تسعى الحكومة اليمنية، بتعاون وتمويل منظمات وجهات دولية وأممية، إلى البدء في مسار تصاعدي لإعادة تأهيل المنشآت التعليمية، وإلحاق الأطفال والشباب النازحين والمتسربين بالمدارس والجامعات، وذلك بعد نحو عقد من الصراع أخذ التعليم خلاله مساراً منحدراً.

 

وحدد «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» عشرات الخطوات من أجل تحويل النظام التعليمي في اليمن وجعله أكثر مرونة بعد أكثر من 9 أعوام من الحرب الدائرة، في حين توقّعت «اليونيسيف» استفادة نحو 10250 طفلاً و150 معلماً ومعلمة في اليمن من الاستجابة متعددة القطاعات لدعم التعليم في حالات الطوارئ بفضل مساهمة المساعدات الإنسانية المقدمة من الاتحاد الأوروبي.

 

وبَيّن البرنامج الإنمائي في تقرير حديث له أن أكثر من 4.5 مليون طفل يمني لم يلتحقوا بالمدارس في عام 2023، مع تضرر أكثر من 2426 مدرسة، لتصبح غير قادرة على استقبال الطلاب لاستخدامها مأوى للنازحين أو لأغراض أخرى غير تعليمية، بينما طالت فترة انقطاع الطلاب عن التعليم، لتزيد من صعوبة تعويض خسارة التعلم.

 

وذكر التقرير أن المعلمين يواجهون مسألة اكتظاظ الطلاب في الفصول الدراسية مع محدودية فرص التطوير المهني بما يعوق قدرتهم على ممارسة مهنتهم، في حال استمرار التحديات التي يواجهونها، التي تزيد من احتمالية فقدان أعمالهم، وما سيترتب على ذلك من انعدام إمكانية تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، المتعلق بالتعليم الجيد والشامل للجميع.

 

ونوه إلى أن التعليم يلعب دوراً محورياً في توفير الاستقرار والشعور بالحياة الطبيعية للأطفال والشباب في أوقات الأزمات والنزوح، وهو في الوقت ذاته شرط أساسي للتعافي والسلام، مشدداً على أنه يعزز من صمود المجتمعات، ما يستدعي جعله قادراً على الصمود في وجه التغيير والأزمات؛ من أجل صياغة مستقبل مستدام.

 

ويقول التربوي عبد الإله المقطري لـ«الشرق الأوسط» إن مهنة التعليم لم تعد مجدية أو مجزية لكثير من المعلمين؛ بسبب تردي أوضاعهم المعيشية وانهيار العملة المحلية، ويتوجه معظمهم إلى مهن أخرى أكثر جدوى مالياً، وهو ما يتطلب تغييراً عميقاً في سياسات التعليم، وزيادات كبيرة في رواتب العاملين في القطاع التربوي، إلى جانب محفّزات أخرى، منها الرعاية الاجتماعية لعائلاتهم، وضمان مستقبل تعليمي جيد لأبنائهم.

 

ويتلقى نحو 1.3 مليون طفل تعليمهم في فصول دراسية مكتظة، وعلى أيادي معلمين مثقلين بالأعباء.

 

إعادة تأهيل

 

تسعى الحكومة اليمنية إلى استعادة قطاع التعليم من خلال مشروع «تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن»، الممول من الاتحاد الأوروبي، وتم إطلاق مشروعات ترميم الفصول الدراسية ومرافق المياه والصرف الصحي والنظافة وبناء فصول ومرافق جديدة.

 

وجرت إعادة تأهيل وتوفير الأثاث وأنظمة الطاقة الشمسية لأكثر من 70 مؤسسة تعليمية في جميع أنحاء اليمن، مع التركيز على المدارس والمنشآت التعليمية المخصصة للبنات؛ لتسهيل الوصول إلى التعليم، وتعزيز تجربة التعلم لمئات الآلاف من الطلاب والمعلمين.

 

وحدّدت السلطات المحلية في مديرية تريم، التابعة لمحافظة حضرموت (شرق)، حاجتها إلى إعادة تأهيل وتجهيز وتأثيث فرع المعهد الصحي في المديرية بوصفها إحدى الأولويات الملحة ضمن خططها التنموية لعام 2021؛ بهدف تسهيل وصول الشباب إلى فرص التعليم العالي.

 

وتمكّنت السلطات المحلية من ترجمة هدفها إلى واقع ملموس، التي نتج عنها بدء المجمع التعليمي هناك تقديم دورات في الرعاية الصحية مثل التمريض والتوليد لنحو 60 شاباً وشابة من مختلف أنحاء المديرية.

 

وفي محافظة مأرب (شرق العاصمة صنعاء)، التي يدرس معظم الأطفال فيها داخل الخيام، تم تدريب 24 معلماً على استخدام المحتوى التعليمي المتخصص، وطرق التدريس المبتكرة؛ لتلبية احتياجات 960 طالباً وطالبة من الطلاب النازحين في مدرستين، وتلقى هؤلاء المعلمون إرشادات من خبراء تعليم.

 

تحفيز الطلاب والمعلمين

 

يتزامن تأهيل المعلمين في مأرب مع تجهيز 12 فصلاً مؤقتاً بالطاولات والكراسي والسبورات، وتوزيع 960 حقيبة مدرسية مع الكتب للطلاب الدارسين في المدرستين، وحصل المعلمون المشاركون في المشروع، الذي تنفذه «اليونيسيف»، بتمويل من «صندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ»، على التأهيل اللازم.

 

وسيقدم المشروع الأممي، الذي يستهدف أيضاً مدارس في محافظتي الحديدة (غرب) وتعز (جنوبي غرب)، دعماً واسع النطاق بما في ذلك إعادة تأهيل المدارس، وتوفير المواد التعليمية، وتقديم حوافز للمعلمين، ودعم أنشطة التدريب.

 

ويأمل التربوي محمد صالح حسين في حديثه لـ"الشرق الأوسط" أن تسهم التمويلات الدولية في تكوين بيئة محفّزة للطلاب المنقطعين عن التعليم، وأن تتضمن المشروعات الموجهة خططاً واستراتيجيات مبنية على تشخيص مستوى تحصيل الطلاب وتعويض ما فاتهم.

 

واستبعد التربوي اليمني أن يكون للحوافز المالية أثر كبير، إلا إذا كان في إطار التخفيف من معاناة عائلات الطلاب المعيشية، ودعماً لها لمنح أبنائها الفرصة الكافية للتحصيل بعيداً عن الضغوط.

 

ويشمل المشروع التدريب على المهارات الحياتية، وخدمات الإحالة للأطفال في الأوضاع الهشة، وتقديم المساعدة النقدية غير المشروطة للأسر التي لديها أطفال يواجهون تحديات اقتصادية وتحديات النزوح والإعاقة، وإعادة تأهيل، أو إنشاء أماكن للتعلم داخل المدارس وخارجها، بما في ذلك تجهيز المراحيض ومرافق غسل الأيدي التي تراعي الفوارق بين الجنسين والموجهة نحو الإعاقة.

 

وطبقاً لبيتر هوكينز، ممثل «اليونيسيف» في اليمن، فإن هذا المشروع سيساعد عشرات الآلاف من الأطفال على صياغة مستقبل أفضل، وتحقيق إمكاناتهم من خلال التعليم، الذي يمثل العمود الفقري لتنمية البلد.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن التعليم الأمم المتحدة أطفال الأزمة اليمنية إعادة تأهیل فی الیمن أکثر من

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم: إعلان عن مسابقة لمعلمى الحصة الفترة المقبلة

أجرى الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، صباح اليوم الأربعاء، جولة تفقدية مفاجئة في عدد من المدارس التابعة لإدارة مشتول السوق التعليمية بمحافظة الشرقية، لمتابعة سير العملية التعليمية ميدانيًا، والتأكد من انتظام حضور الطلاب ومدى التفاعل داخل الفصول الدراسية.

 

الوزير يفتتح جولته بزيارة مدرسة بدر الابتدائية

بدأ الوزير جولته الميدانية بزيارة مدرسة بدر الابتدائية، التي تضم 405 طلاب في المرحلة الابتدائية، حيث تفقد الفصول الدراسية، واطلع على الكثافة الطلابية داخل الفصول، ومستوى تنظيم العملية التعليمية، كما حرص على فحص كراسات الحصة والواجبات المدرسية لقياس مدى الالتزام من جانب المعلمين والطلاب.

وزير التعليم يتفقد مدارس الشرقية في جولة مفاجئة لمتابعة انتظام الدراسة "وزير التعليم العالي يكرم أبطال 'بطل الحكاية' من ذوي الهمم"

وأجرى الوزير حوارًا مباشرًا مع عدد من التلاميذ، استفسر خلاله عن مدى استفادتهم من الشرح المقدم داخل الفصول، ومدى قدرتهم على استيعاب المناهج الدراسية، في إطار حرص الوزارة على التفاعل المستمر مع الطلاب وقياس مستوى التحصيل بشكل عملي.

 

إشادة بأداء معلمي الحصة وإعلان مرتقب عن مسابقة

خلال جولته داخل المدرسة، التقى الوزير بإحدى معلمات الحصة، حيث أبدى إعجابه الشديد بأدائها المهني داخل الفصل، مشيرًا إلى أهمية الدور الذي يلعبه معلمو الحصة في دعم المنظومة التعليمية، لا سيما في المناطق التي تعاني من عجز في الكوادر.

وأكد الوزير في هذا السياق أن الوزارة تستعد للإعلان عن مسابقة جديدة خاصة بمعلمي الحصة خلال الفترة المقبلة، بهدف ضم العناصر المتميزة بشكل رسمي، وتوفير بيئة تعليمية مستقرة وداعمة لجميع أطراف العملية التعليمية.

 

 متابعة دقيقة للتحصيل والتقييمات بمدرسة رشدي حميد الرسمية

تابع الوزير جولته بزيارة مدرسة رشدي حميد الرسمية للغات، التي تضم 474 طالبًا وطالبة، حيث تفقد عددًا من الفصول الدراسية، وحرص على التأكد من انتظام الدراسة والتزام الطلاب بالحضور، كما راقب عن كثب سير عمليات التقييم الأسبوعي والاختبارات الشهرية، وتحقق من تنفيذها وفق الجداول المقررة دون تأخير.

وقام الوزير كذلك بإجراء مناقشات تعليمية مع مجموعة من الطلاب للتعرف على مستواهم العلمي ومدى استفادتهم من البرامج التعليمية المقررة، في خطوة تهدف إلى ربط الوزارة بمستوى التحصيل الفعلي داخل الفصول.

 

وزارة التعليم تواصل خطتها لضبط المنظومة التعليمية

أوضح الوزير أن هذه الجولات المفاجئة تأتي ضمن خطة الوزارة الرامية إلى ضبط المنظومة التعليمية وتطوير الأداء داخل المدارس الحكومية والخاصة، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية تشهد اهتمامًا غير مسبوق بالمتابعة الميدانية، للوقوف على التحديات بشكل عملي وتقديم حلول فورية.

وأضاف أن الوزارة تسعى إلى تحقيق العدالة التعليمية وتحسين جودة المخرجات التعليمية، وذلك من خلال دعم الكوادر التعليمية، وتحفيز الطلاب على المواظبة والالتزام، وتوفير بيئة مدرسية محفزة تساعد على التفوق والإبداع.

 

مرافقو الوزير يؤكدون على أهمية المتابعة والتخطيط الاستراتيجي

رافق الوزير خلال جولته الدكتور أحمد المحمدي، مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجي والمتابعة، الذي أكد بدوره على أن الجولات الميدانية تسهم في دعم خطط الوزارة نحو التطوير الشامل، وتمكن فرق العمل من تحديد نقاط القوة والضعف داخل المدارس، مما يساهم في اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية.

 

 إشادة بمستوى المدارس ودور القيادات المحلية

أعرب الوزير عن رضاه بمستوى الانضباط والتحصيل العلمي داخل المدرستين اللتين زارهما، مشيدًا بدور القيادات المدرسية في إحكام سير العملية التعليمية، وخاصة دور مديرة مدرسة بدر الابتدائية في تنظيم العمل والتنسيق بين المعلمين والطلاب.

وأكد الوزير أن الوزارة ستستمر في تنفيذ جولات مفاجئة على مستوى الجمهورية لمتابعة جميع المدارس، مشددًا على أهمية الرقابة المستمرة والتقييم الفوري، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين في تطوير المنظومة التعليمية وتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

مقالات مشابهة

  • مشاريع بنية الاستيطان التحتية تبتلع ما تبقى من القدس
  • محافظ البيضاء يتفّقد العمل بمشروع تأهيل المشتل الزراعي المركزي بمديرية ذي ناعم
  • المحافظ ادريس يتفقد العمل في مشروع تأهيل المشتل الزراعي في ذي ناعم
  • تأهل ثلاثة مشاريع جزائرية لمسابقة جوائز القمة العالمية لمجتمع المعلومات
  • بدء مشروع تأهيل مجرى وادي حسون بولاية صحار
  • وزير التعليم العالي: 23 مليار جنيه لمشروعات التعليم الجامعي في سيناء
  • وزير التعليم: علوم الحاسب لغة العصر ومفتاح المستقبل
  • وزير التعليم: إعلان عن مسابقة لمعلمى الحصة الفترة المقبلة
  • إسطنبول: المدينة التي حملت أكثر من 135 اسمًا عبر التاريخ
  • وزير التعليم: الإعلان قريبًا عن مسابقة خاصة لمعلمي الحصة