القدس المحتلة- فاقمت الحرب على غزة أزمة قطاع البناء في إسرائيل، في ظل استمرار حكومة بنيامين نتنياهو حظر دخول أكثر من 100 ألف فلسطيني للعمل في البلاد، في حين بات هذا القطاع مهددا بالانهيار مع فشل الخطط الحكومية باستقدام المزيد من العمالة الأجنبية بدلا عن العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة.

وشكّل القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية فور اندلاع الحرب على غزة، بفرض حظر كامل على دخول العمال الفلسطينيين من جميع المجالات ضربة قاضية بالنسبة لقطاع البناء، التي تأكدت مع استمرار الحرب للشهر العاشر.

فوفقا لبيانات بنك إسرائيل المنشورة في الأيام الأولى للحرب على غزة، فإنه وحتى السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان يعمل في قطاع البناء 333 ألف عامل، بينهم 208 آلاف من داخل إسرائيل، و75 ألف عامل من الضفة، و12 ألف عامل من قطاع غزة، و23 ألف عامل أجنبي، و15 ألف عامل من الضفة بدون تصاريح.

ولسد هذه الفجوة، عملت الحكومة الإسرائيلية في عدة اتجاهات لجلب عدد كبير من العمال الأجانب إلى البلاد، لتعزيز قطاع البناء والصناعات المتضررة الأخرى، مثل الزراعة والتمريض، حيث كان من المفروض استقدام 6 آلاف عامل أجنبي شهريا، من الهند والصين وسيرلانكا ومولدوفا وأوكرانيا.

الاستعانة بالأجانب

ووفقا لسلطة السكان والهجرة في وزارة الداخلية الإسرائيلية، فإن العمال الذين تم استقدامهم حتى الآن يحلون بشكل أساسي محل أولئك الذين غادروا البلاد في أعقاب الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على مستوطنات "غلاف غزة" وبلدات إسرائيلية بالجنوب، حيث كان يوجد في إسرائيل 23 ألف عامل أجنبي في قطاع البناء.

وبحسب صحيفة "غلوبس" الاقتصادية، تم فصل عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين من القوى العاملة، والتي كانت تشكل في الواقع حوالي 80% من جميع العمال في مواقع وورش البناء في إسرائيل، حيث صودق مع اندلاع الحرب على خطة حكومية لاستقدام عشرات آلاف العمال الأجانب، بيد أن الخطة فشلت ولم تحقق أهدافها.

ومع تواصل الحرب على غزة للشهر العاشر، يستمر النقص في العمالة في قطاع البناء والتشييد في التفاقم، وذلك رغم خطط الحكومة لجلب العمال الأجانب إلى هذا القطاع، حيث تنتظر ورش البناء ما لا يقل عن 50 ألف عامل، وفقا لقرارات الحكومة، وصل إلى إسرائيل نحو 10 آلاف عامل منهم حتى الآن.

وبرزت مشاكل كثيرة في التعامل مع العمال الأجانب بسبب عيوبهم، بحسب ما نقلته الصحيفة عن نائب رئيس تطوير الأعمال في شركة "كيرين" العقارية يوتام رابينوفيتش، الذي قال إنهم لا يجيدون اللغة العبرية ولا حتى الإنجليزية، حيث يكون التواصل معهم خلال العمل في غاية الصعوبة، وهو ما ينعكس سلبا على سير العمل وجودته.

ويضيف رابينوفيتش أنهم "أقل مهنية واحترافا من العمال الفلسطينيين، ناهيك أن العامل الأجنبي يكلف أجره أكثر من الضعف، وذلك مقارنة بالعامل الفلسطيني الذي يعمل ساعات أكثر مقارنة بالأجنبي".

وأوضح أن العديد من العمال الأجانب غادروا إسرائيل خوفا من الحرب، وأولئك الذين بقوا باتت تكاليفهم أعلى بكثير بالنسبة للمقاول، "لقد استفادوا من حقيقة أن العرض والطلب تغير لصالحهم".

لذا يقول رابينوفيتش إن العمال الأجانب يرفعون سقف مطالبهم ويريدون المزيد من المال، ويعملون لدى من يدفع لهم أكثر، وقد يصل الأجر الشهري للعامل الأجنبي حوالي 30 ألف شيكل (8 آلاف دولار)، وهذا يفاقم أزمة قطاع البناء ويترك تداعيات سلبية على سوق العقارات، سواء من ناحية التكاليف أو ارتفاع الأسعار.

اعتقل الجيش الإسرائيلي بعض العمال الغزيين الذين كانوا يعملون في الداخل قبل أن يفرج عنهم لاحقا بظروف صعبة (الجزيرة) بحثا عن حل

وفي ظل التداعيات التي تركتها الحرب على قطاع البناء والاستمرار بحظر دخول العمال الفلسطينيين، وعزوف العمالة الأجنبية عن القدوم لإسرائيل بظل تصاعد التوترات الأمنية، نشرت وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية مناقصة جديدة لشركات البناء الأجنبية للقيام بأعمال بناء سكنية في إسرائيل.

وبحسب الوزارة، سيتم اختيار 10 شركات أجنبية، وستعطى الأولوية للشركات ذات الخبرة الدولية في بناء المباني الشاهقة، علما أنه حتى نهاية عام 2023 كانت هناك 11 شركة أجنبية تعمل في إسرائيل، وباستثناء شركة تركية واحدة، فإن جميع الشركات الأخرى صينية، بحسب ما أفاد تقرير لصحيفة "كلكليست" الاقتصادية.

ووفقا لإعلان الوزارة، سيطلب من الشركات الفائزة بناء عدة مباني سكنية في مئات الآلاف من الأمتار المربعة خلال فترة عملها في إسرائيل، وسيتم تسجيل الشركات في قاعدة البيانات لمدة 5 سنوات، مع إمكانية التمديد لمدة 3 سنوات أخرى، ما يعني أن أزمة العمالة سترافق قطاعات العمل بإسرائيل لسنوات طويلة.

وأوضح مراسل الصحيفة، غاي ناردي، أن مناقصة وزارة الإسكان ما هي إلا "محاولة لإطفاء الحرائق" لإيجاد الحلول للمشاكل المستعصية في قطاع البناء منذ بدء الحرب، والتي تركت ترسبات سلبية على سوق العقارات.

وأشار إلى أن الحلول المقترحة تتمثل بزيادة عدد شركات البناء الأجنبية في إسرائيل وتوسيع عدد الدول التي يمكن للشركات فيها التقدم لمناقصات العمل في البلاد، وذلك بهدف الحفاظ على الاستمرارية الوظيفية والتشغيلية في قطاع البناء لتجنب انهياره.

ولفت إلى أن الشركات الأجنبية التي ستتقدم للمناقصات، ستخضع لإجراءات اختيار دقيقة وصارمة، سيتعين عليها خلالها إثبات الخبرة الدولية في البناء والتنفيذ عالي الجودة، وكذلك القدرات المهنية مع التقنيات التكنولوجية المتقدمة والقوة المالية.

شلل كامل

وبحسب "اتحاد المقاولين- بوني هآرتس" الإسرائيلي، فإن النقص في عمال البناء أدى إلى خسارة أكثر من 18 مليون يوم عمل، وهو ما يعادل حجم خسارة الناتج المحلي الإجمالي البالغة 17 مليار شيكل (4.86 مليارات دولار).

وتعليقا على قرار الحكومة تشغيل شركات أجنبية في قطاع البناء، نقلت صحيفة "دي ماركر" عن اتحاد المقاولين "بوني هآرتس" الإسرائيلي قوله: إن "القرار يعني تخلي الحكومة عن قطاع البناء والتشييد في ذروة واحدة من أسوأ الحروب في تاريخ إسرائيل، وفي ذروة الأزمة الأشد في قطاع البناء".

وحمّل اتحاد المقاولين حكومة نتنياهو كامل المسؤولية عن الأزمة التي تعصف في قطاع البناء واستفحال أزمة العمال الأجنبية، قائلا إن "الحكومة هي المسؤولة عن تفاقم الأزمة، وقرارها يأتي بعد 9 أشهر تسببت فيها الحكومة -من خلال أفعالها وسياساتها- بالشلل الكامل أو الجزئي لمعظم مقاولي التنفيذ في إسرائيل".

ووفقا لاتحاد المقاولين، فإنه لا يوجد نقص في شركات البناء في إسرائيل، بل إن آلاف المقاولين الإسرائيليين يفتقرون إلى عشرات الآلاف من العمال الذين تم إنهاء عملهم بقرار من الحكومة التي قررت جلب العمال الأجانب، وتقترح التخلص من مقاولي البناء الذين يوظفون أكثر من 300 ألف إسرائيلي والاستعانة بالشركات الأجنبية وعمالها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العمال الفلسطینیین العمال الأجانب فی قطاع البناء فی إسرائیل من العمال الحرب على ألف عامل آلاف من على غزة عامل من أکثر من

إقرأ أيضاً:

السنوار يتمسك بشروطه.. الاحتلال الإسرائيلي يصفه بـ«مهندس طوفان الأقصى»

يتمسك يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بعدة شروط لإتمام المفاوضات لوقف إطلاق النار على غزة، تتمثل أولى تلك الشروط في انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل من قطاع غزة، فضلاً عن إطلاق سراح عدد من الأسري الفلسطينيين البارزين، كما يرفض وجود قوات متعددة الجنسيات في غزة بعد الحرب، وفقاً لما ذكرته قناة القاهرة الإخبارية.

مطالبات بوجود مرونة في التفاوض

وفي السياق ذاته، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إذا لم يبدِ بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال، والسنوار، مرونة فيما يتعلق بالمفاوضات، فلن تكون هناك صفقة تبادل المحتجزين، ويعرض «الوطن» في التقرير التالي، رؤية إعلام الاحتلال الإسرائيلي لتعيين السنوار كرئيس لحركة حماس.

يسعي الاحتلال لاغتيال قادة حماس، ويأتي يحيى السنوار، على رأس تلك القائمة، كما وصفه الإعلام الإسرائيلي عقب هجوم السابع من أكتوبر بأنه «مهندس طوفان الأقصى»، وهو ما جعل قادة من الاحتلال يُصابون بحالة من الغضب عقب إعلان الحركة عن تعيين السنوار رئيسا لمكتبها السياسي.

الاحتلال يتفاجأ بالقرار

كشفت هيئة البث عن تفاجؤ قيادات الاحتلال بالقرار، مضيفة أن قادة حماس في حالة قوة وقائمة وستبقى بنفس قوتها، مشيرة إلى أن إسرائيل تعرف السنوار وهو يعرفها، فكلاهما يعرف الآخر جيداً.

ومن جانبها، قالت قناة التابعة للاحتلال، إن اختيار السنوار رئيساً للحركة يكشف عن مدى قوة حماس في غزة، وحسبما ذكر محللون للقناة، فإن السنوار يعتبر شخصا ذكيا وصلبا ويملك قدرات تنظيمية كبيرة جداً، فضلاً عن فهمه للثقافة الإسرائيلية، نظراً لوجوده في سجون الاحتلال 24 عاماً.

«حماس» اختارت أخطر شخصياتها

أما صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فقد أشار آفي يسخاروف محلل شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة، إلى أن حماس اختارت أخطر شخصياتها، باعتباره مهندس طوفان الأقصى على حد زعمها، وهو الحدث الذي هز صورة إسرائيل باعتبارها صاحب مقولة «الجيش الذي لا يُقهر».

من جانبها، قالت صحيفة معاريف، إن اختيار السنوار يُعتبر مناورة من حركة حماس، تحمل في ثناياها معنى أن وضع الحركة في غزة أقوى وأكثر قدرة على الصمود.

مسؤولو الاحتلال يعلقون على تعيين السنوار زعيماً لحماس

وعلى الصعيد الدبلوماسي والعسكري، فقد وصف يسرائيل كاتس، وزير خارجية الاحتلال، تعيين السنوار رئيسا للمكتب السياسي لحماس، بأنه سبب إضافي لاغتيال الأخير، بينما كشف دانيال هاجاري، الناطق باسم الجيش، عن نية الاحتلال في اغتيال السنوار، حيث قال يجب أن يكون مكانه بجوار محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام، في تلميح لاغتيال الأخير في خان يونس منذ ما يقارب الأسبوعين.

مقالات مشابهة

  • صفقة أم قيد؟ 12 ألف عامل أجنبي يطردون من العراق وسط إجراءات مشددة
  • بالأرقام.. كيف أثر طوفان الأقصى في الهجرة العكسية من إسرائيل؟
  • تطورات اليوم الـ310 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • السنوار يتمسك بشروطه.. الاحتلال الإسرائيلي يصفه بـ«مهندس طوفان الأقصى»
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ309 من "طوفان الأقصى"
  • تطورات اليوم الـ309 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • دراسة: كيف عصف طوفان الأقصى بالاقتصاد الإسرائيلي؟
  • تطورات اليوم الـ308 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • جيش الاحتلال: إصابة 16 جنديا إسرائيليا بينهم 6 في معارك غزة
  • نتنياهو لـ«مجلة تايم»: لا نواجه حماس فحسب بل محورا إيرانيًا متكاملًا.. والحرب في غزة لن تنتهي