مع تسارع الشيخوخة في الصين.. حضانات أطفال تتحول إلى مراكز للمسنين
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
يتفاعل مسنون بفرح على إيقاع أغنيات قديمة في روضة أطفال سابقة في شمال الصين حُولت إلى مركز ترفيهي للمتقاعدين لمواجهة تسارع معدلات الشيخوخة السكانية وأزمة الولادات في البلاد.
وسيدخل مئات ملايين الصينيين مرحلة الشيخوخة خلال العقود المقبلة، في بلد يعاني انخفاضا مزمنا في معدل المواليد، وفق الإحصاءات الرسمية.
وتغلق الآلاف من رياض الأطفال أبوابها في جميع أنحاء البلاد بسبب عدم وجود عدد كاف من المسجلين.
وهناك مؤسسات أخرى بدأت تتكيف مع هذا الواقع، بينها هذه المؤسسة في مقاطعة شانشي، التي استبدلت ضحكات الأطفال بحكمة نزلاء أكثر نضجا.
وتقول مديرة الموقع لي شيولينغ (56 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية إن "المشكلة أصبحت واضحة بشكل خاص مع التراجع المستمر في عدد الأطفال".
وتوضح "عندما أصبحت حضانة الأطفال الخاصة بي فارغة، فكرتُ في كيفية الاستفادة منها على أفضل وجه".
وقد استضافت حضانتها منذ تأسيسها في عام 2005 ما يصل إلى 280 طفلا، قبل أن تغلق أبوابها في العام الماضي.
وأعيد افتتاح المكان في ديسمبر/كانون الأول بحلة مختلفة تحت اسم "انطباعات الشباب"، مع تحويله مركزا ترفيهيا للمتقاعدين.
يقع المركز في عاصمة المقاطعة تاي يوان، ويرحب بحوالي مئة شخص بالغ يرغبون في تعلم الموسيقى والرقص وغيرهما من الأنشطة.
وتقول لي شيولينغ "الفكرة تقدمية للغاية.. لقد جاؤوا لتحقيق بعض من أحلام شبابهم".
مدرب يدرّس فن الطبول الأفريقية في روضة أطفال تحولت إلى مركز للمسنين في تاي يوان شمال الصين (الفرنسية) استعادة الشبابوتشرف مدربة عروض أزياء على عرض نساء سرحن شعورهن بعناية، ويرتدين فساتين تقليدية مع مظلات ورقية وردية.
وفي حصة أخرى، يجلس الطلاب في شكل نصف دائرة ويقرعون الطبول الأفريقية لمصاحبة أغنيات.
وتقول هي ينغ (63 عاما) إن مجيئها إلى المركز ساعدها في زيادة الثقة بالنفس بعد التقاعد وفي تكوين صداقات جديدة.
وتوضح "كان لدي انطباع بأن حياتي الثقافية كانت فقيرة للغاية، ولم يكن هناك معنى كبير لمواصلة العيش"، مضيفة "(الناس هنا) لا يكتفون بانتظار الشيخوخة".
وأغلق ما يقرب من 15 ألف روضة أطفال في الصين أبوابه العام الماضي، مع تراجع عدد الملتحقين بها بواقع 5,3 ملايين طفل مقارنة بعام 2022، وفق بيانات حكومية.
وفي مقاطعة شانشي الصناعية، حيث يتراجع عدد السكان بشكل مطرد، كان هناك 78 ألف حالة وفاة أكثر من المواليد في العام الماضي.
ولا يزال المركز الثقافي شاهدا على ماضيه، مع أسرته المتراصفة ومكاتبه الصغيرة على طول الجدران ذات الألوان الزاهية.
واضطرت ليان شي، معلمة رياض الأطفال السابقة التي باتت تقدم حصصا للمتقاعدين، إلى الاعتياد على التغيير.
وتقول إن "الأطفال الصغار يصدقون كل ما نقوله لهم، أما كبار السن.. فهم يعرفون ما يريدون".
وتوضح المعلمة "عليّ أن أفكر أكثر في كيفية التواصل معهم".
ووفقا لوسائل الإعلام المحلية، نجحت مؤسسات أخرى عدة في مختلف أنحاء الصين في التحول من رياض أطفال إلى مرافق لتعليم المسنين.
وتشير سون لينزي، وهي طالبة تبلغ 56 عاما، إلى أن هناك "حاجة إلى جامعات لكبار السن"، قائلة "أشعر وكأنني استعدت شبابي" من خلال ارتياد المركز في تاي يوان.
مسنات صينيات يتدربن على الرقص التقليدي في روضة أطفال تحولت إلى مركز ترفيهي للمسنين (الفرنسية) اقتصاد لكبار السنولا تزال لي شيو لينغ، مديرة المدرسة، تقول إنها تشعر بالحنين إلى الوقت الذي كانت فيه مدرستها تعج بالأطفال المشاغبين.
وتعترف قائلة "لقد كنتُ منغمسة عاطفيا للغاية في هذه المدرسة"، وذلك لدى النظر إلى الأسرة والمكاتب المهجورة التي تحتفظ بها كتذكارات.
في العام الماضي، شهدت الصين زيادة كبيرة في عدد كبار السن، مع ما يقرب من 17 مليون شخص إضافي تبلغ أعمارهم 60 عاما أو أكثر، وفقا للإحصاءات الرسمية.
وتمثل هذه الفئة العمرية بالفعل أكثر من 20% من السكان، وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع لتطال ثلث السكان تقريبا بحلول عام 2035، بحسب مجموعة "وحدة الاستخبارات الاقتصادية" للأبحاث.
وتخطط بكين لإنشاء نظام وطني لرعاية المسنين بحلول عام 2025، لكن البلاد تفتقر إلى دور رعاية المسنين وتعاني من فوارق مناطقية كبيرة.
وسيتم تخصيص اجتماع اقتصادي كبير الأسبوع المقبل لمستقبل كبار الاقتصاديين.
وتقدر الحكومة أن المنتجات والخدمات المقدمة لكبار السن – من السياحة الصديقة للمسنين إلى الرعاية الطبية المتقدمة – يمكن أن تصل قيمتها إلى 30 ألف مليار يوان (4130 مليار دولار) بحلول عام 2035.
لكن الحكومة الصينية تناضل من أجل إنعاش معدل المواليد المنخفض، وهو أحد العوامل الرئيسية في التركيبة السكانية غير المتوازنة في البلاد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العام الماضی روضة أطفال
إقرأ أيضاً:
أطفال فصلتهم حرب غزة عن عائلاتهم.. البحث لا يزال جاريا
صباح الثلاثاء، وقف عبد الله في أحد الشوارع المغبرة في شمالي قطاع غزة وسط المباني المهدّمة والركام بعد أن تلقى مكالمة هاتفية انتظرها طوال تسعة شهور.
قال الرجل وهو يمسح دموعه: "يونيسف كلموني وقالوا إنهم سيرسلونهم إلي، يا رب"، وفق فيديو شاركته المنظمة الأممية مع شبكة "سي إن إن".
افترق عبد الله، الذي لم تكشف اليونيسف عن اسمه الأخير لحمايته وأفراد عائلته، عن أسرته منذ تسعة أشهر "كل يوم فيها دام تسع سنين"، وفق قوله.
ففي الأيام العشرة الأولى للحرب هربت زوجة عبد الله الحامل برفقة ثلاثة من أطفالهما إلى جنوبي القطاع، ولكن بعدها بشهرين قتلت المرأة برفقة والدتها وأحد أبنائه.
"انتظرتهم بفارغ الصبر. كل يوم اشتقت لاحتضانهم ورؤية أمهم وأخيهم، لكنها كانت مشيئة الله".
يظهر عبدالله بالفيديو بعدها حاملا ابنه الأصغر، الطفل الرضيع الذي ولد لاحقا، وهي كانت المرة الأولى التي يلتقيه بها.
وقال وهو يقبل الرضيع ذو الستة أشهر: "حبيبي هذه أول مرة أتمكن فيها من رؤيتك"، وفق تقرير سي إن إن.
يعتبر عبدالله واحد من العديد من الفلسطينيين الذين تعمل "اليونيسف" على برنامج ليتمكنوا من لقاء أحبائهم، وساهمت بمساعدة سبعة أطفال من أربع عائلات مختلفة في العثور على آبائهم يوم الثلاثاء وحده.
وكان البرنامج قد انطلق في مارس الماضي، ويركز على تتبع أقارب الأطفال الذين خلفتهم الحرب وحدهم، والذين تيتّموا أو انفصلوا عن عائلاتهم داخل القطاع، حيث يقع ثقل الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس بشكل أكبر على كاهل الأصغر سنا، وفق "سي إن إن".
فمن بين أكثر من 39600 شخص قتلوا بالغارات الإسرائيلية منذ أن شنت عملياتها على غزة في أعقاب الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر، كان هناك أكثر من 16000 طفل، وفقا لأحدث الأرقام التي أصدرتها وزارة الصحة في غزة في 7 أغسطس.
ويتقدم أفراد الأسرة لتقديم الرعاية حيثما أمكنهم على الرغم من النزوح المتكر، إذ تم لم شمل أحد الأطفال المشاركين في مهمة اليونيسف يوم الثلاثاء مع جدته، التي ستعتني به الآن بعد مقتل والدته ووالده وإخوته.
لكن عمال الإغاثة قالوا لشبكة "سي إن إن" إن عددا متزايدا من الأطفال، الذين قُتل آباؤهم أو انفصلوا عنهم، يعيشون بلا دعم. ويشكل الأطفال دون سن 18 عاما ما يقرب من نصف سكان قطاع غزة، وفقا لأرقام التعداد السكاني الفلسطيني.
عائلات ممزقةوتتسبب أوامر الإخلاء المتكررة التي تفرضها إسرائيل والنزوح القسري للسكان الناتج عنها في ارتفاع حاد في تقارير إساءة معاملة الأطفال، حيث تتفكك الأسر وتنهار شبكات الدعم، وفقا لليز ألكوك، رئيسة الحماية في "منظمة المساعدة الطبية للفلسطينيين" (Medical Aid for Palestinians)، وهي منظمة إغاثة مقرها المملكة المتحدة.
وقالت ألكوك للشبكة الأميركية إن الصراعات والحروب معروفة بتفاقم قضايا حماية الطفل. وأضافت: "هذا ليس أمرا فريدا في غزة". ومع ذلك، فإن ما يجعل غزة مختلفة هو النزوح المتكرر للسكان بسبب القصف الإسرائيلي المكثف وأوامر الإخلاء المتكررة، على حد تعبيرها.
وذكرت أن "هناك زيادة كبيرة في التقارير (عن استغلال الأطفال) أثناء وبعد أوامر الإخلاء"، مضيفة أن هذا هو الوقت الذي غالبا ما ينفصل فيه الأطفال عن عائلاتهم ويتعرضون للمخاطر.
ووثقت الزيارات الميدانية لمخيمات النازحين في غزة، بقيادة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في يونيو، "عددا كبيرا" من الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم.
وفي أحد المخيمات، أثار أعضاء المجتمع المحلي مخاوف بشأن زيادة "مقلقة" في استغلال الأطفال وإساءة معاملتهم، فضلا عن العنف القائم على النوع الاجتماعي، وفقًا لتقرير نُشر على الإنترنت. كما أفادت مواقع أخرى في مختلف أنحاء القطاع بوقوع حوادث عمالة أطفال و"مخاوف متزايدة" بشأن استغلالهم.
ووفقا لليونيسيف، لا يُعرف على وجه التحديد عدد الأطفال غير المصحوبين بأولياء أمورهم أو المنفصلين عن ذويهم في غزة. ولكن باستخدام تحليل الصراعات العالمية الأخرى، تقدر المنظمة أن هذا العدد يبلغ نحو 19 ألف طفل.
ومع ذلك، لا يأخذ هذا الرقم في الاعتبار أن غزة بها عدد كبير من الأطفال، بحسب "سي إن إن"، كما أن هذا الرقم لا يأخذ في عين الاعتبار النسبة الكبيرة من أفراد الأسرة الممتدة في غزة الذين يتدخلون ويعتنون بالعديد من الأطفال الذين قُتل آباؤهم وأمهاتهم. واليونيسيف غير قادرة على التحقق من الأرقام الدقيقة بسبب عدم القدرة على الوصول إلى غزة.
"أمر شائع"وتقول جيسيكا ديكسون، المشرفة على تنسيق جهود حماية الأطفال في غزة والضفة الغربية لصالح اليونيسف إن "الوكالات المعنية بحماية الأطفال تواجه مصاعب جمّة للم شمل الأطفال غير المصحوبين أو المنفصلين بعائلاتهم".
وتضيف للشبكة في آخر يوم من زيارة امتدت أسبوعين للقطاع "العديد من الأطفال يتركون دون رعاية أبوية".
وتشير إلى "أنه أمر شائع للعائلات أن تنفصل. فلدى المرور من نقاط التفتيش، من الشمال للجنوب وعبر وادي غزة، هناك العديد من الأشخاص يتم اعتقالهم، وهذا يعد سببا آخر لانفصال العائلات".
وتقول الدكتورة تانيا حاج حسن، المتخصصة بالرعاية المركزة للأطفال ضمن منظمة "أطباء بلا حدود" العديد من الأطفال فقدوا عائلاتهم بأكملها جراء الغارات الإسرائيلية، وذكرت في حديثها سابقا مع "سي إن إن" بعد انقضاء ثلاثة أسابيع على النزاع أن الأطباء في غزة أصبح لديهم مصطلح جديد وهو "WCNSF" أي "طفل مصاب، دون عائلة ناجية" (wounded child, no surviving family).