السومرية نيوز-خاص

جدل سنوي متجدد، كانت آثاره طوال السنوات الماضية محصورة على الأوساط الثقافية والشعبية وفي مواقع التواصل الاجتماعي، الا انه انسحب هذا العام لأوساط جديدة، لتكون القوى السياسية والبرلمان العراقي والحكومة الحالية طرفًا فيه، فالغاء او عدم تضمين عطلة 14 تموز في قانون العطل الرسمية، عزز النقاش والجدل في هذا اليوم الجدلي والذي لايمكن حسمه، لتساوي نقاط القوة والضعف والحجج والحجج المتقابلة على الطرفين النقيضين في القصة.

ينغمس كل طرف من الجماهير "ولو على المستوى الضيّق"، في مواقع التواصل الاجتماعي، لاستعراض كل منهم مبرراته الكافية لتعزيز وجهة نظره وموقفه سواء كان مع أو ضد حادثة 14 تموز التي تحمل تارة اسم "ثورة" وتارة أخرى اسم "انقلاب"، بحسب جذور المتضادين أو أفكارهم ومواقفهم المكتسبة من مقارنة سياسة كل حقبة "الملكية-الجمهورية"، ونتائج كل منهما.

في الاطار العام، ستجد في فريق مناصري الجمهورية، الفئات الفقيرة من الشعب وأبناء فلاحي الأمس من المحافظات الجنوبية، وشعراء ومثقفي حقبة مابين ثلاثينات وستينيات القرن الماضي، والحزب الشيوعي ومناصريه.

بالمقابل، وعلى النقيض من مناصري الجمهورية، يبدو أن الملكية بدأت تأخذ بريقها بشكل حديث في العراق، حيث ان مناصريها "على عكس الجمهورية" ليس معظمهم متوارثين لهذه المواقف بل اكتسبوا مواقفهم المناصرة للملكية حديثًا، بعد قراءة للتاريخ ونتائج ماحدث لتغيير النظام من ملكي الى جمهوري، لكن عمومًا من الطبيعي او المتوقع أن يكون مناصرو الملكية هم أبناء واحفاد "الاقطاعيين" من شيوخ العشائر الذين كانت لهم امتيازات في ظل الحكومة الملكية، وكذلك أبناء العائلات السياسية والتجار والبيوتات الغنية المعروفة في بغداد والموصل والبصرة.

يناصر الجمهوريون عبد الكريم قاسم، ويصفون ماحدث في 14 تموز بـ"الثورة" ضد الظلم والفقر وحكم الاقطاعيين، وحكم العائلة المالكة "غير العراقية" التي أتت من الحجاز، والمتمثلة بالملك فيصل الأول نجل شريف مكة، الشريف حسين بن علي الهاشمي ملك الحجاز.

كانت العائلة الهاشمية المالكة، بدايةً، تفكر في صناعة "مملكة عربية" على انقاض انتهاء حكم وسيطرة العثمانيين، غير ان الظروف والبريطانيين لم يسمحا بتحقق حلم الشريف حسين.

وبعيدًا عن ذلك، كان الملك فيصل قد أتى ولم يجد شيئا اسمه العراق، كان عبارة عن الولايات المتناحرة والمتناثرة والتي لايجمعها شيء ولاخارطة، بعد انتهاء حكم العثمانيين على يد الاحتلال البريطاني يتم تأسيس دولة العراق بحدودها وخارطتها وشكلها الحالي لأول مرة عام 1921 على يد الملك فيصل، وانضم العراق الى عصبة الأمم ليكون دولة معترف بها لأول مرة.

يتفق الجميع على ان الملك فيصل كان يخطط لبناء دولة عصرية ومحترمة، بمساعدة البريطانيين، ونقل العديد من التقنيات وأساليب الحكم المتطورة لصناعة "هوية" للعراق الذي لا يجمع ابناءه هوية واحدة، وبعد وفاة الملك فيصل ومجيء ابنه الملك غازي ومن ثم ابن الملك غازي فيصل الثاني، كانت حقبة وتفكير وتوجه وكياسة الملكين الأخيرين تختلف تماما عن الملك فيصل الأول، وخلقت العديد من المعارضين ولاسيما العوائل الفقيرة والفلاحين الذين كانوا بمثابة "العبيد" لدى الاقطاعيين من شيوخ العشائر الذين حصلوا على أراض واسعة من النظام الملكي ليعمل فيها الفقراء من أبناء هذه العشائر مقابل بقاءهم على قيد الحياة بطعام نزير.


في 14 تموز 1958، جاء الانقلاب العسكري على يد عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، اللذان يختلفان أصلا في التوجهات "القومية والفكرية" بين شيوعي، واخر قومي.

كانت حقبة الـ37 عاما في النظام الملكي، تركز على "بناء الدولة" وانشغلت عن بناء الانسان، كانت الموارد المالية "وكما حال جميع الأفكار الرأسمالية"، تنظر نحو ضرورة استثمار العائدات المالية بمشاريع يكون لها عائدات مستقبلية اكبر، وعدم استنزاف الأموال بتوزيعها كرواتب وطعام للمواطنين وبالتالي استنزافها دون عائد.

أدت هذه السياسة التي قد يكون جزء منها صحيح ومنطقي، الى انتاج العديد من الفقراء والمعدومين وصناعة "عبيد الاقطاعيين"، الامر الذي جعل "الانقلاب العسكري"، وتأسيس الجمهورية، حالة خلاص كبيرة لهم وتم تأييد عبد الكريم قاسم بشكل كبير، الذي انتهج نهجا معاكسا للنظام الملكي، حيث اقدم على تأميم النفط، والاستغناء عن الخبرات الأجنبية فيه، وكذلك اقدم على استهلاك الموارد النفطية بـ"اشباع المواطنين" دون استغلالها بانشاء البنى التحتية ربما والتطور والاستثمار بحثا عن عائدات اكبر.

من المؤشرات والمقارنات الأخرى، يستذكر المناصرون للملكية ماحدث من "دماء وقتل وسحل" للعائلة المالكة، كمبرر قوي يجعلهم بالضد من النظام الجمهوري، وكذلك كونه انقلابا عسكريا وليس دستوريا او شعبيًا، غير ان مناصري الجمهورية يبرئون عبد الكريم قاسم من حادثة القتل والسحل وانها ارتكبت من قبل الناس آنذاك وبعض ضباط الجيش.

من الإشكاليات الجدلية الأخرى، تبرز مسألة الزحف من الريف الى المدينة، وامتلاء العاصمة بغداد في بعض المناطق بعادات يمكن وصفها بـ"غير مدنية" بحسب أصحاب هذا الرأي، وتحميل عبد الكريم قاسم مسؤولية توطين عشائر وعوائل وتكتلات بشرية جذورها وطريقة عيشها لاتتناسب مع المدينة، فكل فئة بشرية تكون ملائمة ومعززة في بيئتها.

غير ان التاريخ يذكر، ان الزحف من الريف الى المدينة، كان موجودا خلال حقبة الملكية، فالعديد من الفلاحين وعوائلهم هربوا من الاقطاعيين في الجنوب، وجاؤوا الى بغداد بحثا عن العمل، واستوطنوا في خرائب وعشوائيات في جانبي الكرخ والرصافة، قبل ان يقوم عبد الكريم قاسم ببناء مساكن خاصة شرق القناة لاسكان هذه العوائل والتكتلات البشرية وتخليص العاصمة من مشاهد العشوائيات والخيام.

وبالرغم من كونها خطوة يراها أبناء الفلاحين الهاربين أنها فتحت لهم صفحة حياة جديدة يشعرون بالامتنان لها، الا ان اخرين يتهمون عبد الكريم قاسم بانه حاول "عزل" هذه الفئات خلف القناة ولم يكن متفضلا عليهم او حبها بهم، ووضع حاجزا بينهم وبين إمكانية الانصهار مع العوائل البغدادية او محاولة التمدن والتعرف على الثقافات المختلفة.

ووسط هذه الجدلية، قررت الحكومة العراقية عدم وضع 14 تموز كيوم عطلة في قانون العطل الرسمية، بصفته يوم جدلي، وكذلك الغاء عطلة 3 تشرين الأول وهو انضمام العراق الى عصبة الأمم وهو يوم يمكن ان يحسب "كانجاز للنظام الملكي"، ولعل النظام السياسي الجديد يبحث عن يوم يتعلق به او بحقبة العشرين عاما الماضية لوضعها كيوم وطني، غير ان هناك تحفظات على إمكانية اختيار 9 نيسان وهو يوم سقوط النظام وبذات الوقت يوم احتلال العراق على يد القوات الامريكية.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: عبد الکریم قاسم الملک فیصل غیر ان على ید

إقرأ أيضاً:

25% نسبة أمطار الموسم الحالي

#سواليف

قال وزير المياه والري المهندس رائد أبو السعود، إن بدء #الموسم_المطري الحالي تأخر كثيرا، حيث بلغت نسبة #الأمطار الهاطلة 25% من المعدل المعتاد.

وأشار أبو السعود إلى أن نسبة #تخزين_السدود بلغت 24% مقارنة مع 48% في ذات الوقت من العام الماضي.

مشروع الناقل الوطني للمياه

مقالات ذات صلة الشيخ كمال الخطيب يكتب .. إلهي، سيدي ومولاي 2025/02/21

وتحدث في تصريحات إذاعية، أمس الخميس، عن مشروع الناقل الوطني للمياه، حيث وصفه بأنه “مشروع لأمن الأردن. لأن الماء أهم شيء للحياة ولأي بلد في العالم”، منوها بأن حصة الفرد 62م3 وإذا لم ينفذ المشروع ستنخفض إلى 30م3، ما قد يفضي إلى أن تصبح المياه كافية للشرب فقط.

وقال إن هذا المشروع ما كان ليتم لولا اتصالات الملك عبدالله الثاني الدولية والعالمية التي تمكنت من إقناع الشركات العالمية لأن تتقدم لتنفيذه، معربا عن أمله في الانتهاء من المباحثات مع الشركة المستثمرة والمقاول الذي رسى عليه عطاء التنفيذ.

وأضاف أن صيغة المشروع بناؤه وتشغيله على أن يعود إلى الحكومة وتستوجب هذه الصيغة عادة 14 إلى 24 شهرا من المباحثات لكنها اختصرت إلى سنة واحدة، مؤكدا انتهاء مباحثات الاتفاق المبدئي، والعمل جار على إنهاء اتفاق الإغلاق المالي نهاية العام الحالي للوصول إلى أفضل سعر لمتر المياه المكعب واصلا إلى العاصمة عمّان.

مشروع خفض #فاقد_المياه

وذكر أن أهمية مشروع خفض فاقد المياه توازي مشروع #الناقل_الوطني للمياه، وينفذ في جميع مناطق المملكة، مبينا أنه يخفض من فاقد المياه ما نسبته 2% كل عام للوصول إلى المستوى العالمي المقبول.

وأوضح أن المشروع خفّض فاقد المياه من 51% إلى 46% على مستوى المملكة، منوها في ذات الوقت إلى أن نسبة 1% من فاقد المياه تشكل 5 ملايين م3.

وأكد استمرار حملات ضبط الاعتداءات على الآبار المخالفة لبيع المياه، والتي أسفرت عن استرجاع 70 مليون م3 للأحواض المائية.

مقالات مشابهة

  • دبلوماسية أمريكية سابقة: ترامب طرح أفكارًا عن غزة بعضها مثير للجدل
  • دبلوماسية أمريكية سابقة: بعض أفكار ترامب عن غزة بعضها مثيرة للجدل
  • بلومبيرج: بنود مسودة مقترح اتفاق واشنطن بشأن أوكرانيا مثيرة للجدل
  • العسكرية في سوريا: حكايات رعب وهروب.. وجنون النظام في الساعات الأخيرة
  • 25% نسبة أمطار الموسم الحالي
  • تعيين الإعلامي فيصل مطاوي مكلفاً بمهمة برئاسة الجمهورية
  • تعيين الإعلامي فيصل مطاوي مكلفا بمهمة برئاسة الجمهورية
  • تركيا تعلن قتل 408 عماليين منذ مطلع العام الحالي في العراق وسوريا
  • «هل هلالك يا رمضان».. مساجد الجمهورية تتزين لاستقبال الشهر الكريم
  • التعليم العالي تحدد مواعيد التقديم والاختبار للدراسات العليا 2025-2026