أجمع المؤرخون، وكُتَّاب السيرة على أنَّ جسد الحسين رضى الله عنه دفن مكان مقتله في كربلاء، أمَّا الرأس الشريف فقد طافوا به حتَّى استقر بـ (عسقلان) الميناء الفلسطيني، على البحر الأبيض، قريبًا من مواني مصر وبيت المقدس.

 وجود الرأس الشريف

وقد أيَّد وجود الرأس الشريف بـ (عسقلان)، ونقله منها إلى مصر جمهور كبير من المؤرخين والرواد، منهم: ابن مُيَسَّرٍ، والْقَلْقَشَنْدِي، وعليّ ابن أبي بكر الشهير بالسايح الهروي، وابن إياس، وسبط ابن الجوزي، وممن ذهب إلى دفن الرأس الشريف بمشهد القاهرة المؤرِّخ العظيم (عثمان مدوخ)؛ إذ قال: إن الرأس الشريف له ثلاثة مشاهد تزار: مشهد بدمشق دفن به الرأس أولًا، ثمَّ مشهد بعسقلان بلد على البحر الأبيض، نقل إليه الرأس من دمشق، ثمَّ نقل إلى المشهد القاهري لمصر بين خان الخليلي والجامع الأزهر، ويقول المَقْرِيزِيُّ: إنَّ رأس الحسين رضى الله عنه نقلت من عسقلان إلى القاهرة في 8 جمادى الآخرة عام 548هـ، وبقيت عامًا مدفونة في قصر الزمرد حتى أنشئت له خصيصًا قبة هي المشهد الحالي، وكان ذلك عام 549هـ.

شهادة الدكتور الحسيني هاشم:

يقول فضيلة الشيخ الحسيني هاشم، وكيل الأزهر وأمين عام مجمع البحوث -رحمه الله- تعليقًا على ما دَسَّهُ النَّسَّاخون على كتاب الإمام السيوطي «حقيقة السنة والبدعة» ما ملخصه:

وقد أَكَّدَ استقرار الرأس بمصر أكبر عدد من المؤرخين، منهم: ابن إياس في كتابه، والْقَلْقَشَنْدِي في «صبح الأعشى»، والمقريزي الذي عقد فصلًا في خططه المسمى «المواعظ والاعتبار» ص427، وص428، وص430 يؤكد رواية (ابن مُيَسَّرٍ) أن الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي، هو الذي حمل الرأس الشريف على صدره من عسقلان، وسعى به ماشيًا حيث وصل مصر يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة 548 هجرية، وحلت الرأس في مثواها الحالي من القصر يوم الثلاثاء 10 من جمادى الآخرة سنة 548 هجرية عند قُبَّةِ باب الديلم، حيث الضريح المعروف الآن بمسجده المبارك، وكذا السَّخَاوِي -رحمه الله- قد أثبت رواية نقل رأس الحسين إلى مصر.

ثالثًا: الرأي الرسمي لمصلحة الآثار:

تقول الأستاذة (عطيات الشطوي) المفتِّشة الأثرية الثقة، والمشرِفة المقيمة على تجديد القبة الشريفة في عصرنا:

تؤكد وثائق هيئة الآثار أنَّ رأس الحسين رضى الله عنه نُقِلَ من عسقلان إلى القاهرة -كما يقول المقريزي- في يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمئة، الموافق (31 أغسطس سنة 1153م)، وكان الذي وصل بالرأس من عسقلان الأمير سيف المملكة تميم واليها، وحضر في القصر يوم الثلاثاء العاشر من جمادى الآخرة المذكور (الموافق 2 سبتمبر 1153م).

ويضيف المقريزي: فقدم بـه (الرأس) الأستاذ مكنون في عشارى من عشاريات الخدم، وأنزل به إلى الكافوري (حديقة)، ثم حمل في السرداب إلى قصر الزمرد، ثم دفن في قبة الديلم بباب دهليز الخدمة (المقر الحالي).

دعاء عرفة للأبناء| أفضل الأدعية المكتوبة من القرآن والسنة

وفي العصر الأيوبي أنشأ أبو القاسم بن يحيى بن ناصر السكري المعروف بالزرزور، منارة على باب المشهد سنة 634هـ (1236م)، وهي منارة مليئة بالزخارف الجصية والنقوش البديعة، وهي تعلو الباب الأخضر، وقد تَهَدَّمَ معظمها، ولم يبقَ منها إلا القاعدة المربعة، وعليها لوحتان تأسيسيتان (وقد جددت وهي موجودة الآن).

وقد احترق هذا المشهد في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة 640هـ، وقد قام بترميمه بعد هذا الحريق القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني، ووسَّعَهُ وألحق به ساقية وميضأة، ووقف عليه أراضي خارج الحسينية قرب الخندق، (ويقول بعض بَحَّاثَة المؤرخين: إن الذي أحرق المشهد هم اليهود بمصر). 

واستمرت عمليات التوسع والإضافة حتَّى جاء الأمير (كَتْخُدَا)، فقام بإصلاحات كثيرة؛ ففي سنة 1175هـ أعاد بناء المسجد، وعمل به صهريجًا وحنفية بفسحة، وأضاف إليه إيوانين، كما رتَّب للقائمين عليه مرتبات كثيرة ظلَّ معمولًا بها حتى سنة 1206هـ. 

ولمَّا قدم إلى مصر السلطان عبد العزيز سنة 1279هـ، وزار المقام الحسيني الشريف، أمر الخديوي إسماعيلَ بعمارته وتشييده على أَتَمِّ شكل وأحسن نظام، وقد استغرقت هذه العملية عشر سنوات؛ إذ تمت سنة 1290هـ، أمَّا المنارة التي في جنوب غربيِّ المسجد فقد تمت سنة 1295هـ، وهي غير المنارة الأيوبية التي في جنوب شرقي المسجد.

دعاء الأم للأبناء في الامتحانات

 العلَّامة الشبراوي

نقل في أواخر «بحر الأنساب» ما ملخصه -بتصرف- أن العلَّامة الشبراوي (شيخ الأزهر لوقته) ألَّف كتابًا أسماه «الإتحاف» أثبت فيه وجود الرأس بمقره المعروف بالقاهرة يقينًا، وذكر أن مِمَّنْ أثبتوا ذلك السَّادة الأعلام:

(1) الإمام المحدث الحافظ زَكِيُّ الدِّينِ الْمُنْذِرِيُّ. (2) الإمام المحدث الحافظ ابن دِحْيَةَ. 

(3) الإمام المحدث الحافظ نَجْمُ الدِّينِ الغيطي. (4) الإمام مَجْدُ الدِّينِ بْنِ عُثْمَانَ. 

(5) الإمام مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ. (6) القاضي مُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الظَّاهِرِ.

(7) القاضي عبد الرحيم.  (???? كما أكد هذا الشيخ عبد الله الرِّفَاعِيُّ المَخْزُومِيُّ في مؤلَّفِهِ.

(9) والشيخ ابن النَّحْوِيِّ في مؤلَّفِهِ. (10) والشيخ القُرَشِيُّ في مُؤَلَّفِهِ. 

(11) والشيخ الشبلنجي في مُؤَلَّفِهِ. (12) والشيخ حَسَنُ الْعَدَوِيُّ في مُؤَلَّفِهِ. 

(13) والشيخ الشَّعْرَانِيُّ في أكثر من مَؤَلَّفٍ. (14) والشيخ المُنَاوِيُّ في مَؤَلَّفَهِ. 

(15) والشيخ الصَّبَّانُ في مُؤَلَّفِهِ. (16) والشيخ الأُجْهُورِيُّ في مُؤَلَّفِهِ. 

(17) كما أكَّده الشيخ أبو المَوَاهِبِ التُّونُسِيُّ.  (18) الشيخ أبو الحسن التَّمَّارُ. 

(19) الشيخ شَمْسُ الدِّينِ البَكْرِيُّ. (20) الشيخ كريم الدِّينِ الخَلْوَتِيُّ. 

وجماهير الصوفية على اختلاف المراتب والأسماء والمشارب والأوطان، مِمَّا يرفع الحكم إلى درجة التواتر؛ لعدم التسليم بتواطؤ كل هؤلاء على الكذب، أو على الجهل والغفلة والتعصب، بالإضافة إلى كبار المؤرخين الذين أسلفنا ذكرهم.

وتم الإجماع على أنَّ الرأس الطاهر وصل إلى القاهرة من عسقلان في (يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة خمسمئة وتسع وأربعين) فحمله الأمير (سيف المملكة مكين)، والقاضي (ابن مسكين) إلى السرداب الخليفي العظيم بقصر الزمرد، فحُفِظَ مؤقتًا بالسرداب من عاشر جمادى الآخرة في خلافة (الفائز الفاطمي) على يد وزيره (الصالح طلائع بن رزيك)، حتى بُنِيَ القبر الحالي والقبة عند باب الديلم، الواقع وقتئذ في الجنوب الشرقي من القصر الكبير، والمعروف الآن بالباب الأخضر، فحمل الرأس الشريف من السرداب العظيم إلى هذا القبر، ودفن به في الثلاثاء الأخير من ربيع الآخر على المشهور من العام التالي، وهو موعد الذكرى السنوية الكبرى بمصر للإمام الحسين رضى الله عنه.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الرأس الشريف الميناء الفلسطيني عسقلان كربلاء الحسین رضى الله عنه إلى القاهرة من عسقلان فی م ؤ ل

إقرأ أيضاً:

NHC تُعلن إتاحة تسجيل الاهتمام في وجهة تبوك فالي 2

تبوك

أعلنت شركة NHC، إتاحة تسجيل الاهتمام في وجهة تبوك فالي 2، أحدث وجهاتها العمرانية في مدينة تبوك، التي تأتي امتدادًا لجهودها في تعزيز المعروض العقاري بخيارات سكنية متنوعة ترتقي بأسلوب الحياة في موقع إستراتيجي فريد بالقرب من المرافق الحيوية في مدينة تبوك.

وتمتد الوجهة على مساحة تبلغ 778 ألف متر مربع، وتوفر 874 وحدة سكنية، مصممة وفق أعلى معايير التخطيط العمراني الحديث، مع التركيز على توفير بيئة صحية وحيوية، كما يتميز تبوك فالي 2، بتصميمه الذي يربط بين الحدائق والمسارات المتصلة، مما يتيح سهولة التنقل والوصول إلى جميع الخدمات في مدة لا تتجاوز 5 إلى 10 دقائق سيرًا على الأقدام.

وتضم الوجهة مسطحات خضراء بمساحة 38 ألف متر مربع تشمل مناطق ترفيهية لتمنح السكان بيئة حيوية، كما تحتوي على جميع الخدمات من مدارس، ومركز صحي، ومساجد وجوامع، ومراكز تجارية، لتلبي الاحتياجات وترتقي بالتطلعات.

ودعت الشركة الراغبين في السكن في تبوك فالي 2 إلى تسجيل اهتمامهم والاطلاع على جميع التفاصيل، من خلال زيارة موقع وتطبيق سكني عبر رابط الموقع .

وتُعد الوجهة امتدادًا لتبوك فالي التي أطلقتها شركة NHC لتوفير وجهات عمرانية ذات طابع حضري بتصاميم مميزة وعصرية تناسب الأذواق، ضمن خطط التوسع المستمر لزيادة المعروض العقاري، وتوفير خيارات متنوعة وفق أعلى معايير جودة الحياة.

مقالات مشابهة

  • NHC تُعلن إتاحة تسجيل الاهتمام في وجهة تبوك فالي 2
  • (NHC) تُعلن إتاحة تسجيل الاهتمام في وجهة تبوك فالي 2
  • هل تصح صلاة المأموم مع مصلٍ يؤدي النافلة؟.. الإفتاء تحسم الجدل
  • المفتي من أوزباكستان: المدرسة الماتريدية أنموذج أصيل للتسامح العقائدي
  • الديوان الملكي السعودي يعلن وفاة الأمير ناصر بن فهد بن عبد الله بن سعود
  • الأشتر والمسؤولية الرياضية
  • غدا الأربعاء.. انعقاد مجلس قراءة صحيح البخاري من مسجد الحسين
  • انعقاد المجلس السابع والأربعين لقراءة “صحيح البخاري” من مسجد الإمام الحسين غدا
  • هل يجوز للإمام إطالة الركوع لينتظر دخول الناس في الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • من التّحرير إلى الانتفاضة.. محطات مفصلية في رحلة صعود حزب الله