الاقتصاد نيوز - بغداد

في منطقة نائية تقع على بعد 87 كلم شمالي ديالى، وضمن منحدرات متعرجة يصعب الوصول إليها، تقع أربع مقاطعات يسميها بعض الأهالي مغارة “علي بابا”، في تعبير مجازي عن كنز مدفون في باطن الأرض منذ آلاف السنين، ويأملون أن يغير حال الفقر في مناطقهم، ويمنح الأجيال المقبلة أملا بمستقبل أفضل.

“الخشم الأحمر” حقل غازي، وعلى الرغم من غرابة الاسم وعدم انسجامه مع طبيعة ثروته، إلا أنه يمثل “متنفسا اقتصاديا” تبني عليه ديالى وأهلها آمالا كبيرة كمورد اقتصادي إضافي إلى جانب الحقول النفطية والغازية المنتشرة في المحافظة.

ويقول النائب عن محافظة ديالى، مضر الكروي، إن “تطوير الخشم الأحمر جرى ضمن الرخصة الخامسة لوزارة النفط وأحيل إلى شركة عربية متخصصة، في أول تجربة لشركة عربية تدخل مضمار تطوير حقول الغاز في تاريخ ديالى”.

ويضيف الكروي، أن “الخشم الأحمر هو جزء من آبار عملاقة تقع في مناطق شرق وشمال ديالى، وذات احتياطيات كبيرة لكنها لم تستغل منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن على اكتشافها، وسط توقعات بأنها ستغير وجه هذه المناطق من خلال إمكانية إقامة مدن صناعية في ظل وجود مصادر كبيرة للطاقة”.

وكانت شركة نفط الوسط قد كشفت آذار مارس الماضي، عن المباشرة بتهيئة وتأمين البنى التحتية لأكبر بئرين غازيين هما الخشم الأحمر والگمر وفي حقل المنصورية الممتد إلى ناحية العظيم شمال شرقي محافظة ديالى.

بدوره يوضح مستشار شركة الهلال في ديالى، المستثمرة للحقل الغازي، محمد السعدي، أن “الشركة مقرها في دولة الإمارات، وهي معروفة باستثمارات في مجالات الطاقة ومنها تطوير واستخراج الغاز وهي مهتمة جدا بحقل الخشم الأحمر في ديالى”.

ويبين السعدي، أن “الشركة وضعت خطة عمل من ثلاث مراحل من أجل البدء بتطوير الحقل بعد إكمال الأجهزة الأمنية مضامين التشميط وتأمين الموقع استعدادا لوصول الفرق الفنية والهندسية وبقية المعدات، ومن المتوقع البدء بالإنتاج في العام 2025”.

ويعتبر بئر الخشم الأحمر، وهو أشهر وأهم بئرا غازيا قادر على تشغيل محطة المنصورية الكهربائية الغازية لإنتاج 700 ميغاواط لمدة 100 سنة وأكثر ما يحتوي من احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي وبجودة عالية.

وكانت شركة “GEO – JADE” قد فازت في العام 2023، بعقد استكشاف وتطوير وإنتاج رقعة “نفط خانة” الغازية في محافظة ديالى، بالإضافة إلى تطوير وإنتاج حقل الحويزة في محافظة ميسان، فيما أحيل حقل السندباد في محافظة البصرة إلى شركة “UEG” للتطوير والإنتاج، أما حقل “كلابات فجر” في محافظة ديالى فأحيل تطويره وإنتاجه إلى شركة “الهلال” الإماراتية، بالإضافة إلى حقل “الخشم الأحمر”.

من جانبه، يؤكد مصدر أمني، أن “هناك خطة لمسك الأرض في حقل الخشم الأحمر بدأت فعليا قبل ستة أشهر، وشهدت خلال الأسابيع العشرة الأخيرة أكبر عملية تمشيط من خلال فرق مكافحة المتفجرات بإسناد من شرطة الطاقة وبقية التشكيلات الساندة من أجل تأمين المناطق والمنحدرات وبمسافات بعيدة جدا”.

ويوضح المصدر، أن “قوة قوامها فوجا قتاليا بدأت بالمسك الميداني وبشكل ثابت حول حقل الخشم الأحمر استعدادا لتسليمه لكوادر الشركة العربية التي ستتولى الاستثمار فيه، كما تم تأمين جميع محاور الحقل”.

ويردف أن “هناك غرفة عمليات خاصة لإدارة ملف أمن حقل الخشم الأحمر تم تشكيها وهي باتصال مباشر مع بعقوبة وبغداد من أجل تعزيز الأمن في محيط الحقل الذي يمثل أولوية، مع تقديم كل التسهيلات لقدوم الشركة المطورة”.

وكان نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، وزير النفط، حيان عبد الغني، قد أكد على أهمية تفعيل ثلاثة عقود مع شركة الهلال الإماراتية ضمن جولة التراخيص الخامسة لاستثمار الغاز بكمية تبلغ 400 مليون قدم مكعب قياسي من حقول “خشم الأحمر، وكلابات، وخضر الماي”، مبينا أن ذلك جاء خلال التوقيع على تفعيل العقود للحقول والمواقع المذكورة.

إلى ذلك، يرى عضو مجلس محافظة ديالى، تركي العتبي، أن “ديالى تضم حقولا نفطية وغازية عدة لكن 90 بالمئة منها غير مستغلة بالشكل الصحيح، وحقل المنصورية هو أكبر حقول الغاز في العراق ولم يبدأ الإنتاج على الرغم من حاجة البلاد إلى الغاز لتشغيل العشرات من محطات توليد الطاقة الكهربائية بدلا من إنفاق مليارات الدولارات على استيراد الغاز”.

ويشير العتبي، إلى أن “استقطاب شركات أجنبية وعربية للاستثمار والتطوير في حقول ديالى الغازية والنفطية، بداية إيحابية نأمل أن تغير من واقع اقتصاد المحافظة”.

ويواجه العراق مشكلة مزدوجة منذ ما يزيد على عقدين من الزمن، ففيما يستورد الغاز بمليارات الدولارات سنويا لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، فهو في المقابل يحرق يوميا ما يمكنه من تأمين احتياجاته وتجنب إنفاق هذه المليارات وحماية البيئة من التلوث، وفيما أكد مختصون على ضرورة استثمار هذه الثروة المهدورة، عزوا من جانب آخر، التلكؤ في هذا الملف إلى سياسة الحكومات، والفساد.

إلى ذلك، يشرح المهندس النفطي المتقاعد عبد الله هادي، أن “ديالى تضم من سبعة إلى تسعة مواقع نفطية وغازية أشهرها نفط خانة في أقصى شرق المحافظة قرب الشريط الحدودي مع إيران”.

ويراهن هادي، على أن “الخشم الأحمر وفي ظل التكنولوجيا الحديثة ستتوفر أرقاما للإنتاج أكثر دقة، لكن في المحصلة النهائية سيغير الإنتاج الغازي من بئر الخشم الأحمر بوصلة ملف الغاز في العراق، إذ سيسهم بتحقيق الاكتفاء الذاتي وحتى التصدير، وهذا الأمر ليس بحلم بل يمكن خلال سنوات إذا ما توفرت الإرادة واكتملت خطوات تطوير الحقول الحالية سيتحقق”.

وكانت الهيئة الوطنية للاستثمار، أعلنت في 5 آذار مارس الجاري، عن توقيع إجازة مع شركة عراقية لاستثمار الغاز المصاحب، مبينة أن كلفة المشروع بلغت 2.6 مليار دولار بتنفيذ 36 شهرا، فيما بينت أن استثمار الحقل سيكون على 300 مقمق عبر مرحلتين بواقع 150 مقمق لكل مرحلة، وهذا يعادل ثلث ما يتم استيراد من الغاز.

وكانت وزارة النفط، نجحت في العام 2010 بتشكيل شركة غاز البصرة بالتعاون مع شركتي شل ومسيوبيشي، ووضعت خطة لاستثمار الغاز المصاحب من أربعة حقول نفطية في البصرة، وتمكن هذا التحالف من إنجاز 50 بالمئة.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، رعا في تشرين الأول أكتوبر من العام الماضي، توقيع مذكرة تفاهم لاستيراد الغاز من تركمانستان.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار محافظة دیالى فی محافظة

إقرأ أيضاً:

السوداني: قطاع الطاقة يمثل مكانة محورية في خطط الحكومة

بغداد اليوم -  بغداد

أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء (28 كانون الثاني 2025)، أن قطاع الطاقة يمثل مكانة محورية في خطط الحكومة.

وقال رئيس الوزراء في كلمة خلال حضوره مؤتمر العراق للطاقة وتابعته "بغداد اليوم" أن "المؤتمر فرصة للاطلاع على سياسات وبرامج الدولة في قطاع الطاقة الذي يحتّل مكانة محورية في كلِّ خطط الحكومة التنموية والتزامها بتحديثه وتطويره، بالتوازي مع هدف تنويع الاقتصاد، بشكل ينعكسُ إيجابًا على القطاعاتِ الأخرى".

واضاف ان "تحقيق منجز رقميٍّ ملموس منذ تولي الحكومة مسؤوليتها، عبر جملة من الالتزامات أبرزها وقف حرق الغاز بنسبة 70%، والاستفادة من الثروة النفطية، واستثمار الغاز الطبيعي، وتوسعة إنتاج المشتقات النفطيةِ"، مؤكداً ان "الاقتراب من الاكتفاء الكامل من المحروقات والانتقال نحو تصدير زيت الغاز، ضمن رؤية تستهدف تحويل 40% من الناتج النفطيِّ إلى صناعات تحويلية بحلول عام 2030".

وتابع السوداني أنّ "الحكومة طرحت مشاريع الطاقة المُتكاملة لتوسعة الاستفادة من الإنتاج النفطيِّ في الموقع الواحد، وأهمها حقلُ أرطاوي في محافظة البصرة، وما يرافقُه من مشروع لتحلية ماء البحر، وتوليد الطاقةِ الشمسية، فضلًا عن استثمار الغاز"، مبيناً أن "تعظيم الاقتصاد غيرِ النفطيِّ يترافق مع تعظيم العوائد من الثروة النفطية، عبر توسعة عمليات التكرير والصناعات البتروكيماوية".

وبين ان "الحكومة اتجهت إلى تنوع مصادر الدخل أفقياً لحل مشاكل البطالة والاقتصاد الأحادي، نحو خلق فرص العمل الحقيقية، والشراكة مع القطاع الخاص كانت النافذة الأولى للتنمية، وفرصة العمل الواحدة معه تؤدي إلى إيجاد فرص عديدة أخرى"، مؤكدا ان "الحكومة ارتكزت على مشاريع إستراتيجية رافعة لكل قطاعات التنمية والاقتصاد وأهمها (طريق التنمية)".

واوضح رئيس الوزراء: "وضعنا في تصميم مسار طريق التنمية خطوطاً لنقل النفط والغاز، إضافة إلى الاتصالات لتحقيق الربط بين آسيا وأوروبا، وإتاحة الفرصِ الاستثمارية"، مؤكدا اننا "وضعنا خطة للاستثمار في رأس المال البشري وتطوير القدرات والمهارات لمواكبة التكنولوجيا والتقنيات، خاصة مع اتساع تطبيقات الذكاء الصناعي".

واكد ان "قطاع الطاقة الكهربائية بات العصب التنموي والاقتصادي المهم، ويمكن تحويله إلى بوابة أساسية من بوابات التنمية في العراق، لان تطوير شبكة نقل وتوزيع الطاقة، واعتماد التقنيات الحديثة والذكية، سيقلل الضائعات، ويخفض الانبعاثات الضارة، ويعزز التنمية المستدامة"، مبينا ان "وزارة الكهرباء أعلنت عن الموديل الاقتصادي الجديد للمحطات الحرارية التي تستهدف إنتاج 15 ألف ميغاواط إضافية".

واشار الى انه "سيتم الإعلان عن الحزمة الكبيرة والمهمة من مشاريع إنتاج الطاقة للمحطات الغازية وفق الموديل الجديد"، معتبرا ان "الشراكة مع القطاع الخاص مهمة لاختصار الوقت والجهد في مواجهة التغيرات المناخية ومعالجة شحّ المياه في العراق".

واوضح اننا "سعينا إلى إدخال عناصر الطاقة المتجددة والنظيفة والبديلة، وبدأنا التنفيذ الفعلي في مجال الطاقة الشمسية"، مبينا ان "لدينا مشاريع للطاقة المتجددة والنظيفة ستصل سعات إنتاجها عند الاكتمال إلى 4875 ميغاواط".

واشار الى اننا "نمضي بالربط الكهربائي مع دول الخليج وتركيا وصولاً إلى شبكة الكهرباء في الاتحاد الأوروبي، لتحقيق التنوع والتكامل في مجال الطاقة"، مشيرا الى ان "مكانة العراق العالمية باتت تكتسب صورة أكثر إشراقاً في النمو الاقتصادي والإصلاحات وزيادة مستويات التعاون في جميع منتديات الطاقة".

وختم السوداني قائلا إن "العراق أصبح ركناً أساسياً في استقرار سوق النفط العالمية، وهو على طريق التحول إلى مركز إقليمي لصناعات الطاقة، وان العراق يسهم في استقرار سوق النفط العالمية من خلال ارتكازه على اقتصاد قوي ومتين".

 

مقالات مشابهة

  • وزير الداخلية يصل الى محافظة ديالى
  • بريطانيا تدعو الى سرعة تشكيل الحكومة بعد الانتخابات المقبلة
  • دوري نجوم العراق.. الطلبة يتغلب على كربلاء ونفط البصرة يتخطى ديالى
  • السفير البريطاني يدعو حكومة السوداني إلى استقلال الطاقة في العراق
  • وزارة النفط: تجهيز المحطات الكهربائية بـ(10) آلاف م3 من زيت الغاز يومياً
  • شركة نفطية اماراتية: ديالى يمكن أن تصبح قاعدةً لتطوير صناعة الغاز بالعراق
  • السوداني: قطاع الطاقة يمثل مكانة محورية في خطط الحكومة
  • انطلاق مؤتمر العراق للطاقة
  • السوداني: العراق نجح في إيقاف حرق الغاز بنسبة 70 بالمئة
  • شركة توزيع المنتجات النفطية تبيع أكثر من 11 مليار لتر من البنزين خلال 2024