صراع الرؤى والسلطة في الأجندة الحزبية

زين العابدين صالح عبد الرحمن

جاء في الخبر “قالت قوى الحرية والتغيير (المركزي) إنها أرجأت الإعلان عن رؤيتها الجديدة في انتظار مشاورات تجريها مع الأحزاب وحركات مسلحة من بينها الحزب الشيوعي السوداني لتشكيل جبهة مدنية موسعة مع استثناء حزب المؤتمر الوطني المحلول”.

إن الجبهة المدنية الموسعة حسب حديث المتحدث باسم التحالف جعفر حسن تتمحور في شعار (لا للحرب) واعتبر حسن كل من يقول لا للحرب هو جزء لا يتجزأ من هذه الجبهة المدنية، ووضع استثناء للقاعدة (عدم استيعاب المؤتمر الوطني المحلول) ويصبح السؤال الذي يفرض نفسه: هل كلمة (لا للحرب) مرتبطة بمشروع لوقف الحرب، أم مجرد شعار للترديد؟ وإذا كان مجرد شعار يصبح الخلاف ليس بين القوى السياسية التي سوف تشكل التحالف العريض، ولكن بينها وبين المواطنين الذين ماتزال ميليشيا الدعم تقيم في منازلهم، والذين خسروا كل ممتلكاتهم.

ولا أعتقد هناك من يريد الحرب واستمرارها، لكن لابد من معالجة آثارها وخاصة التي وقعت على المواطنين. الأمر الذي يتطلب أن تتحول المسألة من مجرد شعار يتردد عند البعض إلى مشروع سياسي يطمئن الجماهير، ويؤكد لها أنها سوف تعود إلى منازلها وتتوفر لها معيناتها على العيش دون أن تواجه أي تحدٍ في الرجوع.

والجبهة المدنية الواسعة يجب أن تؤسس على مشروع سياسي مفصل، هو الذي يحدد دور أعضائها، ويتم على ضوئه محاسبتهم.

إن الحرية والتغيير (المركزي) مطالبة أن تقدم مسودة المشروع، ويجب أن تقدمه للكل بدلاً أن تجعله شعار لا يؤمن حقوق المواطنين. أما الحوار بينها والقوى الأخرى يتطلب تهيئة البيئة المطلوبة للحوار التي بموجبها تتشكل الجبهة المدنية.

إن الحرب الدائرة الآن في البلاد لا تقبل خطاب الشحذ والتعبئة بعيداً عن مخاطبة العقل.. والمرحلة ما بعد الحرب سوف تعد مرحلة جديدة تتجاوز كل الشعارات السابقة، وسوف تخلق الشعارات التي تتلاءم مع المرحلة الجديدة، وأيضاً ربما تخلق قيادات جديدة تفرزها تحديات الحرب.

أيضاً هناك خلاف بدأت تتشكل فيه قناعات عن دور الميليشيا بعد الحرب، هناك رأي يقول يجب أن تدمج الميليشيا في الجيش أو تسرح، وأن لا يكون لها أي دور سياسي. إذا كان بعض عناصرها يريدون ممارسة العمل السياسي يجب عليهم أن يسجلوا حزباً جديداً لا يستند تاريخاً لميليشيا الدعم حتى لا تفتح صفحتها مرة أخرى. وهي نقطة يجب أن تكون واضحة في المشروع السياسي.

إذا انتقلنا إلى الحديث السياسي بعد شعار (لا للحرب) فالمسألة لن تتوقف في حدود وقف الحرب.. بل هي رؤية سياسية تنظر لما بعد الحرب، وهنا لابد والافصاح عن القناعة عند قيادة الحرية والتغيير (المركزي) هي الرجوع للمربع الذي منه انطلقت رصاصة الحرب، أم سوف تتجاوز تلك الفترة، وتبدأ فترة جديدة لها ملامح مخالفة للماضية وتحمل أجندة جديدة تشمل رؤى الآخرين الذين لم يشاركوا في الفترة السابقة.

كان المتوقع من الحرية والتغيير (المركزي) أن تحدد للناس ماهية تلك الملامح؟ وهل سوف تكون هناك فترة انتقالية تتقاتل عليها القوى السياسية من أجل (المحاصصات) أم أنها فترة انتقالية لفترة محدودة بهدف الإعداد للانتخابات وقيام المؤتمر الدستوري؟

إذا انتقلنا إلى القضية الأكثر تعقيداً؛ وحديث بشكل مفضوح، هل قوى الحرية و التغيير لها أجندة خاصة تريد أن تفتحها مع الحزب الشيوعي دون الآخرين؟ باعتبار أن المتحدث باسم التحالف ذكر الحركات المسلحة وقوى مدنية من بينها قال (الحزب الشيوعي) أم الخصوصية جاءت بهدف تليين موقف الحزب الشيوعي؟

إذا كانت الدعوة مفتوحة لكل القوى السياسية المؤمنة بعملية التحول الديمقراطية لا داعٍ للخصوصية ومائدة الحوار هي التي تحسم القضايا الخلافية، أما إذا كان الهدف ترتيبات أخرى ليس لها علاقة بالديمقراطية يمكن أن يقع التخصيص. السؤال هل الزملاء سوف يقبلون الحوار دون وضع أي شروط تعجيزية؟ هناك بعض القوى تراهن فقط على رؤيتها؟ ومعلوم للجميع أن أي حوار سوف يقود إلى تسوية سياسية تنتج من خلال التوافق. والديمقراطية نفسها تسوية سياسية لأنها تؤسس على النسبية. ونسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

الوسومالحزب الشيوعي الخرطوم الدعم السريع السودان المؤتمر الوطني جعفر حسن زين العابدين صالح عبد الرحمن قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي لا للحرب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحزب الشيوعي الخرطوم الدعم السريع السودان المؤتمر الوطني لا للحرب الحریة والتغییر الحزب الشیوعی لا للحرب إذا کان یجب أن

إقرأ أيضاً:

لقاء في صعدة يركز على التنسيق بين العلماء والسلطة القضائية لمعالجة القضايا المجتمعية

يمانيون../
ناقش لقاء بمحافظة صعدة برئاسة المحافظ محمد جابر عوض اليوم، دور لجان التصالح المجتمعية والعلماء، والتنسيق مع السلطة القضائية في معالجة القضايا المجتمعية .

وتطرق اللقاء الذي ضم رئيس محكمة استئناف محافظة صعدة القاضي سليمان الشميري ورئيس نيابة الاستئناف القاضي إبراهيم جاحز ، وفضيلة العلامة أحمد درهم، ورؤساء المحاكم الابتدائية، إلى الطرق الواجب اتباعها عند التحكيم بما يضمن سلامة تلك الاحكام من أي طعون ، وإعداد دليل إرشادي لذلك .

وفي اللقاء أكد المحافظ عوض على أهمية اللقاء لمعالجة القضايا المجتمعية ، مثمنا جهود القضاة والعلماء ولجان التصالح في هذا الجانب .

وأكد أن السلطة المحلية ستكون عونا للقضاء في تنفيذ مهامه ورفد السلطة القضائية بالإمكانات المتاحة.

فيما أكد الشميري وجاحز حرص السلطة القضائية على الفصل في النزاعات والقضايا المنظورة لدى المحاكم والنيابات.. مثمنين دور العلماء في حلحة القضايا المجتمعية والتعاون مع القضاء في هذا المسار .

بدوره أشار العلامة أحمد حورية إلى أهمية التعاون والتنسيق بين السلطة القضائية والعلماء ولجان التصالح المجتمعية لحل القضايا المجتمعية وتعزيز الإخاء والتسامح.

مقالات مشابهة

  • بوتين: النظام العالمي القديم انتهى.. هناك صراع من أجل نظام جديد الآن
  • لقاء في صعدة يركز على التنسيق بين العلماء والسلطة القضائية لمعالجة القضايا المجتمعية
  • زيلينسكي: ترامب يريد نهاية سريعة للحرب
  • بوتين يحذّر: هناك صراع لتشكيل نظام عالمي جديد
  • خبير سياسات دولية: هناك وعود قطعها ترامب على نفسه لوقف الحرب في المنطقة
  • هناك فرق – منى أبوزيد – مهزلة العقل البشري!!!
  • الحزبية ونهضة الأمة
  • وسط لحظة حرجة للحرب مع روسيا.. ماذا قد يعني فوز ترامب للدعم الأمريكي لأوكرانيا؟
  • وحوشٌ أتت متعطشه لدماء السودانيين متلذذةً به تُعربد بالأعراض والممتلكات
  • مناهض للحرب في غزة.. إعادة انتخاب بيرني ساندرز لمجلس الشيوخ الأمريكي