أم وضاح: (لا صوت يعلو المعركة وروائح النصر)
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
بيان حكومة السودان بشأن ما يسمى بمنبر أو مفاوضات أو مشاورات جنيف غير المباشرة اياً كان اسمها ، مهم للغاية وهو يقطع الطريق امام التكهنات التي ترمي لإبتزاز وإضعاف الدولة بمثل هذه الدعاوى والتوجهات التي تستبطن العداء للبلاد وتسويق هولاء القتلة ومن يشايعونهم والإبقاء على حالة الحرب وتغذية انعكاساتها وبث الهلع وعدم الطمأنينة في نفس المواطن السوداني
والقاهرة ليست ببعيدة وأديس في الطريق وأياً كان المسمى الذي يطلقونه على مثل هذه الدعوات تبقى الحقيقة الماثلة انه شرك خداعي ماكر تسوقه بريطانيا وامريكا عبر غوتيزيش ومبعوثه وهو ما لم ولن ينطلي على فطنة قيادة الدولة حتى وإن فات او تم تسويقه لبعثتنا بنيويورك على هذا النحو السمج والتبسيط المخل والتقرير الخادع .
فإن هذا الذي يراد من قبل هولاء السماسرة الدوليين لا علاقة له بالشأن الإنساني والأوضاع التي يعانيها المواطن وويلات الحرب الماثلة والأمم المتحدة ظل دورها صفري في العاصمة الخرطوم منذ إندالاع شرارة الحرب في ١٥ ابريل وحتى تاريخة ، وهكذا كان وسيظل غيابها في ودمدني والفاشر والأبيض والفاشر ونيالا وكل المناطق التي استهدفها التمرد ..بل حتى الأموال التي جمعتها من النداءات الإنسانية في جنيف على مرتين كان لصالح المنظمات الغربية وترفها في التلذذ بزيادة حجم المعاناة على شعبنا بصرفها العبثي على موظفيها وقتل إنسان السودان بدم بارد والشواهد أن كل قادتها في المنظومة الإنسانية وتصريحاتهم من اعلى الهرم مجيرة لصالح التمرد وخدمة أجنداته ..
الدايره اقوله أنني أذكر تصريحات الرئيس برهان اول امس انه (ليس للحكومة مفاوضات في جدة او جنيف او اي مكان آخر )وأن الدولة كشفت مغبة ما اقتيدت له وجمله بعضهم بهدف وغاية شخصية لن تنطلي على شعبنا الذي يقاتل ويستبسل وذاق المر والحنظل وخبر وعرف الامم المتحدة عبر يوناميد ويونيتامس وفولكر والعمامرة لأكثر من ٣٢ عاما ..فالمبعوث العمامرة هو مجرد مبعوث شخصي للأمين العام للامم المتحدة ليس له بعثة اممية ولا هو مسنود بالفصل السادس او السابع كما كان في السابق ..مهمته محدودة للغاية تنحصر في (دعم جهود حكومة السودان لتحقيق السلام والاستقرار بالبلاد ) ليس إلا ..ان لم تكن تعلم او جهلت بعثتينا في نيويورك وجنيف هذا التفويض..
إن ما يجري من قبل هولاء الأرزقية من المتكسبين في شأننا هو محاولة للإلتفاف على منبر جده بإلتزاماته القائمة والتي لا تزحزح عنها ان إرادو التقدم للأمام عليهم تنفيذها ..وأن هذا السعي لمصادرة خيارات الحلول الوطنية والتقارب السوداني في الجبهة الداخليه بتدويل متعمد له غايات كبار وصفقة مجربة ومكشوفة ليست في مصلحة البلاد ولا جيشها ولا شعبها تبتغي تدخل مباشر للامم المتحدة وفتح باب التدويل عبر الشأن الانساني وحماية المدنيين وصولاً الى الفصل السابع مرة اخرى وفرض المزيد من العقوبات ، علينا ان نعي الدرس ونركز على ميدان المعركة والنصر الذي بات قريباً بحول الله ، كذب هؤلاء وصدق الرئيس في رفضه لمنابرهم جميعا…والسلام ،،،
#ام_وضاح
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
محكمة الطبيب حسام أبو صفية! (قصة قصيرة من رعب المعركة)
كان الطبيب حسام أبو صفية في قفص الاتهام بعد أن تم إحضاره من سجن "سيدي تومان" يتحسّس مواقع كدماتهم البدنية والنفسية، زرعوا في جسده أثناء الطريق إلى المحكمة المزيد من الألم بكلّ قسوة وضراوة، لم تكتف شرطة البوسطة بحاله الذي يُنبئ بحجم الألم الذي يتعرض له في ذاك السجن اللعين، وهم يعلمون تماما ماذا يعني وجود إنسان في هذا السجن، تناولوه طيلة الطريق ببساطيرهم حيث وضع بينها في أرضيّة الجيب العسكري الخلفيّة، بقي ينزف آلامه بصمت عزيز، هنا في المحكمة فرصة ليتنفّس قليلا وليستذكر حاله في هذا العام من الحرب ونيّف.
كيف تحدّى كلّ ويلات حرب لم تكن في يوم من الأيام تمرّ أوصافها في خلد إنس ولا جانّ، وكان مستشفى كمال عدوان الذي يديره طبيبنا في قلب الملحمة، تأتيه ويلات الحرب ظاهرة للعيان مرسومة على أجساد الجرحى بكلّ ألوانها بالدم والحرق وبتر الأعضاء وتهتّك اللحم والعظم كأنّها نشّرت بمناشر من حديد.
تحدّى كلّ ويلات حرب لم تكن في يوم من الأيام تمرّ أوصافها في خلد إنس ولا جانّ، وكان مستشفى كمال عدوان الذي يديره طبيبنا في قلب الملحمة، تأتيه ويلات الحرب ظاهرة للعيان مرسومة على أجساد الجرحى بكلّ ألوانها بالدم والحرق وبتر الأعضاء وتهتّك اللحم والعظم كأنّها نشّرت بمناشر من حديد
ثم يحاصرون المستشفى بكل أسلحة النار والدمار، صواريخ المسيّرات وقذائف الدبّابات، تضرب مولّدات الكهرباء وخزانات المياه وكلّ مقوّمات الحياة، حوّلوا المستشفى إلى جسد بلا روح وضربوا كلّ ما يساعده على الوقوف والاستمرار في تقديم خدماته لمرضاه ولو بحدّها الأدنى، ومع هذا بقي طبيبنا يدير بقايا مستشفى متهالك ومنزوع القدرات، ثم ضيّقوا عليه الخناق بعد أسبوعين من الإحاطة به من كلّ جانب، ثم انقضّوا عليه انقضاض ضبع على فريسته، أخرجوا من بقي فيه حيّا من مرضى وطواقم صحيّة، وكان من نصيب طبيبنا الاعتقال. أدخلوه جوف دبّابة وكأنّهم ألقوا القبض على زعيم الإرهاب في العالم كلّه، يا لها من بطولة وإنجاز أن يُلقوا القبض على هذا المستشفى ومديره حسام أبو صفيّة.
(المحكمة عبارة عن منصة أُعدّت ليجلس خلفها قاض عتيد من متقاعدي جيشهم العظيم! وخلفه على جدار شاحب يرتسم ميزان مائل حيث تميل العدالة عندهم، وأمام المنصّة طاولة ذات اليمين للنيابة العسكرية وطاولة ذات الشمال لمحامي الدفاع، وطبعا قفص للمتّهمين وكراسي أمامهم لجمهور المحكمة رغم أنّها أضحت بلا جمهور).
نعق غرابهم بعد دخول القاضي القاعة التي تأخذ شكل المحكمة ظلما وزورا: محكمة.
ثم وقف قصير بدين رفيع الصوت يُدعى ممثّل النيابة العسكرية، انتحى جانبا وراح يتلوا ما خُطّ في لائحة الاتهام، والمترجم المباشر يترجم أوّلا بأوّل وكأنّهم في محكمة حقيقيّة:
- أعطيناه عدّة فرص وأرسلنا له رسائل عمليّة علّه ينسحب من ذاك الموقع العسكري الذي كان يتخندق به ويطلق علينا القذائف دون توقّف. وكانت الرسالة الأولى عندما قتلنا له ولده، لم يفهم وبقي مصرّا على عناده، ثمّ أصبناه إصابة في ساقه ولم يرتدع عاد لخندقه يطلق نيرانه بكل ما أوتي من عنف وضراوة.
هذا الذي يسمّى مستشفى كمال عدوان ما هو إلا قاعدة عسكريّة للإرهابيين عندهم وهذا الذي يدّعي أنه طبيب هو مخرّب محترف هو مقاتل غير شرعي في غابة الحيوانات البشرية.
ثم انبرى محامي الدفاع الذي عيّنته المحكمة ليقوم بدوره الجميل:
- سيدي القاضي، موكّلي هو طبيب كان يقوم بمهمّته الإنسانيّة، يعالج الجرحى والمرضى في مستشفى اسمه مستشفى كمال عدوان ولم يكن في جبهة قتال كما يقول النائب العام.
ردّ النائب العام بعنجهية وصوت نافر كنعيق الغراب:
- ألا تعلم أن جيش الدفاع هو الأكثر أخلاقية في العالم، ألا تعلم أنه من المستحيل أن يهاجم المستشفيات، هو فقط يهاجم بؤر الإرهاب؟
- أعلم ذلك، ولكنّ الملف الذي بين يديّ هو ملف طبيب لا عهد له في المعارك والقتال.
- ولكنّا ألقينا القبض عليه متلبسا بالجريمة ومن موقع عسكري قاوم جيش الدفاع طويلا هناك. وهل تعتقد أن المقاتل غير الشرعي غير قادر على أن يلبس لباس طبيب؟ وزد على ذلك أنّه كان يحرجنا في الإعلام وهو يكذب ويدّعي أنّ ذاك الموقع العسكري هو مستشفى وأن المحاربين هم مرضى، وكان أمام الإعلام يلبس لباس حَمَل ويخفي صورة الذئب التي بداخله، إنّه شخص يجيد التمثيل.
- هذا كلام غير صحيح، لدينا صور كثيرة تثبت عكس ما تقول.
ردّ المدّعي العام بحنكة ودهاء:
- أكيد هذه الصور مرّت على الفوتوشوب.
- والفيديوهات؟
- أكيد صُنعت بالذكاء الصناعي.
لم يحتمل الدكتور هذا الهراء، خرج عن صمته صارخا:
- هذا كذب وافتراء، وهذا ليس غريبا عنكم، احتللتم أرضنا سنة 48، وأقمتم كذبتكم الكبرى التي سمّيتموها "إسرائيل"، ومن يومها وأنتم تكذبون حتى صار المستشفى الذي يعرفه الجميع عندكم موقعا عسكريا، استهبلتم العالم كلّه وأنت تقصفون هذا المستشفى لما يزيد عن أسبوعين، دمّرتموه وأحرقتموه وجعلتم سافله عاليه وكانّه موقع عسكريّ، أنتم تحاربون الإنسانيّة جمعاء وتقتلون فيها كل ما فيها من حياة وحق وعدل وكل أشكال القيم الإنسانيّة.
هتف القاضي بهدوء مصطنع، حاول أن يخفي حقده ويخرج شيئا من مكره ودهائه:
- أنا أقرأ كثيرا في صحيفة "هآرتس "عن معاناتكم في غزة، صحيح ما نسمعه أن هناك أطفالا يموتون؟
- أطفال؟! ما يزيد عن ثمانية عشر ألفا عدا عن وعشرات الآلاف المصابين من الأطفال الذين قطّعت أطرافهم، والنساء مثلهم والمسنّون والمدنيون.
- وهل صحيح أن الجيش الإسرائيلي يقصف مستشفيات؟
- أغلب مستشفيات غزة دمّرها جيشكم.
- وأين تعالجون مرضاكم وجرحاكم؟
- ينقلهم جيشكم بالمروحيّات إلى المستشفيات الإسرائيلية!
- لم أسمع بهذا، أنت تهزأ بنا؟
- يُنقلون إلى المدافن بعد أن لا يجدون مسعفا فينزفون حتى الموت، وجيشكم الأكثر أخلاقا في العالم ينظر إليهم ويمنع المسعفين من الاقتراب منهم. والسّعيد حقّا من يجد من يدفنه وإلا تُرك للكلاب الضالّة تنهش جسده وتأكله.
نعق النائب العسكري:
- سيّدي القاضي هذا كذب وافتراء.
ردّ القاضي، غامزا بعينه:
- أعلم ذلك لكن دعنا نستمع.
إلى حيث جحيم السجن: "سيدي تيمان". هناك لا يوجد طبّ ولا دواء ولا غرفة عمليات، هناك عذابات بكلّ الاشكال والألوان
هتف الدكتور:
- تريد أن تتسلّى بعذاباتنا! أنت لا تعلم أنّ التاريخ دول، وأن دائرته تدور، اليوم لك وغدا عليك، لدينا آية في القرآن تقول..
قاطعه النائب العسكري بحدّة:
- إنّه يهدّدنا سيادة القاضي، أرأيت، إنّه إرهابي، ذئب في صورة حمل وديع.
ضرب القاضي بمطرقته وصرخ:
- كفى.. كفى.
توجّه للمحامي وسأل:
- ألديك ما تضيفه؟
- لا سيدي القاضي.
هتف القاضي بالقرار بكل هدوء ووقار:
- يتم تحويله للاعتقال الإداري لمدة ستة شهور قابلة للتجديد.
خرج القاضي من الباب الخلفي، وتناول الزبانيةُ المتهمَ وتدافعوه أمامهم ليعيدوه عبر البوسطة السوداء إلى حيث جحيم السجن: "سيدي تيمان". هناك لا يوجد طبّ ولا دواء ولا غرفة عمليات، هناك عذابات بكلّ الاشكال والألوان. ماركة مسجلة لأفظع ما أنتج الإنسان.