Your browser does not support the audio element.
في الكلمة المسجلة للقائد العام لكتائب عز الدين القسام التي بُثت يوم بدء عملية السابع من أكتوبر، دعا محمد الضيف «الشعب في الضفة والقدس والداخل المحتل» و«العالم العربي والإسلامي للزحف نحو فلسطين دون قيود الحدود والأنظمة» و«أن تتحد القوى العربية والإسلامية» للثورة على الاحتلال الإسرائيلي، معلنا «انتهاء زمن تقسيم الأمة».
ودعا رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، في خطابه على قناة الجزيرة «شعوب الأمة العربية والإسلامية جمعاء، لتقف الأمة صفا واحدا، على اختلاف جغرافياتها وانتماءاتها ومذاهبها وأعراقها لكتابة التاريخ والمجد التليد للأمة». ورغم ما تضمنته هذه الدعوات، إلا أن ردة الفعل في العواصم والمدن العربية والإسلامية لم تتعد المظاهرات والوقفات للتنديد بالمجازر التي قامت بها إسرائيل منذ اليوم الأول من حربها الإبادية على قطاع غزة، ودعوات مستمرة للحكومات للضغط باتجاه وقف الحرب على غزة. هذه التحركات التي يمكن وصفها بـ«المحدودة» سواء من شعوب الأمة العربية والإسلامية أو من فلسطينيي الضفة والداخل، يعيد لطاولة النقاش سؤال «ما الأمة؟» قبل سؤال ما هي فاعليتها في هذه الحرب، التي قد تفسر بدرجةٍ ما محدودية تحركات شعوب «الأمة» العربية والإسلامية إلى جانب الأسباب الأخرى المتعلقة بالطبيعة الجغرافية لقطاع غزة الذي يشهد حالة من الحصار والاحتلال العسكري الإسرائيلي والتحكم الإسرائيلي الكامل بالحركة عبر معابرها منذ بدء العمليات البرية في مناطق القطاع وعزلها عن باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومكانة غزة في محور المقاومة كجبهة يمكن إسنادها من قبل الميليشيات في الجبهات الأخرى في سوريا ولبنان والعراق واليمن بدلا من التدخل والتواجد المباشر فيها. إلى جانب معطيات أخرى متعلقة بفاعلية المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل منذ هبة الكرامة وما يواجهونه من تضييقات أمنية من الشاباك، والاغتيالات والاقتحامات المستمرة والمكثفة في الضفة الغربية منذ اليوم الأول للحرب.
هذه الدعوة والرهان على الأمة (القومية) له جذوره الأيديولوجية في الفكر القومي والإسلامي ذي النزعة الأممية العابرة للحدود باعتبارها مصطنعة وضمن مشروع «سايكس-بيكو» الاستعماري المقسّم للأمة، ومعادية للدولة الوطنية «القُطرية عند القوميين» بوصفها انعزالية. فحركة المقاومة الإسلامية «حماس» ذات الجذور التنظيمية والأيديولوجية في جماعة الإخوان التي تأثر مؤسسوها بالدعوات الأولى لجمال الدين الأفغاني ومحمد رشيد رضا لوحدة الأمة على أساس الدين بغض النظر عن فروقات «اللغة والجنس والوطن» لتحقيق الوحدة الإسلامية، وتشكيل الوطن الإسلامي، وأثبت فشله لاسيما عندما تلقفت التيارات المتطرفة والراديكالية هذه الأفكار كالقاعدة لتأسيس ما سمّي بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وخضوع الجماعات المعتدلة للأمر الواقع وفشلها سياسيا واقتصاديا عند وصولها إلى السلطة وعملها وفق المعطيات التي كانت ترفضها.
في حين كانت دعوات القوميين العرب ذات البدايات المسيحية في بلدان الشام منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، بدءا من نجيب عازوري مؤسس أول حزب قومي عربي في باريس مرورا بآباء القومية العربية أمثال ساطع الحصري وميشيل عفلق مؤسس «حزب البعث الاشتراكي» وقسطنطين زريق وقيادته جمعية «العروة الوثقى»، لوحدة الأمة على أساس اللغة ولإقامة دولة الوحدة العربية. إلا أنها أثبتت فشلها لاسيما بعد فشل مشروعات الوحدة السياسية بين سوريا ومصر (وامتداد المفاوضات للوحدة مع العراق) والانحسار الكامل للمشروع القومي في أعقاب نكسة يونيو 1967م إذ تراجعت معها «السرديات الكبرى» للقومية العربية حول وحدة الأمة بوصفها وسيلة «لتحرير فلسطين» وخلود رسالتها. وتأثر مفكرو القومية العربية بالفكر الأوروبي لاسيما الألماني (عند المفكر يوهان فيخته) الذي دعا لوحدة وبناء الأمة الألمانية على أساس اللغة، والذي تعارض مع غيره من النماذج الأوروبية -الفرنسية والإنجليزية- لدور الدولة في بناء الأمة. لكن المؤرخ الأيرلندي بندكت أندرسون ذهب بعيدًا في ذلك، حيث قدّم في كتابه «الجماعات المتخيلة» الذي نُشر عام 1983م تعريفا للأمة بوصفها «جماعة سياسية متخيّلة» وتركيزه على اللغة المطبوعة (الرواية والصحيفة) كأداة لتخيّل الأمة. وهو ما ذهب له عزمي بشارة في فهم القومية العربية بوصفها «جماعة عضوية متخيلة» بأدوات تخيل الأمة كاللغة، التي ينظر لها بشارة كمكون إثني للأمة وليست «أداة تخيل» مثلما ذهب لها أندرسون، ودون أن يتخلى عزمي بشارة عن الحلم القومي بدولة الوحدة العربية وهو ما لا يقرّه أندرسون، وأن وجود لغة مشتركة ليس بالضرورة أن يترتب عليه وجود أمة ذات كيان سياسي. ورغم الاختلاف والتعارض حتى على المستوى الأيديولوجي بين القوميين والإسلاميين في المحددات لهوية الأمة (اللغة عند القوميين، والدين عند الإسلاميين) إلا أنها تتشارك في تصورها حول أمة سياسية «متخيّلة» لا تفصل بينها الحدود القائمة والدول الوطنية «المصطنعة» التي أثبت التاريخ أن القوى العربية والإسلامية لم تتمكن من البقاء والسيطرة والنمو إلا داخل هذه الحدود القائمة بينها، وإن الانقسامات فيما بينها وتعارض واختلاف مصالحها وطموحاتها، يمنع وحدتها «المتخيّلة» وليس لدور القوى الخارجية فحسب، الأمر الذي يعيد التساؤل حول ما إذا كانت الأمة كظاهرة حداثية قابلة للتطبيق على الشعوب العربية والإسلامية.
وما إحياء هذه الدعوات والخيالات لوحدوية الأمة التي ظهر بعضها بعد سقوط الدولة العثمانية وهيمنة القوى الاستعمارية في المنطقة وتقاسمها لتركة الدولة العثمانية وحتى بعد إنهاء الاستعمار ونيل الأقطار العربية استقلالها، إلا لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي وعنفه في الأراضي المحتلة، أي لوجود التهديد الخارجي في كيان استعماري قام على الاستيطان الإحلالي ونشأ ضمن تصورات القوى المهيمنة لضمان مصالحها الاستراتيجية في المنطقة واستثمار ذلك من بعض القوى الفلسطينية (الإسلامية) -والدعم من بعض القوى الإقليمية لها- التي انتهجت مسارًا عسكريا للمقاومة متناقضًا مع المسار السياسي الفلسطيني للسلام لإقامة الدولة الفلسطينية. ولم تستوعب، أو تجاهلت، مسار منظمة التحرير الفلسطينية التي حولت ميثاقها «القومي» إلى «الوطني» في الدورة الرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني في 1968م، حتى تصبح مسألة إدارة الصراع مع إسرائيل مسألة وطنية خاصة بالفلسطينيين في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وفي الحيز السياسي والاجتماعي العربي الأوسع، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح حكومات المنطقة التي كان بعضها في مراحلها الأولى لبناء الدولة ومؤسساتها الوطنية أو تدير بحذر مسألة المواجهة العسكرية مع إسرائيل كدول الطوق. إضافةً إلى تجاهلها وغيرها من النُخب السياسية والثقافية الفلسطينية والعربية ما يفُرض على المنطقة من تغيرات وتطورات لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وغزو العراق مرورا بالربيع العربي وفشل مشروعات الإسلام السياسي الذي أعاد تشكيل المنطقة وموقع القوى الفاعلة فيها وتغير سياساتها الخارجية لحل خلافاتها العالقة، والذي لا ينعكس فقط على التعاطي الإقليمي مع القوى الفلسطينية لاسيما الإسلامية وموقعها ضمن محور المقاومة (الذي يعد جزءًا من طموحات إيران الجيوسياسية والأيديولوجية في المنطقة)، بل على الوضع الفلسطيني الداخلي الذي يشهد حالة من الانقسام الداخلي بين القوى والفصائل الفلسطينية وصراعها على السلطة السياسية والانفصال عن واقع الشعب الفلسطيني وطموحاته.
فهل تتخلى القوى الفلسطينية عن تخيلاتها العاطفية القومية والإسلامية، وتستوعب مدى لاواقعية تخيلاتها التي تصطدم بالواقع، وتعيد بناء الأمة الوطنية في فلسطين المجزأة جغرافيا وسياسيا واجتماعيا بين أراضي الـ48 والقدس والضفة الغربية وغزة قبل العمل على بناء الأمة العربية والإسلامية واستعادة شرفها «المتخيّل»؟ لا سيما بعد حرب الإبادة المستمرة وتدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية لقطاع غزة، ومع ما تكلفها هذه الدعوات من تصادم مع التحفظات الأمنية لبعض الحكومات خشية من أن تتحول هذه التحركات الجماهيرية ضدها في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها. وأن تدرك تغيرات المنطقة ودينامياتها منذ التحوّلات التي طالت عقد الشعوب بالحكومات في أن القضية الفلسطينية لم تعد المصدر لشرعية الأنظمة أمام شعوبها، وتحوّل الموقف العربي للسلام مع إسرائيل على أساس مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبدالله بن عبد العزيز في 2002م للانسحاب من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في 1967م وإقامة الدولة الفلسطينية مقابل التطبيع مع الدول العربية، ومع ما ذهبت له بعض الحكومات للتطبيع والسلام وفق مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية والإستراتيجية. إلى جانب ما تعتبره الولايات المتحدة أن إسرائيل مسألة أمن قومي خاصة بها دون أن تتردد في تقديم الدعم السياسي والعسكري اللامحدود لها، والذي له انعكاساته على أي عمل عسكري يسعى لتوسيع الحرب مع إسرائيل وعلى القضية الفلسطينية وموقعها قبل وبعد السابع من أكتوبر.
سهى العبرية كاتبة عمانية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة مع إسرائیل على أساس
إقرأ أيضاً:
خطاب استثنائي للسيد القائد.. التحذير من مخطط بعثرة الأمة والأطماع الأمريكية الصهيونية في المنطقة
يمانيون/ تقارير
قدّم السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- مساء الخميس الماضي خطاباً تاريخياً، توعوياً، استثنائياً، حول المخاطر المحدقة بالأمة، والأطماع الأمريكية الصهيونية بالمنطقة.
وتطرق السيد في خطابه للكثير من العناوين المهمة وما يدور في منطقتنا من أحداث تستوجب الإصغاء لما يقدمه من تنبيهات، ورسائل، ونصائح، ومخاطر، مقدماً الحلول الناجعة لها، وكيف يمكن المواجهة والانتصار على كل التحديات والمخاطر، سواء في فلسطين المحتلة، أو سوريا، ولبنان، وبقية المنطقة.
يؤكد -حفظه الله- أن العدو الرئيس للأمة هي أمريكا، وهي التي تتحكم بأذرعها في المنطقة، وتقدم لها الدعم والمساندة، وعلى رأسها العدو الإسرائيلي، معطياً مثالاً على ذلك، ما يحدث في قطاع غزة، فالعدوان المتواصل على المدنيين في القطاع لأكثر من 440 يوماً يتم بالشراكة الأمريكية، حيث يستهدف العدو الإسرائيلي سكان القطاع بالقنابل والصواريخ الأمريكية المدمرة والحارقة، ويتم القاؤها حتى على مخيمات النازحين.
لذلك، فإن كل ما يحدث في قطاع غزة من تجويع، وقتل، وإبادة، وتهجير، وقصف للمستشفيات، وظلم لا يطاق، من أبرزه منع نقل جثامين الشهداء ودفنها، وتعمد جيش الاحتلال على إبقائها في الشوارع لتنهشها الكلاب، فإن الولايات المتحدة الأمريكية شريكة في ذلك؛ كونها الداعم الأول، والأبرز للعدو الإسرائيلي، والمشجع له على ارتكاب كل هذه الجرائم.
وإذا كان هذا الحال في قطاع غزة، فإن ما يحدث في لبنان يمضي في هذا السياق، فالعدو الإسرائيلي ينكث بعهده ووعده والتزاماته، وهو عدوٌ غدار، مخادع -كما يقول السيد القائد- فالأجواء اللبنانية لا تزال مستباحة، وجيش الاحتلال يحتل مناطق لم يدخلها من قبل، واللجنة المشرفة على الاتفاق تتعامل بتدليل مع العدو الإسرائيلي، فهو ابنهم غير الشرعي المدلل، يدللونه على حساب ما يرتكبه من جرائم بحق العرب، وبحق شعوب هذه المنطقة، والكلام للسيد القائد.
وجهان لعملة واحدةويكتمل التناغم والانسجام بين الأمريكي والإسرائيلي من خلال التطورات والأحداث الأخيرة في سوريا، فالعدو الإسرائيلي يعمل وفق مسارين:
الأول: احتلال أجزاء واسعة من سوريا.
الثاني: استكمال تدمير القدرات العسكرية لسوريا.
ويرى السيد القائد أن العدو الإسرائيلي مستمر في قضم الأراضي السورية، ويتوغل باتجاه السويداء، ويسعى لربطها بمناطق البادية السورية الواقعة تحت الاحتلال الأمريكي والسيطرة الأمريكية، موضحاً أن التحرك الإسرائيلي بهذه الطريقة يأتي في محاولة تنفيذ مخططه “ممر داود” وهو يهدف إلى التوغل الذي يصله بالأمريكي في المناطق التي يحتلها الأمريكي ويسيطر عليها في سوريا في المناطق الكردية، وصولاً إلى نهر الفرات، وهذا ما يحلم به الإسرائيلي ويأمله، ويسعى إلى تحقيقه، ويرى الفرصة متاحة أمامه لتحقيق ذلك، فهو يسعى للاتصال إلى الامتداد الأمريكي الممتد إلى الفرات، في ما يسميه العدو الإسرائيلي بـ”ممر داوود” كما يقول السيد القائد.
ولهذا، فإن العربدة الإسرائيلية في سوريا، والسيطرة على مواقع استراتيجية كجبل الشيخ، واستباحة سوريا براً وبحراً وجواً، وتدمير القدرات العسكرية للجيش السوري، يضع تساؤلات عدة من أبرزها: ما الذي يشجع العدو الإسرائيلي على ما يفعله من جرائم في فلسطين وسوريا ولبنان؟
يؤكد السيد القائد هنا أن الأمريكي له دور أساسي في كل ما يفعله الإسرائيلي، لأنه شريكٌ معه، وكلاهما وجهان لعملةٍ واحدة، هي الصهيونية، وكلاهما يؤمن ويعتقد بالصهيونية، لافتاً إلى أن كل هذه الاعتداءات بكل ما فيها من وقاحة واستباحة واضحة، ولا تستند إلى أي مبرر إطلاقاً، فإن الأمريكيين والغربيين يسمونها “دفاعاً عن النفس”.
ويفند السيد القائد هذه الادعاءات الماكرة، مؤكداً أن ما يحدث في منطقتنا هي اعتداءات، واحتلال، وقتل لشعوب أمتنا، ونهب لثرواتها، ومقدراتها، وإذلال لها، وامتهان للكرامات، متسائلاً: إذا كان من يمارسه ويقوم به هو الإسرائيلي أو الأمريكي يُسمَّى دفاعاً عن النفس؛ فماذا عن التحرك الفعلي والمشروع لشعوبنا المظلومة والمستباحة والمعتدى عليها؟
تغيير ملامح المنطقة
وللتأكيد على واحدية المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة، يتطرق السيد القائد إلى نقطتين مهمتين في خطابه:
النقطة الأولى: تدمير الأمة من الداخل عن طريق حرف بوصلة العداء عن العدو الحقيقي للأمة، حيث يعمل العدوّان الأمريكي والإسرائيلي على حظر أي نشاط لتعبئة الأمة وتوعيتها عن العدو الإسرائيلي وخطورته، بما فيها أبسط الأشياء مثل مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، إضافة إلى الضياع والتيه الذين يعيشهما كثير من الناشطين والإعلاميين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومناصرة بعض القنوات الفضائية للعدو الإسرائيلي، والعمل لصالح أمريكا، وتغييب القضايا الكبرى للأمة.
النقطة الثانية: تغيير الشرق الأوسط الجديد: يؤكد السيد القائد أن هذا المشروع هو صهيوني بحد ذاته، وهو مشروع تدميري، كارثي على أمتنا الإسلامية، ولا يجوز التغاضي عنه أو تجاهله، لافتاً إلى أن العدو بات يتحدث عنه بكل جرأة ووقاحة، والمؤسف أن تنفيذ جزء كبير من المشروع في الخطة الإسرائيلية الأمريكية موكول إلى أنظمة وجماعات وكيانات، ويتحمَّل الوكلاء أعباءه الكبرى في التمويل، وفي التكاليف المالية.
ويهدف المشروع الصهيوني -وفقاً للسيد القائد- إلى توسيع الاحتلال المباشر للعدو الإسرائيلي على الأرض العربية، وفق الخريطة الإسرائيلية المرسومة، بعنوان [إسرائيل الكبرى]، كما يسعى إلى تدمير البلدان العربية، وتفكيكها إلى كيانات صغيرة مبعثرة، متناحرة على الدوام، تحت عناوين طائفية، وقومية، ومناطقية، وسياسية، وفي محيطها ومسيطِرٌ عليها العدو الإسرائيلي في كيانٍ كبيرٍ محتل لرقعة واسعة من هذه البلدان.
ويوضح السيد القائد أن المشهد الأخير للمشروع الإسرائيلي الأمريكي الصهيوني، هو أن تكون منطقتنا العربية مستباحة بأكملها للإسرائيلي، مستباحة في أرضها وعرضها، بحيث يسيطر الثنائي الشيطاني (أمريكا، إسرائيل) على ثروات المنطقة، ومياهها العذبة، ونهب أحسن الأشياء فيها، ثم تتحول هذه الأمة إلى أمة مبعثرة، وإلى دويلات وكيانات صغيرة؛ أمَّا العدو الإسرائيلي فيكون هو الكيان الأكبر، المحتل الغاصب، وتتحول كل المنطقة -في نهاية المطاف- بكل مميزاتها، وبما فيها، إلى موقع سيطرة أمريكية إسرائيلية بالدرجة الأولى؛ لأن الإسرائيلي يراد له أن يكون الوكيل الأمريكي الحصري في هذه المنطقة.
ولتحقيق هذه الأطماع يسعى الأمريكيون والإسرائيليون إلى التهيئة -كما يقول السيد القائد- من خلال نشر الفتن، والصراعات، وتزييف الوعي، وتغيير المناهج، ثم الدخول في جولة أخرى للتوسع أكثر، ثم استنزاف للأمة من جديد، وإغراقها في أزمات، وحروب، وصراعات، وتدجين للأمة أكثر وأكثر؛ لتكون أمةً مستباحة، كالدجاج والغنم.
الجهاد في سبيل الله هو الحلوأمام هذا الواقع المخيف، والأطماع الكبرى للعدوين الأمريكي والإسرائيلي في منطقتنا، وبعد أن قدم السيد القائد تشخيصاً للأحداث، وتقييماً لها، يقدم الحل الأنجع لمواجهة هذه المخططات، مستنداً إلى رؤية قرآنية أصيلة.
يؤكد السيد القائد أن “الموقف الذي فيه العزة، الكرامة، الحُرِّيَّة، الشرف، النجاة من الذل والاستعباد والهوان، هو الجهاد في سبيل الله تعالى، والمواجهة للعدو، والتحرك وفق تعليمات الله، والاهتداء بهدي الله تعالى”.
ويشير إلى أن التحرك في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله ضد المشروع الصهيوني، والعدو اليهودي، وللتصدي للأمريكي والإسرائيلي، هو ما يمثل حالياً -في الأساس- العائق الفعلي للعدو الإسرائيلي وللأمريكي عن اكتساح المنطقة بكل سهولة.
ويدعو السيد القائد إلى ضرورة الجهاد، والتحرك في الاتجاه الصحيح، كما هو حال النموذج الراقي في غزة، ولبنان، واليمن، وهذا الذي سيعيق المخططات الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة ويفشلها.