سرايا - سعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال قمة حلف شمال الأطلسي التي عقدت في واشنطن، للضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لحضها على رفع القيود التي تفرضها على استخدام الأسلحة الأميركية بعيدة المدى لتوسيع مدى ضرباتها للعمق الروسي. وقال زيلينسكي إن هذا الأمر من شأنه أن يغير «قواعد اللعبة».



واشنطن كانت قد خففت، في وقت سابق، من تلك القيود، مما سمح لكييف بوقف الهجوم الروسي الذي كان يهدد مدينة خاركيف، ثاني أكبر مدينة أوكرانية، وسمحت بضرب أهداف روسية في شبه جزيرة القرم، باعتبارها أرضاً أوكرانية. غير أن زيلينسكي قال إن قصف المواقع الروسية في القرم، سيكون له تأثير محدود طالما أن موسكو قادرة على نقل قاذفاتها ودفاعاتها الجوية والإلكترونية إلى قواعد جوية آمنة في عمق روسيا.

وبدا أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي المنتهية ولايته، ينس ستولتنبرغ، يدعم طلب زيلينسكي المتكرر، بحجة أنه منذ أن فتحت روسيا جبهة جديدة، فإن «الطريقة الوحيدة لضرب أهداف عسكرية روسية هي ضرب أهداف عسكرية في الأراضي الروسية».

وبينما لم يبدِ بايدن أي إشارة على ما إذا كان البيت الأبيض سيغير موقفه، قال الكثير من الخبراء إن رفع الولايات المتحدة للقيود من المحتمل أن يؤدي إلى تغيير «إيقاع» الصراع، وإجبار روسيا على تحويل مواردها العسكرية، بعيداً عن خط المواجهة للدفاع عن بنيتها التحتية الحيوية. لكنهم أضافوا أن مثل هذه الخطوة قد لا تكون كافية «لتغيير ميزان القوى بشكل أساسي» في الصراع الذي أصبح في الأساس حرب استنزاف. وأضافوا أن أي فوائد استراتيجية لأوكرانيا يجب الموازنة بينها وبين خطر التصعيد، كما لا ينبغي التغاضي عن تهديدات الكرملين النووية.

قال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك إن كييف لا تسعى إلى تنفيذ هجمات في المناطق النائية الروسية أو على الأراضي الروسية لمجرد توجيه ضربات رمزية. وشدد بودولياك على أن أوكرانيا ليست لديها مصلحة في ضرب المدن الروسية بشكل أساسي، ولكنها تخطط لضرب أهداف ذات قيمة استراتيجية وعسكرية. وقال بودولياك، الجمعة، إن «الأمر يتعلق بالتدمير المنهجي للقواعد الجوية التي تتمركز فيها الطائرات الاستراتيجية».

وأضاف بودولياك أن تلك الأهداف في روسيا تستخدم عمداً لتنفيذ ضربات واسعة النطاق ضد السكان المدنيين في أوكرانيا. وذكر بودولياك، في منشور على تطبيق «تلغرام»، أن «الاستراتيجية الصحيحة هي إضعاف روسيا بثلاث طرق هي: زيادة تكلفة الحرب، وتدمير الخدمات اللوجستية، وتمديد الوقت اللازم لحشد الموارد من أجل ساحة المعركة».

ومنذ تسلم أوكرانيا أنظمة «أتاكمز» الصاروخية هذا الربيع، ادعى الجيش الأوكراني أنه دمر أو ألحق أضراراً بما لا يقل عن 15 نظاماً روسيا للدفاع الجوي بعيد المدى في شبه جزيرة القرم، من بينها بطاريات «إس – 300» و«إس – 400»، المعادلة لنظام الدفاع الجوي الأميركي «باتريوت». وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، أكدت صور الأقمار الاصطناعية التجارية، فحصها المحللون العسكريون، الأضرار التي لحقت بمنشآت الرادار الروسية، وأصول الحرب الإلكترونية، والطرق اللوجستية والمطارات في القرم. وقال مسؤول أميركي كبير إن أوكرانيا تستخدم الصواريخ طويلة المدى التي زودتها بها الولايات المتحدة بـ«فاعلية كبيرة». وأضاف أن أوكرانيا لديها ما يكفي من أنظمة «أتاكمز» لمواصلة حملتها في القرم، مضيفاً أنه يتم تجديد الذخائر بشكل مستمر.

ومنذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني في عام 2014، استثمرت موسكو بكثافة في توسيع نطاق وجودها العسكري. ومن سيفاستوبول في الغرب إلى كيرتش في الشرق، رصدت منشآت عسكرية في المناطق الساحلية وداخل الجيوب الجبلية، مليئة بأنظمة الصواريخ الأرضية المستخدمة لاستهداف المدن والبلدات الأوكرانية. كما ضخت موارد لجعلها وجهة سياحية.

لقي 5 أشخاص على الأقل حتفهم وأصيب 13 آخرون في هجمات روسية استهدفت بلدتين في إقليم دونيتسك الواقع على خط المواجهة شرقي أوكرانيا، حسبما أفاد فاديم فيلاشكين الحاكم العسكري للإقليم، الجمعة.

وساعدت القرم في الحفاظ على الاحتلال الروسي لجنوب أوكرانيا، حيث ظل اختراق الدفاعات الجوية الروسية القوية أمراً صعباً. لكن هذا الصيف، تمكنت أوكرانيا من شن هجمات تهدف إلى إرباك الدفاعات الجوية الروسية.

وأثارت تلك الهجمات غضب روسيا، ما دفعها إلى تحذير الولايات المتحدة من «العواقب» التي ستواجهها إذا قامت بتوفير أسلحة متقدمة لكييف. وهو ما دفع جزئياً إلى أخذ تلك التحذيرات على محمل الجد، حيث وضعت الكثير من القواعد الأميركية في أوروبا في حالة تأهب قصوى، وفقاً لمسؤولين في البنتاغون. وبدا أن تلك القواعد، بما في ذلك حامية الجيش الأميركي في شتوتغارت بألمانيا، حيث مقر القيادة الأميركية الأوروبية، كانت قلقة بشأن التخريب الروسي المحتمل. وتحمل شبه جزيرة القرم قيمة سياسية ورمزية وعسكرية عميقة بالنسبة للرئيس فلاديمير بوتين، الذي وصفها بأنها «الأرض المقدسة» لروسيا، ووضعها في قلب روايته بأن أوكرانيا جزء من روسيا.

وفي تطور لافت، أعلنت واشنطن بشكل منفصل أنها ستنشر صواريخ طويلة المدى في ألمانيا، قادرة على ضرب موسكو، وذلك للمرة الأولى منذ أواخر التسعينيات. وأعلنت الولايات المتحدة وألمانيا، في بيان مشترك خلال قمة الناتو، إنهما ستبدآن في نشر أسلحة بعيدة المدى في ألمانيا في 2026 لإظهار التزامهما تجاه الدفاع مع حلف شمال الأطلسي وأوروبا في وقت لا تزال فيه الحرب التي شنتها روسيا دائرة في أوكرانيا. ودفع هذا الإعلان روسيا للقول إنها ستتخذ إجراءات للرد عليه. وقال الكرملين إن روسيا ستتحرك للرد على خطط الولايات المتحدة لنشر صواريخ بعيدة المدى في ألمانيا لأنها تعتبر تحركات حلف شمال الأطلسي العسكرية تهديداً خطيراً لأمنها القومي.


وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن وزير الدفاع لويد أوستن أجرى، الجمعة، اتصالاً هاتفياً بنظيره الروسي، أندريه بيلوسوف، بحثا فيه «أهمية الحفاظ على خطوط الاتصال بين البلدين في ظل حرب روسيا المستمرة ضد أوكرانيا». وقال بيان البنتاغون إن «عمليات النشر المتوالية» هي استعداد لتمركز أطول أمداً يشمل صواريخ «إس. إم – 6» وصواريخ «كروز» من طراز «توماهوك» وأسلحة فرط صوتية ذات مدى أبعد من الأسلحة الحالية في أوروبا.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، إن موسكو توقعت التحرك الصاروخي الأميركي الألماني، ووصفه بأنه مصمم لترهيب روسيا وزعزعة استقرار الأمن الإقليمي والعلاقات الاستراتيجية. ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن ريابكوف قوله: «دون توتر، ودون عواطف، سنخرج برد عسكري. أولاً وقبل كل شيء، على هذه اللعبة الجديدة».

من ناحيته، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، رداً على سؤال في مؤتمر صحافي مع وكالات أنباء روسية حول نتائج قمة الحلف: «أكد حلف شمال الأطلسي مرة أخرى بشكل واضح جداً جوهره. إنه تحالف تأسس في عصر للمواجهة بهدف مواصلة المواجهة». وتابع قائلاً إن التوتر في القارة الأوروبية يتصاعد نتيجة لذلك، وإن الكرملين يراقب البنية التحتية العسكرية لحلف شمال الأطلسي وهي تقترب أكثر من حدودنا. وأضاف بيسكوف: «نرى القرارات المتخذة في حلف شمال الأطلسي لإنشاء مراكز لوجستية منفصلة في مدن البحر الأسود، وفتح منشآت إضافية في أوروبا، ونرى في الواقع أن البنية التحتية العسكرية للحلف تتحرك باستمرار وبشكل تدريجي نحو حدودنا». وتابع قائلاً: «هذا يلزمنا بتحليل عميق للغاية للقرارات المتخذة في المناقشة التي جرت. هذا تهديد خطير للغاية للأمن القومي لبلدنا. كل هذا سيتطلب منا اتخاذ ردود مدروسة ومنسقة وفعالة لردع ومواجهة الحلف».


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الولایات المتحدة حلف شمال الأطلسی شبه جزیرة القرم المدى فی

إقرأ أيضاً:

ميدفيديف يدعو لاجتياح عمق أوكرانيا

دعا ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، اليوم الخميس، إلى اجتياح عمق أوكرانيا ردا على توغل قواتها في منطقة كورسك الحدودية غرب البلاد.

وقال في منشور كتبه على تطبيق تليغرام ونقلته وكالات أنباء محلية إنه من الآن فصاعدا يجب ألا تقتصر "العملية العسكرية الخاصة" على معاقبة من وصفهم بـ"النازيين" واستعادة المناطق الواقعة شرق وجنوب أوكرانيا التي أعلنت روسيا ضمها إليها.

وأضاف أنه ينبغي رفع أي قيود فيما يتعلق ببعض الحدود المعترف بها لأوكرانيا.

وتابع أنه يتعين الآن التحرك صوب عمق الأراضي الأوكرانية باتجاه خاركيف (شمال شرق) وأوديسا ونيكولايف (جنوب) ودنيبروبتروفسك (وسط) وكييف (شمال) مشددا على ضرورة "سحق العدو".

كما قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي إن كييف تريد عبر عملية كورسك إظهار ما تبقى لها من قوة للحصول على المال والأسلحة من حلفائها الغربيين، داعيا لأخذ الدروس من التوغل الأوكراني.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال إن أوكرانيا باستهدافها مقاطعة كورسك تتعمد تنفيذ ما وصفه باستفزاز جديد واسع.

وأضاف بوتين -خلال اجتماعه مع أعضاء الحكومة- أن أوكرانيا تشن قصفا عشوائيا في المقاطعة على المرافق المدنية.

حاكم مقاطعة كورسك الروسية يعلن حالة الطوارئ بالمقاطعة بسبب ما وصفه بالوضع العملياتي الصعب جراء القصف الأوكراني على المناطق الحدودية.. التفاصيل مع مراسل #الجزيرة أمين درغامي#الأخبار pic.twitter.com/suIb5enxf6

— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 8, 2024

معارك كورسك

ويعد التوغل الأوكراني المستمر لليوم الثالث هو الأعمق داخل الأراضي الروسية منذ التوغلات المحدودة التي نفذتها تشكيلات أوكرانية بمقاطعة بيلغورود العام الماضي.

وقد أعلن القائم بأعمال حاكم كورسك الروسية أليكسي سميرنوف أمس الأربعاء حالة الطوارئ في هذه المقاطعة بسبب ما وصفه بالوضع العملياتي الصعب.

وبالتزامن، أعلنت وزارة الدفاع الروسية استمرار القتال في كورسك، مؤكدة أن الجيش الروسي يواصل "تدمير العدو" في المناطق القريبة من الحدود، وقالت أيضا إن قواتها استخدمت صواريخ إسكندر ومروحيات قتالية في استهداف القوات والآليات الأوكرانية المتوغلة.

من جهته، أعلن رئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف -خلال اجتماع بوتين مع قادة الأجهزة الأمنية- أن وحدات من القوات الأوكرانية تضم نحو ألف عسكري شاركت في الهجوم على كورسك بهدف الاستيلاء على أجزاء من أراضي منطقة سودجا.

وأكدت مواقع عسكرية روسية تواصل المعارك، ووصول مزيد من التعزيزات العسكرية من الجانبين، بينما أفادت تقارير بسيطرة القوات الأوكرانية المتوغلة على 3 قرى.

وفي السياق، أفاد موقع ريبار العسكري بأن القوات الأوكرانية سيطرت على محطة للغاز تابعة لخط أنابيب ينقل الغاز الروسي لأوروبا ويقع في منطقة سودجا بمقاطعة كورسك، لكنه أوضح أنه لا يوجد أي تأكيد رسمي لذلك.

وقد أسفرت المعارك عن عدد من القتلى، وقالت وزارة الصحة الروسية إن 31 شخصا أصيبوا أمس جراء القصف الأوكراني للمناطق الحدودية داخل المقاطعة.

وفي واشنطن، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير أمس إن بلادها تخطط للتواصل مع أوكرانيا للحصول على فهم لأهدافها المتعلقة بتوغلها داخل الأراضي الروسية.

مقالات مشابهة

  • روسيا تعلن بدء عملية "لمكافحة الإرهاب" في كورسك بعد توغل أوكراني مفاجئ
  • زيلينسكي: كييف تسعى إلى "نقل الحرب" لروسيا
  • زيلينسكي يبرر التوغل الأوكراني داخل روسيا
  • "الناتو" يعترض طائرة روسية فوق بحر البلطيق.. ماذا يحدث؟
  • كييف: نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا مستمر بصورة طبيعية
  • القفزة الأوكرانية في كورسك.. ماذا تريد كييف من العملية المفاجئة؟
  • روسيا تحاول التصدي لقوات أوكرانية توغلت 10 كم بأراضيها
  • نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة: الغرب يبرر أعمال كييف الإرهابية في مقاطعة كورسك
  • زيلينسكي: روسيا جلبت الحرب إلى أوكرانيا وعليها أن تشعر بما قامت به
  • ميدفيديف يدعو لاجتياح عمق أوكرانيا