لبنان ٢٤:
2025-03-10@13:46:40 GMT

عودة المصارف إلى الإقراض: عفا الله عن الودائع؟

تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT

عودة المصارف إلى الإقراض: عفا الله عن الودائع؟

بعد توقّف المصارف التجارية في لبنان عن منح القروض المصرفيّة لخمسة أعوام على التوالي، برز الحديث مؤخّرًا عن إعادة التسليف .عودة المصارف إلى الإقراض يأتي في صلب وظيفتها ومبرر وجودها. ولكنّ السؤال المنطقي والبديهي الذي يتبادر إلى ذهن كلّ مودع، كيف للمصرف الذي احتجز أموالي ولا زال، من دون وجه حقّ ومن دون أيّ مستند قانوني، أن يأتي اليوم ليمنحني قرضًا بفوائد، وكأنّ شيئًا لم يكن؟ هل يعني ذلك تكريسَ معادلة "عفا الله عما مضى"؟ وإذا كانت المصارف تمتلك سيولة كافية لمنح القروض لماذا لا توظّفها في ردّ أموال المودعين؟   لا بدّ من الإشارة إلى أنّ طرح عودة القطاع المصرفي إلى أنشطة التسليف لم يكن بمبادرة من المصارف وجمعيتها، بل بدعوة من حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري في افتتاحيّة "المنتدى العقاري اللبناني".

في المنحى القانوني ربما لا يوجد رادع قانوني يمنع المصارف من معاودة نشاط التسليف قبل ردّ الودائع، وهنا يبرز دور مصرف لبنان في إطار قانون النقد والتسليف، وكان قد أصدر منذ العام 2019 تعاميم لإلزام المصارف بالقيام بنوع من الهيكلة الذاتية ومنها التعميم 154، فضلًا عن الدور المفترض للسلطة التشريعية في حماية الودائع، ودور الجمعيات التي أُنشئت بداعي حماية حقوق المودعين، والضغط الذي يجب أن يمارسه المودعون أنفسهم.   هكذا كوّنت المصارف سيولة في سنوات الأزمة   خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي يؤكّد في حديث لـ "لبنان 24" أنّ المصارف باتت تمتلك سيولة من مصادر عدّة "هناك أموال عائدة لحسابها الخاص، قامت المصارف بتحويلها خارج لبنان، بموافقة مصرف لبنان. حصل ذلك بموجب تعاميم أساسيّة كالتعميم 150 الذي سمح بفتح حسابات فريش، وطلب بموجبه من المصارف أن تأخذ احتياطات أو مؤونات على الأموال الطازجة، بالدولار أو بالعملة الأجنبية بنسبة 100%، وأن تضعها في حساب مستقل ومحرّر من أيّ التزامات في المصارف المراسلة. في السياق نفسه يندرج التعميم الأساسي 165، وكذلك التعميم 154، حيث طلب مصرف لبنان من المصارف وضع 3% من حجم الأرصدة بالدولار المحلي، تكون خالية من أيّ التزامات فريش لدى المصارف المراسلة. بموجب هذه التعاميم الثلاثة، تعمل المصارف التجارية على تحويل دولار فريش إلى الخارج. بالمقابل هناك التعاميم المتعلّقة بالسحوبات، بموجبها تدفع المصارف مبالغ خجولة للمودعين، بمعدّل يصل أقصاه إلى 400$ شهريًا، وتشترط لذلك تأمين نصف المبلغ من مصرف لبنان".
طالما هناك سيولة، لماذا لا تُستخدم في ردّ الودائع، أو على الأقل في رفع سقف السحوبات الشهرية، قبل الحديث عن الإقراض؟   يجيب فحيلي "لأنّ ذلك يأتي في آخر اهتمامات المصارف، التي تلجأ إلى توظيف السيولة بالدولار الفريش في مصارف غير مقيمة، في الولايات المتحدة الأميركية، وتتقاضى فائدة على الدولار بين 5.13   و 5.30%، وهي سعيدة بقبض هذه الفوائد المرتفعة. كما أنّ الأموال التي حُولت إلى الخارج، من غير الممكن أن تعود إلى لبنان طالما أنّ الفائدة في الخارج مرتفعة. والحلول للمودعين تكون على صعيد القطاع المصرفي ككل، والمصرف سيدفع وديعة لأيّ زبون، فقط إذا كان على يقين بأن ذلك سيعود عليه بالفائدة نفسها".

المصارف وضمانات الإقراض: تضليل   حاولت المصارف في الأيام الماضية من خلال ألسنتها الإعلاميّة المتخفيّة منها والفاقعة، أنّ تطرح "هواجسها" من إعادة الإقراض، ومنها أنّها بحاجة إلى ضمانات، لعدم لجوء المقترض إلى تسديد القرض بشيك مصرفي أو بالليرة، لاسيّما وأنّ قانون النقد والتسليف يعطي الليرة قوّة الإبراء، وأنّ الأمر يتطلّب تعديًلا في القانون. يرى فحيلي في ذلك تسويقًا لكذبة كبيرة وتعمية وتضليلًا "خصوصًا أنّ قانون الموجبات والعقود يحمي المصارف، بدليل أنّها لا تعطي قرضًا إلا إذا حصلت على ضمانات من المقترض تتجاوز قيمة القرض، فما تطلبه من شروط مقابل كلّ قرض مهما كان نوعه، يغطي قيمة القرض بمقدار عشرة أضعاف، سواء تعدّل قانون النقد والتسليف أم لا. من ناحية ثانية سعر الصرف المعتمد من قبل مصرف لبنان والمدوّن على موقعه الاكتروني هو 89500، بالتالي التسديد بالدولار في المعاملات المصرفية يكون وفق هذا السعر، علمًا أنّ المصارف تتجاهل ذلك في السحوبات من الودائع".   الفصل بين أموال المودعين والإقراض   بالتزامن مع الحديث عن معادوة نشاط التسليف المصرفي، بدا لافتًا الترويج لنظرية الفصل بين أموال المودعين والقروض، انطلق أصحابها من القول إنّ إعادة الودائع ترتبط بالاتفاق على إعادة توزيع الخسائر، ولا يجب ربط الإقراض بها. هي نظرية في غير محلها، وفق فحيلي "هناك مصارف قادرة على إعادة تكوين سيولة من خلال توظيفاتها خارج لبنان بفوائد استثنائية، في وقت تدفع للمودع صفر على الإيداعات في حساباتها المصرفية، وتحصّل إيرادات من خلال تقاضيها عمولات على صيانة الحسابات المحجوزة لديها علمًا أنّها شبه ميتة، فهي لا تدفع الفوائد للمودع ولا تؤمّن له السحوبات، وفوق ذلك يُعطى لها مساحة من قبل المركزي لتوظيف سيولتها خارج لبنان، من هنا لا يجوز لها أخلاقيًّا وقانونيًّا أن تستخدمها في توفير سيولة للتسليفات وتُبقي السحوبات على حالها. بعبارة أوضح لا يمكن لها أن تمنح قرض، واذا اراد المودع سحب المبلغ نفسه من ماله الخاص تدّعي عدم وجوده، ومن غير الجائز تبرئة ذمّة المصرف من إلتزاماته تجاهي كمودع،  فيتناسى الوديعة ويعود إلى الإقراض كما أنّ الودائع لم تكن". يضيف فحيلي "من هنا الإخلاق والمناقبيّة المهنية، تمثّل الممر الإلزامي للحلول وترميم الثقة بالمصارف، وليس القوانين والتشريعات".   لا حاجة للتشريع   عما إذا كانت عودة الإقراض تحتاج إلى تشريع من مجلس النواب، رأى فحيلي في ذلك إعفاءً لمصرف لبنان من مسؤولياته في تأمين سحوبات من الحسابات بالدولار المحلي. لافتًا إلى أنّ أيّ محاولة للفصل بين أرصدة الحسابات بالدولار المحلي وبالدولار الفريش، ستذهب باتجاه إعفاء المصارف التجارية ومصرف لبنان والدولة من مسؤوليتهم تجاه المودعين "جيد أنّهم لم يذهبوا بهذه الخطوة، ويفضّلون إبقاء الأمور على ما هي عليه بالسحوبات  الخجولة من الودائع وفق تعاميم المركزي. في واقع الحال، المودع مكبّل، لا القضاء يحميه، ولا التشريع، ولا تعاميم مصرف لبنان، والاتجاه ذاهب بوضوح إلى  Bail In، حيث تتحول الودائع الكبيرة إلى أسهم في المصارف أو سندات طويلة الأجل".   تأمين سيولة للمودع قبل المقترض   بالمحصلة يرى فحيلي أنّ على المصارف أن تبدأ بتوظيف سيولتها التي حقّقتها من توظيفاتها خارج لبنان، لتأمين حاجة المودعين وتمويل فاتورتهم الاستهلاكيّة وليس رغباتهم، وأن يدفع المركزي باتجاه ذلك، لاسيّما أنّ لديه الداتا حول توظيفاتها في الخارج وما تحقّقه من إيرادات، وعندها فقط يمكن غض النظر عن اعطاء قروض. أمّا على نطاق أوسع فلا بدّ من إعادة جدولة وهيكلة الدين العام، الأمر الذي من شأنه أن يرفع التصنيف الإئتماني للبنان،ويعطي أوكسجين للعمل المصرفي. أمّا المصارف غير القادرة على تأمين سيولة تسمح لها بالاستمرار بوظيفة خدمة الاقتصاد، يبادر مصرف لبنان، انطلاقًا من كونه السلطة صاحبة الاختصاص، إلى أخذ موجداتها الهالكة، وهي خطوة ستلقى دعم  الدول المانحة والصديقة لأنها تندرج في إطار المعالجة".
    لن ينهض الاقتصاد من دون استعادة القطاع المصرفي لدوره في التسليف وفي خدمة الاقتصاد، ولن تنهض المصارف من أزمتها من دون أن تستعيد الثقة المفقودة بها، والخطوة الأولى والجوهرية تبدأ في حماية الودائع، غير ذلك نكران للواقع لن يؤدي سوى لمزيد من تعميق الهوة بين المصارف واللبنانيين. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مصرف لبنان خارج لبنان من دون

إقرأ أيضاً:

جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات جوية على جنوب لبنان

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة أن طائرات تابعة لسلاح الجو نفذت غارات على جنوب لبنان مساء الجمعة، مستهدفة مواقع عسكرية تابعة لحزب الله.

وقال جيش الاحتلال في بيان إن المواقع المستهدفة شملت مستودعات لتخزين الأسلحة، فضلاً عن مواقع إطلاق الصواريخ، بحسب ما أوردته صحيفة جيروزاليم بوست العبرية.

وأضاف في بيان: "سيواصل الجيش العمل لإزالة أي تهديد لدولة إسرائيل وسيمنع أي محاولة من جانب حزب الله لإعادة تأسيس نفسه وإعادة بناء نفسه".

وفي وقت سابق اليوم الجمعة، أعلن البنك الدولي أن تكاليف التعافي وإعادة الإعمار في لبنان ستبلغ نحو 11 مليار دولار بعد العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان والذي انتهى باتفاق وقف إطلاق النار بين جيش الاحتلال وحزب الله، الذي دخل حيز التنفيذ نهاية نوفمبر الماضي.

وقال البنك الدولي في تقرير يقيم الأضرار والخسائر من 8 أكتوبر 2023 ــ عندما بدأت الاشتباكات بين حزب الله وجيش الاحتلال إلى 20 ديسمبر 2024: "تقدر احتياجات إعادة الإعمار والتعافي بعد الصراع الذي أثر على لبنان بنحو 11 مليار دولار"، بحسب ما أوردته وكالة فرانس برس.

وخلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، اغتيل عدد من قيادات حزب الله على رأسهم حسن نصر الله، وعدد من قيادات حركة حماس الذين كانوا مقيمين في جنوب لبنان.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع مستوى السيولة في الاقتصاد السعودي بنسبة 9% العام الماضي
  • حكومة سلام غائبة عن أزمة النزوح الجديدة إنها سياسة النعامة
  • زيادة الطلب على الليرة.. هذه أسبابه
  • السيولة في الاقتصاد السعودي تنمو خلال عام بأكثر من 236 مليار ريال بنهاية 2024م
  • السيولة في الاقتصاد السعودي تنمو خلال عام بأكثر من 236 مليار ريال
  • عودة: الاستقامة مطلوبة بشكل خاص ممن يتولى مسؤولية عامة
  • إسرائيل تعلن استهداف عنصر من حزب الله جنوب لبنان
  • اعرف طريقك.. سيولة مرورية وانتظام حركة السيارات بطرق وميادين القاهرة والجيزة
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات جوية على جنوب لبنان
  • يوفر سيولة دولارية| قرار يعزز الثقة في الاقتصاد المصري ويعكس قوته..تفاصيل