هكذا يعيد نتنياهو مفاوضات تبادل الأسرى إلى نقطة الصفر في كل مرة
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
دأب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على وضع العراقيل أمام كل مفاوضات لتبادل الأسرى مع فصائل المقاومة الفلسطينية، وذلك بعد الاتفاق الأول والوحيد الذي تم أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووفقا لتقرير تحليلي أعده صهيب العصا، فقد أصبح نتنياهو منذ ذلك الحين يتعمد وضع العراقيل أمام كل صفقة مطروحة حتى بات متهما بالعمل على منع تحول المفاوضات إلى اتفاق بين الجانبين.
وقد لجأ نتنياهو إلى أساليب متعددة لإفشال المفاوضات إما بإعلان واضح وإما بإصدار بيانات رسمية أو عبر تسريبات للصحافة الإسرائيلية.
تسريب بيانات لإفشال المفاوضاتففي بداية مايو/أيار الماضي، نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن صحفيين أن نتنياهو يهاجم الوصول إلى صفقة لكنه يفعل ذلك دون الإعلان صراحة ومن خلال تسريب بيانات ضدها تحت غطاء مسؤول دبلوماسي مجهول الهوية.
ويستبق نتنياهو زيارات المسؤولين الأميركيين إلى المنطقة بالتأكيد على أنه لن يقبل إلا بالنصر المطلق على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو ما يعني الاستسلام من وجهة نظر الحركة التي ترفض هذا المنطق بشكل قاطع.
وفي خضم التحذير الدولي والأميركي من مغبة الدخول إلى مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وبينما كان الوسطاء يسابقون الزمن للوصول إلى اتفاق، إذ دخلت الدبابات الإسرائيلية مع معبر رفح البري بين غزة ومصر مما أدى لنسف المفاوضات واستمرار القتال أكبر فيما غاب صوت المفاوضات.
وحتى عندما فاجأ الرئيس الأميركي جو بايدن الجميع بإعلانه خطة اتفاق من 3 مراحل، خرج مكتب نتنياهو ببيان قال فيه إن لدى رئيس الوزراء إصرار على عدم إنهاء الحرب إلا بعد تحقيق جميع أهدافها.
في ذلك الوقت، حاول نتنياهو إيهام الجميع بأن حكومة الحرب -التي كانت تضم معارضين كبارا وتم حلها لاحقا- متفقة على نفس الرأي وتصر على المضي قدما في تحقيق أهداف الحرب، وهو ما فجّر أزمة في إسرائيل وزاد من حدة الأصوات التي تتهم رئيس الوزراء بعدم الرغبة في التوصل لاتفاق يعيد الأسرى.
تضارب التصريحاتوبعد أيام قليلة من هذا الجدل، انسحب زعيم حزب معسكر الدولة بيني غانتس ورئيس أركان الجيش السابق غادي آيزنكوت من مجلس الحرب ونزلا إلى الشارع مع عائلات الأسرى من أجل الضغط على نتنياهو الذي سارع مكتبه لإصدار بيان يتهم حركة حماس برفض إبرام صفقة.
وبعد البيان، خرج نتنياهو لأول مرة في مقابلة مع الصحافة الإسرائيلية منذ بدء الحرب ليعلن قبوله صفقة جزئية تعيد بعض الأسرى الأحياء وتسمح لإسرائيل بمواصلة القتال حتى تحقيق هدفها الرئيس المتمثل في القضاء على حماس.
ومجددا، قلبت هذه التصريحات طاولة المفاوضات، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين في فريق التفاوض أن حديث رئيس الوزراء ألحق ضررا كبيرا بالمحادثات.
ورغم خروج نتنياهو مؤكدا التزامه بخطة بايدن فإنه في الوقت نفسه يؤكد وجود فجوات بين الجانبين. ومع تواصل القتال في مدينة رفح، عادت تحركات الوسطاء وتم الإعلان مطلع يوليو/تموز الجاري عن استئناف المحادثات في العاصمة القطرية الدوحة.
لكن نتنياهو استبق هذه الجولة أيضا بإعلانه شروطا قال إنه لن يتنازل عنها في أي اتفاق مرتقب ومن بينها السماح لإسرائيل بمواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها، وهو ما اعتبره مسؤولون إسرائيليون مطالبة لحماس بالاستسلام لا يمكن للحركة أن تقبل به.
وبعد عودة الوفد المفاوض من الدوحة، أعلن نتنياهو أن رئيس رئيس جهاز الموساد ديفيد برنيع -الذي ترأس وفد التفاوض- متفق معه تماما في المبادئ التي وضعها. لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" نقلت بعد ساعات فقط من هذا الإعلان أن برنيع "لم يكن متفقا بالكامل مع شروط نتنياهو".
استغلال اليمين المتطرفووفقا للصحيفة، فإن رئيس الموساد يرى أن لإسرائيل الحق في العودة إلى القتال فقط ما لم تلتزم حماس بالاتفاق، وهي صيغة أكثر واقعية مما يشترطه نتنياهو.
وهكذا، تتزايد التحذيرات الإسرائيلية غير الرسمية من إفشال نتنياهو لكل جولة مفاوضات والتحول من الحديث عن النصر المطلق إلى إستراتيجية المفاوضات اللانهائية.
ويشير تحليل خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال الشهور القليلة الماضية إلى أنه يريد استمرار الحرب تحت مظلة التفاوض من أجل البقاء في السلطة وذلك من خلال ابتزاز حلفائه في الائتلاف الحكومي وخصوصا وزيري الأمن القومي والمالية المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
ويسعى نتنياهو من خلال هذا الابتزاز السياسي لإبقاء حكومته قائمة من جهة وللقول إن الحكومة -وليس هو- التي تتمسك بالإبقاء على حق إسرائيل بمواصلة الحرب من جهة أخرى.
ومع ذلك، فإن هيئة البث الإسرائيلية أكدت أن نتنياهو يقود المفاوضات منفردا وأنه يريد استمرارها لأطول فترة ممكنة ليتمكن الجيش من تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف العسكرية.
في المقابل، خرج المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري مؤكدا أن "حماس فكرة متجذرة في نفوس الناس وأن الحديث عن محوها عسكريا غير ممكن من الناحية العملية"، واصفا حديث القضاء على الحركة بأنه "ذر للرماد في عيون الإسرائيليين".
ولم يقف هاغاري عند هذا الحد لكنه قال إن من يتحدث عن القضاء على حماس مطالب بإيجاد بديل لها، مضيفا أن "القيادة السياسية هي المسؤولة عن تحقيق هذا الأمر".
وفي كل مرة تصل المفاوضات إلى صيغة متقاربة يخلق نتنياهو ما يفجر أزمة جديدة بفرض واقع جديد على الأرض أو بتصريحات يؤكد من خلالها الالتزام بتحقيق أهداف عسكرية يقول له الجميع إنها غير قابلة للتحقيق.
في الوقت نفسه، يتمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي بفرض واقع جديد على الأرض لا يمكن معه أن تصل المفاوضات إلى نهاية بما يعكس رغبته في مفاوضات تعيد الأمور إلى نقطة الصفر في كل مرة.
وبينما يعلو صوت الشارع والجيش الإسرائيليين بضرورة التوصل لصفقة قبل فوات الأوان في حين يتمسك نتنياهو بمواصلة القتال وبقائه في رئاسة الحكومة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات رئیس الوزراء من خلال
إقرأ أيضاً:
"انعدام الثقة".. نتنياهو يكشف أسباب التخلي عن رئيس الشاباك
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأحد، إنه طلب إنهاء مهام جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) لانعدام الثقة بينهما.
وأوضح نتنياهو أنه: "نحن في أوج حرب حول وجودنا بحد ذاته وعلى سبع جبهات لكن في حرب وجودية كهذه يجب Hن يكون هناك ثقة كاملة بين رئيس الوزراء ورئيس الشاباك".
وتابع: "للأسف الوضع معاكس لا يوجد ثقة، لدي انعدام للثقة مستمر في رئيس الشاباك، كبر مع الوقت سبب انعدام الثقة المستمر هذا".
وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي: "قررت أن أجلب إلى الحكومة طلب إنهاء مهام رئيس الشاباك، وأريد ان أوضح ...كلي تقدير لرجال ونساء الشاباك فهم يقومون بواجب اخلاقي ومهم لأمننا جميعا".
وتابع: "كرئيس للوزراء أعلى من رئيس الشاباك وأثق من أن قرارا كهذا هام لتحسين الجهاز ولتحقيق أهداف الحرب ومنع الكارثة المقبلة".
وكانت القناة 12 الإسرائيلية قد ذكرت في وقت سابق أن الخلاف بين نتنياهو و رئيس الشاباك رونين بار، قد تصاعد على خلفية التحقيقات في هجوم حركة حماس يوم 7 أكتوبر 2023.
ووفقا للتقرير، فقد طلب نتنياهو في وقت سابق من بار تقديم استقالته، قائلا إن الحكومة "انتظرت تحقيقات جهاز الأمن الداخلي، والآن حان الوقت لتسليم المفاتيح"، وذلك خلال اجتماع عقد الخميس.
إلا أن رئيس الشاباك رفض الطلب، مشددا على أنه لن يترك منصبه إلا إذا أقاله نتنياهو بشكل رسمي، بحسب القناة 12.
وانتهى الاجتماع من دون التوصل إلى اتفاق بشأن تعيين رئيس جديد للجهاز.
وكانت القناة 12 قد أشارت في تقرير سابق إلى أن بار أبلغ المقربين منه بأنه لن يستقيل إلا بعد عودة جميع الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، كما أكد التزامه بترك منصبه فور فتح تحقيق حكومي رسمي في هجوم حماس.
جهاز الشاباك بدأ تحقيقاته في الهجوم الأسبوع الماضي، مما أدى إلى تجدد الدعوات لإجراء تحقيق حكومي رسمي حول الأحداث.
وتأتي هذه التطورات بعدما نسب إلى نتنياهو في بيان رسمي اتهامه رئيس الشاباك بارتكاب أخطاء استخباراتية جسيمة، إذ أشار إلى أن بار "أخطأ في قراءة الصورة الاستخباراتية وكان محاصرا بتصور مضلل" قبيل هجوم حماس، وفق ما نقلته صحيفة "جيروساليم بوست".
وأضاف البيان أن رئيس الشاباك أكد سابقا "بشكل لا لبس فيه أن حماس تسعى إلى تجنب المواجهة مع إسرائيل"، بل ورأى إمكانية تحقيق استقرار طويل الأمد في غزة إذا تم تقديم حوافز اقتصادية.
كما لفت إلى أن بار لم ير ضرورة لإيقاظ رئيس الوزراء ليلة وقوع الهجوم، وهو ما اعتبره البيان "قرارا خاطئا".
يذكر أن بار الذي ترأس فريق المفاوضات الإسرائيلي إلى جانب رئيس الموساد دافيد برنياع، كان يطالب بضرورة إبرام صفقة لتحرير الرهائن، وهذا إلى أن أُبعد الاثنان عن فريق التفاوض.
وفي تحقيق الشاباك حول السابع من أكتوبر، اعترف بار بفشله في التعامل مع الهجمات، متطرقا إلى الدور الذي لعبه المستوى السياسي في الإخفاق، وهو ما رد عليه مكتب نتنياهو باتهام الشاباك وبار بالفشل الذريع.