«رويترز»: قلما يتحدث محمد الضيف، القائد العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية «حماس» وأحد واضعي خطط الهجوم الذي تصفه السردية الإسرائيلية بأنه نسخة إسرائيلية من هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، كما أنه لا يظهر أبدا في العلن مما ساعده على الإفلات من سبع محاولات إسرائيلية لاغتياله.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن الضيف كان هدفا لضربة جوية إسرائيلية السبت على مدينة خان يونس في قطاع غزة.

وقال مسؤول أمني إنه لم يتضح ما إذا كان الضيف قد قُتل.

وعلى مدى شهور منذ هجوم السابع من أكتوبر، يُعتقد أن الضيف كان يوجه العمليات العسكرية لحماس من الأنفاق والشوارع الخلفية في غزة، إلى جانب آخرين من كبار القادة.

وترقى الضيف في صفوف الحركة على مدى أكثر من 30 عاما، إذ طور شبكة الأنفاق وأكسب الحركة خبرة في صنع المتفجرات. ويتصدر الضيف قائمة المطلوبين لدى إسرائيل منذ عقود، ويُتَّهم بأنه وراء مقتل عشرات الإسرائيليين في تفجيرات انتحارية.

وشكل الضيف واثنان آخران من قادة حماس في غزة مجلسا ثلاثيا خطط لهجوم السابع من أكتوبر الذي أدى وفقا للإحصاءات الإسرائيلية إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة، وهو الهجوم الأعنف الذي تتعرض له إسرائيل على مدى 75 منذ إعلان قيام الدولة.

وعقب الهجوم، توعدت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقضاء على الرجال الثلاثة، وهم يحيى السنوار زعيم حماس في غزة والضيف ومروان عيسى نائبه الذي أعلنت إسرائيل مقتله في مارس.

وأعلن الضيف «طوفان الأقصى» اسما للهجوم في تسجيل صوتي تم بثه عندما أطلقت حماس آلاف الصواريخ من قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر، وأشار إلى أن الهجوم يأتي ردا على «الاقتحامات» الإسرائيلية للمسجد الأقصى.

ووفقا لمصدر مقرب من حماس فإن الضيف بدأ التخطيط للعملية بعد مداهمة تعرض لها المسجد الأقصى في مايو2021 وأثارت غضب العالم العربي والإسلامي.

وقال المصدر إن الهجوم «سببه اللقطات التي أظهرت اقتحام المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وضرب المصلين والاعتداء عليهم، وسحب الشيوخ والشباب إلى خارج المسجد... لقد أشعل هذا الغضب».

واتهمت إسرائيل حينها الفلسطينيين بمحاولة التحريض على العنف في القدس فيما رفض الفلسطينيون هذا الادعاء.

وتسبب اقتحام حرم المسجد في مواجهات بين إسرائيل وحماس استمرت 11 يوما.

غضب في الأقصى

لا تتوافر سوى ثلاث صور للضيف، إحداها وهو في العشرينات، وأخرى وهو ملثم، والثالثة لظله وهي التي تم استخدامها عندما تم بث التسجيل.

ونظرا لأنه قلما يتحدث ولا يظهر أبدا على العلن، فعندما أعلنت فضائية الأقصى التابعة لحماس أنه سيلقي كلمة يوم السابع من أكتوبر أدرك الفلسطينيون أن الأمر جلل.

وقال الضيف (58 عاما) في التسجيل الصوتي «يا أحرار العالم، اليوم ينفجر غضب الأقصى وغضب شعبنا وأمتنا وأحرار العالم... مجاهدينا الأبرار هذا يومكم لتفهموا العدو المجرم أنه قد انتهى زمنه».

وتصنف الولايات المتحدة ودول غربية أخرى حماس منظمة إرهابية. وتتعهد حماس بتدمير إسرائيل.

وقال المصدر المقرب من حماس إن قرار الإعداد للهجوم تم اتخاذه بشكل مشترك بين الضيف قائد هيئة أركان كتائب القسام والسنوار زعيم حماس في غزة، ولكن كان من الواضح من كان مهندس الهجوم.

وأضاف: «هناك عقلان، ولكن المدبر واحد»، مضيفا أن المعلومات حول العملية لم تكن معروفة سوى لعدد قليل من قادة حماس.

وقال مصدر أمني إسرائيلي إن الضيف شارك بشكل مباشر في التخطيط والجوانب العملياتية للهجوم.

وتضمنت الخطة كما تصورها الضيف جهدا طويلا في الخداع. وجرى إيهام إسرائيل بأن حماس لا تأبه بإشعال صراع بل تركز على التنمية الاقتصادية في غزة التي تسيطر عليها.

لكن بينما بدأت إسرائيل في تقديم حوافز اقتصادية للعاملين من غزة كان مقاتلو الحركة يتلقون التدريب والإعداد على مرأى من الجيش الإسرائيلي في كثير من الأحيان، حسبما قال مصدر مقرب من حماس.

وقال الضيف بصوت هادئ في تسجيله إن حماس حذرت إسرائيل مرارا طالبة منها وقف جرائمها بحق الفلسطينيين، وإطلاق سراح السجناء الذين قال إنهم تعرضوا للإيذاء والتعذيب، وكذلك وقف مصادرة الأراضي الفلسطينية.

وأضاف: «في ظل الجرائم المتواصلة بحق أهلنا وشعبنا وفي ظل عربدة الاحتلال وتنكره للقوانين والقرارات الدولية وفي ظل الدعم الأمريكي والغربي والصمت الدولي فقد قررنا أن نضع حدا لكل ذلك».

وطلب مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في شهر مايو إصدار مذكرات اعتقال بحق الضيف والسنوار ومسؤول ثالث في حماس على إثر هجوم السابع من أكتوبر، كما طلب إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي بسبب الرد الإسرائيلي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن هدف الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة هو القضاء على حماس.

ورفضت كل من إسرائيل وحماس اتهامات المحكمة الجنائية الدولية، واعترضتا على أسلوب إعلان طلب إصدار مذكرات الاعتقال الذي صدر في اليوم ذاته وبدا أنه يسوي بين الطرفين رغم أنهما يواجهان اتهامات مختلفة.

ويقول مسؤولو الصحة في غزة إن الرد العسكري الإسرائيلي على هجوم السابع من أكتوبر أدى حتى الآن إلى مقتل أكثر من 38 ألف فلسطيني وتحويل أنحاء واسعة من القطاع إلى أنقاض.

عشرات السنين مع حماس

ولد الضيف باسم محمد المصري عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين الذي أنشئ بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، واشتهر باسم محمد الضيف بعد انضمامه إلى حماس خلال الانتفاضة الأولى، أو الانتفاضة الفلسطينية، التي بدأت عام 1987.

وقال مصدر في حماس إن إسرائيل اعتقلت الضيف عام 1989 وقضى نحو 16 شهرا في الأسر.

وحصل الضيف على شهادة في العلوم من الجامعة الإسلامية بغزة، حيث درس علوم الفيزياء والكيمياء والأحياء. وأبدى انجذابه للفنون أيضا إذ ترأس لجنة الترفيه بالجامعة وأدى أدوارا في أعمال كوميدية على خشبة المسرح.

ونجا الضيف من سبع محاولات إسرائيلية لاغتياله. وقالت مصادر في حماس إنه فقد إحدى عينيه وأصيب بجروح خطيرة في إحدى ساقيه في واحدة من تلك المحاولات. واكتسب نظرا لنجاته من محاولات الاغتيال وقيادته للجناح العسكري لحماس مكانة البطل الشعبي الفلسطيني.

كما قُتلت زوجته ووليد له كان عمره سبعة أشهر فقط وابنة في الثالثة من عمرها في غارة جوية إسرائيلية في عام 2014.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السابع من أکتوبر فی غزة

إقرأ أيضاً:

بعد 10 أشهر.. نتنياهو "يأسف" لهجوم 7 أكتوبر

أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن "أسفه" لشن حركة حماس هجوما غير مسبوق على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر أدى الى اندلاع حرب غزة، من دون أن يقرّ صراحة بمسؤوليته عن الاخفاقات التي أتاحت وقوعه.

 

وبعد مرور عشرة أشهر على الهجوم الذي لم تعرف له إسرائيل مثيلاً منذ قيامها عام 1948، لم يقدّم رئيس الوزراء اعتذاراً عن الاخفاقات التي أتاحت لعناصر حماس اختراق السياج الحدودي مع الدولة العبرية ومهاجمة مواقع عسكرية ومناطق إسرائيلية قرب غزة.

 

 

وأسفر الهجوم الذي أسمته حماس عملية "طوفان الأقصى"، عن مقتل 1198 شخصاً معظمهم مدنيون، بحسب حصيلة لفرانس برس تستند الى أرقام رسمية إسرائيلية.

واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 111 منهم في غزة، بينهم 39 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وتردّ إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرّية أدّت إلى مقتل ما لا يقلّ عن 39699 شخصا، معظمهم من المدنيين ولا سيما من النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس في قطاع غزة.

 

وفي مقابلة مع مجلة "تايم" الأميركية نشرت، سئل نتنياهو عما اذا يعتذر عن هجوم تشرين الأول/أكتوبر. فأجاب "أعتذر؟... بالطبع، بالطبع. أنا آسف، بعمق، لأن أمراً كهذا قد حصل. ودائما ما تعيد النظر وتسأل +هل كان يمكننا القيام بأمور تحول دون وقوعه؟+".

 

وشغل نتنياهو منصب رئيس الوزراء للفترة الأطول في تاريخ إسرائيل، ولطالما قدّم نفسه كمدافع شرس عن أمن الدولة العبرية. وأثار الجدل قبل أشهر بمنشور عبر منصات التواصل الاجتماعي اعتبر فيه أن استخبارات بلاده فشلت في توقع هجوم حماس وتحذيره منه، قبل أن يزيله إثر انتقادات طالته واتهمته بالنأي بنفسه عن تحمّل المسؤولية وتهديد الوحدة الوطنية.

 

وسألت "تايم" نتنياهو عن الرسالة التي كان ليوجّها الى خصم سياسي يتولى زمام المسؤولية خلال أسوأ فشل أمني في تاريخ البلاد، فأجاب بأن ذلك يرتبط بما اذا كان هذا السياسي قادراً على قيادة إسرائيل "الى النصر".

 

وأضاف "هل يمكنه ضمان أن الوضع ما بعد الحرب سيكون عبارة عن سلام وأمان؟ اذا كان الجواب نعم، فيجب أن يبقى (هذا الخصم) في موقع المسؤولية".

 

مقالات مشابهة

  • رغم الانتقادات الأمريكية.. سموتريتش يتعهد بالتصدي لأي اتفاق مع حماس
  • البيت الأبيض يبدي قلقه البالغ بعد مقتل العشرات بضربة إسرائيلية على مدرسة بغزة
  • إسرائيل تكشف تفاصيل بشأن قصف مدرسة التابعين في غزة
  • "الرجل الميت الحي".. يحيى السنوار على رأس المطلوبين تصفيتهم، فهل تنجح إسرائيل؟
  • الدويري: التخطيط لعمليات المقاومة سبق هجوم 7 أكتوبر
  • الجيش الإسرائيلي يعلن التحقيق في عشرات الحوادث الإجرامية المحتملة بغزة
  • نتنياهو: سأبقى في منصبي ما دمت أستطيع قيادة إسرائيل لمستقبل آمن
  • بعد 10 أشهر.. نتنياهو "يأسف" لهجوم 7 أكتوبر
  • بعد اغتيال الضيف.. كيف يبدو وضع حركة حماس والسنوار؟
  • مستقبل حركة حماس بعد اغتيال قادتها