حنان أبوالضياء تكتب: الإمام الطيب.. «العالم.. الزاهد»
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
الإمام أحمد الطيب.. صاحب القلب المقبل على الله، المستأنس والعارف به، تاركا ما يشغله عنه. محيى مروءته من كثرت عوارفه، كثرت معارفه. إنه الإمام مصاحب العلم، والحلم، والصمت. الصادق مع الله فى جميع أموره بالإخلاص وصدق التوكل. المعرض عن الدنيا وهى مقبلة عليه. الملازم لمجالس العلماء، المستمع إلى كلام الحكماء، تعزه التقوى.
الطيب...المتواضع فوقر، والمعتبر فأبصر وفهم. المصلح سرائره فأصلح الله ظواهره. القوى إخلاصه فكملت عبوديته. الدنيا بالنسبة له دار فناء يتزود منها، ودار عافية لأنه استغنى عنها، أشترى منها الرحمة وادخروا منها الجنة. الإمام يزداد ثباتا فى طريقه كلما ازدادت فيه المتاعب. لا يعرف الرهبة والطمع واليأس لكونه مستقيما على الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر. إنه الواعظ لنفسه، والمحاسب لها.
الإمام..المزاحم باجتهاده المتقين، السائر فى سربهم؛ فناله التوفيق، ورجاحة الرأى، وظهور الحق، وخشوع القلب، ونشاط الذكر، وامتلاك الوقت، وتوقير الخلق، والأنس مع الرب، واستجابة الدعاء، ولين القلب، ونيل البركة، فى الرزق والعمر ولباس العز، وسعة الصدر.
الشيخ الطيب..قلبه الصادق ممتلئ بنور الصدق ومعه نور الإيمان. عقله للتدبير. كلامه كالتقوى. قرينه حسن الخلق. تجارته العمل الصالح. ثقافته تتجسد فى كلامه وسلوكه. يدخل الإمام قلوب الآخرين دون أن ينطق بكلمة واحدة، إذ يكفيه سلوكه الناطق بالصفات الكريمة والأخلاق الحميدة.
إنه حامل المسؤوليات الثقيلة والخطيرة فى ذات الوقت، المدرك أن كل الفلسفات والأيديولوجيات الاجتماعية الحديثة التى قادت البشرية، بعيدًا عن الدين وبعيدًا عن السماء، فشلت فى إسعاد الإنسان أو إبعاده عن الحروب وسفك الدماء.
إنه الحالم بأن يختم حياته محفظا للقرآن للأطفال فى الكتاتيب ليصبح من الذين قال عنهم النبى صلى الله عليه وآله وسلم متعلمَ القرآن ومعلِّمَه خيرَ الأمة مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ.
الإمام الطيب داعم تجديد النصوص العلمية فى الأزهر لتوضح المفاهيم الإسلامية التى انحرفت عن مسارها؛ فأنشأ مرصدًا عالميًا يرصد بثمانى لغات المواد التى تبثها هذه الحركات المتطرفة، والأفكار المشوهة التى تحرف الشباب. إنه العامل على التعاون بين الشرق والغرب، والعامل على اندماج المسلمين فى المجتمعات والأمم الأوروبية، حتى يكونوا موردًا لأمن وازدهار وقوة تلك البلدان.
إنه الحاصل على الدكتوراه فى العلوم الإسلامية من جامعة السوربون بفرنسا. لا يتقاضى راتبا عن عمله. من عائلة ثرية ولكنه يعيش فى منزل متواضع. حسن خلق الإمام يرجع إلى جذور نسبه للإمام الحسن بن على بن أبى طالب. صاحب العديد من الكتب فى الفقه والشريعة الإسلامية والتصوف الإسلامى.
أصبح الدكتور أحمد الطيب شيخا للأزهر خلفا لشيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى ليصبح الشيخ الثالث والأربعين فى تاريخ الأزهر الشريف. الإمام يجيد اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة مترجمًا للعديد من الكتب ومحاضرًا فى أعرق الجامعات العالمية.
رسالة الدكتوراة للإمام، عن «أبوالبركات البغدادى»، طبيب وفيلسوف اشتهر فى القرن الثانى عشر الميلادى. ولد بالبصرة سنة 1087م، ثم سافر إلى بغداد وعمل فى قصور الخليفتين العباسيين المقتدى، والمستنصر، وحظى بمكانة عظيمة، حتى لقب بفيلسوف العراقيين فى عصره. لديه إسهامات كثيرة فى علم الحركة والطب إذ كان لابن ملكا البغدادى اهتمام كبير بالطب فى صغره، حتى إنه صار يجلس عند باب كبير الأطباء فى زمانه وهو الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين يستمع لشرحه لطلابه كى يتعلم مهنة الطب. ويعد من بين عباقرة العالم الذين وضعوا الأسس الهامة، وأضافوا الأفكار المنيرة فى علمى الفيزياء والطب. نبغ ابن ملكا نبوغًا فائقًا فى الطب وخاصة فى الطب النفسى، فعالج بعض الأمراض النفسية المعضلة، وأدهشت طريقة علاجه لهذه الأمراض النفسية علماء النفس منذ عصره وإلى يومنا هذا. تناول قوانين علم الحركة وكمثال: القانون الثالث من قوانين الحركة الذى ينص على أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له فى المقدار ومعاكس له فى الاتجاه. وهذا ما توصل إليه نيوتن وصاغه فى القانون الثالث له والمسمى قانون «التأثيرات البينية».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأمراض النفسية الإمام الطيب
إقرأ أيضاً:
حكم صبر الإنسان عند الإبتلاء بالفقر أو الغنى
الغنى والفقر.. أوضحت دار الإفتاء المصرية أن المكلف إذا التمس أسباب الرزق، فإمَّا أن يحصل له الغنى أو يُقدَّر له الفقر، فإن أصابه الغنى استوجب ذلك الشكر؛ قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: 7].
حكم الغنى والفقريقول الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (19/ 67، ط. دار إحياء التراث العربي): [الاستقراء دلَّ على أنَّ من كان اشتغاله بشكر نعم الله أكثر، كان وصول نعم الله إليه أكثر، وبالجملة فالشكر إنَّما حَسُن موقعه؛ لأنَّه اشتغال بمعرفة المعبود، وكل مقام حرَّك العبد من عالم الغرور إلى عالم القدس؛ فهو المقام الشريف العالي الذي يوجب السعادة في الدين والدنيا] اهـ.
وقال تعالى مثنيًا على نبيه إبراهيم عليه السلام: ﴿شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [النحل: 121].
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ»، فقال: «أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» أخرجه أبو داود في "سننه".
الغنى والفقر
وقالت الإفتاء إنْ طلب المكلَّف أسباب الرزق والغنى فقدَّر الله له الفقر؛ صار الصبر له مطلوبًا، والرضا بقضاء الله فيه عين العبادة، فقد قال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 155].
قال الإمام الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 185، ط. دار ابن كثير): [عن ابن عباس في قوله: ﴿ولنبلونكم﴾ الآية، قال: أخبر الله المؤمنين أنَّ الدنيا دار بلاء وأنه مبتليهم فيها، وأمرهم بالصبر وبشرَّهم، فقال: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾، وأخبر أنَّ المؤمن إذا سلم لأمر الله ورجع واسترجع عند المصيبة؛ كتب الله له ثلاث خصال من الخير: الصلاة من الله، والرحمة، وتحقيق سبيل الهدى] اهـ.
وعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» أخرجه مسلم.
فالفقر والغنى ابتلاءان، أحدهما: ابتلاء بقلة النعمة، والآخر: ابتلاء بكثرتها؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: 35]. والفقر يستوجب الصبر، والغنى يستوجب الشكر.
يقول الإمام الطبري في "جامع البيان في تأويل القرآن" (18/ 439، ط. مؤسسة الرسالة): [ونختبركم أيها الناس بالشر وهو الشدة نبتليكم بها، وبالخير وهو الرخاء والسعة والعافية؛ فنفتنكم به] اهـ.
كما أن الله تعالى قد أوضح هذه الحقيقة جلية في قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر: 15-20].