لجريدة عمان:
2024-08-10@23:07:17 GMT

النظافة البيئية والرفاه المجتمعي

تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT

Your browser does not support the audio element.

تعتبر المدن أهم مؤشرات التنمية المستدامة الدالة على الازدهار والقدرة على النمو، وتحقيق التوازن في التنمية الحضرية القائمة على البيئة والعمران والتطور الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، ولهذا فإن برامج التنمية تستهدف المدن باعتبارها أساسا حضاريا يمثِّل الهُوية والشمول الاجتماعي، لتصبح أكثر كفاءة وقدرة على إدارة إيراداتها وخدماتها وتمكين المؤسسات بما يضمن تعزيز تلك الكفاءة والقدرات.

ولأن المدن واجهة الدول فإنها تأخذ على عاتقها مسؤولية الظهور ضمن هذه الواجهة، لتمثِّل قوة تنموية قائمة على المشاركة المجتمعية والشراكات المحلية، والمرونة، والقدرة على القيادة والابتكار، فالمدن لكي تكون ضمن الواجهة الحضارية عليها اتخاذ تدابير ذات أبعاد تنموية قائمة على التخطيط والبناء وإمكانات التطوير والبناء الحيوي المستدام.

ولكي تصل الدول إلى جعل مدنها في صدارة الواجهة الحضارية فإنها تتخذ مجموعة من التدابير، من بينها (النظافة) التي تدل على النظافة العامة للأحياء والطرقات وغيرها، إضافة إلى نظافة الهواء أي (قلة التلوُّث) وتلك البرامج والسياسات التي تقدمها الدولة في سبيل التقليل من أخطار التلوُّث في المدن، ولهذا فإن ثقافة المدن الحضرية تقوم على النظافة بوصفها القوة الكامنة خلف التطوُّر والتنمية بل وتهيئة البيئة الجاذبة للازدهار المجتمعي؛ ذلك لأن البيئة النظيفة تنعكس على المستويات التنموية جميعها.

يشير تقرير (مؤشر الأداء البيئي 2024)، الصادر عن مركز السياسات والقوانين البيئية في جامعة ييل الأمريكية، إلى تلك التحديات التي يواجهها الكوكب؛ فالاقتصاد العالمي ما زال يعتمد على الوقود الأحفوري الذي يسهم بتلوث الهواء والمياه، وارتفاع تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، الأمر الذي يفاقم من تلك التحديات ويجعل الحياة أكثر خطورة خاصة في تلك المدن أو الدول الصناعية أو التي لا توفِّر إمكانات فعلية للتخفيف من ذلك التلُّوث والحفاظ على الحد الأدنى من ملوثات البيئة.

لذا فإن الأداء البيئي يرتبط بثروة الدولة وتنميتها الاقتصادية؛ ذلك لأن (الاستثمارات في التنمية البشرية، وسيادة القانون، والجودة التنظيمية، تعد تنبؤات أقوى بالأداء البيئي) – حسب التقرير –، فالثروات تسمح للدول بالاستثمار في البُنى التحتية التي ستوفِّر توسعة للطاقة المتجددة بطريقة آمنة وسريعة، إضافة إلى إمكانات توفير المياه النظيفة، والقدرة على إدارة النفايات بشكل آمن، بالرغم من أن الثروات أيضا لها انعكاسات قد تكون سلبية على البيئة إذا لم يتم اتخاذ تدابير الحماية اللازمة.

إن التحديات التي تواجه البيئة تنعكس على الحياة البشرية، والزراعية والحياة البحرية، وبالتالي التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية، ولهذا فإن تلوث البيئة يضر بالحياة عموما والقدرة على الصمود في وجه المتغيرات، ولهذا فإن الحفاظ على البيئة والتقليل من التلوث يُعد مهمة مجتمعية تقود المدن نحو تحقيق مؤشرات متقدمة في مستوى النظافة وقلة التلوُّث؛ ذلك لأن هذه المهمة تحتاج إلى التشاركية للوصول إلى أفضل النتائج، وبالتالي تعزيز القدرة على الصمود من ناحية، وتطوير آفاق الحماية البيئية من ناحية أخرى.

لقد اجتهدت الدول في العالم للمشاركة في الحفاظ على حيوية النظام الإيكولوجي وقدرتها على قياس جودة إدارة الموارد الطبيعية والتنوُّع البيولوجي والصحة البيئية، ولأن عُمان من الدول التي تكرِّس جهودا كبيرة في مجال الحفاظ على البيئة، إيمانا بأهميتها وانعكاسها على القطاعات التنموية عموما، والصحة الإنسانية بشكل خاص فإنها أحرزت خلال السنوات الأخيرة تقدما لافتا في مجال التقليل من خطر التلوث من خلال العديد من البرامج والمبادرات التي تبنتها الجهات سواء أكانت حكومية أو خاصة أو مدنية وأهلية.

إن هذه البرامج والخطط والمبادرات المؤسسية والمجتمعية دعمت تقدُّم عُمان في مؤشر الأداء البيئي العالمي للعام 2024؛ إذ قفزت 99 مركزا، لتكون من بين الخمسين دولة الأولى على مستوى العالم في الحفاظ على البيئة والتخفيف من التلوُّث، الأمر الذي يُظهر الرعاية الشاملة والاهتمام المتزايد بهذا القطاع الذي ينعكس أثره على القطاعات التنموية خاصة الاقتصادية، فالحفاظ على (حيوية النظام البيئي) يعد من بين أهم المقومات للتنمية الاقتصادية ونظم الاستدامة، وهو ركيزة احتلت عُمان فيها المرتبة الأولى في المؤشر على مستوى الشرق الأوسط.

لقد قفزت عُمان في هذا المؤشر نتيجة عوامل كثيرة، كلها قائمة على الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة باعتبارها قوة قادرة على الدفع بعجلة التنمية وتحقيق الأهداف الوطنية، فالبيئة الصحية النظيفة تسهِّل مناحي الحياة وتجعلها أكثر قدرة على الصمود أمام المتغيرات، ولهذا فإن ما تقوم به الدولة من مبادرات في دعم التوجهات الوطنية للحد من التلوث والتقليل من خطره على الحياة يأتي نتيجة لذلك الوعي المتزايد بأهمية الحفاظ على البيئة نظيفة لنا وللأجيال ومن أجل تحقيق الازدهار الذي نصبو إليه.

إن الحفاظ على نظافة البيئة والتقليل من خطر التلوُّث يرسِّخ مفاهيم التنمية المستدامة في الدولة؛ ذلك لأن أسس الاستدامة قائمة على قوة المدن وقدرتها على الحفاظ على نظافتها سواء أكانت نظافة عامة أم نظافة بيئية، فكلها تقوم على التخطيط و الإدارة التنموية المستدامة والمتكاملة مع كافة القطاعات التنموية، وهذا ما يظهر لنا جليا في تقدُّم عمان إلى المرتبة 25 عالميا في مؤشر التلوث في العالم للعام 2024 الذي أصدرته قاعدة البيانات العالمية (نامبيو)، لتكون بذلك أقل الدول العربية تلوثا.

إضافة إلى ذلك فإن مدينة مسقط تتصدَّر مؤشر مستوى النظافة وقلة التلوث للعام 2024، الصادر عن (نامبيو)، لتكون في المرتبة الأولى خليجيا والثانية على مستوى آسيا، الأمر الذي يكشف ذلك الاهتمام المتزايد بالتخفيف من آثار التلوث والسعي المستمر للوصول إلى الحياد الصفري وفق الخطة الوطنية التي تتطلَّع إلى تحقيقه عام 2050. إن هذه الجهود وتلك المبادرات المستمرة كفيلة بالمضي قدما نحو الصدارة لبلوغ تلك الأهداف.

فالاهتمام بالنظافة البيئية يتطلَّب جهودا مؤسسية ومجتمعية عدة، كما يتطلَّب الوعي المشترك بأهمية البيئة وقدرتنا على الحفاظ عليها، ونحن إذ نستقبل الصيف والإجازات والرحلات والتنقلات بين الأماكن السياحية والخدمية، فإن علينا واجبا وطنيا يُحتم الحفاظ على الواحات الخضراء والابتعاد عن تلويثها والوعي بخطر البلاستيك على الحياة البرية والبحرية والزراعية، إضافة إلى أهمية الالتزام بالأماكن المخصصة للتخييم والطهي وغير ذلك.

إن هذا الوعي يعتمد على إمعاننا النظر في ما يمكن أن تقدمه البيئة الصحية لنا من إمكانات على مستوى القطاعات جميعا، إذ لا يمكن تحقيق تنمية في ظل بيئة ملوَّثة وغير قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية للحياة الحيوية سواء أكانت للإنسان أو لغيره من المخلوقات التي تعيش معنا على هذه الأرض، فوعينا بقيمة البيئة هو وعي كوني بأهميتها في تحقيق الرفاه المجتمعي القائم قبل كل شيء على الصحة.

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة في مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحفاظ على البیئة والقدرة على قائمة على إضافة إلى على مستوى ذلک لأن

إقرأ أيضاً:

ياسمين فؤاد: تفعيل وتطبيق أحدث الوسائل العلمية بمنظومة إدارة المخلفات الصلبة

فى إطار توجيهات الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة بتذليل كافة العقبات امام المتعهدين والشركات والجمعيات الأهلية العاملة فى مجال منظومة إدارة المخلفات للحصول على الموافقات البيئية والتراخيص لمزاولة النشاط فى ظل قانون ادارة المخلفات رقم 202 لسنة 2020 ولائحته التنفيذية، والتشديد على  تطبيق احدث الوسائل العلمية واعداد المخطط العام للنهوض بالمنظومة بكافة المحافظات، وفى هذا الصدد عقدت وزارة البيئة من خلال البرنامج الوطنى لإدارة المخلفات الصلبة وجهاز تنظيم إدارة المخلفات اجتماعا موسعا بالمتعهدين والشركات والجمعيات الأهلية العاملة فى مجال المنظومة بمحافظة الغربية لتوضيح الموافقات البيئية المطلوبة واجراءات الحصول على التراخيص للعمل بالمنظومة. 
ويأتي ذلك بحضور المهندس على عبد الستار السكرتير العام المساعد بمحافظ الغربية، والسيد رامى مرعى مدير عام التراخيص والتصاريح بجهاز تنظيم ادارة المخلفات ،وممثلى ديوان عام المحافظة، والبرنامج الوطنى ،والفرع الأقليمى لوزارة البيئة  بوسط الدلتا  والشركة الأستشارية للبرنامج وذلك بقاعة المجلس المحلى الشعبى بالمحافظة .

وخلال الاجتماع تم تقديم عرضا مفصلا لكافة الأسس والإشتراطات التى نص عليها قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 ولائحته التنفيذية وتعديلاته،  مع توضيح ضرورة  الإلتزام باحكام قانون المخلفات ،  الإلتزام  بالإشتراطات للحصول على الموافقات البيئية ، والتى من اهمها أن يقتصر النشاط على جمع ونقل مخلفات القمامة والتخلص منها بتجميعها بالنقطة الوسيطة الخاصة بالمركز ومنها إلى المدفن الصحى فقط ،دون القيام بأي أعمال فرز أو تدوير لهذة المخلفات ، مع عدم إضافة أي تعديل أو توسعات إلا بموافقة مسبقة من جهاز شئون البيئة، وايضا الالتزام بالنطاق الجغرافى للمشروع و المسافة ، وايضا الالتزام بالاشتراطات الأخرى لقانون المحليات و الالتزام بأن تكون مركبات النقل مجهزة بكافة وسائل الأمان مع وضع علامات واضحة على المركبات تحدد مدى خطورة حمولتها، والتأكيد على التدريب المستمر للعاملين والسائقين على كافة الإجراءات اللازمة في حالات الطوارئ ،بالاضافة إلى الالتزام بعدم تجاوز الحدود القصوى لمستويات الضوضاء وملوثات الهواء داخل مكان العمل عن الحدود المسموح بها وبما يتوافق مع اللائحة التنفيذية لقانون البيئة وتعديلاته ، هذا بالإضافة الى الإلتزام بإعداد السجل البيئى وجعله متاحا عند التفتيش البيئى، والحصول على موافقة الحماية المدنية على المشروع واعداد خطة لمجابهة المخاطر وحالات الطوارىء وتأهيل العاملين عليها والتنسيق بشأن تطبيقها.

كما تم استعرض اهم الإجراءات والمستندات اللازمة للحصول على التراخيص من جهاز تنظيم ادارة المخلفات ومن اهمها الحصول على الموافقة البيئية للمشروع - تقييم التأثير البيئى للمشروع سواء نموذج (ا) او (ب)   ثم السجل التجارى للشركة او اقرار الإشهار فى حالة الجمعية ، والبطاقة الضريبية او خطاب الإعفاء فى حالة الإعفاء هذا الى جانب رخص السيارات السارية ان وجد وتحديد نطاق التشغيل والشريحة اليومية.  

ومن ناحية اخرى تضمن اللقاء استعراض لإشتراطات مزاولة النشاط للإدارة المتكاملة للمخلفات الغير الخطرة (البلدية ) والمتضمنة بقانون تنظيم ادارة المخلفات رقم 2020 لسنة 2020 ومنها الالتزام بالحصول على ترخيص جهاز تنظيم إدارة المخلفات بوزارة البيئة بالقاهرة طبقا للمادة (۲۹) من القانون  وضرورة إرفاق نموذج لشحنة المعد لهذا الغرض من مصدر المخلفات الغير خطرة (القمامة) حتى مكان التخلص النهائي. والالتزام بالتخلص السليم والأمن بيئيا من المخلفات غير الخطرة الناتجة عن النشاط عن طريق تسليمها لأقرب محطة وسيطة أو مصنع تدوير حاصل على موافقة بيئية، والالتزام بنوعية المخلفات الغير خطرة على أن تناسب وسائل النقل المستخدمة هذا الى جانب الالتزام بغسيل مركبات نقل المخلفات والحاويات بشكل دورى بعد كل استخدام وذلك في محطات الخدمة المخول لها ذلك، بالإضافة الى إتخاذ الاحتياطات اللازمة للحد من أي تأثير سلبي أثناء عمليات النقل على أن يتم نقل المخلفات غير الخطرة باستخدام الطرق الرئيسية والبعد عن الطرق ذات الكثافات المرورية العالية أو القريبة من التجمعات السكنية والمسطحات المائية والترع والمصارف، مع إعلام الإدارة العامة لشرطة المرور والإدارة العامة للحماية المدنية بأي تغير يطرأ عليها بما يسمح بالتصرف السريع في حالات الطوارئ،  وايضا الالتزام باعداد السجل الخاص بشركات الجمع والنقل والمنصوص عليه باللائحة التنفيذية للقانون 202، وسيتم المتابعة من خلال جهاز تنظيم إدارة المخلفات مع هذه الشركات والمتعهدين للحصول على ترخيص مزاولة النشاط وازالة اى معوقات قد تواجه هذه الشركات.

9ee404eb-a40a-45ce-961d-291ba108b558 dcb8068a-f73f-43fa-8344-8cb4c8f4a9a2 (1) 7138b6d6-6820-427d-9587-d92daa1ccd15 dcb8068a-f73f-43fa-8344-8cb4c8f4a9a2

مقالات مشابهة

  • وقفة احتجاجية أمام البرلمان للمطالبة بوقف “تنخيل” المدن
  • وزيرة البيئة تفتتح الاجتماع الأول للجنة السياسات البيئية والمناخية
  • نشطاء ومختصون: البيئة القطرية.. ثروة وطنية تستدعي حماية جماعية
  • التنمية المحلية تتابع جهود المنيا في منظومة النظافة
  • ياسمين فؤاد: تفعيل وتطبيق أحدث الوسائل العلمية بمنظومة إدارة المخلفات الصلبة
  • «السياحة»: إلزام فنادق البحر الأحمر بشهادة خضراء لتحقيق الاستدامة البيئية
  • الحياة البرية.. بأفضل المعايير
  • حزب الخضر المصري ينظم ندوة حول آليات مواجهة تحديات البيئة
  • هيئة تطوير محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية: إطلاق الخطة المتكاملة للتطوير والتنمية
  • فؤاد تلتقي عددًا من أعضاء مجلس النواب لبحث المشاكل البيئية