محللون: نتنياهو يسعى لدفع حماس لرفض الصفقة عبر التصعيد
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
أجمع محللون على أن مجزرة الاحتلال في منطقة المواصي بغزة اليوم السبت تمثل منعطفا خطيرا في مسار الحرب والمفاوضات، وأكدوا أن هذا التصعيد يعكس إستراتيجية إسرائيلية متعمدة لعرقلة جهود التهدئة وتحقيق مكاسب سياسية.
وبحسب الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين فإن مجزرة المواصي قد تؤدي إلى إغلاق أبواب التفاوض المؤدية إلى الصفقة، وهو ما يبدو أنه هدف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ومع ذلك، يشير جبارين إلى احتمال آخر، حيث يمكن للمجزرة أن تفتح الباب أمام مفاوضات جديدة تفضي إلى عقد صفقة، وهو ما تسعى إليه المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، مثل الجيش والشاباك والموساد.
ويلفت جبارين الانتباه إلى حالة من الارتباك داخل الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية التي أصبحت لا تأبه كثيرا بردود الأفعال الدولية على جرائمها ومجازرها، مضيفا أن القوى المعارضة لهذه المجزرة داخل إسرائيل -رغم قلتها- خرجت لتقول إن هذه المجزرة قتلت "الصفقة" وليس فلسطينيي المواصي.
الضغط على حماسمن جانبه، يتفق الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد مع جبارين في تحليله، ويؤكد أن الاحتلال قد رفع وتيرة التصعيد خلال الأسبوعين الأخيرين في مناطق مختلفة من غزة، مستهدفا المدنيين بالقتل والتهجير والتجويع.
ويرى زياد أن الهدف من ذلك هو دفع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى رفض المفاوضات، مما يسمح لإسرائيل باتهامها بالتعنت.
وأضاف أن نتنياهو يسعى من خلال هذه المجازر إلى تخويف حماس ودفعها لإبداء مرونة أكبر والتنازل عن شروطها، كما أنه يهدف إلى تعطيل التفاوض حتى موعد كلمته المرتقبة أمام الكونغرس الأميركي.
ويصف الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية المجزرة في مواصي خان يونس بأنها "عمل إجرامي" يشكل ذروة المجازر الإسرائيلية غير المسبوقة منذ وعد بلفور عام 1917.
وحشية الاحتلال
وللتأكيد على وحشية الاحتلال عبر تاريخه يستشهد زياد بتصريحات لقادة إسرائيليين سابقين، مثل مناحيم بيغن وديفيد بن غوريون، والتي تظهر أن إسرائيل قامت على أساس المجازر والإبادة، ويشير إلى "نظرية الجدار الحديدي" للزعيم الصهيوني زئيف جابوتنسكي، والتي دعت إلى تنفيذ المشروع الصهيوني بالقوة.
ويؤكد زياد أن هدف نتنياهو والجيش من هذه المجازر هو البحث عن انتصار حتى لو كان بالصدفة رغم إدراكهم أن تحقيق النصر على المقاومة أصبح مستحيلا، لذلك، يرى زياد أن إسرائيل توجهت إلى الانتقام من "الحاضنة الشعبية" للمقاومة بهدف إحداث شرخ بينها وبين ومؤيديها.
في المقابل، يشير زياد إلى أن فصائل المقاومة تدرك مقاصد نتنياهو من هذه المجازر وتسعى إلى تفويت الفرصة عليه، ومع ذلك يتوقع أن تقوم المقاومة بتصعيد من نوع ما، دون قطع المسار التفاوضي.
وقال إن إسرائيل تدرك أن استمرار هذه الحرب يشكل خطرا وجوديا عليها، مشيرا إلى أن مجزرة المواصي ستحول إسرائيل من كيان يدعي "الأخلاقية" إلى كيان "مجذوم" مكروه عالميا.
سلوك نتنياهووفيما يتعلق بالموقف الأميركي، يقول ماثيو دوس نائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الدولية إن واشنطن تدرك أن نتنياهو ينتهج هذا النوع من السلوك كلما اقتربت المفاوضات من التوصل إلى صفقة.
ويضيف أن نتنياهو يقوض بشكل متعمد كل الجهود التي يمكن أن تفضي إلى اتفاق.
ويشير دوس إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن -رغم تصريحاته- قدّم دعما غير مشروط لإسرائيل منذ بداية الحرب، ويؤكد أن بايدن لن يستخدم وسائل الضغط المتاحة له للضغط على نتنياهو لوقف الحرب، ويتوقع عدم رؤية أي رد فعل قوي من الإدارة الأميركية بشأن مجزرة المواصي.
ويلفت دوس الانتباه إلى الانشقاقات والاستقالات التي شهدتها وزارة الخارجية الأميركية احتجاجا على الدعم غير المشروط لإسرائيل، ومع ذلك يؤكد أن هذه الاحتجاجات لم تغير موقف حكومة بايدن التي وصف سياساتها تجاه حرب غزة بـ"الكارثية".
وفي وقت سابق من اليوم السبت، ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة في منطقة المواصي أسفرت عن استشهاد 90 فلسطينيا وإصابة 300 آخرين، بينهم حالات خطيرة، وفق حصيلة لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
محللون إسرائيليون: 7 أكتوبر كشف الفشل المتجذر بالمؤسسة العسكرية
القدس المحتلة- كشفت تحقيقات الجيش الإسرائيلي حول أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي ركزت على سير المعارك والأحداث في "كيبوتس كفار عزة" ومعسكر "ناحل عوز" في "غلاف غزة" الإخفاقات المتجذرة لدى وحدة الاستخبارات العسكرية "أمان"، والفشل التراكمي على مدار عقد من الزمن للمؤسسة العسكرية التي أخفقت في منع معركة "طوفان الأقصى".
وأظهرت إفادات كبار الضباط الإسرائيليين، الذين حققوا في نحو 40 مسرح معركة منفصلا، أن التحقيقات التي تتمحور حول الفشل الاستخباراتي والإخفاق العملياتي لمختلف الأجهزة الأمنية والجيش، هي ليست سوى غيض من فيض للفشل الهائل، بحيث إن 10% فقط من قائمة الإخفاقات تم الكشف عنها للجمهور، في حين أن هناك قائمة أخرى أكثر صعوبة في الاستيعاب.
تتضمن كل التحقيقات، التي أجراها ضباط احتياطيون ونظاميون تتراوح رتبهم من عقيد إلى مقدم، رسوما بيانية تسرد القصة كاملة تقريبا من حيث عدد الرجال المسلحين على الجانبين، وميزان عدد القوات من الجيش الإسرائيلي وكتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس– في ساحات المعارك ومواقع القتال في "غلاف غزة"، وكذلك عدد القوات الإسرائيلية المتأهبة وعدد المسلحين المهاجمين.
إعلانوفي تجسيد لعدم جاهزية الجيش الإسرائيلي وكذلك الإخفاق الممنهج، يُظهر ميزان القوى في "كيبوتس كفار غزة" والذي كان الأكثر تطرفا، أنه في الساعات الأولى للهجوم، واجه 14 مسلحا من فرقة الحراسة والطوارئ الإسرائيلية 250 مقاتلا من حماس، حيث قتل سبعة من أعضاء فرقة الحراسة، بينما لم يكن هناك في الكيبوتس سوى جندي واحد في الخدمة.
وما يعكس الفشل المترسخ داخل المؤسسة العسكرية، أنه قبل ما يقرب من عقد من الزمان، أزال الجيش الإسرائيلي البؤر العسكرية التابعة للمستوطنات، ونقل القوات إلى معسكرات عسكرية قريبة أكبر حجما، لكن هذه البؤر العسكرية كانت هي نفسها تحت الهجوم المفاجئ، حيث واجهت صعوبة خلال الساعات الأولى بالمساعدة في الدفاع عن المستوطنات، رغم أن هذه كانت مهمتها الرئيسية.
كارثة كبرىوفي قراءة لما يتكشف من التحقيقات الميدانية في المعارك والمواقع التي شهدت اشتباكات في "غلاف غزة"، يقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل "حتى عندما يظن المرء أننا سمعنا ورأينا كل شيء، فإن المجموعة الجديدة من التفاصيل مقلقله ومثيرة، كما أنها تصور أكبر كارثة في تاريخ إسرائيل بألوان أكثر قتامة من الأسود".
ويضيف المحلل العسكري، أن البيانات التي اعتمدها الجيش الإسرائيلي في تحقيقاته تظهر أنه في كافة المواقع وساحات القتال يكون عدد المهاجمين (من المقاومة الفلسطينية) مرتفعا، ويفوق كثيرا عدد المدافعين (القوات الإسرائيلية) ثم تتقلص قوة المدافعين في غضون 6 ساعات لأنها تتكبد خسائر، وتتضاعف قوات الجيش وفرق الحراسة الإسرائيلية.
ورغم دفع تعزيزات عسكرية وأمنية إلى "غلاف غزة"، يقول المحلل إن "من تبقى على قيد الحياة من مقاتلي قوات النخبة (التابعة لكتائب القسام)، كانوا يواصلون الاشتباك والتقدم وينتقلون إلى مواقع أخرى، ويكملون التوغل وقتل عناصر الأمن والجنود وخطف المدنيين والعسكريين، وهذا ما تجلى خلال مهاجمة الموقع العسكري ناحل عوز، وكذلك كيبوتس كفار عزة".
إعلانوأوضح المحلل العسكري أنه "عادة ما كانت تغادر قوات النخبة مكان المعركة مع إنجازات وغنائم، ومن ثم تصل قوة عسكرية إسرائيلية كبيرة إلى موقع القتل، وتبدأ في البحث عن المسلحين المتبقين وإنقاذ الإسرائيليين الناجين، بحيث إن قوات النخبة تفوقت وتقدمت ميدانيا على قوات الجيش الإسرائيلي خلال سير المعارك".
ولفت هرئيل إلى أن الفشل والإخفاق تواصل حتى خلال سير المعارك، وهذا تجسد في "كفار عزة" بعد أكثر من 12 ساعة على الهجوم، حيث كان هناك بالفعل نحو ألف جندي داخل الكيبوتس وفي محيطه، ولكن في كل هذه الفوضى، واجه الضباط صعوبة في تحديد موقع قوات النخبة التي كانت بالمكان، ولم يتمكنوا من فهم أسلوب عملها.
استغرق الأمر وقتا طويلا بالنسبة لبعض الوحدات للتواصل والاشتباك مع المقاتلين، حسب ما يضيف المحلل العسكري، وقال "كان هناك بعض الضباط الذين فضلوا الانتظار خارج الكيبوتس للحصول على أوامر مفصلة من هيئة الأركان العامة بالجيش، في حين كان المدنيون لا يزالون تحت النار والاشتباكات وحملات الاختطاف في عدة مواقع داخل الكيبوتس".
يقول المحلل العسكري في موقع "والا" أمير بوحبوط إنه "تكشفت صورة قاتمة في معسكر ناحل عوز، حيث كانت هناك بالفعل قوة عسكرية كبيرة، حوالي 90 جنديا، معظمهم من كتيبة غولاني 13، لكن لم تكن على قدر الجاهزية الدفاعية بتاتا، وانهارت القوات الإسرائيلية بعد نحو 15 دقيقة، حيث تمكن مقاتلو حماس من حسم المعركة".
وأشار المحلل العسكري إلى أن "حماس أدركت أن معسكر ناحل عوز يشكل مركز ثقل حيويا في تشكيل الجيش الإسرائيلي، كما يشكل نقطة ضعف هشة يمكن استهدافها، حيث تدربت حماس لسنوات طويلة للسيطرة عليه، حتى إنها قامت ببناء نموذج مصغر للمعسكر لإعداد مقاتليها للمهمة".
إعلانويضيف بوحبوط أن التحقيق في سقوط معسكر "ناحل عوز" في السابع من أكتوبر "يكشف عن عمق فشل الجيش الإسرائيلي، بالمقابل كان إنجاز حماس مؤثرا بشكل مؤلم، حيث درست الحركة المعسكر بالتفصيل، وعرفت بالضبط عدد الجنود الذين خدموا هناك أثناء النهار وفي عطلات نهاية الأسبوع، والأسلحة التي كانوا مسلحين بها؛ النتيجة، أصبح المعسكر فخا للموت".
إخفاقات الاستخباراتومن وجهة نظر الرئيس السابق لقسم الأسرى والمفقودين في الاستخبارات العسكرية "أمان" آفي كالو، فإن "ما كشفت عنه التحقيقات في إخفاق 7 أكتوبر يشير إلى أن إسرائيل تلقت ضربة مروعة ومدمرة، خاصة في مجال جمع المعلومات، وهو ما يعكس إخفاقات شعبة الاستخبارات العسكرية، التي أقرت أنه لا يوجد لديها معلومات كافية عن كافة التنظيمات المسلحة في قطاع غزة".
ويعتقد كالو أن إسرائيل مطالبة بالعودة إلى استخدام الأساليب القديمة في جمع المعلومات، بعد أن اعتمدت على التكنولوجيا في مجال الاستخبارات، "وأغفلت الاهتمام بهوية العدو عشية السابع من أكتوبر، لدرجة حتى الاستخفاف به والاستهانة بقدراته وما يقوم به على أرض الواقع، وهو ما عكس فشل الاستخبارات الإسرائيلية في اختراق صفوف حماس".
وأوضح أن تحقيق الجيش أظهر أنه كان هناك "تراجع في مكانة اللغة والثقافة والأيديولوجيا والإدراك الديني في العملية الاستخباراتية"، وبالتالي فإن "معرفة العدو ومكانته حجر أساس بالعمل الاستخباراتي"، قائلا إن "عمق الفشل يوضح بشكل أكبر أنه بالنسبة لإسرائيل مطلوب منها التغيير باستمرار في مواجهة تراكم متغير باستمرار من التهديدات المادية والتكنولوجية، والتي تجسدت بهجوم 7 أكتوبر".