في الذكرى السابعة لهبّة باب الأسباط.. هل القدس على أعتاب انفجار شعبي جديد؟
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
القدس المحتلة- ما زال يوم 14 يوليو/تموز من كل عام يذكّر الفلسطينيين بواحدة من أهم الهبّات الشعبية التي اندلعت من بوابة المسجد الأقصى ووضعت الاحتلال خلالها بين خيارين أحلاهما مُر: إما الذهاب إلى مواجهة مفتوحة أو التراجع.
اختار الاحتلال التراجع أمام الغضب الجماهيري الذي أشعلته خطوة تركيب بوابات إلكترونية في أبواب الأقصى بذريعة إقدام 3 شبان من مدينة أم الفحم في الداخل الفلسطيني على إطلاق النار على قوة للشرطة الإسرائيلية متمركزة عند باب حطة، أحد أبواب المسجد.
في حديثه للجزيرة نت يستعرض الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص نتائج وتداعيات تلك الهبّة، مبينا أن التجربة كانت ناجحة من حيث تراجع الاحتلال عن المواجهة، وشكلت حافزا على تكرار المواجهة الشعبية 3 مرات بعدها، لكن مقابل هذا النجاح الشعبي حاول الاحتلال تفكيك ما يمكن أن يسمح بتجدده، فشدد الخناق على محيط المسجد بشكل تدريجي وصولا إلى وضعه تحت حصار دائم.
وبعد الهبّة عمل الاحتلال على ضرب القيادات الميدانية التي من شأنها أن تشكل الطليعة ونواة التجمع المركزية لأي تحرك شعبي مشابه عبر الاعتقال الإداري والإبعادات عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة ومدينة القدس بالإجمال، واستهداف النشطاء في أرزاقهم وحياتهم وهدم بيوتهم وسائر معاملات حياتهم ليكونوا عبرة لمن يجرب التحدي، وفق ابحيص.
واليوم تمر الذكرى السابعة على اندلاع هبّة باب الأسباط، وفي ظل الحرب يتعقد المشهد في القدس من 3 زوايا وفقا للباحث المقيم في الأردن:
عقدة الثقة: فبعد المواجهات الشعبية المتكررة التي انطلقت من القدس، بل ومن المسجد الأقصى تحديدا، وبعد حربين تخللتهما جولة تصعيد عسكري انطلقت كلها بسبب الأقصى تحديدا أخذت القدس تتحول إلى عقدة ثقة مستحكمة لدى إسرائيل بمختلف المستويات رسميا وشعبيا.
من هنا أخذ العدوان على الأقصى وعلى القدس في العموم يتحول إلى عنوان لإثبات الذات والثقة بالمستقبل، وأخذ العدوان على المسجد تحديدا يدخل مرحلة جديدة بالتحول إلى نقطة إجماع بين المكونات القومية والدينية الإسرائيلية، فلم يعد موضوعا للصهيونية الدينية وحدها، بل بات عنوانا قوميا لاستعراض السيادة والقوة، وهو ما سينذر بتصاعد التحدي فيه وبتجدد أسباب المواجهة التي من شأنها أن تصبح أكثر إلحاحا على بقية المكونات لتلتحق بما قدمته المقاومة في غزة من نموذج.
ودفع هذا التحول الجديد في مكانة القدس شرطة الاحتلال إلى أن ترعى بنفسها اعتداءات تاريخية على الأقصى في المناسبات العبرية التي مرت، سواء في عيد الفصح التوراتي برمضان أو في ذكرى احتلال القدس أو في عيد الأسابيع التوراتي بعدها، إذ سمحت بإدخال أدوات دينية كانت تحرص بنفسها على منعها من قبل، ورعت استعراض العلم الصهيوني والنشيد القومي في الأقصى، وهي الاستعراضات التي كانت تحظرها وتحاربها بنفسها خوفا من ارتداداتها من قبل.
إحكام الحصار: في هذه الزاوية نذكّر بأن المسجد دخل في الشهر السابق لمعركة طوفان الأقصى حالة غير مسبوقة من الحصار بمنع المصلين من دخول البلدة القديمة، ومنع دخول المصلين في صلوات الفجر والظهر والعصر في أيام الأعياد التوراتية، إلى الحد الذي جعل الصلاة تقام فيه بصف غير مكتمل في الجامع القبلي في بعض الصلوات.
ومع بدء معركة طوفان الأقصى استمر الاحتلال في فرض هذا الحصار الذي كان يجري فرضه كتدبير مؤقت لأول مرة، فاستمر حتى نهاية يناير/كانون الثاني 2024 وأخذ يحاول تثبيت عناصره ماديا من خلال تعزيز نظام الكاميرات والمجسات الحرارية ونصب سياج شائك على السور الشرقي للأقصى ونصب بنية معدنية دائمة لحواجز شرطته على عدد من أبواب الأقصى.
وهذا كله جعل المسجد يقع تحت حصار مستمر لا يمكن الحديث عن انتهائه رغم وصول أعداد كبيرة من المصلين إلى الأقصى خلال العشر الأواخر من رمضان، إذ إن هناك تغييرا دائما حصل على الأرض يمنح الاحتلال سيطرة أكبر على حركة الحشود في محيط الأقصى، ويحد من أعداد الواصلين إليه في كل المناسبات التي مرت حتى الآن منذ بداية الحرب، واليوم لا بد أن يكون واضحا أن الأقصى تحت الحصار، وأن هناك مواجهة ممكنة أسبابها آخذة في التراكم تحت هذا العنوان.
الترهيب ومصيره: من هذه الزاوية نلاحظ أن الاحتلال لجأ منذ بداية الحرب إلى سياسة تجفيف وإرهاب عابرة للتقسيمات الاستعمارية التي فرضها في الضفة الغربية والقدس وفي الأرض المحتلة عام 1948، وكانت قائمة على حملات مداهمة واعتقال استباقية لكل القادة والناشطين لمنع إمكانية التحرك، وبالتنكيل بالمعتقلين والعدوان عليهم بشكل لم يُشهد من الاحتلال ومن خلال إطلاق يد جنوده على الزناد في مواجهة أي تحرك بالشارع.
هذه السياسة من الإرهاب والبطش آثارها مؤقتة مهما طالت، والتجربة تقول إنها سترتد على الاحتلال بموجات غضب أعنف وأشد، وانطلاقها ليس إلا مسألة وقت، خصوصا أن الأسباب الداعية للمقاومة مستمرة وآخذة بالتصاعد، من عدوان على الأقصى وهدم للبيوت بأرقام تاريخية واستمرار الاستيطان واستهداف التعليم وتجريم الأونروا والتهجير الجماعي للأحياء.
وفي الخلاصة، يؤكد الباحث زياد ابحيص أن هبّة باب الأسباط كانت بما فرضته من انتصار علامة فارقة أطلقت الخيال الفلسطيني والعربي والإسلامي نحو مشهد التحرير والدخول القادم إلى الأقصى، وجاءت معركة طوفان الأقصى لتترجمه إلى فعل عسكري، وأن ما بعدهما من شأنه أن يضاعف التحدي في مواجهة وجودية لا تحتمل أنصاف الحلول.
وأشار إلى أن الإحلال الديني في الأقصى بات عقدة وجود بعد أن كان مشروعا للصهيونية الدينية وحدها، وبات تجسيدا عمليا للتحدي الصهيوني الذي لا يقبل التعايش ولا الاحتواء، ومشروعه تجاه فلسطين بأسرها هو الإزالة الكاملة ولا شيء غيرها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المسجد الأقصى
إقرأ أيضاً:
علماء فلسطين تدعو لنصرة الأقصى تدين تصاعد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحقه
أدانت رابطة علماء فلسطين تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق المصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى بمدينة القدس المحتلة خلال شهر رمضان، ودعت العالم الإسلامي إلى نصرته.
وقالت الرابطة في بيان: "نتابع بكل غضب وأسى إجراءات الاحتلال الإسرائيلي التعسفية المتصاعدة تجاه قبلة المسلمين الأولى ومسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم".
وتابعت: "تزداد وتيرة الاستفزازات والاستهدافات الممنهجة من المستوطنين للمسجد الأقصى والمصلين والمعتكفين فيه بشكل يومي وملحوظ".
وأوضحت أن "إسرائيل" تمنع المصلين من "الاعتكاف داخل المسجد الأقصى خلال شهر رمضان في وقت تفتح المسجد للمستوطنين كي يقيموا طقوسهم التلمودية في باحاته".
ومساء الخميس، قالت مؤسسة القدس الدولية (مقرها بيروت) على موقعها، إن القوات الإسرائيلية اقتحمت المسجد الأقصى وأجبرت المصلين على الخروج منه ومنعهم من الاعتكاف في ليلة الجمعة الثانية في رمضان.
ونقلت المؤسسة عن مصادر مقدسية قولها إن القوات الإسرائيلية اقتحمت المسجد عقب انتهاء صلاتي العشاء والتراويح مساء الخميس وقمعت المصلين وأجبرتهم على الخروج من المسجد تحت تهديد الاعتقال والإبعاد.
ودعت رابطة علماء فلسطين العالم الإسلامي لـ"نصرة المسجد الأقصى خاصة في شهر رمضان"، وطالبت بـ"فضح هذا السلوك الإسرائيلي عبر الإعلام".
كما ناشدت الفلسطينيين في القدس والضفة وداخل الخط الأخضر بضرورة عدم "الرضوخ لإجراءات العدو الإسرائيلي المجرم ومحاولة الدخول للمسجد الأقصى والحرص على الصلاة والاعتكاف فيه وتنظيم مظاهرات تفاعلية نصرة له".
وفي الجمعة الثانية من رمضان، أدى نحو 80 ألفا فقط من الفلسطينيين صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وهو عدد أقل من المعتاد حيث قدرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس أعداد المصلين بنحو 250 ألفا، في اليوم نفسه من العام 2023، فيما بلغ العام الماضي 120 الفا.
وواصلت القوات الإسرائيلية للجمعة الثانية منع عشرات الآلاف من المصلين من سكان الضفة الغربية من الوصول إلى المسجد الأقصى للصلاة.
وفي 6 آذار/ مارس الجاري صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على فرض قيود مشددة على وصول المصلين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى خلال أيام الجمعة في شهر رمضان.
ويتزامن القرار مع استمرار اقتحام مئات المستوطنين اليهود المسجد الأقصى يوميا خلال رمضان، وسط تصعيد إجراءات التضييق على الفلسطينيين القادمين من الضفة الغربية.
وكانت السلطات الإسرائيلية فرضت قيودًا مشددة على وصول الفلسطينيين من الضفة إلى القدس منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فيما أعلنت الشرطة نشر تعزيزات أمنية إضافية في القدس مع حلول شهر رمضان.
وتعتبر هذه الإجراءات جزءا من محاولات "إسرائيل" لتهويد القدس، بما في ذلك المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية.