لجريدة عمان:
2025-01-22@04:44:49 GMT

في تفنيد مقولة «مقاومة التغيير»

تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT

Your browser does not support the audio element.

تشيع في الإجراءات المرتبطة بالتغيير دائمًا مقولة «مقاومة التغيير»، في إشارة إلى عدم قبول المستهدفين بالتغيير لآلياته وإجراءاته وفكرته وفلسفته أو بعض تفاصيله وطريقة تطبيقه. ولذا فإن أي مشروع أو مبادرة أو سياسة مستجدة تستهدف إحداث تحول في سياق ما أو مجتمع ما يستلزم خطة لإدارة التغيير؛ وتعنى هذه الخطة بفهم عدة جوانب أساسية وهي:

1-السياق النفسي والاجتماعي للأفراد/ المجتمع/ الفئة المستهدفة بالتغيير.

2-المُكنة الثقافية والمعرفية للأفراد/ المجتمع/ الفئة المستهدفة بالتغيير.

3-السياق الزمني وطبيعة العوامل الداخلية والخارجية التي قد تتعرض لها عملية التغيير.

4-التجارب السابقة المثيلة وآليات مقاومة التغيير.

5-المنافع (المكاسب)/ الخسائر (المزايا المفقودة) لكافة الأطراف التي سوف تتأثر بعملية التغيير.

وعليه؛ فإن هذا الفهم والتحليل الدقيق والقائم على أدلة ومصادر موضوعية، وعلى معايشة للمجتمع، ومتابعة لتغيراته هو الذي يؤدي إلى قبول المشروعات والمبادرات والسياسات المستجدة، والتفاعل معها، والاستجابة لمعطيات تنفيذها، وإحلال التوافق المجتمعي مع مستهدفاتها ومقاصدها.

تظهر مقاومة التغيير في العادة نتيجة لثلاثة اعتبارات أساسية، وهذه الاعتبارات تحتها مجموعة من الأسباب؛ وهذه الاعتبارات إما أن تكون مرتبطة بسياق المجتمع نفسه وهو ما يُعرف بالتحيزات المعرفية Cognitive biases؛ مثل رغبة الأفراد بالإبقاء على الوضع الراهن Maintain the status quo لأنهم يرون في الوضع الراهن أكثر توافقًا مع حالتهم وقدرتهم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والمعرفية أو خوفًا من عدم اليقين أو غموض المستقبل، أو عدم توفر الكفايات والدافعية الملائمة من ناحية الحوافز والمهددات لدفعهم لقبول التغيير. وإما أن تكون مرتبطة بسياق الظروف المحيطة بعملية التغيير؛ مثل سرعة المتغيرات الأخرى وحاجة الأفراد للاستجابة لأكثر من متغير في آن واحد، أو عدم الثقة نتيجة تجارب معاينة في اللحظة أو تجارب سابقة عايشتها الفئة الموجه إليها التغيير، أو ظهور تحديات اقتصادية واجتماعية وثقافية قد تكون تحدّ من قدرة الأفراد على قبول التغيير بالنمط والسرعة التي يتوقعها صانع التغيير. وإما أن تكون تلك الاعتبارات ثالثًا مرتبطة بسياق إدارة التغيير نفسه؛ وهنا غالبًا تنشأ نتيجة اختلال منظومة البحث والتهيئة المستبقة التي تحدثنا عن عناصرها في مطلع المقالة. يتبقى القول هنا إن مقاومة التغيير لم تعد أمرًا طارئًا أو مفاجئًا؛ بل يدخل التبنؤ بها استباقيًا وتوقعها ووضع الآليات والإجراءات المسبقة لها قبل الشروع في تطبيق إجراءات التغيير؛ ذلك أن علم إدارة التغيير ومع تضافر العلوم والبحوث الرافدة له، سواء في علم السلوك أو علم النفس والاجتماع والإدارة والأعصاب وعلم الاستراتيجيا أصبح اليوم أكثر مُكنة من قراءة متغيرات النسق الاجتماعي الموجه للتغير والتنبؤ بطبيعة استجابته والمخاطر التي قد تنشأ نتيجة رد فعل الأفراد على عملية التغيير.

ولكن؛ من المهم جدًا عند تقييم مبادرة/ مشروع/ سياسة معينة أن ننتبه إلى التفريق بين أمرين أساسيين، وهما مقاومة التغيير وخطأ المبادرة أو المشروع أو السياسة ذاتها؛ فلا يصلح اليوم الاستناد إلى مقاومة التغيير كـ (تبرير مباشر) لفشل أي مبادرة أو مشروع أو سياسة دون التحقق من كافة النقاط التي يجب أن تقيم على ضوئها هذه الإجراءات وطرائق التطبيق بشكل متكامل وموضوعي. فقد تفشل المبادرة/ المشروع/ السياسة لأنها لم تقم بالإجراءات التحضيرية المسبقة والتي هي بمثابة بوصلة أولى لفهم الفئة التي يتوجه إليها التغيير، أو لأنها اختارت توقيتًا غير مناسب للتطبيق، أو أنها غير واضحة ومحفوفة بعدم اليقين والغموض تجاه مآلاتها، أو لأنها لم تقدم المعلومات الكافية للمستهدفين على جدواها ومنافعها، أو لأنها تشعر المستهدفين بخسارة مكتسب يعتبرونه أصيلا بالنسبة لهم دون وضوح المكتسب الذي يمكن أن يتحصلوا عليه. وقد تفشل المبادرة/ المشروع/ السياسة لأنها لم تراع السياق النفسي والاجتماعي للفئة المتوجه إليها التغيير، أو لأنها لم تأخذ عامل التدرج، أو لأنها تستحضر لدى الأفراد ذاكرة سلبية في تجارب سابقة معايشة، وقد تفشل كذلك لأن إجراءاتها لا تلامس العدالة الاجتماعية (في أعين المستهدفين)، وقد تفشل لأنها لم تحسن اختيار قيادات التغيير المناسبين للتهيئة لها وتشجيع الفئة المستهدفة على قبولها، أو لأنها لا تراعي ظروف النقطة المرجعية لما قبل وبعد إنفاد تطبيق المبادرة أو المشروع أو السياسة. وقائمة الأسباب قد تطول، لكن ما نريد الوصول إليه هو أن النظر من منظور (مقاومة التغيير) كخطوة أولى ومباشرة لتبرير عدم قبول إجراءات التغيير يجب أن يكون منظورًا حذرًا ولا يرتكن إليه وحده، وأن التقييم العادل والموضوعي لقبول ونجاعة أي مبادرة/ مشروع/ سياسة يجب أن يضع كل الاحتمالات ومن كل الأطراف وفي كل الاتجاهات في الحسبان للوصول إلى الحكم الدقيق على مقاصد التغيير.

يستلزم هذا التفنيد على المستوى التطبيقي مساءلة إجراءات تطوير المبادرات والمشروعات والسياسات وفق أطر وطنية محكمة، لتجويد عمليات اقتراحها وتأطيرها وتقييمها لاحقًا. وهناك عناصر أساسية نعتقد بضرورة وجودها في هذه الأطر لكل مبادرة أو مشروع أو سياسة مثل: الدراسة المسبقة للسياق المجتمعي (ويتوجب أن تكون متعددة الأدلة والمصادر)، وخطة التهيئة المجتمعية، وخطة الاتصال المجتمعي، وخطة مشاركة المجتمع في التقييم والتغذية الراجعة، بالإضافة إلى قائمة التحقق من تنفيذ كل متطلبات إعداد المبادرة أو المشروع أو السياسة. إن وجود مثل هذه الأدوات سيمكن منظومة صنع القرار من معرفة المسارات والأدوات الدقيقة لتقييم ناجع لمسار تطبيق المبادرات والمشروعات والسياسات، والتحقق الدوري منها، وتطويرها بشكل مستمر بما يخدم الاتجاهات والمقاصد الوطنية.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مبادرة أو مشروع أو لأنها لم أو لأنها أن تکون

إقرأ أيضاً:

القحطاني: رفضت الجنسية الأمريكية لأنها وجع رأس والجواز الأخضر معروف بنفوذه.. فيديو

خاص

أكد اليوتيوب المعروف بـ”مدير العالم”، محمد القحطاني، أن حمله للجواز السعودي أقوى من الجواز الأمريكي لذلك رفض الحصول على الجنسية الأمريكية عندما كان يحاضر في إحدى الجامعات بالولايات المتحدة الأمريكية.

وقال القحطاني :”أنا كنت محاضر في أمريكا ودرّست طلاب جامعة، وأمريكا عرضوا علي الجنسية الأمريكية لكن رفضتها”.

وتابع خلال حديثه في بودكاست” تكية سام ” :”الجواز الأمريكي وجع رأس ما هيعطيني شيء سوى ضرائب أدفعها، لكن الجواز الأخضر معروف نفوذه في الكوكب واحنا هنا في نعمة بكل المقاييس، كما أنني أخذت الدكتوراه والخبرة التي احتاجها لذلك فلا فائدة من وجودي بأمريكا”.

ولفت إلى أن شاهد فضائح في أمريكا من بينها قيام رئيسة قسم في إحدى الجامعات كانت تجري بحث عن الصدق، إلا أنها اعتمدت على بيانات كاذبة.

وأشار إلى أنه ذهب لإجراء فحص على حلقه ووجد أن المستشفى بالغت في إجراء فحوصات من أجل فقط زيادة تكاليف الكشف إلى أن وصلت إلى 30 ألف دولار الأمر الذي جعله يشعر بالصدمة.

وأكد أن الحياة في المملكة أفضل بكثير من أمريكا، التي يكون فيها المعيشة صعبة ومكلفة وغير آمنة.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/01/ggjp52gxvSC3x_xx.mp4

مقالات مشابهة

  • القحطاني: رفضت الجنسية الأمريكية لأنها وجع رأس والجواز الأخضر معروف بنفوذه.. فيديو
  • حملة ترامب ضد المتحولين جنسيًا تبدأ بقرارات صارمة
  • لا تتناول هذه الأطعمة قبل النوم بـ 3 ساعات على الأقل.. «تصيبك بالأرق»
  • حلمي النمنم: إيران مهمة لأمريكا منذ أيام الشاه لأنها في بطن روسيا
  • انتصرت غزة.. وانهزمت حكومات العرب..!!
  • الزعاق يفسر مقولة “شباط مقطع الرباط” وتأثير الرياح الماكرة .. فيديو
  • ما أهمية البصمة على التوكيلات عند تحريرها في الشهر العقاري؟
  • « كيفية مواجهة الشائعات».. ندوة توعوية لإعلام السويس
  • نائب يحذر من تعديل المادة 12 في الموازنة لأنها تجعل العراق مفلسا
  • قرار جديد ينظم العمل لبعض الوقت ويوازن بين سوق العمل واحتياجات الأفراد