سجل الوضع في الجنوب تراجعاً للعمليات المتبادلة بين "حزب الله" وإسرائيل التي تعتمد في الفترة الأخيرة سياسة "الاغتيالات المركزة". واستهدفت مسيّرة اسرائيلية من نوع كواد كابتر سيّارة على طريق الخردلي محلة عين القصب، تبيّن لاحقاً أن في داخلها محمد حلاوي (نجيب حسين حلاوي) وعضو بلدية كفركلا ممثل حركة "امل" موسى سليمان، اللذين قضيا في الاستهداف، بينما كانا يقومان بتعبئة المياه من عين القصبة لأخذها إلى المواشي في بلدة كفركلا.

ونعت حركة "أمل" لاحقاً العنصر سليمان.   كذلك، مشّطت القوات الإسرائيلية من مرابضها في موقعي الراهب وهرمون بالأسلحة الرشاشة أطراف بلدة رميش الحدودية، حيث تضرر عدد من المنازل من بينها منزل رئيس البلدية ميلاد العلم الذي تحطّم زجاج منزله وسجّلت أضرار أخرى. فيما حلّق الطيران الحربي الاسرائيلي على علو منخفض فوق القطاعين الغربي والأوسط، وشوهد عدد من المسيرات يحلق أيضا فوق قرى قضاء صور، لا سيما في اجواء قرى الناقورة الحبين وطير حرفا. وافيد عن تعرض أطراف بلدتي الطيري وحانين لقصف مدفعي اسرائيلي بالقذائف الفوسفورية المحرمة دوليا . وتسبب القصف باندلاع حرائق في المنطقة.
 
من جهته، أعلن "حزب الله" أنّه استهدف تجمّعًا للجنود الإسرائيليين في محيط ثكنة ميتات بالأسلحة الصاروخية وإنتشاراً للجنود في محيط موقع معيان بصواريخ فلق والتجهيزات التجسسيّة في موقع راميا ومبان يستخدمها الجنود في مستعمرة مرغليوت وانتشاراً للجنود في محيط ثكنة بيت هلل بصواريخ فلق. ومساء أعلن الحزب أنّه قصف مستوطنة كريات شمونه بعشرات صواريخ الكاتيوشا. وأفادت وسائل إعلام إسرائيليّة أنّ أربعة إسرائيليين أصيبوا بجروح جراء إطلاق صواريخ من لبنان على كريات شمونه . وجاءفي" الانباء الكويتية": برز موقف لافت قد يؤشر لما بعده، وهو الإعلان عن ان "السرايا اللبنانية" نفذت أول هجوم لها على القوات الإسرائيلية، في دخول جديد على خط المواجهات. وتناول مصدر مطلع لـ"الأنباء" هذا الموضوع، فقال: "هذا الأمر يطرح تساؤلات لجهة فتح الباب أمام عدم حصرية المقاومة وكذلك الكثير من التأويلات والتفسيرات حول الهدف من قيام هذه السرايا، وهل هي واحدة من الرسائل العديدة التي يتم تبادلها للتأثير في المفاوضات وعليها، ام انها خطوة لما بعد الاتفاق على وقف النار، وسيكون لها الدور المكمل لما يمكن ان تتنازل عنه المقاومة بموجب اي تسوية مقبلة؟". ورأى المصدر أن "المفاوضات تسير في الطريق الصحيح بفعل الضغوط الدولية من جهة، والقناعة بأن الحرب لن تستمر إلى ما لا نهاية، مادام أي من الأفرقاء لم يستطع حسم الأمور لصالحه، وبالتالي لا بد من الرضوخ للتسوية على الرغم من جهود بنيامين نتنياهو لعرقلة المحادثات من خلال فرض شروط جديدة حول غزة ما بعد عملية طوفان الأقصى، وأن الصيغة الجديدة لإدارة القطاع يجب ان تحظى بموافقة إسرائيل، وذلك بعد ما قدمت حركة "حماس" تنازلات مشروطة بضمانات من الدول الراعية لهذه المفاوضات". وكان نائب رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" الشيخ علي دعموش قال امس : "إن الرسائل الميدانية التي بعثت بها المقاومة خلال الأسابيع الماضية أفهمت العدو أنها (المقاومة) لا تأبه بكل تهديداته، ولا تخاف الحرب ولا تخشاها، ولكنها لا تستخف بها، بل تستعد لها وتتجهز لها تجهيزاً كاملاً، لتصنع من أي حرب واسعة يفرضها العدو نصراً تاريخياً جديداً للبنان". وبينما عدّ أن "المقاومة تردع إسرائيل من شن حرب واسعة وشاملة" رأى أن "خيار الحرب الواسعة تراجع وأصبح احتمالاً ضعيفاً ومستبعداً، لكننا في المقاومة الإسلامية وعلى المستوى العسكري والاستعداد والجاهزية، نتعامل مع هذا الاحتمال بكل جدية"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الباركود وسياسة الهضم


سعيدة بنت أحمد البرعمية

يمكنني تشبيه غزّة بالباركود؛ فمن خلال المسح الذي تعرضت له انكشف ما كان مستترًا من حقائق وأخبار لم تكن واضحة قبل السابع من أكتوبر لعام 2023م، تم أخيرا بعد 15 شهرًا من بدء معركة طوفان الأقصى، الاتفاق بشكل أو بآخر على وقف إطلاق النار في الوقت الذي لوت فيه غزّة ذراع الحرب الأمريكية وأجبرها صمود البقاء للجلوس على طاولة المفاوضات. 
كان بإمكان أمريكا وقف هستيريا الحرب على غزة منذ بدء شرارتها الأولى؛ لكنها وجدت فيها المنفذ الملائم لشن عدوان آخر على الشرق الأوسط كعادتها، فجلبت ما استطاعت من قوة وعتاد وخبث وشيطنة مجلجلة بالموت على الأطفال والنساء في غزّة وبالغت في إشباعهم بالمجاعة والأمراض والإبادة وهضم الأراضي والممتلكات على يد الأرعن بيبي؛ لكنها في المُقابل تعرّت من بقايا الإنسانية والديمقراطية التي كانت ما تزال تخدع بها بعض شعوب العالم خاصة شعبها الأمريكي. 
تضع أمريكا لكل مرحلة تمساحها، فبعد الحرب الأخيرة على الشرق الأوسط في مرحلة إدارة بايدن؛ فإنّ المرحلة الآتية تتطلب اختيار تمساح ماهر يمكنها من تسديد فاتورة الحرب ولديه خبرة في طرق الباب الإنساني والتسوّل المجوني في الشرق الأوسط؛ فقد حان إعمار المدن الأمريكية وتسديد فاتورة الحرب، وهذا الدور لا يجيده سوى أبو الجميلة إيڤانكا؛ لذا يتولى ترمب مجددا الرئاسة بالرغم من أنه عاش في وقت ما مرحلة لا نظير لها من النبذ في أمريكا حرم فيها حقه في استحدام منصات التواصل الاجتماعي الأمريكية، وبالرغم من الحملات الإعلامية التي شُنّت ضده ومسّت بشخصه ومكانته؛ تشاء الأحداث جعله تمساح المرحلة المُقبلة لضخ الأكسجين في رئة أمريكا التي أوشكت أن تتلفها غزة والحرائق الطبيعية في المدن الأمريكية؛ يؤهله لذلك نجاحه في المهمة ذاتها سابقًا أثناء ولايته الأولى بعد الحرب على العراق وأفغانستان؛ فهو الأبرع على الإطلاق في جلب الأموال لأمريكا من الشرق الأوسط عامة والخليج خاصة. 
هل هُزمت إسرائيل؟
يرى البعض أنَّ إسرائل لم تُهزم، لأنَّ وقف إطلاق النَّار كان بواسطة الضغط الأمريكي ولخدمة شؤون أمريكية، وأنّ بإمكانها مواصلة الحرب والقضاء على حماس، خاصة وأنّ في الحكومة الإسرائيلية من يُعارض القرار، وذهب آخرون إلى أنّ هدف إسرائيل الرئيسي ليس القضاء على حماس فحسب؛ وإنما توسيع دائرة الحرب والتوغل أكثر في المنطقة بحجة محاربة حماس؛ لذلك أوجدت عداءات واشتباكات أخرى في لبنان وإيران واليمن وسوريا. وهناك من يرى أنّ إسرائيل قد هزمت منذ اليوم الأول للحرب ولولا الدعم الغربي لما استمرت الحرب حتى الآن؛ وأنّ المسؤول الأول والأخير عن الحرب هي أمريكا بدليل استخدامها "الڤيتو" أكثر من مرة وتمويل الحرب والاقتناع بأهمية المفاوضات في هذا الوقت بالذات؛ فالكيان ليس إلا أداة للجرم الأمريكي والقرار بوقف الحرب في هذا الوقت لم يكن لأنَّ أطفال وشعب غزة يستحق الحياة كما أشار بلينكن في خطابه، الأمر الذي يُثير الاستغراب من الصحوة الإنسانية المتأخرة بعد الكثير من الإصرار على الإبادة والتطهير العرقي، وعلى أيّ حال ظلّت حماس القوة القاهرة والكلمة المسموعة واليد العليا ومدرسة الصمود إلى آخر دقيقة في الحرب وما تزال. 
وإذا نظرنا للأهداف في هذه الحرب يتجلى المشهد الصهيوني في كون الإبادة الهدف المنشود جرّاء هذه الحرب مهما كلّف الأمر ومهما عارض القيم والإنسانية؛ بينما يتجلى هدف المقاومة في التشبّث بالأرض والعمل على البقاء؛ فكان الثمن باهظًا بطبيعة الحال؛ لكن في المقابل تنتصر حرب السنوار بالرغم من تكاتل القوى عليها؛ لتعيد الدرس الفلسطيني ذاته في فلسفة الوجود واستحقاق البقاء؛ فحين نقول تنتصر حماس؛ فالفعل المضارع يرمز لاستمرار تنفيذ أهداف المقاومة في الصمود والاستحواذ وتحرير كلّ الأراضي المحتلة وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، نعم آمنّا بفكرة المقاومة وما زلنا نؤمن بقدرتها على التحرير. 
كان هدف المقاومة واضحًا وثابتًا وكلما زادت الخسائر يتجذّر المقاتل بأرضه أكثر ويقاتل بشراسه، لم تتقهقر صفوف المقاومة يوما باستسهاد القادة ولا باعتقال ذويهم ولا باستهداف القصف أحيائهم ولا بحجم التآمر والخذلان العربي من حولهم؛ فالغاية كانت أعظم من أن يشاركها عظيم، وهذا ما قهقهر صفوف العدوان والأحزاب أمامها وأسقط شعاراتهم وألحق بهم هزيمة القرن الحادي والعشرين.
على نحو الإبادة كان العالم يستشهد بماحدث في هيروشيما ومحرقة الهولوكوست، وأثبت الحال أنّ غزّة سقط عليها ما يضاعف قنبلة هيروشيما وما يفوق حادثة الهولوكوست، وصمدت صمودا لا يقابله صمود وشجاعة تدرس للشعوب وللمقاتلين في المدارس الحربية؛ وأمّا على مستوى المعارك فكانت معركة ستالينغراد المعركة التاريخية  بلا منافس في الشدّة والبأس والفقد، إلى أن فرض السنوار بأس طوفانه؛ فتضاعف صمود طوفان الأقصى وفاق معركة ستالينغراد، واستمر بشدّته إلى أنْ تباكى العدو وانبطح انبطاح المهزوم في مستنقع المفاوضات؛ فسجلت حرب السنوار أولى انتصارات بداية النهاية وتستمر انتصارات الطوفان إلى أنْ نصلي في الأقصى المبارك. 
 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الباركود وسياسة الهضم
  • بانتظار اليونيفيل.. محاولة بحث جديدة للجيش والصليب الأحمر عن أشخاص جنوباً
  • لاعب أرسنال يخاف أن يبدو ضعيفاً أمام جدته!
  • باحثة: إسرائيل ستستغل الهدنة لاستئناف العمليات العسكرية للقضاء على المقاومة
  • قراءة للاتفاق حول حرب غزة
  • تتوقّف الحرب.. وتستمر الإبادة
  • خليل الحية: “أنصار الله” غيّروا معادلة الحرب والمنطقة بإسنادهم البطولي لفلسطين
  • اليمن في 2024.. حصاد المواجهات العسكرية بين الحوثيين وإسرائيل وضربات أمريكا وبريطانيا (تقرير)
  • خليل الحية: “أنصار الله” هم إخوان الصدق الذين غيّروا من معادلة الحرب والمنطقة
  • الإخلاص لله وأثره في الانتصارات العسكرية والأمنية