، توعد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بالتصعيد، قائلًا في خطاب متلفز: "إذا استمر في عدوانه، سنستمر في التصعيد."

وأكد أن جماعته ستستهدف السفن الأمريكية في البحر الأحمر ردًا على الغارات الجوية الأمريكية.

كما نفى مسؤول دفاعي أميركي مزاعم الحوثيين حول استهدافهم حاملة الطائرات "هاري ترومان"، مشيرًا إلى أنه لا يوجد دليل على أي هجوم ناجح ضد السفينة الحربية الأمريكية.

تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة توترًا متزايدًا، مع استمرار الهجمات البحرية التي تهدد أمن الملاحة والتجارة العالمية. وتُبقي الولايات المتحدة خياراتها العسكرية مفتوحة، بينما يواصل الحوثيون تحديهم لواشنطن والتحالف الغربي.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحث على ضبط النفس ووقف العمليات العسكرية في اليمن
  • البنتاجون: العمليات العسكرية ضد الحوثيين ستستمر
  • واشنطن تبحث مع بغداد التهدئة باليمن: العمليات العسكرية ستتوقف فور توقف الهجمات
  • الكهرباء والغاز.. نتائج مباحثات الخارجية العراقية ووزير الطاقة التركي
  • مصدر مسؤول: مزاعم الدعم اللوجستي للعملية العسكرية في اليمن مضللة
  • تحذيرات من تأثير العمليات العسكرية الامريكية ضد الحوثيين على العراق
  • تحذيرات من تأثير العمليات العسكرية الامريكية ضد الحوثيين على العراق - عاجل
  • مشكلة نفط كردستان تستمر.. من يرفض التصدير عبر جيهان التركي؟
  • استمرار القيود على تسويق بعض منتجات إقليم كردستان إلى المحافظات العراقية
  • القوات المسلحة العراقية: مقتل أبو خديجة ضربة قاسية لتنظيم داعش