أجمع محللون على أن مجزرة الاحتلال في منطقة المواصي بغزة اليوم السبت تمثل منعطفا خطيرا في مسار الحرب والمفاوضات، وأكدوا أن هذا التصعيد يعكس إستراتيجية إسرائيلية متعمدة لعرقلة جهود التهدئة وتحقيق مكاسب سياسية.

وبحسب الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين فإن مجزرة المواصي قد تؤدي إلى إغلاق أبواب التفاوض المؤدية إلى الصفقة، وهو ما يبدو أنه هدف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ومع ذلك، يشير جبارين إلى احتمال آخر، حيث يمكن للمجزرة أن تفتح الباب أمام مفاوضات جديدة تفضي إلى عقد صفقة، وهو ما تسعى إليه المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، مثل الجيش والشاباك والموساد.

ويلفت جبارين الانتباه إلى حالة من الارتباك داخل الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية التي أصبحت لا تأبه كثيرا بردود الأفعال الدولية على جرائمها ومجازرها، مضيفا أن القوى المعارضة لهذه المجزرة داخل إسرائيل -رغم قلتها- خرجت لتقول إن هذه المجزرة قتلت "الصفقة" وليس فلسطينيي المواصي.

الضغط على حماس

من جانبه، يتفق الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد مع جبارين في تحليله، ويؤكد أن الاحتلال قد رفع وتيرة التصعيد خلال الأسبوعين الأخيرين في مناطق مختلفة من غزة، مستهدفا المدنيين بالقتل والتهجير والتجويع.

ويرى زياد أن الهدف من ذلك هو دفع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى رفض المفاوضات، مما يسمح لإسرائيل باتهامها بالتعنت.

وأضاف أن نتنياهو يسعى من خلال هذه المجازر إلى تخويف حماس ودفعها لإبداء مرونة أكبر والتنازل عن شروطها، كما أنه يهدف إلى تعطيل التفاوض حتى موعد كلمته المرتقبة أمام الكونغرس الأميركي.

ويصف الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية المجزرة في مواصي خان يونس بأنها "عمل إجرامي" يشكل ذروة المجازر الإسرائيلية غير المسبوقة منذ وعد بلفور عام 1917.

وحشية الاحتلال

وللتأكيد على وحشية الاحتلال عبر تاريخه يستشهد زياد بتصريحات لقادة إسرائيليين سابقين، مثل مناحيم بيغن وديفيد بن غوريون، والتي تظهر أن إسرائيل قامت على أساس المجازر والإبادة، ويشير إلى "نظرية الجدار الحديدي" للزعيم الصهيوني زئيف جابوتنسكي، والتي دعت إلى تنفيذ المشروع الصهيوني بالقوة.

ويؤكد زياد أن هدف نتنياهو والجيش من هذه المجازر هو البحث عن انتصار حتى لو كان بالصدفة رغم إدراكهم أن تحقيق النصر على المقاومة أصبح مستحيلا، لذلك، يرى زياد أن إسرائيل توجهت إلى الانتقام من "الحاضنة الشعبية" للمقاومة بهدف إحداث شرخ بينها وبين ومؤيديها.

في المقابل، يشير زياد إلى أن فصائل المقاومة تدرك مقاصد نتنياهو من هذه المجازر وتسعى إلى تفويت الفرصة عليه، ومع ذلك يتوقع أن تقوم المقاومة بتصعيد من نوع ما، دون قطع المسار التفاوضي.

وقال إن إسرائيل تدرك أن استمرار هذه الحرب يشكل خطرا وجوديا عليها، مشيرا إلى أن مجزرة المواصي ستحول إسرائيل من كيان يدعي "الأخلاقية" إلى كيان "مجذوم" مكروه عالميا.

سلوك نتنياهو

وفيما يتعلق بالموقف الأميركي، يقول ماثيو دوس نائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الدولية إن واشنطن تدرك أن نتنياهو ينتهج هذا النوع من السلوك كلما اقتربت المفاوضات من التوصل إلى صفقة.

ويضيف أن نتنياهو يقوض بشكل متعمد كل الجهود التي يمكن أن تفضي إلى اتفاق.

ويشير دوس إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن -رغم تصريحاته- قدّم دعما غير مشروط لإسرائيل منذ بداية الحرب، ويؤكد أن بايدن لن يستخدم وسائل الضغط المتاحة له للضغط على نتنياهو لوقف الحرب، ويتوقع عدم رؤية أي رد فعل قوي من الإدارة الأميركية بشأن مجزرة المواصي.

ويلفت دوس الانتباه إلى الانشقاقات والاستقالات التي شهدتها وزارة الخارجية الأميركية احتجاجا على الدعم غير المشروط لإسرائيل، ومع ذلك يؤكد أن هذه الاحتجاجات لم تغير موقف حكومة بايدن التي وصف سياساتها تجاه حرب غزة بـ"الكارثية".

وفي وقت سابق من اليوم السبت، ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة في منطقة المواصي أسفرت عن استشهاد 90 فلسطينيا وإصابة 300 آخرين، بينهم حالات خطيرة، وفق حصيلة لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

خبير في الشؤون الإسرائيلية: نتنياهو لن يتراجع عن التصعيد بسبب أمريكا

قال الدكتور نزار نزال، خبير الشؤون الإسرائيلية، إنه عندما يبدأ الشارع الإسرائيلي في الحركة وتخدش العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، يعول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والطبقة الحاكمة دائمًا على هدوء هذه الأمور سريعًا.

نتنياهو مدعوم من أمريكا

وأضاف «نزال»، خلال مداخلة ببرنامج «الصحافة العالمية»، المُذاع عبر شاشة «القاهرة الإخبارية»، :«يتحرك نتنياهو في مساحة واسعة جدًا ويتخذ قراراته بعيدًا عن أي آثار أو أي ضغوط ممكن أن تفرض عليه من الأطراف سواء كان من النظام الرسمي الأوروبي أو من المنطقة إذا كانت علاقته بأمريكا والشارع الإسرائيلي غير متوترة».

وأوضح أن نتنياهو لا يزال يتحرك ضمن إطار واسع ولدية القدرة على المناورة بشكل كبير، خاصة أن اليوم الإسرائيلي في أقصى اليمين ولم يعد هناك معارضة حقيقة ذات أثر على الشارع أو على مكونات هذه الحكومة.

عنترية نتنياهو في الأيام المقبلة

وأشار إلى أن كل هذا المؤشرات تنذر بمزيد من التصعيد والعنترية لنتنياهو، مضيفًا: «بنيامين نتنياهو تحدث قبل يومين في قاعدة عسكرية في النقب وقال لا يوجد حتى الآن موعد لنهاية هذه الحرب سواء كانت في قطاع غزة أو كانت في لبنان لذلك أعتقد أن الأيام القريبة ستشهد وتحمل مزيدًا من التصعيد وليس التراجع والتخفيض».

 

وتابع: «إيران اليوم في ظل اقتناع ساستها وقادتها أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية على انسجام تام فيما يتعلق بالقضاء على حلفائها أو على أذرعها وعلى المقاومة الفلسطينية وحزب الله، أصبحت المعتقدات راسخة في ظل الحراك الدبلوماسي وتعنت إسرائيل».

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو مستعد لدفع ملايين الدولارات مقابل كل أسير في غزة
  • الموساد: فرص تبادل الأسرى مع حماس تضعف وسط التصعيد في غزة
  • تقارير عبرية تكشف: هذا ما يفعله مكتب نتنياهو لتعطيل الصفقة مع حماس
  • “فضح أسرار إسرائيلية حساسة”.. تقرير عبري عما يفعله مكتب نتنياهو “سرا” لمنع الصفقة مع الفصائل الفلسطينية
  • ماذا لو نجحت "صفقة الممر الآمن" وعادت غزة للسلطة الفلسطينية؟
  • “فضح أسرار إسرائيلية حساسة”.. تقرير عبري عما يفعله مكتب نتنياهو “سرا” لمنع الصفقة مع “حماس”
  • معهد فلسطين للأمن: نتنياهو يسعى لفرض أمر واقع بغزة لا يمكن تغييره بعد الانتخابات الأمريكية
  • التوتر يتصاعد في لبنان: محللون يرصدون شروط نتنياهو وسياسة "التفاوض تحت النار" لتحقيق مكاسب إسرائيلية
  • باحثة: نتنياهو يسعى إلى بناء شرق أوسط جديد وتكون إسرائيل القوة المسيطرة
  • خبير في الشؤون الإسرائيلية: نتنياهو لن يتراجع عن التصعيد بسبب أمريكا